المريض النفسي Patient psychological

المريض النفسي

المريض النفسي العربي أو الشرقي بصورة عامة يتعامل مع مرضه أو مع طبيبه أو مع علاجه متأثرا بمعتقداته السلبية عن المرض النفسي التي يشاركه فيها شريحة كبيرة في مجتمعه. فلا شك أن الوصمة المرتبطة بالمرض النفسي والتي ترجع بشكل عام لضعف الثقافة النفسية تركت الباب مفتوحا لمفاهيم مغلوطة عن المرض تستدعى الكثيرين التوجه إلى غير الطبيب النفسي طلبا للعلاج.



1- المفاهيم المغلوطة عن المرض النفسي:

المعتقدات السائدة في المجتمعات العربية وخاصة الريفية منها تشكلت منها الوصمة المرتبطة بالمرض والمريض النفسي. الكثيرون يؤمنون إيمانا راسخا بأن المرض كما ذكرت سابقا في مقالة " الجن والمرض النفسي" ما هو إلا من عمل الشيطان الذي يتلبس المريض أو نتيجة لعمل أو سحر أو عين أو حسد وفى أحسن الأحوال نتيجة لضعف في الإيمان أو الشخصية. أما كونه مرضا كغيره من الأمراض يستوجب العلاج الطبي فمرفوض. لذلك يعمد المريض أو ذويه للجوء إلى المعالجين الروحانيين والمشايخ والمشعوذين والدجالين والعرافين لعلاجهم أو تخليصهم مما ألم بهم ويتكبدون مبالغ مالية كبيرة نظير ذلك أو معاناة عظيمة إما نتيجة تدهور صحتهم أو للوسائل المستغلة في تلك المعالجات.

شريحة من هؤلاء الذين لا يؤمنون بالطب النفسي أو يتهيبون مراجعة الأطباء النفسيين أو منكرين لطبيعة مرضهم يتوجهون إلى تخصصات طبية أخرى مركزين فقط على بعض الأعراض العضوية المصاحبة لمرضهم النفسي. بعض الدراسات أوضحت أن حوالي 20% من مرتادي عيادات التخصصات الطبية الأخرى يعانون أساسا من اضطرابات نفسية، فهم بجانب زيادة الضغط على تلك العيادات يتكبدون مبالغ كبيرة مقابل الفحوصات المعملية والأدوية التي توصف لهم من غير حاجة إليها ونتيجة لتحويلهم لتخصصات أخرى لعدم استجابتهم للعلاجات المقدمة إليهم.

عدد كبير من المرضى يمتنع عن مراجعة الطبيب النفسي بالرغم من إيمانه بفائدة العلاج، أو قد يكون الأهل هم السبب في المنع وذلك فقط لكي لا يعرف احد بمرضه ويشيع الخبر لأن سمعته وسمعة عائلته لا تسمح بأن يقال أن احد أفرادها مريض نفسي.

2- المفاهيم المغلوطة عن العلاج النفسي:

يوجد اعتقاد قوى لدى البعض أن العقاقير النفسية تسبب الإدمان أو لها مضاعفات سيئة على المخ أو الجسم. والبعض يعتقد إنها مجرد حبوب مهدئة لا فائدة علاجية ترجى منها. الحقيقة بعض العقاقير المهدئة أو المنومة قد تؤدى إلى إدمان أو تعود وذلك يحدث فقط لو تعاطاها الشخص بدون حاجة أو إشراف طبي بجرعات كبيرة ولمدة طويلة. مسيئو استعمال هذه الأدوية والمدمنين على شاكلتهم يتعاطون هذه الأدوية لأنها تعطيهم شعورا بتغير في الوعي كحلم يقظة مصاحب بحالة انفصام عن الواقع أو العالم الخارجي إضافة لمشاعر نشوة واسترخاء بدني وعقلي يرغبهم لاستعادة هذه الحالة بتعاطي المزيد منها. وقد يضطرون للاستمرار في تعاطيها للأعراض الإنسحابية المؤلمة التي تنتج من تخفيض الجرعة أو التوقف عن التعاطي. "الرجاء مراجعة المقالات المتعلقة بالموضوع في مكان آخر من هذا الموقع". أما تعاطي هذه الأدوية لو تطلب ذلك تحت إشراف الطبيب بجرعات ولمدة محددة فلا ضرر من ذلك على الإطلاق. وشيء آخر فأن المجموعات العلاجية الأخرى كمضادات الإكتئاب أو الذهان فلا تسبب أي تعود حتى لو تعاطاها المريض لسنين لو تطلب العلاج ذلك. أما كونها غير علاجية وفقط مهدئة فهذا التفكير عار من الحقيقة لأن هذه الأدوية تعالج أكثر من نسبة 60 % من الحالات المرضية.

3- تعامل المريض مع الطبيب النفسي:

المفاهيم الخاطئة عن المرض والعلاج النفسي تؤثر كثيرا على العلاقة بين الطبيب والمريض. فهؤلاء الذين يزورون الطبيب تحت ضغط الأهل أو المرض يكونون دائما في حالة من الحرج والتردد تؤثر كثيرا على عملية بناء الثقة والألفة والتعاون والاحترام المتبادل المتطلب وجودها لإنجاح العملية العلاجية.

 

فالمريض بعد تردد كثير يحمل نفسه حملا لزيارة الطبيب وهو يشعر بحرج أو خوف شديد من كشف احد معارفه أمره ويقوم بإعلان السر للجميع. وقد ذكر لي احد المرضى انه في طريقه للعيادة يعتقد أن كل من يصادفه في الطريق يعلم وجهته ويزيد ذلك من توتره مما يجعله أحيانا يخلف موعده. وبعض المرضى عند دخوله على الطبيب يذكر شكواه في اقتضاب ولو طلب منه التوضيح أو سؤل سؤالا محددا تحفظ كثيرا وهو يتشكك في مدى سرية المعلومات التي يدلى بها للطبيب وقد يعتقد انه قد يطلع عليها من يستغلها ضده خاصة في مجال العمل. ولا بد هنا أن أؤكد على سرية وخصوصية الزيارة والمعلومات التي يدلى بها المريض لطبيبه و أي معلومة لا يسمح بإعطائها لأي كائن ما إلا بعلم أو موافقة المريض نفسه.

وبجدر ذكره كذلك أن المريض لا يتقيد كثيرا بمواعيد المراجعة بالرغم من حاجته الماسة لمتابعة العلاج وقد يتوقف نهائيا عن المراجعة بعد أول زيارة. أما إذا تقيد بالموعد فهو في عجلة من أمره ويريد أن ينهى الزيارة بأسرع ما يمكن.

4- تعامل المريض مع علاجه:

المفاهيم الخاطئة عن العلاج النفسي تؤثر كثيرا على تعامل المريض مع علاجه. فعدد ليس بالقليل منهم لا يتقيد بالجرعة المقررة يوميا وقد يمضى اليوم بدون تناول أي جرعة. أما في حالة ظهور أي أعراض جانبية فذلك مدعاة للتوقف عن العلاج وقد يراجع طبيبة وهو ممتعض مما حدث له. والغريب في الأمر أن المريض عند حضوره للطبيب لأول مرة يشكو مر الشكوى من معاناته الطويلة مع المرض ولكنه بالرغم من ذلك تراه يتذمر من أعراض جانبية خفيفة يمكن تحملها أوضح له الطبيب مسبقا أنها سوف تزول بعد أيام.

وقد يتوقف المريض بعد أيام عن تناول الدواء مدعيا أن الدواء لم يفده بالرغم من تذكير الطبيب له بأنه يحتاج للاستمرار على العلاج لعدة أسابيع قبل أن يشعر بتحسن في صحته. فهو بالرغم من صبره على المرض لسنين عدة إلا انه يكون متسرعا للتخلص من هذه المعاناة في أيام. وقد يذهب لطبيب آخر بديل عن الأول ليجرب معه من جديد وغالبا لا يذكر للأخير انه زار طبيا آخر من قبل. وهنالك الذين يتوقفون عن العلاج مدعين أنهم تماثلوا للشفاء من دون استشارة الطبيب. ونخلص من ذلك أن المريض يفتعل اى عذر للتوقف عن زيارة الطبيب أو الاستمرار على العلاج.

 

إذاً ما هو الحل؟

الأسلوب الذي يتعامل به المريض النفسي مع مرضه ومع طبيبه ومع علاجه يجب أن يعالج بصورة جوهرية بتعاون وثيق بين أجهزة الأعلام والأطباء النفسيين أنفسهم.

1- رفع مستوى الوعي والثقافة الصحية

بالتحديد في مجال العلاج النفسي عن طريق أجهزة الأعلام المقروءة والمسموعة والمرئية وكذلك من إدارات الصحة المختلفة.

2- دور الطبيب النفسي

إعطاء وقت كافي للمريض لشرح طبيعة المرض وأسلوب العلاج ودور العقاقير المستعملة كل على حدة والأعراض الجانبية المحتملة مع التركيز على كونها مؤقتة وكيفية التعامل معها في حالة حدوثها. إضافة التوضيح له بالتالي:

توقع تحسن ايجابي في الحالة المرضية بعد أسبوع أو أكثر قليلا من استعمال العلاج.

أنه قد يحتاج لأخذ العلاج لمدة 6 شهور أو اقل أو أكثر على حسب استجابته.

في حالة عدم الاستجابة للعقار بعد فترة زمنية وجرعة كافية يمكن التحول لعقار جديد.

أهمية التقيّد بالجرعة والفترة العلاجية التي يحددها الطبيب.

المصدر:الوزير