المرأة في الإسلام: حقوقها، مكانتها، ودورها في المجتمع

تحتل المرأة مكانةً مهمة في المجتمع، وتلعب دورًا فعّالًا في تقدّمهِ ونجاحهِ، بالإضافة لدورها الأساسي في تربية أطفالها وصقل شخصياتهم وغرس المبادئ الإيجابيّة داخلهم ليكونوا أشخاصًا ناجحين في مجتمعهم، لهذا فإنّ الإسلام كرّم المرأة، ومنحها الكثير من الحقوق في الحياة، فيما يلي سنُسلّط الضوء على هذا الموضوع المهم وسنتحدثُ بشكلٍ مفصّل عن مكانة المرأة في الإسلام وحقوقها ودورها الأساسي.



تعريف حقوق المرأة:

يدلّ مفهوم حقوق المرأة على ما يُمنح للمرأة والفتيات من مختلف الأعمار من حقوق وحريات في العالم الحديث، والتي من الممكن أن يتم تجاهلها من قبل بعض التشريعات والقوانين في بعض الدول، ولتحقيق ذلك تشكّلت العديد من المؤسسات والتحركات من قبل النساء وحتى الرجال في العديد من الدول.

وتُعرّف حقوق المرأة بأنّها الأمور والحقوق التي يجب أن توفّر للمرأة، كحقها في الحرية والكرامة والمساواة وكل هذا من منطلق إنساني، بعيدًا عن الخوف والإستغلال، وذلك لأنّ هذهِ الحقوق تعتبر ضمن القوانين الدولية والوطنية لحقوق الإنسان، والتي تساهم جميعها في تعزيز رعاية المرأة وحمايتها من الإستغلال والعنف.

ولكن وللأسف الشديد فإنّ العديد من النساء في العالم يتعرّضن لانتهاكات في حقوقهن، ومن أكثر هذهِ الإنتهاكات:

  1. عدم حصول المرأة على حقها من الأراض والممتلكات والسكن.
  2. التمييز الإقتصادي والإجتماعي، مما يتسببُ بفقر المرأة في الحياة.
  3. تعرّض المرأة لظاهرة العنف حيثُ تبلغ نسبة النساء المُعنّفات في العالم حوالي 30%، إن كان عنف جسدي أو جنسي.
  4. حرمان المرأة من حقوقها الجنسيّة والإنجابيّة.
  5. النظرة الدونيّة للمرأة وذلك باعتبار أنّها عار على الدين والشرف والعائلة.

نظرة عامة عن المرأة عبر الحضارات:

المرأة في الحضارة الإغريقيّة:

كانت المرأة في الحضارة الإغريقيّة محتقرة ومُهانة، وكانوا يُطلقون عليها إسم رجس من عمل الشيطان، وكانت تستخدم كالمتاع وتُباع وتشترى في الأسواق، ومسلوبة الحقوق ومحرومة من حقها في الميراث، وحق التصرف في المال، كما وقال عنها فلاسفة الأغريق، بأنّها إنسان غير كامل، وقد تركتها الطبيعة في الدرك الأسفل من سلم الخليقة، أمّا الفيلسوف الإغريقي سقراط فقد قال بأنّ وجود المرأة هو أكبر منشأ ومصدر للأزمة في العالم، وأنّ المرأة تشبه شجرة مسمومة، حيثُ يكون ظاهرها جميلًا، ولكن عندما تأكل منها العصافير تموتُ حالًا.

المرأة في الحضارة الرومانية:

أمّا في الحضارة الرومانيّة، فقد اعتُبرت المرأة متاعًا مملوكًا للرجل، وسلعة من السلع الرخيصة التي يتصرف بها كما يشاء ويرغب، كما واعتُبرت المرأة وقتها بأنّها شر لا بد من اجتنابهِ، وأنّها مخلوقة للمتعة فقط، وكان بيد الزوج حق حياة المرأة وحق موتها، وفي شبابها كان الأب هو من يختار لها زوجها، وموضوع الطلاق عند الرومان كان كشرب الماء، حيث تُطلّق المرأة عشرات المرات وكأنّها حشرة تافهة بلا قيمة.

المرأة في إنكلترا قديمًا:

وفي إنكلترا قديمًا كانت المرأة تباع في الأسواق بأرخص الأسعار وذلك لأنّها ثقلت بتكاليفها على الكنيسّة التي تؤويها، وبقيت حتّى سنة 1882 محرومة من حقها في امتلاك العقارات وحرية المقايضة، وفي بلغراد بيعت النساء بالميزان، وكان الرطل الواحد يُساوي ثلاث بنسات.

المرأة عند اليهود قديمًا:

أمّا اليهود فكانت المرأة عندهم تباع كسلعةٍ رخيصة وخسيسة، وتنتقل بين أحضان الرجال بطريقة في غاية الشذوذ، وكانوا ينظرون للمرأة على أنّها خائنة، متمردة، كاذبة، وذليلة، كما وكانوا يعتبرونها لعنة، لأنّها أغوت آدم عليهِ السلام.

المرأة عند العرب في الجاهليّة:

كان العرب في أيّام الجاهلية ينظرون إلى المرأة على أنّها متعاع من الأمتعة التي يمتلكونها كالأموال والبهائم والأراضي، ويتصرفون بها كما يرغبون، كما وحرموها من الميراث، حيثُ كانوا يعملون وفق شعار لا يرثنا إلّا من يحمل السيف، كما وكانت المرأة مصدر عار لكل العرب، ووقتها كان وأد البنات منتشرًا بشكلٍ كبير.

مكانة المراة في الاسلام:

لقد خلق الله سبحانهُ وتعالى الإنسان وكرّمه إن كان ذكرًا أم أنثى، فجعل الرجل صبورًا وقويًا ليتحمّل مشاق العمل والصعاب التي تعترضهُ في الحياة، وليُعيل أسرتهِ وأطفالهُ، وفي المقابل فقد خلق الله تعالى الأنثى بأقل قوة وأضعف جسدًا من الرجل، وحدد لها بعض الوظائف التي لا تخدش حياءها، ولا تُسبب لها الأذى النفسي أو الجسدي، وخصّها بجاذبيّةٍ خاصة ليميل إليها الرجل ويُحبها، فهي التي تؤمّن الراحة والسكينة لزوجها وأطفالها ومنزلها، ومن واجبها أن تطيع زوجها وتقضي حاجاتهُ، وهو بالمقابل يكون قوّام عليها بما عمل وكسب من خارج المنزل، ومن الواجب عليهِ كذلك احترامها وتقديرها، حيثُ قال تعالى في آياتهِ الكريمة: (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ).

إقرأ أيضاً: أهمية دور المرأة في الإسلام

كيف كرم الإسلام المراة؟

  1. لقد كرّم الإسلام المرأة كونها أمًّا، حيثُ قال تعالى في آياتهِ الكريمة: (وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ).
  2. لقد جعل الإسلام النساء مساويات للرجل في القدر والمكانة، ولا يزيد الرجل عن المرأة لا بالمكانة ولا بالقيمة، حيثُ قال الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم في حديثهِ الشريف: (إنَّما النساءُ شقائقُ الرجالِ).
  3. لقد أسقط الإسلام صلاة الجماعة عن المرأة، وذلك رحمةً لها، ولتبقى معززة في منزلها، لتسيير أمور عائلتها وأطفالها.
  4. كرّم الإسلام المرأة منذ طفولتها، وحافظ على حقوقها، حيثُ قال الرسول محمد صلى الله عليه وسلم في حديثه الشريف: (من ابْتُلِي من هذهِ البناتِ بشيٍء كُنَّ لهُ سِترًا من النارِ).
  5. أسقط الإسلام الجهاد عن المرأة، وذلك لضعفها، ولصعوبة الأمر عليها، كما وحرّم الطلاق في فترة الحائض، وذلك لأنّ هذهِ الفترة تكون صعبة على المرأة وتمر فيها بضيقٍ جسدي وتعبٍ نفسي.
  6. لقد فرض الإسلام عقابًا شديدًا على من ينعت المرأة في عرضها وشرفها، وجعل عقوبتهِ الجلد ثمانين جلدةً، كما ولا تقبل شهادتهُ بعد هذا الأمر أبدًا.
  7. ومن مظاهر تكريم الدين الإسلامي للمرأة، أنّ بعد وفاتها يقوم زوجها بغسلها، أو أحد النساء، وذلك مراعاةً لعفتها وطهرها.
  8. كرّم الإسلام المرأة حين سمح لها بالخلع من الرجل، عندما تصل لحد الكره، ورفض الزوج أن يُطلقها.
  9. أحلّ الإسلام للمرأة بأن تُقصّر شعرها في الإحرام، وذلك مراعاةً لشكلها وجمالها.
  10. لقد فرض الدين الإسلامي للمرأة مهرًا شرعيًا في حال الزواج، وحرّم على الزوج أو الأهل أخذ أي شيئ منهُ.
  11. فرض الدين الإسلامي للمرأة ميراثًا لها من زوجها ووالدها ووالدتها وولدها وأخيها، وفي المقابل هي ليست مكلّفة بالإنفاق على أي أحد منهم.
  12. لقد أوصى الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم بالمرأة في حجة الوداع الأخيرة، فقال، (استوصوا بالنساء خيرًا).
  13. ومن صور تكريم الدين الإسلامي للمرأة، أنّ الله سبحانهُ وتعالى خصص سورة من القرآن الكريم تتحدث فيهِ عن المرأة وتسمى بصورة النساء، حيثُ قال تعالى: (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا).
  14. أمر الدين الإسلامي الزوج بحسن معاشرة زوجتهِ، واحترامها حتّى بعد الطلاق، حيثُ قال تعالى في آياتهِ الكريمة: (وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا).

حقوق المراة في الإسلام:

1- حق المساواة في الإنسانيّة:

لقد منح الدين الإسلامي المرأة الحق في المساواة في الإنسانيّة، بعد أن كانت مضطهدة أيّام الجاهليّة، ومُحتقرة، وكانوا ينظرون إليها على أنّها جسد بلا روح أو مشاعر أو كرامة، حيثُ قال تعالى في آياتهِ الكريمة: (يأيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالًا كثيرًا ونساء).

2- حق المرأة في التعاقد والإتفاقات:

منح الدين الإسلامي المرأة حقّها في التعاقد وإنشاء الإتفاقيات، وذلك سواء كان في البيع، الشراء، إدارة الأعمال، التجارة، وكذلك في عقد الزواج الذي يُعتبر نقطة في غاية الأهميّة بالنسبة لحياة المرأة.

3- حق المرأة في التعلّم:

منح الدين الإسلامي المرأة الحق في التعلّم، واكتساب المعارف والعلوم المختلقة، بعد أن كانت محرومةً من هذا أيّام الجاهليّة، وذلك لأنّ العلم كان من حق الرجل فقط.

4- حق المرأة في التملّك:

منح الدين الإسلامي المرأة حقّها في التملّك، بعد أن كانت محرومةً من هذا الحق، حيثُ قال تعالى في آياتهِ الكريمة: (للرجال نصيب مما اكتسبوا وللنساء نصيب مما اكتسبن).

5- حق المرأة في الورث:

إنّ الدين الإسلامي منح المرأة حقّها في الورث، وهذا ما ورد في العديد من الآيات الكريمة منها: (للرجال نصيب مما ترك الوالدان والأقربون وللنساء نصيب مما ترك الوالدان والأقربون ما قل منه أو كثر نصيا مفروضا).

6- حق المرأة في اختيار الزواج:

لقد منح الإنسان المرأة حقّها الطبيعي في الزواج، واختيار الزوج الذي ترتاح لهُ ويناسبها، وإذا لم تكن موافقة فإنّ الزواج يُعتبر باطلًا، لهذا على القاضي أن يسأل المرأة عن موافقتها قبل عقد الزواج، وهذا من شروط الزواج الصحيح في الدين والشريعة الإسلامية.

7- حريّة التصرّف في مالها:

منح الدين الإسلامي المرأة حقها في التصرف بأموالها بالطريقة التي تُناسبها، فلا يحق لزوجها، أو أخيها، أو والديها بأن يحجروا عليها، أو يمنعوها من التصرف بهِ بحريّةٍ.

8- حق إشباع الغريزة الجنسيّة:

لقد حرص الدين الإسلامي على إشباع رغبة المرأة الجنسيّة، والحق لها بالزواج متى أرادت ذلك، ولا يحق لأي شخص أن يمنعها من هذا، ومن واجب الزوج أن يُعاشرها، وجعل المعاشرة بمثابة العباداة، ولو تبين لها بأنّ زوجها غير قادر على معاشرتها كما حلل الله سبحانهُ وتعالى كان لها الحق في طلب فسخ الزواج، وفي حال حلف الرجل على ترك جماع زوجتهِ، فيُمنح لهُ فرصة أربعة أشهر، فإنّ أصرّ على عدم المعاشرة يحق لها أن تتركهُ بدلًا من أن تبقى معلّقة، فهو إمّا أن يُعاشرها أو أن يُطلّقها، وهذا ما جاء في قولهِ تعالى: (لِّلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِن نِّسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِن فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ*وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلَاقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ).

إقرأ أيضاً: الخلفاء الراشدون وأهم إنجازاتهم وأعمالهم

دور المراة في بناء المجتمع الإسلامي:

  1. الإهتمام بأفراد عائلتها وأطفالها، والإخلاص لزوجها إخلاصًا تامًا، ومنحه الدعم النفسي في كل الظروف والأوقات، والعمل على تربية أطفالها تربيةً تقوم على المبادئ الصحيحة والتقيّد بالأخلاق الكريمة.
  2. العمل بإخلاص في حال كانت إمرأة عاملة.
  3. تخصيص وقت معين للقيام بأعمال الخير، والأعمال التي تفيد المجتمع.
  4. توطيد العلاقة بين أفراد العائلة والمجتمع.
  5. المساهمة في النهضة العلمية والفكرية في المجتمع الذي تعيشُ فيهِ.
  6. نشر تعاليم الدين الإسلامي الصحيح.
إقرأ أيضاً: كيفية أداء مناسك العمرة للمرأة

كما رأيت فإنّ الدين الإسلامي حافظ على حقوق المرأة، وقدّم العديد من الآيات القرآنية الكريمة التي تحدث عن موضوع حقوق المرأة وضرورة احترامها في الدنيا وعدم إذلالها.

 

المصادر:

  1. ما هي حقوق المرأة في الإسلام
  2. المرأة في الإسلام
  3. المرأة عبر الحضارات
  4. حقوق المرأة في الإسلام



مقالات مرتبطة