القواعد العشر الذهبية لاستمرار الشركات العائلية (2)

تكلمنا في مقال سابق عن القواعد الخمسة الأولى الأساسية لاستمرار الشركات العائلية من امتلاك الشركة لخطة استراتيجية وتشغيلة مكتوبة ومنسجة مع خطة تعاقب واضحة، بالإضافة لامتلاكها نظاماً فعالاً وشاملاً لاختيار الموظفين ونظاماً للجودة يمنع حدوث الأخطاء بسبب التركيز على تكاليف المنع، ونظاماً داخلياً شاملاً يؤطر العلاقات بين الأقسام والوحدات الإدارية في الشركة، وسنكمل في هذا المقال القواعد الخمسة التالية:



القاعدة السادسة: دستور العائلة
يعد دستور العائلة بمنزلة بروتوكول تتفق عليه العائلة، يوضح أهدافها وكيفية توظيف وتسريح العمال من داخل العائلة وحقوقهم وواجباتهم بالإضافة إلى تنظيم عمليات سحب وإيداع أموال أفراد العائلة... الخ.

ويعتبر بناء دستور فعال لعائلة الشركة أمراً أساسياً لاستمرار الشركة العائلية، فكم من الشركات التي اختفت بعد وفاة مؤسسها بسسب عدم وجود دستور متفق عليه في العائلة، أو بسبب وجود دستور لكنه غير فعال، فالدستور الفعال هو الذي يحتوي على أفضل الممارسات لتنظيم عائلة الشركة وشاملاً لجميع البنود التي تحتاجها العائلة بالإضافة لكونه مكتوباً ومتفقاً عليه.

القاعدة السابعة: مجلس الإدارة ومجلس العائلة
مجلس الإدارة: تعد الوظيفة الأساسية لمجلس الإدارة هي وضع الاستراتيجية العامة للشركة ومراقبة أدائها مع الزمن، وتوصي الممارسات المثلى بامتلاك حجم قابل للإدارة يتراوح بين 5-9 أشخاص، كما توصي بضروة وجود أشخاص مستقلين داخل المجلس لا يقل عددهم عن 2 ، فقد ثبت علمياً وجود علافة بين أداء الشركة وعدد الاشخاص المستقلين ضمن مجلس الإدارة.

  مجلس العائلة: يعد صلة الوصل بين العائلة ومجلس الإدارة، وهو هيئة إدارية عاملة يتم انتخابها من العائلة لمناقشة مسائل العمل الخاصة بها وعادة يتم تشكيله عندما يصل عدد الملاك والعاملين في الشركة من العائلة لحوالي 30 شخصاً، ويتوارح العدد المثالي للمجلس بين 5- 9 أشخاص، و يهدف بشكل أساسي إلى صياغة سياسات ودستور العائلة واقتراح أسماء أفراد العائلة المرشحين لعضوية مجلس الادارة ووضع خطة التعاقب بالتنسيق مع إدارة الشركة.

 القاعدة الثامنة: التقنية المناسبة
تعد التقنية في هذه الأيام من أهم أركان التنافسية بين الشركات، وتسعى الشركات بشكل دائم إلى امتلاك أحدث التقنيات لزيادة انتاجيتها وقدرتها التنافسية.

لكن لابد من الإشارة إلى ضرورة دراسة جدوى أية تقنية جديدة على الشركة, فجدوى تقنية معينة ضمن دولة دخول أفرادها مرتفع تختلف عن دولة دخول أفرادها منخفض، حيث نجد في الأولى الجدوى العالية لأية تقنية جديدة, بينما قد لا نجد في الدول منخفضة الأجور نفس النتيجة دائماً.

القاعدة التاسعة: التدريب والبحث والتطوير والإبداع
تتسابق الشركات في هذا الزمن في الإنفاق على التدريب والبحث والتطوير والذي سيقود حتماً إلى الابداع والتحسين المستمر، حيث نجد بعض الشركات كمايكروسوفت وآبل وسامسونح تنفق مليارات الدولارات على التدريب والبحث والتطوير، بينما نجد أن ما تنفقه جميع الدول العربية على التدريب والبحث والتطوير بما فيها حكوماتها وشركاتها لا يعادل ما تنفقه شركة واحدة فقط من هذه الشركات العالمية.

وتقدر بعض المؤسسات العالمية بأن الحد الأدنى لعدد ساعات تدريب الموظفين الإداريين سنوياً هو 45 ساعة، و 15 ساعة للموظفين المباشرين، والحد الأدنى للبحث والتطوير 2% بالنسبة للمبيعات.

القاعدة العاشرة: الاستقرار المالي
تسعى بعض الشركات العائلية إلى الاستدانة من المصارف لتمويل مشاريعها التوسعية، وذلك حتى تتجنب إدخال شركاء جدد من خارج العائلة وتظل هي المسيطرة على الشركة، وقد تصل نسب المديونية في بعضها لأكثر من 75% من إجمالي الأصول، مما يجعلها أكثر عرضة للتقلبات المالية الشديدة عند الأزمات أو عند حدوث أي ضعف اقتصادي في البلد، وخصوصاً إذا علمنا بأن الكثير من  الشركات العائلية تحتاج لدفع مبالغ مالية كبيرة عند الانتقال من جيل لآخر أو عند وفاة أحد الملاك الكبار، فإن ترافق ذلك مع ضعف اقتصادي سيؤدي بالغالب إلى انهيار الشركة العائلية.

لذا لا بد من وضع خطة مالية محكمة تضمن وجود رأسمال عامل كاف يتناسب مع وضع الشركة، بالإضافة لتشكيل هيكل تمويلي مدروس يقلل من المخاطر التي قد تواجه الشركة ويضمن استمراريتها.

إن تطبيق القواعد العشر السابقة سيؤدي بالتأكيد على رفع مستوى أداء الشركة، وإلى تعزيز قدرتها على الاستمرار في المدى القصير والطويل، لأنها تغطي أهم المبادئ الجوهرية لحياة تلك الشركات، من وجود خطة استراتيجية وتشغيلة مكتوبة وباضافة لخطة تعاقب منسجمة معها، ونظام داخلي متكامل يشمل العلاقات بين جميع الأقسام والإدارات وتشكيل مجلس إدارة يقوم بالتخطيط للشركة ويراقب أدءها ومجلس عائلة يكون صلة الوصل بين العائلة والإدارة، وانفاق الشركة على البحث والتطوير والتدريب لتكون سباقة في الأسواق المحلية والعالمية، وامتلاكها للتقنية المناسبة التي تعزز انتاجيتها وقدرتها التنافسية، ولنظام جودة شامل يوصل الشركة على صفر أخطاء وصفر تأخير, ونظاماً فعالاً وشاملاً لاختيار الموظفين, واسقرارها مالياً مما يجعلها أكثر قدرة على مواجهة الأزمات الداخلية والخارجية.

 

بقلم علاء صالحاني

MS,CMA,CIPA,ICT