القواعد العشر الذهبية لاستمرار الشركات العائلية (1)

        تعاني الشركات العائلية عالمياً وعربياً خصوصاً بضعف قدرتها على الاستمرار للأجيال المقبلة, حيث لا يزيد معدل استمرار الشركات العائلية عالمياً للجيل الثاني عن 30% وللجيل الثالث عن 10% وللرابع عن 3%, فيما تبلغ هذه الاحصائيات نسباً أقل من ذلك بكثير في بعض الدول العربية التي لا تزيد نسب استمرار الشركات العائلية في بعضها عن 18% للجيل الثاني و3% للجيل الثالث.
ومن خلال استعراضنا لأنجح الشركات العائلية حول العالم نجد أنها تشترك بقواعد وعوامل نجاح, كان لها الأثر الأكبر في استمرارها على المدى الطويل و سنستعرض في هذا المقال القواعد الخمسة الأولى والتي يمكن التي إيجازها بما يلي:


 القاعدة الأولى: وجود خطة تعاقب.
       لابد من وجود خطة تعاقب واضحة ومكتوبة ومتفق عليها بين الأجيال المتعاقبة, وقد بينت الإحصائيات بأن 30% فقط من الشركات العائلية لديها خطط تعاقب واضحة ويعود سبب ذلك إلى طغيان الجانب العاطفي على سلوك أفراد العائلة فالأولاد قد يخجلون من القول لأبيهم بأنك ستموت في يوم من الأيام لذا يجب علينا من الآن وضع خطة تعاقب واضحة..., وكذلك الأب المؤسس قد يجد صعوبة في تحديد من سيكون المدير من بعده بين أولاده, هل يختار الأكبر أم الأكفاً أم من؟, وكيف سيوزع أولاده على المناصب الإدارية مثلاً هل سيفضل من هو خارج العائلة على أولاده؟

كما تجدر بنا الإشارة إلى أن خطة التعاقب الناجحة لا تشترط حصول التعاقب على نفس المناصب الوظيفة التي كان يعتليها الجيل السابق, فما صلح لهم قد لا يصلح للجيل اللاحق, لذلك يجب أن تأخذ بالاعتبار تغيرات البيئة الداخلية والخارجية للشركة وخطط الشركة الاستراتيجة وخصوصاً فيما يتعلق بعمليات التوسع.

القاعدة الثانية: وجود خطة استراتيجية وتشغيلية.

       يعتبر العديد من علماء الإدارة بأن وجود الخطة الاستراتيجة والتشغيلة بشكل واضح ومكتوب هو السبب الأول لاستمرار أي نوع من أنواع الشركات سواء كانت عائلية أم غير عائلية, بل تزداد أهمية وجودها في العائلية لأنها تتطلب تخطيطاً يوازن بين حاجات الشركة وحاجات العائلة, فاقتصار التخيطيط على جانب واحد فقط قد يودي بالشركة إلى الانهيار على المدى البعيد.

ولابد لأهداف هذه الخطط أن تكون محققة لمعايير الهدف الذكي SMART   أي محددة  (Specific), قابلة للقياس (Measurable) , متفق عليه (Agreed), واقعي  (Realistic), محدد بوقت (Timely)

القاعدة الثالثة: وجود نظام متكامل.

       يجب وجود نظام متكامل يحكم العلاقات بين الأقسام الإنتاجية والوحدات الإدارية, والعلاقة بين مجلس الإدارة والعائلة.

كما يتضمن كيفية اتخاذ القرارات في الشركة على جميع المستويات, بالإضافة لاحتوائه على نظام للمكافآت والترقيات والعقوبات, ونظاماً محاسبياً فعالاً يقوم على مبادئ المحاسبة الدولية, وتقوم جهة خارجية بتدقيقه وتدقيق القوائم الصادرة عنه.

القاعدة الرابعة: نظام فعال لاختيار الموظفين.

       هنالك قاعدة إدارية مشهورة تقول: إياك أن توظف أحداً من المقابلة الأولى فقط, فلا بد من تقييم شمولي للموظف يتجاوز الجانب المهني والعلمي له إلى الجانب الشخصي والسلوكي, فكم من الموظفين فشلوا في وظائفهم بسب عدم انسجام نمطهم الشخصي وطريقة تفكيرهم مع طبيعة الوظيفة.

بل أكثر من ذلك, فقد ثبت علمياً بأن 80% من الموظفين يوظفون بناءاً على كفاءاتهم و 85% من الموظفين يفصلون بسبب سلوكهم!, لذلك يجب التركيز على الجانب السلوكي قدر الإمكان من خلال السؤال عن الموظف في جميع الشركات التي عمل بها سابقاً.

       ومن أبرز الممارسات الخاطئة  لدى العديد من الشركات العائلية و التي كانت سبباً في انهيارها في الجيل الثاني أو الثالث على أكثر تقدير هو محاباة وتفضيل موظف العائلة على الموظف العادي من حيث قبوله في الشركة و إعطاءه راتباً وحوافزاً تفوق ما يقدمه للشركة, وقد يؤدي  ذلك إلى ضعف ولاء باقي العاملين في الشركة بالإضافة لكون موظف العائلة ضعيف الانتاجية بالنسبة لما يتقاضاه, ومما يزيد من نفقات الشركة وخصوصاً في الجيل الثالث فما فوق,حيث يدخل عدد كبير من أفراد العائلة في العمل.

القاعدة الخامسة: الجودة.

       تعتبر من أهم المزايا التنافسية للشركات في هذا العصر, فهي تعبر عن مدى مطابقة المنتج أو الخدمة لتطلعات الزبون, فكلما تجاوزت توقعاته كلما ارتفع مستوى الجودة.

وقد تطور مفهوم الجودة وسبل تحقيقها عبر الزمن من مجرد القيام بفحص المنتجات قبل تسليمها للزبون إلى انتاج المنتج بشكل صحيح من المرة الأولى, أي حتى الاستغناء عن أنشطة الفحص التفتيش أو جعلها بالحد الأدنى لأنها تضيف قيمة للمنتج النهائي, بحيث توفر المنشأة تكاليف تلك الأنشطة أيضاً.

وقد بينت إحدى الدراسات التي أجريت على عينة من الشركات في الولايات المتحدة الأمريكية أن كل دولار تدفعة المؤسسة نتيجة عدم مطابقة المنتج النهائي للمواصفات المطلوبة سيؤثر على مستقبل الشركة بنقصان في مبيعاتها بمقدار 26$, ونفصان في أرباحها بمقدار 10.4$.

يمكننا تلخيص ما سبق استمرار الشركات العائلة على المدى الطويل مشروط بتحقيق قواعد أساسية بدءاً من كتابتها لخطة استراتيجية وتشغيلة متزامنة مع خطة تعاقب متفق عليها, بالإضافة لامتلاكها لنظام جودة شامل يمنع حدوث أخطاء داخل الشركة من خلال تركيزها على عدم حدوث الخطاً بدلاً من البحث عنه بعد وقوعه, ونظامل داخلي متكامل يشمل الاختيار الفعال للموظفين الجدد ويؤطر العلاقات بين الأقسام الانتاجية والوحدات الإدارية.

وبهذا نكون قد استعرضا القواعد الخمسة الأولى لاستمرار الشركات العائلة وسنرى في المقال القادم القواعد الخمسة التالية التي تعزز استمرار تلك الشركات.

بقلم علاء صالحاني

MS,CMA,CIPA,ICT