القواعد الذهبية لبناء علاقات متينة مع موظفيك

يعرب بعض الناس عن تخوفهم من البقاء في الوظيفة ذاتها لمدة طويلة، مبررين ذلك بعدم ثقتهم الكاملة بأن الشركات التي يعملون لديها ستحتفظ بهم وتقدر ولاءهم وعطاءهم وفترة عملهم الطويلة، وستتمسك بهم رغم الظروف الاقتصادية الصعبة. ويشعر البعض منهم أنه مهما تفانى وأخلص في العمل، فلن يتلقى المكافآت المجزية ولا الاهتمام الكافي الذي يلقاه الموظفين الجدد. وهم يعتقدون أن الطريقة المثلى لتحصيل معاش أفضل هو التنقل من عمل إلى آخر في محاولة للعثور على الوظيفة المثالية.


وإن كان الحال كذلك، فكيف يمكننا كأرباب عمل أن نتعامل مع مثل هذه المخاوف ؟ وكيف يمكننا أن نؤكد تقديرنا الكامل واعتزازنا بموظفينا وتمسكنا بهم؟ إن مقالي هذا يستعرض 5 وسائل أساسية تهدف إلى مساعدة أصحاب الشركات في سعيهم هذا. وهذه الطرق الخمسة هي:

1) المسؤولية:
أظهر لمرؤوسيك ثقتك بهم بواسطة تكليفهم بمهام أساسية ومنحهم بعضا من الحرية في اتخاذ القرار، الأمر الذي سيشعرهم بأهميتهم في مكان العمل، ويعزز انتماءهم للشركة ويجعلهم يشعرون بأنهم جزء لا يتجزأ من هذا المكان. حاول باستمرار تشجيعهم على اكتساب مهارات جديدة وعلى تطوير قدراتهم المهنية، والجأ إلى ترقية المميزين منهم ومنحهم امتيازات أعلى عوضا عن اللجوء  دائما إلى استقطاب أفراد جدد للعمل معك.

2) الاحترام:
من الأمور التي يعلق عليها الموظفون أهمية كبرى هي أن تتم معاملتهم باحترام وأن تقدر جهودهم المبذولة في مكان العمل. فإن كنت مشغولا بأمورك الخاصة طيلة الوقت، أو تعاملت مع انجازاتهم باستخفاف فلا تتوقع منهم الولاء، فمعظمهم سيبدأ في البحث عن وظيفة أخرى توفر له الاحترام الذي ينشده. وينبغي عليك أن تعامل جميع الموظفين بصورة حسنة، وأن تظهر لهم تقديرك لكفاءاتهم وقدراتهم من حين لآخر. لكن هذا الأمر لا يعني ألا تنتقد مخرجات أعمالهم إن لم تكن بالمستوى المطلوب، فالتوجيه والمتابعة أمران مطلوبان على الدوام.

وخذ على سبيل المثال الرئيس التنفيذي الإقليمي لإحدى الشركات والذي كان غالبا ما ينتقد موظفيه ويوجه لهم اللوم أمام العملاء دون إنذار، في محاولة منه لإبهارهم والتأكيد على تيقظه لأي خطأ صغير قد يبدر منهم. وعند سؤالنا بعض التنفيذيين الآخرين عنه، أخبرونا أنه لطالما أشار إلى موظفيه بعبارة (النحل العامل-Working bees)، الأمر الذي أدى في النهاية إلى وجود استقالات دورية بين موظفيه، فالعديد منهم لم يتحمل أسلوبه هذا.

وفي المقابل، فهناك رئيس تنفيذي آخر، يعامل موظفيه بأسلوب مغاير تماما، وقد حصل أن كان برفقة بعض من أعضاء مجلس إدارته في أحد الأيام، في طريقهم إلى المصعد، حين لمح أحد موظفيه قادما إلى العمل رغم مروره بظرف عائلي قاس، وحينها توقف عن الكلام وتوجه إلى هذا الموظف وصافحه معربا له عن تعاطفه الصادق وأسفه الشديد لما يمر به من ظروف قاسية. فلا عجب إذا أن تكون شركته من أقل الشركات التي يتغير فيه الموظفون بصورة دورية، لا بل هي أيضا من أكثر مؤسسات الأعمال تحقيقا للأرباح.

3) توزيع الأرباح:
قم بربط جزء من رواتب الموظفين بعائدات الشركة السنوية. إعرض عليهم معاشا أساسيا ونسبة مما تحققه الشركة من أرباح دورية، وقم بتحديد تلك النسبة وفقا للأداء. إن هذه الخطوة لن تقوم فقط بتحفيز الموظفين على مضاعفة جهودهم طمعا منهم في الحصول على دخل إضافي لكنها ستجعل أداءهم متوافقا أيضا مع المصالح العليا للشركة، الأمر الذي سيزيد حتما من إخلاصهم وولائهم لمكان العمل. إن هذا الأسلوب يشعر الموظفين بأنهم يمتلكون جزءا من الشركة التي يعملون بها ويجعلهم حريصين على نموها واستمرارها.

أما الشركات الصغيرة والتي تتمتع بإمكانات نمو كبيرة، فهي طريقة عملية لجذب الموهوبين وذوي الكفاءة دون الاضطرار لتجشم مبالغ هائلة.كما أنها وسيلة جيدة لنفض غبار الأزمات الاقتصادية ومكافأة الموظفين على جهودهم المبذولة في الفترات الصعبة. إن هذا الطريقة في ربط المعاشات الشهرية بأحوال البيئة الاقتصادية المحيطة وسوق العمل، يجعل من آلية الدفع أكثر مرونة، ويزيد من تحمل شركتك للضربات، كما ويجعل من موظفيك أكثر سعادة وامتنان، ما سينعكس حتما على أداء مؤسستك وفعاليتها.

4) المكافأة:
إن هذه النقطة تشبه، إلى حد ما، ما ذكرناه آنفا حول الاحترام وتوزيع الأرباح إلا أنها تمتد لتشمل بعض الأمور غير المادية والتي لها فعل السحر في تعزيز أداء الموظفين. ورغم أنه لا يمكننا تجاهل أهمية المادة في إظهار التقدير للعاملين إلا أن القيام بأحد الأمور التالية من شأنه أن يرفع الروح المعنوية لديهم. يمكنك مثلا اللجوء إلى إرسال بطاقات الشكر على الجهود الطيبة، أو إقامة حفلات موسمية، أو تهنئة أحد الموظفين بمناسبة قدوم مولوده الجديد أو تشجيعه على القيام بأحد الأعمال التطوعية والتي تنعكس إيجابا على صورة الشركة. من الممكن أيضا مكافأتهم بغداء مدفوع الثمن مع رب العمل، أو توزيع قمصان وملصقات تحمل شعار الشركة. هذه الأمور وغيرها من شأنها دون شك أن تشعر موظفيك بالاهتمام الكافي من قبلك.

5) وقت الراحة:
كن كريما فيما يتعلق بالإجازة. لا تتجاوز الحدود المقبولة، لكن تأكد من أن موظفيك يحصلون على الوقت الكافي لممارسة أنشطتهم الحياتية المختلفة. قم بتفعيل نظام الإجازات المرضية واحترم أن لديهم حياة أخرى خارج جدران الشركة. وتذكر دائما أن موظفيك هم حجر الأساس في عملك، أشعرهم أنك تحترم حياتهم الخاصة وأولوياتهم حين يتعلق الأمر بخارج نطاق العمل. وتذكر، رغم أنه من الجيد أن تطالب موظفيك بأداء عال، لكن لا أحد يمكنه القيام بمهامه بنسبة100% طيلة الوقت. امنحهم الوقت الكافي لالتقاط أنفاسهم بين مهمة وأخرى، واحرص قدر الإمكان أن تجعل من مكان العمل فرصة لقضاء الوقت الطيب. يمكنك أن تلجأ أيضا إلى تشجيع العمل الجماعي وتفعيل الأنشطة المشتركة مع الحفاظ على سير العمل.

وباختصار، فإن الهدف من بناء علاقات متينة وطويلة الأمد مع موظفيك ينعكس بالإيجاب على شركتك. ورغم أن العديد من أصحاب العمل باتوا ينظرون بارتياب لمن يغير وظيفته باستمرار، إلا أن المفتاح الحقيقي لضمان علاقة سليمة مع موظفيك والاحتفاظ بالموهوبين منهم هو أن تمنحهم المزيد من الاهتمام والكثير من التقدير. امنحهم أسبابا كافية للبقاء.