الفلفل الأسود فؤاد متعددة و ابحاث مستمرة

ثنائي متناقض يُوضعان جنباً إلى جنب على المائدة دائماً، الملح والفلفل الأسود. أحدهما تحذر المصادر الطبية من الإكثار في تناوله خاصة من قبل من لديهم ارتفاع في ضغط الدم أو هبوط قوة القلب أو أمراض الكلى أوالكبد، وهو بالطبع الملح.. والآخر لا تكاد توجد نصيحة طبية تتبنى أي تحذير من تناوله، بل على العكس فإن بعضاً منها يُطنب في ذكر محاسن تناوله، وهو الفلفل الأسود.



نكهة مميزة

* ويمتلك الفلفل الأسود نكهة مميزة بين باقي البهارات، تجمع بين حرارة الطعم في الفم مع الرائحة العطرية في الأنف، بما يبعث منه تلك النكهة الخاصة به. والحرارة في الفلفل الأسود تأتي بالأساس من مركب بيبرينpiperine ، الذي يتركز في غلاف بذوره الجافة أو ثماره الطازجة. وبمقارنة الصافي من هذا المركب، فإن واحد مليغرام من بيبرين لديه قوة حرارة تبلغ 1% من قوة حرارة مليغرام واحد من مركب كابسايكين capsaicin الموجود في قرون الفلفل الأخضر أو الأحمر. والتي سبق الحديث عن تأثيرها في تصنيف درجات حرارة أنواع الفلفل في ملحق الصحة بـ«الشرق الأوسط».

كما أن القشرة الخارجية لبذور الفلفل الأسود تحتوي على مجموعة من المواد العطرية ذات رائحة مميزة، من نوع تيربين terpene. ولذا تُوجد في البذور السوداء دون البيضاء كما سيأتي عند الحديث عن أنواع بذور الفلفل. كما أن الأنواع المعتقة من البذور السوداء قد تكتسب روائح أخرى مع مرور الوقت وحصول تفاعلات فيها. وهذه المواد المسؤولة عن الرائحة سهلة التطاير، لذا قد يفقد الفلفل المطحون تلك الخصائص مع قدم خزنه. كما وأن التعرض للضوء يُحول مادة مركب بيبرين الحارة إلى مادة عديمة الحرارة لا طعم لها. ولذا نُدرك فائدة وضع الفلفل غير مطحون على المائدة في آلة بدائية للطحن، وطحنه يدوياً ومباشرة قبل التناول.

الطريف أنه بسبب وجود مادة بيبرين الحارة، فإن مطحون الفلفل الأسود يهيج الرغبة في العطس. لأنها مادة تثير نهايات أطراف الخلايا العصبة في الأنسجة المخاطية للأنف متى ما تعرضت لها، فالأنف يريد تنظيف نفسه مما علق بأغشيته من هذه المادة المثيرة، ويلجأ إلى العطس تلقائياً كوسيلة وحيدة للتخلص منها! وبمناسبة العطس فإن الأنف يحتوي على خمسة ملايين مُستقبل عصبي للرائحة، وحينما يعطس أحدنا فإن الهواء يندفع من الأنف بسرعة تُقارب 160 كيلومترا في الساعة.

 

* ألوان مختلفة

* الفلفل الأسود واحد من أقدم البهارات المعروفة اليوم وأكثرها تناولاً من قبل الناس في كافة أنحاء العالم، حيث تضاعف إنتاجه خلال الأربعين سنة الماضية. وتُنتجه أشجار الفلفل كثمار على هيئة مجموعة من البذور الخضراء، التي تُنشر تحت أشعة الشمس لبضعة أيام كي تجف، أو في آلات خاصة بذلك. وعندها تبدأ قشرة البذور بالانكماش في الحجم ويغدو لونها داكناً كي تُصبح طبقة سوداء مُجعدة حول البذور. وإذا ما تمت إزالة القشرة الخارجية للبذور عبر غمرها مدة أطول في الماء، تقريباً أسبوع، نحصل على الفلفل الأبيض. أما النوع الأخضر فيتم الحصول عليه عبر تجفيف نفس البذور الطازجة لكن بطريقة تُحافظ على لونها الطبيعي الأخضر، إما من خلال التجفيف بالتثليج أو باستخدام مادة ثنائي أوكسيد الكبريت. وهناك نوع رابع ونادر وهو بذور الفلفل الأحمر، الذي يتم الحصول عليه بغمر البذور الخضراء الطازجة في الماء المالح والخل.

 

وبتحليل كمية ملعقتين شاي من مطحون الفلفل الأسود، نجد أنها تحتوي على حوالي 11 كالوري (سعر حراري). وتُمد الجسم بحوالي 20% من حاجته اليومية للمنغنيز، و15% من فيتامين كيه، و12% من الحديد و7% من الألياف.

كما أن الفوائد الصحية التي تُعزى للفلفل الأسود تُنسب بالدرجة الأولى إلى وجود المركبات الحارة فيه والمواد العطرية.

 

* فوائد طبية

* برغم كل الحديث في الطب الشعبي لمناطق الهند وغيرها لشعوب مناطق أخرى استخدمت الفلفل كمادة علاجية، إلا أن أبحاث الطب الحديث اليوم لا تزال دون المستوى المطلوب في تحديد أي فائدة بشكل واضح أو حتى وضع أي محاذير لتناوله. والخصائص التي تُذكر في بعض الدراسات الطبية تتحدث عن إسهام تناوله في زيادة إفراز عصارات المعدة كي يتم هضم المواد البروتينية بسرعة، وبالتالي منع بطء خروج الطعام من المعدة إلى الأمعاء. أي تسهيل الهضم. كما أنه يُقال بأن تسهيل الهضم هذا يُقلل من فرصة تكوين غازات البطن أو حصول نوبات الإمساك. وأن تناوله يثير خروج العرق وبالتالي تبريد الجسم عند الإصابة بنوبات الحمى. وكذلك زيادة إدرار البول.

 

ويرى بعض الباحثين أيضاً أن ثمة قدرة للمركبات الكيميائية في الفلفل الأسود على مقاومة الميكروبات، وخصائص مضادة للأكسدة. ويتمادى بعض الباحثين بالقول إن الفلفل الأسود يحتوي على ستة مركبات لها خصائص في خفض مقدار ضغط الدم، وأربعة لمنع هشاشة وتخلخل العظم. وكذلك خفض نسبة هرمون الغدة الدرقية. وأطرفها التي قارنت شم زيت بذور الفلفل الأسود بزيت الورد، حيث ارتفعت نسبة هرمون أدرينالين مع الفلفل وانخفضت نسبته بمقدار 30% مع رائحة الورد.

 

والدراسات بمجملها وبمراجعتها لا تزال لا تُعطي قوة في النُصح الطبي بتناوله أو استخدامه أو تحديد ما يُمكن أن يكون للفلفل الأسود فائدة فيه، وإن كانت كلها مما يُستأنس به في طرح وعرض الحديث عما تدور حوله الأبحاث الطبية فيه فقط

.

المصدر: شباب عنت