الغضب.. مرض لا يفهمه أحد

كتمانه يسبب مشكلات صحية ويضعف القلوب

 

الصحة النفسية ... الغضب.. مرض لا يفهمه أحد تقول دراسة نشرت حديثا في الولايات المتحدة إن مرضا يسمى ب “عرض الانفعال المتقطع” (آي إي دي) قد يكون السبب وراء قيام بعض الأشخاص بإظهار انفعالات فجائية عنيفة وغير مبررة.

وتضيف الدراسة ان مايقارب 10 ملايين أمريكي يعانون من هذا المرض الذي طالما استُبعد عند محاولة تشخيص مثل تلك الانفعالات.

وتقول الدراسة إن 4% من سكان أمريكا يعانون من درجة حادة من “آي إي دي”، مما سبب لكل منهم مابين 3 إلى 4 انفعالات عصبية مشابهة خلال عام واحد.



 

ولهذا المرض تعريف دقيق في مراجع الطب النفسي، ولكن يجهل العلماء حتى الآن مدى انتشاره بين بني الإنسان.

 

ويمكن للطبيب ان يقرر إذا ماكنت مصابا بهذا المرض إذا تكرر قيامك بانفعالات غاضبة وعنيفة لأسباب لا تبدو ذات أهمية تستحق، ولعدة مرات.

 

وعادة ما يفقد المصاب بهذا المرض تمالكه لأعصابه فجأة ويقوم بتدمير شيء ما، أو يعتدي أو يهدد بالاعتداء على أي شخص.

واجرى باحثون من كليات الطب في جامعتي هارفارد وشيكاغو الأمريكيتين مسحا مباشرا على عينة مكونة من 2829 شخصاً راشداً خلال عامي 2001 و2003.

وتوصلوا إلى أن 3,7% من عينة البحث مصابون بمرض “آي إي دي”.

وقدروا عدد المصابين به ب8 ملايين شخص في الولايات المتحدة وحدها، وهو رقم أعلى بكثير من التقديرات السابقة.

وتبدأ أعراض الإصابة بالمرض منذ سن ال14 عاما.

ويقول الدكتور رونالد كيسلر، وهو قائد المجموعة التي أجرت البحث، إن “آي إي دي” ليس معروفا بين العامة كمرض، ولكن حجم الأرقام (التي اشارت لها الدراسة) يجعل من الضروري أن يقدر المرضى والأطباء على حد سواء حجم انتشار المرض وان يسعوا لتطوير استراتيجيات لعلاجه”.

ويوضح زميله الدكتور إيميل كوكارو أن العامة ينظرون للانفعالات الحادة المرتبطة بهذا المرض على أنها مجرد سوء سلوك، وبالتالي فهم لايعيرونها اهتماما كمرض له أسباب جينية وفسيولوجية، ويمكن علاجه.

 

ويرى العلماء ان من الضروري تطبيق سياسات وقائية وتوفير العلاج المبكر مما قد يفيد في مساعدة الأشخاص على تجنب مشاكل لها ارتباط بالمرض مثل الادمان على الكحول أو المخدرات أو الإصابة بالاكتئاب.

مشكلات صحية

وكانت دراسة امريكية قد افادت بأن عدم قدرة المراهق على التحكم في الغضب قد يسبب له مشكلات صحية في المستقبل.

وخلصت الدراسة إلى أن المراهقين الذين يعانون من مشكلات في التحكم في غضبهم يكونون أكثر عرضة لزيادة الوزن.

وقال العلماء في الاجتماع السنوي لجمعية القلب الأمريكية في سان فرانسيسكو إن المراهقين الذي يكتمون شعورهم بالغضب يتعرضون لخطر السمنة أو زيادة الوزن وهو ما قد يؤدي إلى تعرضهم لأمراض مثل مرض القلب أو السكري.

وقام أطباء من مركز علوم القلب في جامعة تكساس بدراسة 160 مراهقاً تتراوح أعمارهم ما بين 14 و17 عاما على مدى ثلاث سنوات.

واستخدم الأطباء اختبارات نفسية لمعرفة كيفية استجابتهم للغضب.

ووجد الأطباء أن المراهقين الذين يمكنهم التحكم في غضبهم والتصرف بشكل مناسب عند الغضب يكونون أقل عرضة لزيادة الوزن.

أما من يعانون من مشكلات في التعامل مع الغضب سواء بكبت مشاعرهم أو فقدان أعصابهم فهم الأكثر عرضة لزيادة الوزن.

وقال البروفيسور ويليام موللر الذي قاد فريق البحث في الدراسة: “ترتبط السمنة بالطرق غير الصحية في التعبير عن الغضب. فمشكلات التعبير عن الغضب يمكن أن تؤدي إلى اضطرابات في الأكل وزيادة الوزن وهو ما قد يؤدي بدوره إلى الإصابة بمرض القلب في سن مبكرة”.

وأكد البروفيسور موللر على أهمية معرفة الحالة العاطفية للأطفال، حيث قال: “الأمر لا يقتصر فقط على مجرد الأكل والتمرينات، ولكن يجب علينا أن ننتبه إلى الجانب الاجتماعي من الصورة”.

وقال مايك فيشر من الجمعية البريطانية للتحكم في الغضب إن العديد من المراهقين لديهم مشكلات تتعلق بالتحكم في الغضب.

وأضاف في تصريحات لبي بي سي أونلاين قائلا: “نحو 50 في المائة من المكالمات التي نستقبلها هي لآباء يعربون عن مخاوفهم بشأن أطفالهم”.

يضعف القلوب

 

وفي دراسة اخرى قال علماء أمريكيون إن المزاج السيئ لدى الشباب الذكور قد يؤدي إلى الإصابة بمرض القلب في وقت مبكر في الحياة.

جاء ذلك في نتائج دراسة توصلت إلى أن الشباب الذكور الذين ينتابهم الغضب عند التعرض للتعب والإرهاق العصبي اكثر عرضة للإصابة بأمراض القلب من غيرهم بنسبة تبلغ ثلاث مرات.

وبينت الدراسة أن الشباب الغاضبين اكثر عرضة للإصابة المبكرة بالسكتة القلبية من أقرانهم الهادئين بنسبة تصل إلى خمس مرات، حتى لو كانوا ينحدرون من عائلات يخلو تاريخها من أمراض القلب.

وقالت الدكتورة باتريشيا تشانج التي قامت بالإشراف على جزء من البحث الذي تم إعداده في الولايات المتحدة “إن عددا من الشباب عبروا عن غضبهم، بينما تمكن عدد آخر من إخفائه، ولكن عددا كبيرا من المشاركين كانوا سريعي الغضب وتنتابهم نوبات متكررة من التذمر”.

 

وقالت تشانج “إن الدراسة بينت أن المزاج السيئ يتنبأ بالأمراض قبل ظهور أعراضها مثل مرض السكري وضغط الدم”.

وأكدت أن “أفضل شيء يستطيع الرجال الشباب الغاضبون عمله هو مراجعة أخصائيين لتعلم طرق السيطرة على الغضب، وبالأخص بينت دراسات سابقة أن الأشخاص المصابين بمرض القلب يسجلون تحسنا في صحتهم حين يتعلمون كيف يسيطرون على غضبهم”.

واستخدمت الدكتورة تشانج وزملاؤها في دراستها معلومات حول نحو 1300 طالب كانوا يدرسون في معاهد جون هوبكنز الطبية بين عامي 1948 و1964.

وتابع الفريق الطبي حياة أكثر من ألف رجل لفترة امتدت إلى 35 عاما لغرض دراسة مخاطر التعرض المبكر لأمراض القلب والأوعية الدموية عند الأشخاص الذين تنتابهم حالات غضب عند الشعور بالإرهاق العصبي في وقت مبكر في حياتهم.

وطلب من المشاركين خلال فترة دراستهم في معهد الطب، ومرة أخرى في عام ،1992 ملء استمارة تبين درجة “التوتر العصبي” الذي ينتابهم عندما يتعرضون إلى ضغط عصبي أو إرهاق شديد.

ووفق مقالة نشرت في موقع أرشيف الطب الباطني فإن الغضب الواضح المعبر عنه أو المخفي، وسوء المزاج و نوبات التذمر المتكررة، هي ثلاث استجابات تشير إلى ما أطلق عليه المختصون بالغضب الشديد.

وبينت الاستمارات التي ملأها المشاركون خلال فترة دراستهم أن 229 طالبا قالوا إنهم عبروا أو أخفوا غضبهم، و169 طالبا قالوا إنهم يصابون بنوبات تذمر متكررة، بينما قال 99 طالبا إنهم كانوا سريعي الغضب، بينما عانى 21 رجلا - الذين تنتابهم الحالات الثلاثة معا - أعلى درجات الغضب.

وعند بلوغ المشاركين السادسة والسبعين من العمر أصبح 205 منهم يعانون من أمراض القلب والأوعية الدموية التي بدأت في متوسط عمر بلغ السادسة والخمسين. وكان 145 من هذه المجموعة يعانون من مرض الشرايين الأكليلية - بينهم 94 أصيبوا بسكتة قلبية و59 بذبحة صدرية.

كما أصيب كذلك 77 شخصا في وقت مبكر بأمراض القلب والأوعية الدموية في عمر متوسط بلغ 49 عاما، بينهم 59 شخصا يعانون من مرض الشرايين الأكليلية - منهم 34 اصيبوا بسكتة قلبية و13 بذبحة صدرية.

وقالت الدكتورة تشانج إنه “بالرغم من ان عدد الإصابات القلبية كان قليلا، لكن حالات الإصابة بالإمراض القلبية وشرايين الأوعية الدموية كانت كثيرة عند الأشخاص الذين تنتابهم حالات غضب شديد مقارنة بالأشخاص الذين كان مستوى غضبهم قليلا”.

وقالت شانج إنه من غير الواضح إذا كان من الممكن تطبيق هذه النتائج على النساء أو الأشخاص المنحدرين من اقليات عرقية.

بينما قالت اليسون شو، العاملة في المؤسسة البريطانية لأمراض القلب، إن الدراسة أكدت دراسات سابقة مماثلة تقول إن الأشخاص العدائيين معرضون أكثر من غيرهم للإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية.

وأضافت ان “الدراسة هذه مثيرة للاهتمام، لكنها لا تذكر عوامل أخرى مثل التدخين و ضغط الدم التي قد تكون سبب الأمراض”، وانه يجب أن تؤخذ هذه العوامل بنظر الاعتبار في المستقبل.

وقالت الدكتورة تشانج إنه بالرغم من أنه لا يعرف بعد كيف يسبب الغضب أمراض القلب، فإن الأدلة تشير إلى أن الإرهاق يطلق كميات مفرطة من هرمونات تعرف باسم كاجولامينيس، منها الادرنالين، الذي يتكون بشكل طبيعي في الجسم وينقل عادة الإيعازات. وتهيئ هذه الهرمونات الجسم في حالات الطوارئ مثل الإصابة بالزكام، أو الإرهاق العصبي أو الصدمة وذلك بتقليص جدران الأوعية الدموية والضغط على القلب للعمل أكثر لضخ كميات إضافية من الدم.

 

 

السيطرة على الغضب

 ويوصي الاطباء باختيار احد الطرق التالية للتخلص من حالة الغضب والسيطرة عليها وقت حدوثها، ويمكنك اختيار الطريقة التي تناسبك:

روح الفكاهة: لا تغضب من أجل الأشياء التافهة أو المشاكل التي لا تحل بسهولة، وحاول أن تجد مخرجاً، وتقبل الأمر على أنه نوع من أنواع المزاح.

ممارسة الرياضة: عليك بممارسة أي نشاط رياضي، فهو إحدى الوسائل للتغلب على مشاعر الغضب، مثل: المشي - الجري - السباحة - كرة السلة - كرة القدم - التنس...الخ.

المصدر: جروحي