الغش: أسبابه، وأنواعه، وأضراره، وحكمه في الإسلام

ما هو الغش؟ وما أسبابه؟ وهل له أنواع؟ وما حكمه في الإسلام؟ سنقدِّم لكم أعزاءنا القراء كلَّ هذه المواضيع المُتعلِّقة بالغشِّ في هذا المقال.



تعريف الغش:

يعد الغش من أخطر الآفات الاجتماعية التي يمكن أن تتفشى في أي مجتمع، وهناك تعاريف كثيرة له، نذكر منها:

  • تعريف الغش شرعاً: مزج الشيء الرديء مع الجيد منه.
  • تعريف الغش اصطلاحاً: من الظواهر المُنحرفة التي تظهر في المجتمع فتترك أثراً سلبياً في سير الحياة الاجتماعية، ويعد أيضاً من دلالات الابتعاد عن المعايير والقيم الشرعية.
  • تعريف الغش لغةً: مزج الأشياء بأشياء أخرى أقل منها ثمناً وجودة، مثلاً: مزج الماء بالحليب.
  • تعريف الغش في الاصطلاح التربوي: استخدام الطلبة -سواءً طلاب المدارس أم الجامعات- طرائق غير مشروعة، ومحاولات غير سوية للحصول على إجابات الأسئلة الامتحانية، وأسئلة الاختبارات الأخرى؛ كما أنها تعرف أيضاً بأنها عملية تزييف نتائج التقويم والاختبارات.

تعريف الغش في الامتحان:

يُعرف الغش في الامتحان على أنه استخدام وسائل غير مشروعة أو غير قانونية للحصول على إجابات أو معلومات ممنوعة خلال الاختبارات الدراسية. يشمل الغش عدة أشكال مختلفة، مثل:

  1. النسخ: تكون عندما يقوم الطالب بنسخ إجابات شخص آخر أو استنساخ مواد مخصصة للاستخدام الشخصي بدون إذن.
  2. الغش بالأجهزة: يتضمن استخدام الهواتف الذكية أو الأجهزة الإلكترونية الأخرى للوصول إلى المعلومات غير المسموح بها أثناء الامتحان.
  3. الغش بالملاحظات: يقوم الطلاب بكتابة المعلومات على ورقة أو الإشارة إلى ملاحظات مكتوبة مخبأة بشكل غير مرئي للمراقبين.
  4. الغش بالتعاون: يحدث عندما يتعاون الطلاب بشكل غير مشروع للحصول على إجابات أو معلومات خلال الاختبار، سواءً عن طريق التواصل المباشر أو استخدام التقنيات الحديثة.
  5. الغش بالتزوير: يتضمن تزوير الإجابات أو الأوراق الامتحانية أو التلاعب بالعلامات للحصول على درجات أعلى.

أسباب الغش:

توجد العديد من الأسباب التي تدفع بعض الأفراد إلى استخدام الغش في حياتهم، ونذكر منها:

1. أسباب متوقفة على طبيعة الروابط بين الناس:

أثبت الباحثون أن حالات الغش تزداد في المجتمع عندما تكون العلاقات بين الأفراد مبنية على النزاع المتواصل وعدم الرضا والخيانة، فكلما كان الأفراد مختلفين في المستوى الثقافي والتعليمي، وفي الشخصية والحياة الاجتماعية؛ كانت فرص الغش والخيانة فيما بينهم أكبر.

2. أسباب فردية:

هناك الكثير من الأسباب الفردية لظاهرة الغش بين الناس، فلقد وجد الباحثون أن هناك العديد من العوامل التي تسهم في الغش الفردي، ومنها:

  • العوامل الدينية والميول السياسية: الأفراد الذين يمتلكون قيماً أخلاقية صارمة هم الأفراد الأقل ارتكاباً لآفة الغش، ومن الأمثلة عن هؤلاء الأفراد: أصحاب التوجه السياسي، والأشخاص المتدينون.
  • العوامل الجنسية: أثبتت دراسات أن النساء أقل ارتكاباً للغش مقارنة مع الرجال، ويعود ذلك إلى تواجد هرمون التستوسترون بنسبة كبيرة عند الرجال.
  • العوامل الشخصية: تنتشر ظاهرة الغش انتشاراً كبيراً بين الأشخاص الذين لا يمتلكون ضميراً حياً، وبين الشخصيات التي لا تتصف بالإنصاف والعدل.

3. الأسباب البيئية:

تتوقف ظاهرة الغش وانتشارها على البيئة التي ينتمي إليها الأفراد الذين يمارسونه، حيث يكون الأفراد الذين يعيشون في البيئة الريفية الأكثر تحفظاً أقل عُرضة للغش من الأشخاص الذين يقيمون في المدن المتحضرة.

4. أسباب أخرى:

  • مصاحبة رفاق السوء.
  • الجشع، وحب المال، ومحاولة جنيه بأي وسيلة أو طريقة كانت.
  • ضعف الإيمان بالله سُبحانه وتعالى، وقلة الخوف من غضبه وسخطه.
  • الجهل بمدى حرمانية الغش، وبأنه يعد من السيئات التي يقترفها الفرد.
  • الابتعاد عن الطريق الصحيح، وانعدام الإخلاص لله -سبحانه وتعالى- في الأمور كافة.
  • عدم وجود أي قوانين أو عقوبات يمكنها منع ارتكاب الغش.
  • التربية غير الصحيحة التي لا تتماشى مع الأخلاق والقيم الإسلامية.
  • غفلة مرتكبي جريمة الغش عن ذكر حقيقة الموت واليوم الآخر.
  • عدم رضا الشخص المرتكب لجريمة الغش بقسمة الله تعالى.

أضرار وسلبيات الغش:

تعتبر الثقة والنزاهة أساساً من أسس أي مجتمع متقدم ومزدهر. ومع ذلك، فإن ظاهرة الغش تشكل تهديداً خطيراً لهذه القيم الأساسية، فالغش ليس مجرد تصرف فردي يؤثر على الفرد، بل إن له تأثيراً واسعاً يمتد إلى المجتمع ككل، إذ يؤدي الغش إلى الإضرار بالمؤسسات والمنظمات، والتقليل من جودة المنتجات والخدمات، وتفشي الفساد، وتقويض العدالة وتعطيل التنمية الاقتصادية.

  1. تدهور القيم والأخلاق: يعد الغش انتهاكاً للقيم الأخلاقية والأعراف الاجتماعية. فعندما يصبح الغش سلوكاً مقبولاً أو مستمراً في المجتمع، يتلاشى الشرف والنزاهة، وتتلاشى القيم الأخلاقية الأساسية التي تربى عليها الأفراد.
  2. تأثير سلبي على التعليم: يؤثر الغش بشكل كبير على جودة التعليم. فعندما يقوم الطلاب بالغش، يفقدون الفرصة لاكتساب المهارات والمعرفة اللازمة للتنمية الشخصية والمهنية. كما يؤثر الغش على مصداقية الشهادات والمؤسسات التعليمية.
  3. تأثير على الأعمال التجارية: في عالم الأعمال، يؤدي الغش إلى تشويه سمعة المنظمات والشركات، ويقلل من ثقة العملاء والمستهلكين. فعندما يكتشف الناس أن هناك غش في المنتجات أو الخدمات، يفقدون الثقة في الشركات وربما يتجنبون التعامل معها.
  4. تأثير على الاقتصاد: يتسبب الغش في خسائر اقتصادية جسيمة. فعندما يتم تزوير المنتجات أو العملات أو التهرب الضريبي، يتأثر النظام الاقتصادي بشكل سلبي. تنخفض الثقة في النظام المالي، وتتضرر التجارة العادلة، ويتأثر النمو الاقتصادي بشكل عام.
  5. تأثير على السلامة العامة: في بعض الحالات، يمكن أن يكون الغش مرتبطًا بالسلامة العامة. فعندما يتم تزوير المنتجات الدوائية أو المواد الغذائية، يمكن أن يتسبب ذلك في تهديد صحة وسلامة الناس. لذا، يجب مكافحة الغش بشكل جدي للحفاظ على سلامة المجتمع.

الغش, أسبابه، أنواعه

أنواع الغش:

تعددت وتنوعت نواحي الغش لتشمل مجالات مختلفة نذكر منها:

1. الغش في النصيحة:

أي ألا يقول الناصح الحقيقة، ويزيف الأمور، ولا يحذر من المخاطر؛ إما لخداع الشخص الذي طلب النصيحة، أو لأمر ما يضمره في نفسه.

2. غش الموظفين:

يندرج تحت هذا النوع من الغش عدة أشكال منها:

  • أخذ رشوة من المراجعين أو الزبائن مقابل تسيير معاملاتهم.
  • عدم إتقان العمل.
  • إهمال العمل.
  • غياب الموظف أو تقصيره في الحضور في الوقت المحدد، والتوقيع رغم ذلك على دفتر تسجيل الحضور.

تجعل كل هذه الأمور التي يستهين بها بعض الموظفين، رواتبَهم مشوبة بالحرام.

3. الغش في الزواج:

يمكن لأحد الطرفين في هذا النوع من الغش الادعاء بامتلاكه الجاه، أو المال، أو العمل الجيد، أو الشهادات العليا؛ أو إخفاء بعض العيوب عن الطرف الآخر ليتم الزواج؛ وذلك بهدف ترغيب الطرف المقابل. تعد جميع الأحوال الآنفة الذكر غشاً، وعملاً باطلاً، وما بنِي على باطل فهو باطل.

4. غش المعلمين:

يُقصر بعض المعلمين في شرح الدروس لطلابهم، وذلك إما لإجبار الطلبة على أخذ دروس خصوصية عنده بغية تحقيقه مكاسب مادية أكبر، أو تقاعساً منه بسبب عدم وجود رقابة عليه من قبل المسؤولين عنه.

5. غش التجار:

يندرج تحت هذا النوع من الغش أشكال كثيرة، وكل تاجر بحسب نوع بضاعته. نذكر لكم -على سبيل المثال، لا الحصر- بعض صياغ الذهب الذين يخلطون النحاس مع الذهب، ثم يبيعونه على أنه ذهب صاف؛ وكذلك بعض تجار الخضار والفواكه الذين يضعون الفاكهة الجيدة في أعلى الصندوق المعد لبيع الفاكهة، أو يضعون أوراقا كثيرة في أسفل الصندوق لتأخذ من وزن الفاكهة، وبذلك يكون قد غش المشتري وخدعه؛ كما هناك بعض تجار الملابس الذين يبيعون قطعاً فيها بعض العيوب غير الظاهرة للمشتري دون إخباره بذلك.

6. الغش في العلم:

يمكن في هذا النوع من الغش أن يسرق الفرد مقالاً أدبياً أو بحثاً علمياً، وينسبه إليه، وينشره باسمه.

7. الغش في الامتحانات بين الطلبة:

يمكن للطالب في هذا النوع من الغش أن يسرق المعلومة من زميله خلسة دون أن يشعر زميله، أو أن يكون متفقاً مع زميله على تبادل المعلومات في أثناء الامتحان، ويعد كل ذلك غشاً.

إقرأ أيضاً: ظاهرة الغش في الامتحانات

مخاطر الغش:

  1. فقدان الثقة والمصداقية: يؤدي الغش إلى خسارة الثقة والمصداقية في المجتمع. عندما يكتشف الآخرون أن شخصا ما يغش، يفقدون الثقة فيه، وقد يمتنعون عن التعامل معه أو التعاون معه في المستقبل.
  2. تفشي الفساد: يعد الغش أحد أشكال الفساد، حيث ينتهك القوانين والقيم الأخلاقية. عندما يصبح الغش منتشرا بشكل واسع في المجتمع، يزداد انتشار الفساد وتأثيره السلبي على الحكومة والمؤسسات والمجتمع بأكمله.
  3. تضييع الفرص: يؤدي الغش إلى تضييع الفرص الحقيقية للتقدم والنجاح. عندما يعتمد الأفراد على الغش لتحقيق النتائج المرغوبة، يفقدون الفرصة لتطوير مهاراتهم والتعلم من تجاربهم الفاشلة، مما يعرقل نموهم الشخصي والمهني.
  4. الضرر بالعدالة: يضر الغش بمفهوم العدل في المجتمع، حيث يتلقى الأشخاص الذين يغشون مكافآت وفوائد غير مستحقة على حساب الآخرين الذين يعملون بجد وأمانة. هذا يؤدي إلى عدم توازن الموارد وفرص النجاح ويزيد من العدم المساواة في المجتمع.
  5. تأثير على الصحة النفسية والعقلية: يمكن أن يؤثر الغش بشكل سلبي على الصحة النفسية والعقلية للأشخاص الذين يمارسونه. فالشعور بالذنب والخوف من الكشف وضغوط الحفاظ على الكذب يمكن أن يسببوا توتراً وقلقاً دائماً.
  6. تقويض القيم الأخلاقية: يعتبر الغش انتهاكاً للقيم الأخلاقية الأساسية مثل الصدق والنزاهة والعدل. عندما يصبح الغش مقبولاً أو شائعاً في المجتمع، يتم تقويض هذه القيم وتشويهها.

الغش في الامتحانات وأضراره على الفرد والمجتمع:

الامتحانات هي واحدة من الوسائل الرئيسية لتقييم مستوى المعرفة والمهارات لدى الطلاب، ومع ذلك، يشكل الغش في الامتحانات تحدياً كبيراً يواجه النظام التعليمي والمجتمع بأكمله. إن الغش ليس مجرد مخالفة أخلاقية، بل له تأثيرات سلبية عميقة على الفرد والمجتمع.

أضرار الغش في الامتحانات وتأثيره الضار على الفرد والمجتمع:

  1. فقدان الفرص والتطور الشخصي: عندما يلجأ الطلاب إلى الغش في الامتحانات، يفقدون الفرصة للتعلم الفعال وتنمية مهاراتهم الأكاديمية. الامتحانات هي فرصة للتطبيق العملي للمعرفة وقدرات الطالب، وعندما يتم تجاوز هذه الفرصة عن طريق الغش، يفقد الفرد فرصة التطور الشخصي والاكتساب المهني.
  2. فقدان المصداقية والثقة: الغش في الامتحانات يؤدي إلى تفقد المصداقية والثقة في النظام التعليمي. عندما يكتشف الآخرون أن هناك غش، يتأثرون بالشكوك تجاه جميع الطلاب وقدراتهم الحقيقية. هذا يؤثر على سمعة المؤسسات التعليمية ويقلل من قيمة الشهادات التي يحصل عليها الطلاب.
  3. تأثير على النمو الاقتصادي: على المدى البعيد، يؤثر الغش في الامتحانات على النمو الاقتصادي للمجتمع. فعندما يتخلف الطلاب عن اكتساب المعرفة والمهارات اللازمة للعمل في سوق العمل، يقلل ذلك من إمكانية التنمية الاقتصادية المستدامة ويزيد من مستوى البطالة والتبعية الاقتصادية.
  4. تشويه القيم الأخلاقية: الغش في الامتحانات يشوه القيم الأخلاقية الأساسية مثل النزاهة والصدق والعدل. يتعارض الغش مع مفهوم الشرف الأكاديمي وينتهك قوانين النزاهة الأكاديمية. إذا تم قبول الغش كسلوك مقبول، فإن هذا سيؤدي إلى تقويض القيم الأخلاقية في المجتمع بشكل عام.
  5. تأثير على التوظيف والفرص الوظيفية: عندما ييكتشف صاحب العمل أن المتقدم للوظيفة قد احتال في امتحاناته الأكاديمية، فإنه يفقد الثقة في قدراته ومهاراته الحقيقية. هذا يؤدي إلى تأثير سلبي على فرص التوظيف والتقدم المهني للأفراد الذين يمارسون الغش في الامتحانات.
  6. تأثير على المجتمع ككل: الغش في الامتحانات يهدد النمو والتنمية المستدامة للمجتمع. فعندما ينتشر الغش بين الشباب والطلاب، يتأثر مستقبل المجتمع بأكمله. يقلل الغش من قدرة النظام التعليمي على تنمية كوادر مؤهلة، وبالتالي يؤثر على قدرته على تلبية احتياجات سوق العمل والتقدم الاقتصادي.

باختصار، يجب على المجتمع والنظام التعليمي أن يواجهوا تحدي الغش في الامتحانات بحزم، ويتطلب ذلك تعزيز التوعية بأضرار الغش وتعزيز قيم النزاهة والشرف الأكاديمي، ويجب أن يتخذ الإجراءات اللازمة لمكافحة الغش، بما في ذلك تبني تقنيات متقدمة للكشف عن الغش وتشديد الرقابة أثناء الامتحانات.

إقرأ أيضاً: 5 نصائح لمنع الطلاب من الغش في الواجبات المنزلية

حكم الغش في الإسلام:

لقد توعد الإسلام من يقوم بالغش بالويل والخسران، ونهى عنه بجميع أشكاله وصوره ومظاهره، حيث قال الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز: {وَيْلٌ لِّلْمُطَفِّفِينَ (1) الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ (2) وَإِذَا كَالُوهُمْ أَو وَّزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ (3)}. [سورة المطففين، الآيات: من 1 إلى 3].

كما حذر الرسول -صلَّى الله عليه وسلَّم- من الغش، فقد مر الرسول -عليه أفضل الصلاة والسلام- على ضبرة طعام فأدخل يده فيها فنالت أصابعه بللاً، فقال: "ما هذا يا صاحب الطعام"، فقال: "أصابته السماء يا رسول الله"، فقال الرسول الكريم: "أفلا جعلته فوق الطعام كي يراه الناس؟ من غشَّ فليس مني".

وقد عرف ابن حجر الهيثمي الغش الذي حرمه الإسلام بقوله: "الغشُّ المُحرَّم أن يعلم ذو السلعة من نحو بائعٍ أو مشترٍ فيها شيئاً لو اطلع عليه مريدُ أَخْذِهَا، ما أخذ بذلك المُقابل".

في الختام:

تعد ظاهرة الغش من أكثر الممارسات الغير أخلاقية التي تنتشر في المجتمع، فبغض النظر عن المجال الذي يتعلق به، سواء كان التعليم أو الأعمال التجارية أو حتى المجالات الاجتماعية، فإن الغش يلحق الضرر الجسيم بأفراد المجتمع ويهدد النمو والتطور الصحيح للمجتمع بأسره، لذلك يجب العمل على مكافحته بشتى السبل والوسائل.




مقالات مرتبطة