العنف النفسي ضد الطلاب...

 يتعرض طلابنا في المدرسة وخارجها إلى عنف نفسي متواتر من جراء ما يعتقده المدّرسون والأهل خوفا على مصلحة الطالب خصوصا في فترة التحضير للامتحانات. (الفترة الذهبية للممارسة الضغط على شبكة أعصاب الطلاب)



 وان كل ما يمارسونه من ضغط عفوي وقسري كي يعود الطالب إلى كتابه إذا ما غادره للحظات هو من دافع محبتهم الخالصة كما يدّعون وأن الكلام عن الدراسة هو دائما في مصلحته وهو ما لا يستطيع الطالب تقّبله دائما بل ويوّتر أعصابه ويبدد طاقة احتماله حتى ليعتقد أحيانا أن هؤلاء (الأهل والأساتذة) أعدائه في معركة الدراسة والتحصيل العلمي.

وعليه النجاح المبهر لهزمهم فقط أو بالأحرى لإسكاتهم دون أي دافع آخر.
أساليب الحفظ والتمرين على حل المسائل ومراجعة الدروس قد لا تتغير حتى ألف عام.
لكن أساليب التحفيز وتقديم الدفع المادي والمعنوي لابد أن تتغير تبعا لحالة الطالب الفيزلوجية والعصرية فليس من المعقول أن يعد أب ابنه بشراء مسبحة فاخرة أو علبة أقلام أجنبية أو أدوات هندسة في حين أن الولد يبيع نصف العالم بكنزة رونالدو مثلا.
حتى أن حكاية المقارنة التي يسوقها الأهل دائما بين وضع ابنهم الدراسي ووضع احد أقربائه ممن تخّرجوا دكتور أو مهندس فيقولون لأبنهم:
(انظر إلى ابن عمّك نزار... هو دكتور بالجامعة وله وزنه هل تعرف أين كان يدرس د. نزار.. كان معظم أوقات دراسته على السقيفة لأن بيتهم كله غرفة واحدة فاحمد ربك أنت وحدك لك غرفتك الخاصة وتأتيك كأس العصير لعندك)
 مثال نزار هذا لم يعد مثمرا أبدا وهو يعّبر عن رث الأفكار الأسرية وسماكة التخلف عليها وبنفس الوقت هو يؤسس لحالة إحباط عند الفتى تؤدي به إلى فقدان الثقة بنفسه
الطالب في فترة انقطاعه عن الدراسة للتحضير للامتحانات يحتاج إلى متابعة ممارسته لهوايته والتخلي عنها بشكل تدريجي وليس نهائي ومفاجئ. لأن ذلك يشعره بغربة فظيعة جدا لا يشعر بها الآباء والأمهات الذين لم تكن لهم في حياتهم هواية واحدة يعبرون بها عن أنفسهم.
وهو بحاجة للهو واللعب حتى في عمره الكبير وبحاجة أكثر أن يتركه أهله وهو في ساعة راحته دون التلويح له بالكتاب وتذكيره بالدراسة فيتصور الأمر رعبا بانتظاره خلف الباب فينغص عليه وقت راحته ليصبح هذا الوقت أصعب من الدراسة وتعطيه العودة على الكتاب شعور بالأمان للخلاص من ضغط الأهل.
معظم طلابنا يفتقدون للحلم الدراسي وإذا توّفر الحلم غالبا لا يتحقق ليس فقط لأن الرغبة يحكمها المجموع، بل لأن هناك من يحكّم عنهم بأن النجاح هو دراسة الفروع التي تحتاج لمجموع عال.. أقله تحصيلها من أجل "عيون العالم" على حدّ تعبيرهم! وبعدها للطالب حرية في اختيار الفرع الذي يريد..
مثلا هنالك من يقول لأبنه: (أنت تحب الحقوق.. جميل.. لك ما تريد.. لكن أريد منك مجموع كلية الطب وأثناء المفاضلة اكتب رغبتك الأولى والوحيدة لو أردت كلية الحقوق).
أليس هذا عنف نفسي مبرمج؟!
أما الأهل الذين يمثلون الذكاء، أي الذين يتذاكون، هم الذين يردون عليك لو سألتهم كيف دراسة ابنهم؟ فيقولون لك دائماً: ليست جيدة! وهو يضّيع وقتا كبيرا؟! أو أنه لا يدرس إلا قبل الامتحانات بساعات! (وذلك كي لا تنتظر منه التفوق وكي تفاجأ بأي مجموع يحققه.. وترى كم هو شاطر)! في الوقت الذي يتلفون ابنهم بين الكتب!!
هؤلاء مستعدون لتشويه سمعة الولد، والكذب بشأنه للحفاظ على سمعتهم الاجتماعية، والإبقاء على مستوى الدراسة الجامعي للعائلة، وذلك بتذكيره دائما أن أخوته جامعيين!! لأن النجاح والسعادة في الحياة، برأيهم، لا يأتي إلا من الدراسة.. والتفوق بها!! 
 

المصدر: بوابة المرأة