العنصرية وآثارها السلبية على المجتمع

تُعتبر العُنصرية واحدةً من أسوأ السُلوكيات، والأمراض التي تُمارس في العديد من المُجتمعات، والتي تقوم على استبداد الناس والتعامل معهم بشكل غير إنساني، كما وتقوم على سلب حقوق الأشخاص الذينّ ينتمون إلى عروق وأديان مُعينة، ويُمكن أن تُمارَس العُنصرية أيضاً ضِدَ الأشخاص من ثقافة مُعينة، أو حسب مكان السكن، أو العادات، أو المُعتقدات، أو اللغة وحتى لون البشرة.



ما هي أسس العنصرية؟

هناك عدة أُسس ترتكز عليها العُنصرية نذكُر منها:

  1. القومية: وتكون تِبعاً للجماعة الي تربطها صلات مُعينة دينية أو عقائدية.
  2. اللغة.
  3. العادات والتقاليد.
  4. المُعتقدات ومن المُمكن أن تكون الآراء السياسية.
  5. الطبقة الاجتماعية: ومن الواضح أنَّ طبقة الأغنياء هي التي تكون مُتسلطة ومُتحكمة بالطبقة الفقيرة الكادحة المُضطهدة. 
  6. الثقافات.
  7. لون البشرة: وأكثر الشعوب التي تُعاني من هذا التمييز هم شعوب جنوب إفريقيا.

ما هي أشكال العنصرية؟

العنصرية

توجد أشكالٌ مُختلفة من العُنصرية نذكُر منها:

1- التمييز الفردي أو العنصرية الفردية:

وهي العُنصرية التي تُمارس ضد الأفراد كحرمانهم من حُقوقهم، ويظهرُ في هذا الشكل من العُنصرية عدم التكافؤ في المُعاملة مع الأفراد.

2- التمييز القانوني أو العُنصرية القانونية:

وهذا الشكل من العُنصرية يُمارس ضدَ فئةٍ مُعينة من المُجتمع وذلك بفرضِ قوانين جائرة ضدهم، ومثالُ ذلك ما يُعاني منه الأفارقة السود في جنوب أمريكا، حيثُ أنَّهم حُرموا من حقوقهم في المُلكية والعمل، بالإضافة إلى حِرمانهم من مُمارسة حقوقهم الدستورية.

3- التمييز المؤسسي:

وهي العُنصرية التي تُمارس ضِدَ بعض العُمال في المُؤسسات وحرمانِهم من المُكافآت.

أنواع التمييز العنصري:

أنواع التمييز العنصري تشمل مجموعة واسعة من الأنماط والممارسات التي تستهدف التفرقة والتفضيل أو التحيز السلبي بين الأفراد بناءً على أصلهم العرقي أو الأصل القومي أو الديني أو الثقافي. يتجلى هذا التمييز في أشكال متعددة، بدءًا من التمييز الواضح والمفتوح إلى أشكال أكثر تعقيدًا واختلافًا:

1- التمييز العُنصري بشكلٍ مُباشر:

وهو نوعٌ من العُنصرية التي تعتمد على مُعاملة الفرد بطريقةٍ غير مُحترمة، وغير لائقة، وذلك عن طريق توجيهِ بعض الكلمات الجارحة له تُقلل من شأنه وتَحتقرهُ أمام الآخرين، وذلك لأسبابٍ مُتعددة أهمها: الإختلافُ العرقيّ أو الدينيّ.

2- التمييز العُنصري الغيرِ مُباشر:

ويعتمد هذا النوع من التمييز العُنصري على مُعاملة الإنسان بطريقةٍ غيرِ لائقة ولكن بشكلٍ غيرِ مُباشر، عن طريق فرضِ القوانين التي تدعمُ فئةً مُعينة من الشعب، وتَظلم الفئة الأخرى.

3- التمييز عن طريق المُضايقة:

وتقومُ هذه الطريقة من العُنصرية على تَجاهُلِ الآخرين، والتعامُلِ معهم بطريقة مُهينةٍ، غير مُهتمين بمشاعرهم أو بالآثار السلبية التي يُسببونها لهم.

4- الظلم:

وأكثر من يتعرض لهذا النوع من الظُلم العُنصري هم العمال، الذينّ لا يَجدون من يَقفُ معهم، أو يُدافع عنهم وعن حُقوقهم، وبشكلٍ خاصٍ عندما يَتعرضون لمشاكل العمل الكثيرة.

أضرار العنصرية (نتائج العنصرية):

هناك الكثير من الآثار السلبية للتمييز العُنصري والتي تنعكس على الفرد والمُجتمع، لنرى ما هي هذه الآثار السلبية التي تَنتُج عن التمييز العُنصري.

مخاطر العنصرية على الفرد:

  1. من مخاطر التمييز العُنصري أنّه يجعل الأشخاص الذين يتعرضون له وحيدين و منبوذين، ويميلون للعيشِ بمفردهم مَعزولين عن المُجتمع.
  2. من سلبيات التمييز العنصري أنّه يجعل من يُمارسه مَحدود الفكر، أنانياً لأنَّه لا يستطيع الإحساس بمشاعر الآخرين.
  3. من أخطار التمييز العَنصري أنّه يَنتُج عنه الحقدُ والكراهية بين من يُمارسه، وبين الشخص الذي يُطبق عليه هذا النوع من الإضطهاد العُنصري.
  4. إن الأشخاص الذين يتعرضون للعُنصرية يُعانون من رفضهم في مُجتمعاتهم.

سلبيات العنصرية ونتائج التمييز العنصري على المجتمع:

  1. من أهم الآثار السلبية للتمييز العُنصري في المُجتمع هو إحتمالية حدوث النزاعات والحروب بين أفراده، بسبب تعصُب كُل جماعة أو طائفة لأفكارها ومُعتقداتها.
  2. التمييز العُنصري يعمل على تفكيك الروابط الاجتماعية بين أفراده.
  3. التمييز العُنصري يجعل مشاعر الحقد والكراهية هي المُسيطر الأساسي بين أفراد المُجتمع.
  4. التمييز العُنصري يؤدي إلى خلقِ النزاعات بين أفراد المُجتمع.
  5. التمييز العُنصري يولد حالةً من عدم الإستقرارِ، و الاضطهاد والخوف بين أفراد المُجتمع.

هل يوجد إيجابيات لـ العنصرية؟

في الحقيقة لا توجد أي إيجابيات تذكر للعنصرية إلا في حالات الحديث عنها بصورة إيجابية من خلال توضيح المفاهيم والدلالات العنصرية سواء كانت أقوال أم أفعال، من أجل نبذها وعدم التعامل بها مع الآخرين، إضافة إلى فائدة تحديد الأشخاص العنصريين، واتخاذ الإجراءات المناسبة معهم من خلال تحجيم دورهم في المجتمع، وتقليل تأثيرهم العنصري.

أقوال وعبارات عن العنصرية:

  1. دعونا نواجه حقيقة أنَّ بعض الناس يقولون أنَّهُ من الأفضل أن نُحارِبَ النار بالنارِ، لكننَّا نقولُ أنَّ النار تنطفئ بالماء، نقولُ أننَّا لا نُحارب العُنصرية بالعُنصرية، سنُحارِبُ العُنصرية بالمَحبة، نقولُ أننَّا لا نُحارب الفقر الطبقي بالرأسمالية بل بالإشتراكية. (فرد هامبتون)
  2. ماهو أكثرُ شيءٍ أكرهُهُ؟ الغَباءُ بالذات بأبشعِ صورتيه: العُنصرية والخُرافات. (كريستوفر هيتشنز).
  3. ليست العُنصرية مُجرد كراهيةٍ، هي في كثيرٍ من الأحيان تَعاطُف واسعُ النِطاق مع فئةٍ، والشكُّ على نطاقٍ أوسع بفئةٍ أخرى. (تا نيهيسي کوتس).
  4. إنَّ أسوأ شيء في الجِنس البشري، هو أننَّا مهووسون بفكرة "نحنُ وهم" وهي في الواقع حالة من العدائية غيرِ المُبررة اتجاه الآخر سواء كانت عدائية عُنصرية أو ثقافية أو دينية أو سياسية. (ديف ماتيوس).
  5. تنبع العُنصرية من الكِذبة القائلة: بأنَّ بعضَ البشر أقلُ من أن يكونوا إنسان، كذبةٌ مريضةٌ تُركِزُ على نفسها وتُفسد العُقول، وتُسمم الأخلاق، لتُبرر بأنَّهم (العنصريين) على صواب في مُعاملتهم السيئة للآخرين، بينما هم في الحقيقة مُصابين بإعتلال عقلي. (سوزان سونتاج).
  6. أخذتُ أفكر فيما تَفعلُه العُنصرية فينا، وكيف تشوهُ الأوطان في أعيُنِنَا بلا ذَنبٍ ترتكِبهُ الأوطان. (أثير عبد الله النشمي).
  7. يتضايق العُنصري لأنَّه في سرهِ يُخامِرهُ الشك بمساواةِ الأعراق، ويَنزعِجُ المُعادي للعُنصرية لأنَّه يرتابُ خفيةً من ألا تكون الأعراقُ مُتساويةً. (نيكولاس غوميز دافيلا).
  8. أنا أعتبر العُنصرية مُشكلةً طبيةً يحتاجُ العُنصريون إلى مُساعدة طبية ونفسية جادة، لأنَّهم كالفيروس بالجسد يُعذبون أنفسهم ويُعذبون الجميع معهم. (إسماعيل ريد).
  9. إذا أراد رجلٌ أبيضٌ قتلي، فهذا لأنَّ بداخلهِ كراهيةٌ، أما إذا كان لديّه القُدرة على قتلي، فهذا إذن مُشكلة ويجب عليَّ حينها الدفاع عن نفسي، العُنصرية ليست مسألة موقفٍ ولكنها مسألة احتكار القوة. (ستوكلي كار مايكل).
  10. أنا أمقُت العُنصرية لأنَّني أعتبرها شيئا هَمجياً، سواء جاءت من رجلٍ أسود، أو رجلٍ أبيض. (نيلسون مانديلا).
  11. لا يُمكنك أن تَتجادل مع عُنصري، بل تصمُت وتَستمعُ إلى كُلِ الهُراء الذي يقوله. (دوريس ليسنغ).
  12. العُنصرية والظلم والعُنف يجتاحان عالمنا، مما يَجلبُ حصاداً مأساوياً من وجع القلب والموت. (بيلي غراهام).
  13. قانون الأكثرية ليسَ دائماً مرادفاً للديمُقراطية، والحُرية، والمُساواة، بل هو أحياناً مُرادف للطُغيان والاستبداد، والتمييز العُنصري، وعندما تُعاني إحدى الأقليات من القَمع، لا يُحررها الإقتراع العام بالضرورة، بل قد يُضيق عليها الخِناق. (أمين معلوف).
  14. لا يوجد إنسان ولدَ يكرهُ إنساناً آخر بِسببِ لون بشرته، أو أصله، أو دينه، الناس تَعلمت الكراهية، وإذا كان بالإمكان تعليمهم الكراهية، إذاً بإمكاننَّا تعليمهم الحُب، خاصةً أنَّ الحُب أقرب لقلب الإنسان من الكراهية. (نيلسون مانديلا).
  15. لن تَجد أغبى من العُنصرية أبداً، أفراداً يَعتبرون أنفسهم مُميزين عن غيرهم، بناءً على أشياءَ سخيفة لم يختاروها، ولم يصنعوها، ثم يَعتبرونها إنجازاً.  
  16. حين قالَ النبي صل الله عليه وسلم: (لا تتركوا في صلاتكم خلجاً يدخُلُ الشيطانُ منها). لم يكن يتحدثُ عن ذلكَ الشيطان الذيّ تراهُ في مَتاحفِ الفن، بقرونٍ وذيلٍ أحمر مُدبب، لا، بل كانَ يتحدثُ عن شيطان النَفسِ، شيطان العِرقِ والعَصبيةِ، فإنَّ كُنت أبيضاً تَترك مَسافة بينك وبين الأسود لنفورك منه، أو أنت غنيٌّ فتشعُرُ بالإزدراء من المُصلي المُجاورِ لأَّنُه فقير، أو تقولُ لنفسك أنا عربي وهو عَجمي، بالطيع لا يجب أن يَحدثُ هذا بينَ المُسلمين، لذا أُمرنا أن تَتَلامس الأقدام حينَ نُصلي كي نَقضي على شيطان العُنصرية، ولا نترُكَ لهُ الفُرصة كي يَدخُل بيننا. (أحمد ديدات رحمه الله).
  17. لن تذهب العُنصرية طالما مازالت الدول المُتقدمة تصنعُ سيارات بيضاء وتَضعُ لها عجلات سوداء، ولن تزولُ العُنصرية مازالت الدول المُتقدمة تَضعُ أسماء المُجرمين في قائمةٍ وتُسميها القائمة السوداء، لن تزولَ العُنصرية طالما مازال اللونُ الأبيض يدلُ على السلام أمّا الأسود يدلُ على الحرب، ولكن بالرغم من هذا فأنا فَخورٌ لكوني أسود. (رئيس زيمبابوي).
  18. الإنسانُ لا يولدُ عُنصرياً، العُنصرية، والتفرقة العُنصرية، والكراهية، والتَفرقة، هي مَشاعر من يزرعها الكِبار في أطفالهم، فتنمو وتَكبُر معهم فانتبه لما تَزرع في طفلك.
  19. ليسَ حُراً من يُهانُ أمامهُ إنسانٌ، ولا يَشعُر بالإهانة. (نيلسون مانديلا).

واخيراً نَحمَدُ الله عزَّ وجلَّ الذيّ أكرمَنا بالدين الإسلامي الحنيف، هذا الدين الذيّ لا يُميزُ بين أحدٍ من البَشر، وإنمَّا حارب العُنصرية بكافةِ أشكالها، كما أنَّه جَعلَ الميزان بينَ جميعِ الناس، هو ميزان التَقوى والعَمل الصالح، وفي خُطبةِ رسولُ الله صل الله عليه وسلم في وسطِ أيامِ التَشريق قالَ: (يا أيُّها الناس ألا إنَّ ربكُم واحد وإنَّ أباكُم واحد، ألا لا فَضلَ لعربيّ على أعجميّ، ولا لعَجميّ على عربيّ، ولا لأحمرٍ على أسود، ولا أسودٍ على أحمر، إلا بالتقوى، أبَلغت؟ قالوا: بَلَّغَ رسولُ الله صل الله عليه وسلم). وسَنذكُرُ لكم حادثةً على تطبيقِ الرسولِ صل الله عليه وسلم لمَبدأ المُساواة، وعدمَ التمييز بين الناس، فعندما قامت المرأةُ المَخزومية بالسرقة، وثَبُتَ إرتكابها لهذا الجُرمِ، ويَجِبُ أن يُقام عليها الحَد، لجأت قُريش إلى أسامة بن زيد، ليَشفَعَ لها عندَ رسولِ الله صلَّ الله عليه وسلم، وذلكَ لما كان لأُسرتها من مَكانةٍ عاليةٍ ورِفعَةٍ ، وعندما طَلَبَ أسامة ذلكَ من رسولِ الله، قالَ رسولُ الله صل الله عليه وسلم: (أتشفعُ في حدٍ من حدودِ الله يا أسامة؟ إنمّا أهلُكَ الذينَّ من قَبلكُم أنَّهم كانوا إذا سَرَقَ فيهم الشريفَ تركوه، وإذا سَرَقَ فيهم الضَعيفُ أقاموا عليه الحَد، وأيمَّ الله، لو أنَّ فاطمة بنت محمد سرقت لقطعتُ يدها ).

وقال الله عز وجل في كتابه الكريم: (يا أيُّها الناسُ إنَّا خلقناكُم من ذكرٍ وأنثى وجَعلناكُم شُعوباً وقَبائل لتعارفوا إن أكرمكُم عند الله أتقاكُم إنَّ الله عليمٌ خبير).