العمل التطوعي: أهميته وفوائده على الفرد والمجتمع

التطوّع هو العمل أو الجهد الذي يُقدّم دون مقابل أو عوض مادي بدافع تحمل مسؤولية معينة وتقديم خدمة إنسانية للمجتمع أو البيئة، والمتطوع هو الشخص الذي يسخّر نفسه عن طواعية ودون إكراه لمساعدة ومؤازرة الآخرين بقصد القيام بعمل يتطلب الجهد الجماعي في موضوع معيّن.

ويسعى العمل التطوعي لخلق روح إنسانية تعاونية بين أفراد المجتمع الواحد والمجتمعات المختلفة، فالتطوع هو ممارسة تتطلب ثقافةً ووعياً بما يقدم لنا وللآخرين، لأن التطوع هو منا ولأجلنا، وهو نابع عن خلق العطاء العظيم ويعتبر عملاً سامياً وجميلاً.

وصدق الرسول صلى الله عليه وسلم حيث قال:" أحبّ الناس إلى الله أنفعهم للناس"



مفهوم العمل التَّطوُّعي:

العمل التَّطوُّعي هو نشاط يُنفَّذ بمبادرة شخصيَّة ومن دون مقابل مادي، بهدف المساهمة في خدمة المجتمع وتحقيق الفائدة العامة، ويعكس المفهوم القيم الإنسانية وروح التضامن والمساعدة المتبادلة بين الأفراد، وقد يكون موضوع العمل التَّطوُّعي متنوعاً ويشمل مجموعة واسعة من المجالات، مثل الرعاية الصحية، والتعليم، والبيئة، ورعاية الحيوانات، ومساعدة الفقراء والمحتاجين.

يعدُّ العمل التَّطوُّعي فرصة للأفراد للمشاركة في تحسين جودة الحياة في المجتمعات التي يعيشون فيها، وربما يكون للعمل التَّطوُّعي تأثيرات إيجابية عديدة في المتطوِّعين أنفسهم، فيمكن أن يكتسبوا مهارات جديدة ويطوروا قدراتهم الشخصية والاجتماعية، كما يعزز العمل التَّطوُّعي الشعور بالانتماء والمسؤولية الاجتماعية، ويساهم في بناء شبكات علاقات اجتماعية قوية.

إضافة إلى الفوائد الشخصية، يمكن للعمل التَّطوُّعي أن يحقق تأثيراً إيجابياً في المجتمعات، فعندما يتطوع الأفراد لتقديم خدماتهم وخبراتهم، يُعزَّز التضامن والتعاون بين أفراد المجتمع، وتُحلُّ بعض التحديات والمشكلات التي يواجهها المجتمع، مثل الفقر والجوع والتعليم الضعيف وغيرها.

يعدُّ موضع العمل التَّطوُّعي هاماً في بناء مجتمعات أكثر تلاحماً وتقدماً، فهو يشجع الأفراد على المشاركة الفعالة في خدمة مجتمعاتهم.

أهمية العمل التطوعي:

أهمية العمل التطوعي

يعتبر العمل التطوعي أحد النشاطات الإنسانية القيمة التي تلعب دورًا حيويًا في تحسين الحياة الاجتماعية والبيئية. يشير العمل التطوعي إلى المشاركة الغير مدفوعة والمبادرة الشخصية في تقديم المساعدة والدعم للآخرين والمجتمع بشكل عام. وفيما يلي سنستعرض أهمية العمل التطوعي:

  1. يعزز العمل التطوعي الروح الإنسانية والعطاء، حيث يسمح للأفراد بالتواصل مع الآخرين وتقديم المساعدة لمن هم في حاجة. يعزز الشعور بالانتماء والمسؤولية الاجتماعية، مما يعمق التفاعل بين الأفراد ويعزز التعاون والتضامن في المجتمع.
  2. ثانياً، يوفر العمل التطوعي فرصًا لاكتساب المهارات وتنمية القدرات. يمكن للمتطوعين تطوير مهاراتهم في القيادة، وحل المشكلات، والتواصل الفعّال، والتعاون الفريقي. كما يمكنهم اكتساب خبرات جديدة في مجالات مختلفة، مما يعزز فرص العمل والنجاح المهني.
  3. يسهم العمل التطوعي في بناء المجتمع وتحسين جودة الحياة. من خلال الجهود التطوعية، يمكن توفير الدعم للفئات الضعيفة والمحتاجة، وتعزيز التعليم والصحة والبيئة. يعمل المتطوعون على تقديم الرعاية للمسنين والأيتام، وتنظيم فعاليات اجتماعية وثقافية، والمساهمة في إعادة إعمار المناطق المتضررة.

فوائد العمل التطوعي:

العمل التَّطوُّعي هو نشاط يقوم به الأفراد بمبادرة شخصية ودون توقعات مادية، بهدف المساهمة في خدمة المجتمع وتحسينه. وفوائد التطوع كثيرة؛ فهو يعزز الرضى النفسي والسعادة، ويساهم في تطوير المهارات واكتساب خبرات جديدة. كما يعمل على بناء الشبكات الاجتماعية وتعزيز الاندماج المجتمعي. ويحقق تأثيراً إيجابياً في المجتمع عن طريق تحسين الظروف المعيشية وتعزيز التنمية المستدامة. يمنح الأفراد فرصة للمساهمة والتغيير وتأثيرهم في قضايا هامة. ويساهم في بناء الثقة والمصداقية في المجتمع. بالتالي، فإن العمل التطوعي يعد تجربة قيمة للفرد والمجتمع على حد سواء.

شاهد: 6 فوائد عظيمة للتطوع

أنواع العمل التطوعي:

يمكن التمييز بين شكلين أساسيين من أشكال العمل التطوعي:

1- العمل التطوّعي الفردي:

وهو عمل أو سلوك اجتماعي يمارسه الفرد من تلقاء نفسه وبرغبة منه وإرادة ولا يريد منه أي مردود مادي، ويقوم على اعتبارات أخلاقية أو اجتماعية أو إنسانية أو دينية، كأن يقوم فرد بتعليم مجموعة من الأفراد القراءة والكتابة ممن يعرفهم، أو الطبيب الذي يمنح من وقته ليُعالج الفقراء مجاناً.

2- العمل التطوّعي المؤسسي:

وهو أكثر تقدماً من العمل التطوعي الفردي وأكثر تنظيماً وأوسع تأثيراً في المجتمع، ويتطوّع فيه الأفراد ضمن بوتقة مؤسسية تطوعية أو خيرية، لأجل خدمة المجتمع الذي يعيشون فيه في المجال الذي يبرعون فيه ويفضلونه.

مجالات العمل التطوعي:

إن مجالات العمل التطوعي عديدة وأهمها:

1- التطوّع في الدول الفقيرة والنامية:

من خلال مساعدة المنكوبين في الدول الأخرى من آثار الزلازل والأعاصير والفيضانات و تقديم يد العون لهم من خلال مواد الإغاثة، والمواد العلاجية من تمريض وإسعافات أولية وأدوية ومواد طبية، وكذلك تقديم الخيام السكنية والمواد الغذائية و غيرها، أو السفر إلى تلك الدول والتطوع فيها مثل تعليم اللغة، أو العمل الخيري في دار المسنين.

2- التطوّع في الأماكن العامة:

وذلك عن طريق تقديم المساعدة اليدوية في تنظيفها وتجميلها، بتنظيم الحدائق وتنسيقها وتنظيفها لجعلها جميلة المنظر، وتنظيف الشوارع وتحسينها، بدهن الأرصفة وكنس الشوارع وإزالة القمامة الملقاة فيها.

3- التطوع في مجال الطوارئ:

وذلك عن طريق نشر طرق التعامل مع الحالات الطارئة والإسعافات الأولية، ومساعدة المتضررين من كوارث البيئة الطبيعية كالزلازل والبراكين.

4- التطوع لمساعدة الفقراء والمساكين:

التطوع لخدمة الأخرين من فقراء أو أي شخص يحتاج المساعدة، وتقديم يد العون في تحسين حياتهم، كأن تشارك في حملة جمع تبرعات لهم وتوزيع الأطعمة والألبسة لهم أو معاونتهم على تصليح مكان سكنهم.

5- التطوع في مجال البيئة:

تتضمّن هذه الأعمال الانخراط بالأعمال التي تتعلّق بحماية البيئة وصيانة موارد الطبيعة، وذلك من خلال العمل تطوعياً كمجموعات في المناطق الطبيعية والأرياف، والمساهمة في رفع مستوى الوعي البيئي لدى مختلف فئات المجتمع.

6- التطوع في أماكن العبادة:

وذلك إما عن طريق تقديم المساعدات المادية لبنائها وترميمها، أو تقديم المساعدات التي تعتمد على المجهود الشخصي كالتطوع لتنظيفها وتعطيرها وغيرها من الاعمال التي تسهم في الحفاظ عليها.

إقرأ أيضاً: 9 نصائح لتكون مصدر سعادة للآخرين 

ما هي سلبيات العمل التطوعي؟

يجلب العمل التَّطوُّعي عديداً من الفوائد والقيم الإيجابية، لكنَّه لا يخلو من بعض السلبيات والتحديات، وفيما يأتي نتناول بعض السلبيات المحتملة للعمل التَّطوُّعي:

1. الاستغلال والإفراط في العمل:

قد يواجه المتطوِّعون بعض التحديات فيما يتعلق بتوزيع الوقت وتحديد حدود العمل، وفي بعض الأحيان، يمكن أن يُطلب منهم أداء مهام إضافية أو العمل لفترات طويلة دون تعويض مالي، وهذا قد يؤدي إلى الشعور بالاستغلال أو الإرهاق.

2. نقص المهارات والتدريب:

قد يواجه المتطوِّعون صعوبة في تقديم الخدمات المطلوبة بكفاءة بسبب نقص المهارات أو التدريب المناسب، وقد يكون من الصعب تنفيذ مهام معينة باحتراف من دون التدريب اللازم، وهذا يؤثر في الجودة العامة للعمل التَّطوُّعي.

3. الالتزام والتحمل العاطفي:

يحتاج العمل التَّطوُّعي إلى الالتزام والتحمُّل العاطفي، فيتعامَل المتطوِّعون مع أناس يمكن أن يكونوا في وضع صعب أو يعانون مشكلات شخصية، وقد يصعب على المتطوِّعين إدارة تأثيرات هذه الخبرات في صحتهم العقلية والعاطفية.

4. عدم الاستمرار والتوازن:

قد يواجه المتطوِّعون تحديات في الحفاظ على التوازن بين العمل التَّطوُّعي ومتطلبات حياتهم الشخصية والمهنية الأخرى، وقد يؤدي الانخراط المستمر في العمل التَّطوُّعي دون وجود وقت كافٍ للراحة والاسترخاء إلى الإرهاق والتعب.

5. قيود المسؤولية:

في بعض الحالات، قد يتعرض المتطوِّعون للمسؤولية القانونية عند وقوع أي أضرار أو إصابات في أثناء أداء مهامهم، وقد يكون من الصعب على المتطوِّعين التعامل مع هذه المسؤولية المحتملة والتعامل مع تبعاتها القانونية والقضائية.

6. قيود التطور المهني:

في بعض الحالات، قد يجد المتطوِّعون صعوبة في تطوير مهاراتهم وبناء مسار مهني مستقبلي من خلال العمل التَّطوُّعي، وقد يحد من قدرتهم على الحصول على فرص عمل مدفوعة الأجر أو التطور في مجالاتهم المهنية.

8. التبعية المالية:

قد تواجه بعض المنظمات صعوبة في توفير التمويل الكافي لدعم العمل التَّطوُّعي المستدام، وقد يؤدي ذلك إلى قيود في نطاق النشاطات التَّطوُّعية وقدرتها على تحقيق الأهداف المطلوبة.

8. نقص التقدير:

قد يواجه المتطوِّعون تحدياً في تلقي التقدير والاعتراف الكافي بجهودهم، وقد يشعرون أنَّ عملهم قد يُتجاهَل أو يُتجاوَز من قبل الآخرين، وهذا يؤثر في رغبتهم في الاستمرار والمشاركة في العمل التَّطوُّعي.

من الهام أن نفهم أنَّ السلبيات المذكورة ليست عالمية، وتعتمد على الظروف والسياق الذي يتم فيه العمل التَّطوُّعي، ومع ذلك، يمكن التغلب على معظم هذه السلبيات من خلال الإدارة الفعالة للعمل التَّطوُّعي وتقديم الدعم المناسب والاهتمام بالمتطوِّعين.

العمل التطوعي في الإسلام:

العمل التطوعي في الإسلام مهم وجزء من القيم الإسلامية. يشجع الإسلام المسلمين على المشاركة في العمل التطوعي لخدمة الله والمجتمع. يُعَدُّ العمل التطوعي فرصة للتعبير عن رحمة الله وإحسانه إلى الآخرين. تشمل الأعمال التطوعية في الإسلام مساعدة الفقراء والمحتاجين، زيارة المرضى، تعليم العلوم والقيم الإسلامية للأطفال، وتنظيم الأعمال الخيرية والتبرع بالمال والموارد للمشاريع الخيرية. يؤمن المسلمون أن العمل التطوعي يعزز الروابط الاجتماعية ويسهم في تعزيز التعاون والتضامن في المجتمع.

كيفية تعزيز ثقافة التطوع في المجتمع:

  1. العمل على نشر ثقافة التطوّع في المدارس والجامعات، وتكريس حب التطوع في أطفالنا منذ الصغر.
  2. استخدام منصات الإعلام لتكثيف الحملات الاعلانية حول أهمية العمل التطوعي، وذلك بالتعاون بين المؤسسات الاعلامية ومؤسسات العمل التطوعية.
  3. توفير كل الموارد اللازمة لإنجاز العمل التطوعي دون اي معوقات تحول دون ذلك.
  4. تشجيع الشباب وذلك بإيجاد مشاريع خاصة بهم تهدف إلى تنمية روح الانتماء والمبادرة لديهم، والابتعاد عن الطرق التقليدية في جذب المتطوعين وذلك من خلال استخدام أساليب جديدة ومتطورة في العمل التطوعي.
  5. تدعيم جهود الباحثين لإجراء المزيد من الدراسات والبحوث العلمية حول العمل الاجتماعي التطوعي.
  6. تدريب المتطوعين بإقامة الدورات التدريبية في الأعمال التطوعية لهم في المؤسسات، لاكتساب الخبرات والمهارات والقيام بالأعمال بطريقة أكثر كفاءة، وتوفير البيئة الجيدة لهم للعمل بفاعلية أكبر.
  7. استخدام العمل التطوعي في المعالجة النفسية والصحية والسلوكية لبعض المتعاطين للمخدرات والمدمنين أو العاطلين أو المنحرفين اجتماعياً.

وأخيراً عندما يتعلق الأمر بالعمل التطوعي، يتطلب أن تكون عطوفاً وإيجابياً من جهة، ومن جهة أخرى يمكنك أن تتعلّم مهارات جديدة قد تكون مفيدة لك وللكثيرين، وعند قيامك بأي عمل تطوعي لن تعرف معنى الملل، فكل ما في عالم التطوع تجربه مثيرة وجديدة من شتى النواحي ترتقي بك إلى آفاق واسعة.

وتذكر أن القيمة الكبرى التي تضيفها لنفسك بالعمل التطوعي هي الرحمة والإنسانية والعقل المنفتح.

ما هو جوهر الحياة؟ خدمة الآخرين والقيام بعمل الخير "أرسطو"

المصادر: 1 2




مقالات مرتبطة