العمرة: أركانها، واجباتها، شروطها، وأحكامها

عن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ الرسول صلى الله عليه وسلم قال: "العُمرةُ إلى العُمرةِ كفَّارةُ ما بَيْنَهما والحجُّ المبرورُ ليس له جزاءٌ إلَّا الجنَّةُ"، وفي هذا المقال أعزاءنا القراء سنقدم إليكم أركان العمرة، واجبات العمرة، وشروطها، وأحكامها، فتابعوا معنا في السطور القليلة القادمة.



ما هي أركان العمرة؟

أركان العمرة

1. ركن الإحرام:

من اركان العمره الإحرام يُقصد به نية أداء العمرة، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنَّما الأعمالُ بالنِّيَّاتِ، وإنَّما لِكلِّ امرئٍ ما نوى؛ فمن كانت هجرتُهُ إلى اللَّهِ ورسولِهِ فَهجرتُهُ إلى اللَّهِ ورسولِهِ، ومن كانت هجرتُهُ إلى دنيا يصيبُها أو امرأةٍ ينْكحُها، فَهجرتُهُ إلى ما هاجرَ إليْهِ".

يكون الإحرام من الميقات المكاني بين مكة والمدينة التي يقدم منها المعتمر، كما أنَّ التلبية حين الإحرام تعد شرطاً في المذهب الحنفي بينما يُسن للمعتمر التلبية عند الإحرام عند الجمهور من العلماء؛ حيثُ يقول: (لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إنَّ الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك).

شروط الإحرام:

لكي يصُحَ الإحرام يُشترط أن يكون الفرد مسلماً، وتكون النية بالقلب ويتلفظ بها باللسان فيقول المُعتمر: (لبيك عمرة أو اللهم لبيك عمرة)، وفي حال كان المحرم خائفاً ألا يؤدي نسكه بسبب مرضٍ أصابه أو عدوٍ خائفٍ منه ونحوه شُرِّعَ له أن يشترط عند إحرامه فيقول: (فإن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني).

2. ركن الطواف:

وهو الطواف بالكعبة سبعة أشواط كل شوط يبدأ بالحجر الأسود وينتهي به، فإذا وصل المعتمر إلى المسجد الحرام دخل برجله اليمين قائلاً: (بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله أعوذ بالله العظيم وبوجهه الكريم وسلطانه القديم من الشيطان الرجيم. اللهم افتح لي أبواب رحمتك).

وعند وصوله إلى بيت الله الحرام يقصد الحجر الأسود ويستقبله ويمسكه بيمينه ويقبِّله إذا أمكن ذلك شريطة ألا يزاحم باقي المعتمرين ويؤذيهم، ويقول عند استلامه: (بسم الله والله أكبر).

ويقول عبد العزيز بن عبد الله بن الباز: إن شقَّ عليه التقبيل استلمه بيده أو بعضا أو نحوها وقبَّل ما استلمه به فإن شق عليه استلامه أشار إليه قائلاً: (الله أكبر)، ولا يُقبِّل ما يشير به.

وعند طواف المعتمر يجعل بيت الله الحرام على يساره ويطوف به سبعة أشواط، وفي حال حاذى الركن اليماني من البيت استلم الحجر الأسود بيمينه إن تيسر له ذلك ويقول: (بسم الله والله أكبر)، ولا يقبِّله، ولكن في حال لم يتمكن من استلامه وشق عليه ذلك فإنَّه يتركه ويكمل طوافه دون أن يشير إليه ويكبر؛ لأنَّ ذلك لم يُنقَل عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

ومن الأمور المستحبة في الطواف بالأشواط الثلاثة الأولى من طواف القدوم - للرجل خاصةً - الرَّمَل أي الإسراع في المشي مع تقارب الخطى، ومن الأمور المستحبة للرجل أيضاً في جميع أشواط طواف القدوم الاضطباع؛ أي أن يجعل وسط ردائه تحت منكبه الأيمن وطرفيه على عاتقه الأيسر، ويستحب في جميع أشواط الطواف الإكثار من الذكر والدعاء بما تيسر، ولا يوجد دعاء محدد يمكن أن يدعي المعتمر به، ولكنَّ الرسول صلى الله عليه وسلم كان يقول بين الركنين في كل شوط: (ربنا آتنا في الدنيا حسنةً وفي الآخرة حسنةً وقِنا عذاب النار).

ويختتم المعتمر طوافه باستلام الحجر الأسود وتقبيله إن استطاع ذلك، فإن لم يتمكن يمكنه الإشارة إليه مع التكبير.

بعد الانتهاء من الطواف يرتدي المعتمر ردائه فيجعله على كتفيه وطرفيه على صدره، ويصلي ركعتين يقرأ فيهما بعد سورة الفاتحة في الركعة الأولى سورة الكافرون، وفي الركعة الثانية سورة الإخلاص، ويمكنه أن يُصلي في أي مكان في المسجد الحرام، وبعد أن ينتهي من الصلاة يقصد الحجر الأسود ويقبله إن أمكن ذلك.

3. ركن السعي بين الصفا والمروة:

وهي السعي بين الصفا والمروة سبعة أشواطٍ كاملة تبدأ عند الصفا وتنتهي عند المروة، ويقول عبد العزيز بن عبد الله بن الباز: "يخرج إلى الصفا فيرقاه أو يقف عنده، والرقي أفضل إن تيسر، ويقرأ قوله تعالى: (إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَائِرِ اللَّهِ) [سورة البقرة، الآية: 158]، ويُستحَب أن يستقبل القبلة ويحمد الله ويكبره، ويقول: (لا إله إلا الله والله أكبر، لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيءٍ قدير، لا إله إلا الله وحده أنجز وعده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده).

 ثم يدعو بما تيسَّر رافعاً يديه ويكرر هذا الذكر والدعاء ثلاث مرات، ثم يمشي فيرقى المروة أو يقف عندها؛ والرقي أفضل إن تيسر، ويقول ويفعل على المروة كما قال وفعل عند الصفا". 

4. ركن الحلق أو التقصير:

أحد واجبات العمره أن يحلق المعتمر شعر رأسه أو يقصره، وفي حال كان وقت العمرة قريباً من وقت الحج وبنية المعتمر أداء فريضة الحج فالتقصير يعد أفضل ليحلق بقية رأسه في الحج، أما بالنسبة للمرأة فإنَّها تجمع شعرها وتحلق منه قدر أنملة أو أقل.

إقرأ أيضاً: فضل العمرة في شهر رمضان وأحكامها

ما هي شروط العمرة؟

إنَّ شروط العمرة هي:

  1. الإسلام: أن يكون المعتمر مسلماً يدين بدين الإسلام.
  2. البلوغ: أن يكون المعتمر بلغ سن الرشد أو سن البلوغ.
  3. الاستطاعة المالية والجسدية.
  4. الحرية.
  5. إذا كان المعتمر امرأة فلابد من وجود أحد المحارم معها سواء الزوج أم الابن أم الأخ أو الأب أم أي شخص من الذين لا تحل لهم أبداً.

ما هي واجبات العمرة؟

إنَّ واجبات العمرة هي:

1. الإحرام من الميقات:

من واجبات العمرة الإحرام من الميقات وهو المكان الذي حدده الرسول صلى الله عليه وسلم للإحرام منه ولكل بلد ميقات للإحرام لابد أن يحرم منه المعتمر، ففي الحديث الشريف الذي رواه ابن عباس رضي الله عنهما قال: "إنَّ النبي صلى الله عليه وسلم وقت لأهل المدينة ذا الحليفة، ولأهل الشام الجحفة، ولأهل نجد قرن المنازل، ولأهل اليمن يلملم، هن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن ممن أراد الحج والعمرة، ومن كان دون ذلك فمن حيث أنشأ، حتى أهل مكة من مكة".

2. الحلق أو التقصير:

لقوله سبحانه وتعالى: (لَّقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ ۖ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِن شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لَا تَخَافُونَ ۖ فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِن دُونِ ذَٰلِكَ فَتْحًا قَرِيبًا). [سورة: الفتح، الآية: 27].

3. التجرد من المخيط بالنسبة للرجال فقط دون النساء.

إقرأ أيضاً: كيفية أداء مناسك العمرة للمرأة

ما هي أحكام العمرة؟

بالنسبة لأحكام العمرة فقد ذهب العلماء إلى قولين:

1. القول الأول:

إنَّ مذهب أبي حنيفة ومالك بن أنس يرى أنَّها سنة، وذلك استناداً إلى ما رواه جابر بن عبد الله رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم سُئلَ عن العمرة: "أواجبة هي؟ قال: لا؛ وأن تعتمر خيرٌ لك".

2. الرأي الثاني:

إنَّ مذهب الشافعي وأحمد بن حنبل يرى أنَّها واجبة، وذلك استناداً على ما رواه أهل السنن عن أبي رزين العقيلي أنَّه أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "إنَّ أبي شيخٌ كبير لا يستطيع الحج أو العمرة، فقال النبي عليه أفضل الصلاة والسلام: "حج عن أبيك واعتمر"، وما ذُكِر في القرآن الكريم: (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ).

وبذلك أعزاءنا القراء نكون قد قدمنا إليكم ما أركان العمرة، وما هي واجبات العمرة التي يجب الالتزام بها، وشروطها، وأحكامها.




مقالات مرتبطة