الطفل وعلاقته بالتنشيط !

كثيرة هي المثيرات التي تلعب دورا أساسيا في تشكيل ذاكرة الطفل من حيث التحفيز عبر عمليات عقلية تتوخى إنتاج نوع من الذكاء، الذي يتطلبه الموقف التعليمي/التعلمي لإبراز مدى القدرات المتضمنة في مكامن خلايا عقل الطفل الصغير،



وإنعاش فضولها بواسطة عمليات ديداكتيكية مبنية على منطق علمي مدروس، يتوخى منه بلوغ الأهداف المرسومة لتكملة بناء شخصية طفل / رجل المستقبل التواق إلى حياة أفضل، عبر مجموعة من الممارسات الذهنية والفكرية والرياضية والاجتماعية والقيمية ..التي تصب في معين واحد ألا وهو الشخصية المتكاملة، القادرة على تحمل المسؤولية بكل اقتدار وبكل أمانة وبكل موضوعية..

إن الطفل المغربي يعيش الحداثة بمفهوم عكسي عبر ما تقدمه له القنوات التلفزية،( القنانتين الأولى والثانية) من برامج خاصة تدخل في إطار ( برامج الصغار) ، والتي تمتح مواضيعها من برامج مستوردة لا تمت بصلة للمجتمع المغربي، مما يجعل الطفل يعيش مفارقة كبيرة بين ما يتلقاه في الوسط الأسري و المؤسسات التعليمية، وما يقدم له كبرامج تلفزية تنشيطية، بالمقارنة مع ما يشاهده عبر قنوات تلفزية أجنبية سواء كانت عربية أو غربية، مما يخلق عنده حالة انبهار لما يقدم له عبر الفضائيات سواء من حيث المواضيع أو من حيث الصور والألوان الجذابة التي تثيره، كما تثير فيه نوعا من الإدمان على متابعتها، بحيث تدق الوتر الحساس لديه، لما تتضمنه من إشباع لغوي وفكري وصوري وموسيقي/غنائي..ومن هنا يمكن طرح السؤال الإشكال. أين هم كتاب الأدب الخاص بالفئة العمرية الأولى ؟ وأين هم رواد التنشيط من الفنانين الذين أسسوا للاهتمام بالفعل المسرحي عبر بوابة المؤسسات التعليمية؟ ولم غابت الفرجة عن الحياة المدرسية؟ الكلام هنا بالمطلق وليس الفرجة المناسباتية التي تعرفها بعض المؤسسات التعليمية ولا يشارك في برامج تنشيطها إلا المقربون ذوي الزلفى.
فهل فعلا هذه الخطوات التي يرسم معالمها الميثاق الوطني للتربية والتكوين، في هذا الإطار تتخذ طابع الجدية في الاستفادة من التجارب السالفة، لجعل المؤسسات التربوية عبارة عن أوراش مفتوحة للبناء والتشييد انطلاقا من ممارسة الفعل المسرحي عبر بوابة الفرق المسرحية التي يعيش بعض أفرادها الفاقة ؟ وهل فعلا ستنفتح المؤسسات التربوية على محيطها بخلق جسور ما بينها وبين الأسرة وجمعيات المجتمع المدني والفاعلين الاقتصاديين..؟ وهل ستتمتع المؤسسات التربوية فعلا باستقلال نسبي لترجمة برامجها على أرض الواقع ؟. وهل ستشهد المدارس مهرجانات للفرجة لمحو الصورة القاتمة، وخلق تصور جديد لها ؟..
هذا ما ستجيب عنه القليل من السنوات المقبلة. وكما قال الشاعر الكبير الطيب المتنبي:
ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا ويأتيك بالأخبار من لم تزود
 المصدر : مجلة المدرس