الصيد الجائر: عواقبه و6 طرق لصيد مستدام

هل سمعت من قبل عبارة: "يوجد الكثير من الأسماك في البحر"؟ حسناً، كما اتضح قد لا يكون ذلك صحيحاً بعد الآن، وقد يتسبب الصيد الجائر في آثار ضارة للأسماك والكائنات البحرية، وبسببه فإنَّ العديد من الأنواع معرضة لخطر جسيم وحتى لخطر الانقراض، إضافة إلى ذلك فإنَّ العديد من أنظمتنا البيئية مهددة نتيجة هذه الممارسة، إذاً ما هي الآثار الضارة للصيد الجائر؟ وماذا يمكننا أن نفعل لإيقافه؟ استمر في القراءة لتعرف ذلك.

الصيد هو نشاط بين الهواء الطلق والماء يساعد على الاسترخاء، يمارسه الناس لقضاء بعض الوقت الممتع في المواقع ذات المناظر الخلابة؛ حيث يمكن لأصوات الأمواج المتلاطمة أن تهدئهم، وهناك يختبرون أيضاً فيضاً من مشاعر الإنجاز والسعادة في كل مرة يحصلون فيها على صيد وفير، ويمكنك باستمرار تعلُّم مهارات صيد جديدة وتعلُّم الصبر والشعور بالمرح عندما تذهب في رحلة صيد.

بينما يحب بعض الناس الاندفاع لاصطياد شيء ما، فإنَّهم متحمسون بنفس القدر لحماية هذه الحياة البرية، وعلى الرغم من التناقض الذي قد يبدو عليه، إلا أنَّه منطقي تماماً؛ إذ إنَّ التلوث وتدهور الموائل والصيد الجائر التجاري والتحديات الأخرى جميعها لديها القدرة على تعريض البيئة المائية للخطر.

الخبر السار هو أنَّ الشغف بالصيد وفهم البيئة يمكن أن يتعايشا معاً، فإذا كنت تستمتع بالصيد لأغراض ترفيهية، فيمكنك المساعدة على الحفاظ على الأسماك والأنواع المائية الأخرى والبيئة البحرية عن طريق الصيد المسؤول.

ما هو الصيد الجائر؟

كما يوحي الاسم، الصيد الجائر هو فعل الصيد المفرط، وبشكل أكثر تحديداً يعني الصيد الجائر أنَّ أنواع الأسماك يتم صيدها بشكل أسرع مما يمكنها التكاثر، فشبكة صيد السمك مثلاً تصطاد الكثير من الأسماك في دفعة واحدة، وعليك بِعَدِّ كم من شبكة ترمى في الماء يومياً، وهذا يعني أنَّ عدد أفراد هذا النوع سيستمر في الانخفاض لأنَّه لا يستطيع مواكبة معدلات الصيد هذه.

صدِّق أو لا تُصدِّق، أصبح الصيد الجائر مشكلةً منذ أكثر من 1000 عام عندما بدأ الناس باستهلاك الأنواع البحرية من الأسماك، وقد استمرت مهنة الصيد في النمو، كما أدى ارتفاع الطلب على هذه الأسماك إلى زيادة معدل هذه الممارسة، واليوم تُعَدُّ مصائد الأسماك هي السبب الرئيس للصيد الجائر، ونتيجة غياب الضوابط الكافية لمحاربة ووقف هذه الممارسة، نحن على أعتاب مشكلة حقيقية.

عواقب الصيد الجائر:

لماذا يعدُّ الصيد الجائر سيئاً؟ على الرغم من أنَّه قد يبدو مشكلةً بسيطة، إلا أنَّ الصيد الجائر يهدد حيوية العديد من الأنواع البحرية وحتى البشر، ولعلَّ الأمر الأكثر وضوحاً هو أنَّ الصيد الجائر يعرض مجموعات أنواع معينة من الأسماك لخطر الانقراض؛ هذا لأنَّه - كما ذكر آنفاً - يمنع الصيد الجائر الأسماك من التكاثر بمعدل طبيعي وسريع بما يكفي للحفاظ على أعدادها الطبيعية.

مع تناقص هذه الأعداد، تواجه هذه الأنواع من الأسماك أيضاً مشكلاتٍ أخرى، وعلى وجه التحديد، قد يجبر انخفاض الأعداد الأنواع على التكيف بشكل مختلف، على سبيل المثال، غالباً ما يتغير حجم الأنواع المتعرضة لصيد جائر، وتبدأ بالنضج في فترات مختلفة من عمرها، وحتى تبدأ بالتكاثر بشكل مختلف.

في الوقت الحالي، تشمل بعض الأنواع الأكثر تعرضاً للصيد الجائر التونة الأطلسية ذات الزعانف الزرقاء، وسمك الهلبوت الأطلسي، وسمك الكواحة، وسمك القد الأطلسي على سبيل المثال لا الحصر، فيتسبب الانخفاض في أعداد هذه الأسماك في حدوث مشكلات للأنواع نفسها، ويتسبب أيضاً في تضرر سلسلة الغذاء بأكملها.

تُعَدُّ العديد من أنواع الأسماك مصادرَ غذائية رئيسة للحيوانات المفترسة الكبيرة أو الحيوانات البحرية، إضافة إلى ذلك، تساعد هذه الأنواع على الحفاظ على مجموعات الحيوانات البحرية الأخرى تحت السيطرة من خلال إطعامها؛ بمعنى آخر، إذا استمر عدد الأسماك في الانخفاض، فستتأثر الحيوانات الأخرى، وبشكل أكثر تحديداً من المحتمل أيضاً أن تنخفض أعداد الأنواع التي تتغذى على هذه الأسماك.

من ناحية أخرى، فإنَّ الأنواع التي تتغذى عليها هذه الأسماك من المرجح أن تخرج عن نطاق السيطرة، فعندما تبدأ هذه الأنواع الثانوية برؤية أعدادها تتناقص، ستتأثر مفترساتها وفرائسها، وببساطة هذه دورة تتكرر حتى تتأثر كل الأنواع في السلسلة الغذائية، إضافة إلى ذلك ستتضخم هذه المشكلة فقط إذا انقرض أي من هذه الأنواع السمكية.

تشمل الحياة البحرية الأخرى التي قد لا يتوقع أن تتأثر بالصيد الجائر عشب البحر والشعاب المرجانية، ومع انخفاض أعداد أنواع معينة من الأسماك بسبب الصيد الجائر، يمكن أن تنمو الأنواع الأخرى التي تستهلك عشب البحر نمواً كبيراً، وبالمثل فإنَّ الأنواع التي تستهلك الطحالب قد تنخفض أيضاً بسبب الصيد الجائر، وهذا يجعل الطحالب تزداد نمواً وتسيطر على الشعاب المرجانية.

هذان النظامان البيئيان حساسان للغاية ومتوازنان من قِبل مجموعات عديدة من الأنواع، فلا تأوي غابات عشب البحر والشعاب المرجانية العديد من الأنواع فحسب؛ بل تؤدي أيضاً أدواراً هامةً في البيئة، ومن الضروري أن تزدهر هذه النظم البيئية لضمان بقاء البشر، وبالمثل يمثل الصيد الجائر أيضاً تهديداتٍ أخرى للبشر، وعلى وجه التحديد، يعرِّض الصيد الجائر صحتنا واقتصادنا للخطر.

مع استمرار مصائد الأسماك في الإفراط في الصيد، فمن غير المرجح أن تكون قادرةً على توفير ما يكفي من الأسماك لتلبية متطلبات مجتمعنا الحالي، وهذا يعني أنَّ العديد من المجتمعات التي تعتمد على الأسماك بوصفها مصدراً رئيساً للغذاء ستُترك دون طعام وتجوع، إضافة إلى ذلك تؤدي مهنة صيد الأسماك دوراً كبيراً في الاقتصاد، لذلك إذا تلاشت بسبب انخفاض أعداد الأسماك، فمن المحتمل أن يتراجع الاقتصاد أيضاً.

شاهد بالفديو: أنواع التلوث البيئي وطرق علاجه

ما هو الصيد المستدام؟

تعيش أنواع لا حصر لها من الأسماك واللافقاريات في موائل مائية عدة، ويتم استهلاك معظمها بوصفها غذاء، ومع ذلك فإنَّ الطلب العالمي المتزايد على المأكولات البحرية جنباً إلى جنب مع التقدم التكنولوجي، أدى إلى ممارسات صيد تعرِّض الأسماك والمحار وغيرها من الكائنات المائية للخطر؛ لهذا السبب كان من الضروري تنفيذ طرائق صيد صديقة للبيئة للحفاظ على المحيطات بوصفها مصدر غذاء حيوي للبشر.

يحافظ الصيد المستدام على العديد من الأسماك وغيرها من الكائنات البحرية مع حماية الموائل والحيوانات المهددة بالانقراض، فمن خلال حماية المحيطات سيتمكن الأفراد الذين يعتمدون على صيد الأسماك من مواصلة سبل عيشهم، ويمكن تحقيق الصيد المستدام من خلال مجموعة متنوعة من الأساليب، ومن ذلك صيد الأسماك بالرمح، وصيد الأسماك بالشباك، والصيد بالذبابة الصناعية، وتربية الأحياء المائية.

يمكن للحكومات والوكالات المستقلة أيضاً الصيد بشكل مستدام من خلال فرض اللوائح المناسبة لمنع الصيد الجائر، وبصرف النظر عن ذلك، توجد عدة إرشادات على الإنترنت مخصصة لمساعدة الصيادين الذين يصيدون بهدف المتعة على صيد أسماك معينة بشكل مستدام، مثل (Fishing Outcast) وغيرها الكثير.

طرائق مفيدة لصيد مستدام:

من ممارسة تقنيات الصيد إلى الوعي بكمية الكربون المنبعثة في الهواء، فإنَّ تعلُّم كيفية الصيد بشكل مستدام أمر بسيط للغاية، ولإرشادك راجع الطرائق الست الآتية لصيد مستدام:

1. التعرُّف إلى المناطق البحرية المحمية:

توجد أجزاء من المحيط يمكنك الصيد فيها وأجزاء لا تستطيع، فإنَّ معرفة أيهما تساعدك على تجنب دفع غرامة، وأيضاً تمنح الموائل البحرية فرصةً للنمو؛ ذلك لأنَّ معظم المناطق المحمية بها مسامك وفيرة وسواحل جميلة يجب الحفاظ عليها.

2. تعلُّم تقنيات الصيد والإفراج:

عندما يكون سبب صيدك هو توفير الطعام لعائلتك، تأكد من أن تأخذ ما تحتاجه فقط لإطعام الجميع، وللقيام بذلك تعلَّم أن تطلق سراح كل ما يزيد عن حاجتك؛ إذ تهدف هذه التقنية إلى زيادة فرصة بقاء الحيوانات البحرية على قيد الحياة، فإعادتها إلى المحيط يمنحها المزيد من الفرص للعيش والتكاثر والازدهار.

3. ممارسة الصيد مع الوعي بالكربون المنبعث:

هل تصطاد في كثير من الأحيان على متن قارب يعمل بمحرك ديزل وتشعر بالقلق من الآثار التي قد يجلبها إلى الهواء؟ إذا كان الأمر كذلك، فتوجد طريقة لتقليل كمية الكربون التي يبثها قارب الصيد في الغلاف الجوي.

للبدء، قم بتغيير مراوحك بفولاذ جديد - الفولاذ المقاوم للصدأ - إذ سيساعد هذا على تقليل سحب الوقود، وأيضاً ضع عداد وقود كهربائي لمساعدتك على مراقبة استهلاك قاربك للوقود بدقة وتحديد سرعة القارب الأكثر كفاءة في استخدام الطاقة، وبعد ذلك اسأل الشركات المصنِّعة عن الجدول الزمني المقترح لصيانة المحرك.

كن على دراية بكيفية تخفيف الضغط على دواسة الوقود، إضافة إلى ذلك إذا كنت لا مبالٍ بالكربون، فيمكنك تجربة الصيد على لوح التزلج على الأمواج أو قارب بمجاديف لأنَّه يحتاج فقط إلى قوة بشرية ليتحرك.

4. الاستفادة من معدات خالية من الرصاص:

الرصاص سام لمعظم الكائنات الحية، والمشكلة أنَّه ما يزال يُستخدم في معظم خطاطيف الصيد وخيوطه، فعندما تتعرض الأسماك أو الحيوانات الأخرى للرصاص، قد تحدث مجموعة متنوعة من المشكلات، بما في ذلك تدهور العضلات والدماغ وتدميرها، وعدم الحركة، وتأخر النمو، والاضطرابات الإنجابية، فالخبر السار هو أنَّك تستطيع ويجب عليك الحصول على معدات صيد خالية من الرصاص من التجار ذوي السمعة الطيبة.

5. التنظيف فور مغادرتك:

يميل الناس إلى ترك نفايات مختلفة حول السواحل وفي البحر، وهذا يؤدي       إلى مشكلات كثيرة؛ إذ يمكن لأيَّة نفايات في الماء أن تتشابك مع مراوح القوارب، وهذا يتسبب في تلف المحرك، بينما تظن الحيوانات أنَّ القمامة مثل أعقاب السجائر وأكياس السوبر ماركت البلاستيكية طعاماً، وقد تسبب هذه المخلفات الاختناق أو المجاعة عند تناولها.

الهدف هو أن تكون دقيقاً بشأن جمع كل القمامة الخاصة بك وحملها معك إلى المنزل، وهذا ما يسمى بالصيد المسؤول، فإذا كنت ملتزماً بحماية البيئة، فيجب أن تكون على استعداد لإعادة تدوير المخلفات أو تحويلها إلى سماد في المنزل، وبصرف النظر عن ذلك، يمكنك أيضاً التقاط قمامة شخص آخر وتقليل ما يمكن منها وعدم تركها تجوب البحار أو تتراكم على السواحل.

6. عندما تأخذ نتاج صيدك إلى المنزل، استخدم كل جزء منه:

إنَّه إنجاز رائع أن تتناول عشاء سمك لذيذ عندما تصطاده بنفسك، ومع ذلك فمن المحتمل أنَّك لم تأكل السمكة بأكملها، فلا تتخلص من بقايا الطعام، فاصنع سماداً من بقايا الأسماك والمواد العضوية الأخرى مثل نشارة الخشب أو الطحالب والأوراق المجففة أو الأغصان، واجمعها في حفرة وأغلق عليها بإحكام واتركها؛ إذ ستستهلك الكائنات الحية الدقيقة القمامة وتحولها على مدار أشهر عدة إلى تربة وسماد غنيين ومثاليين لنمو النباتات.

في الختام:

أدت ممارسات الصيد التجاري إلى تدمير الموائل وتعريض الحياة المائية للخطر، ومن الجانب الإيجابي، يمكن أن تساعد ممارسات الصيد المستدامة على حماية الأسماك والحيوانات المائية الأخرى والبيئة البحرية، ومع هذه الطريقة الصديقة للبيئة لصيد الأسماك، يمكن للناس المساهمة في الحفاظ على كائنات المحيط مع مساعدة الصيادين أيضاً على الحفاظ على سبل العيش، لذلك في المرة القادمة التي تذهب فيها إلى الصيد، ضع في حسبانك الطرائق المذكورة آنفاً وساعد على الحفاظ على البيئة.