الصلاة وأثارها الصحية

الصلاة وآثارها الصحية

 

قبل أن ننتقل للحديث عن الصلاة وآثارها على الصحة ، نورد بعض الآيات والأحاديث التي تدعو إلى الطهر ، وتبين فضل الاغتسال والوضوء ، يقول الحق سبحانه : ( وينزل عليكم من السماء ماءاً ليطهركم به ويذهب عنكم رجز الشيطان) [الأنفال:11] ، وقال تعالى : ( إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا ) [الأحزاب:33] ، وقال تعالى : ( وثيابك فطهر) [المدثر:4] ، وقال تعالى : فيه رجال يحبون أن يتطهروا والله يحب المطهرين ) [التوبة:108] ، وقال تعالى : ( مايريد الله ليجعل عليكم من حرج ولكن يريد ليطهركم وليتم نعمته عليكم لعلكم تشكرون ) [المائدة:6] ، وقال تعالى : ( إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين ) [البقرة:222] ، وقال تعالى : ( يا أيها الذين ءامنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون ولا جنباً إلا عابري سبيل حتى تغتسلوا وإن كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحد منكم من الغائط أو لامستم النساء فلم تجدوا ماءاً فتيمموا صعيداً طيبا فامسحوا بوجوهكم وأيديكم إن الله كان غفوراً رحيماً ) [النساء:43] .



وبعد استعراض هذه الأدلة التي تبين أهمية ومكانة الصلاة في الإسلام ، يتبادر سؤال ، هل لهذه الشعيرة العظيمة آثار على الجسم وصحته ؟

  

وأما الأحاديث عن المصطفى -عليه الصلاة والسلام- ، في فضل الوضوء فهي كثيرة ، ونذكر بعض الأمثلة ، فعَن أَبِي هُرَيْرَة -صلى الله عليه وسلم- ؛ قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلمْ : [ أَن أحدكم إِذَا توضأ فأحسن الوضوء ، ثُمَّ أتى المسجد لاَ ينهره إلا الصلاة ، لم يخط خطوة إلا رفعه اللَّه عز وجل بِهَا درجة ، وحط عَنْهُ بِهَا خطيئة ، حَتَّى يدخل المسجد ] رواه بن ماجة ، وعَن عَبْد اللَّه الضابحي ، عَن رَسُول اللَّه صَلى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمْ قَالَ : [ من توضأ فمضمض واستنشق ، خرجت خطاياه من فيه وأنفه ، فإِذَا غسل وجهه ، خرجت خطاياه من وجهه ، حَتَّى يخرج من تحت أشفار عينيه ، فإِذَا غسل يديه خرجت خطاياه من يديه ، فإِذَا مسح برأسه خرجت خطاياه من رأسه ، حَتَّى تخرج من أذنيه ، فإِذَا غسل رجليه خرجت خطاياه من رجليه ، حَتَّى تخرج من تحت أظفار رجليه ، وكانت صلاته ومشيه إلى المسجد نافلة ] رواه بن ماجة ، وعَن عمرو بْن عبسة ؛ قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلمْ : [ إِن العبد إِذَا توضأ فغسل يديه ، خرت خطاياه من يديه ، فإِذَا غسل وجهه ، خرت خطاياه من وجهه ، فإِذَا غسل ذراعيه ومسح برأسه ، خرت خطاياه من ذراعيه ورأسه ، فإِذَا غسل رجليه خرت خطاياه من رجليه ] رواه بن ماجة .

وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : [ إِذَا تَوَضَّأَ العَبْدُ المُسْلِمُ ، أو المُؤْمِنُ ، فَغَسَلَ وَجْهَهُ ، خَرَجَتْ مِنْ وَجْهِهِ كلُّ خَطِيئَةٍ ، نَظَرَ إليها بِعَيْنَيْهِ مَعَ الْمَاءِ ، أو مَعَ آخِرِ قَطْرِ الْمَاءِ ، أونَحْو هَذَا ، وَإذَا غَسَلَ يَدَيْهِ خَرَجَتْ مِنْ يَدَيْهِ ، كلُّ خَطِيئَةٍ بَطَشَتْهَا يَدَاهُ مَعَ الْمَاءِ ، أو مَعَ آخِرِ قَطْرِ الْمَاءِ ، حتَّى يَخْرُجَ نَقِيَّاً مِنْ الذُّنُوبِ ] رواه الترمذي ، وعن أبي غطيف الهذلي قال : كنت عند عبد اللّه بن عمر ، فلما نودي بالظهر توضأ فصلى ، فلما نودي بالعصر توضأ ، فقلت له ، فقال : كان رسول اللّه صلى الله عليه وسلم ، يقول : [ من توضّأ على طهرٍ ، كتب اللّه له عشر حسناتٍ ] رواه أبو داود .

هذه الصلاة التي تعد من أركان الإسلام ، تشمل من جمل ما تشمل : حركات فيزيائية مفيدة ، وتمارين رياضية نموذجية ، يعود نفعها الكامل ، ومردودها الوافر ، على من يقيمها بطريقتها الصحيحة

 وروى البخاري عن مولى عثمان بن عفان : أنه رأى عثمان دعا بوضوء ، فأفرغ على يديه من إنائه ، فغسلهما ثلاث مرات ، ثم أدخل يمينه في الوضوء ، ثم تمضمض واستنشق واستنثر ، ثم غسل وجهه ثلاثا ، ويديه إلى المرفقين ثلاثا ، ثم مسح برأسه ، ثم غسل كل رجل ثلاثا ، ثم قال : رأيت النبي صلى الله عليه وسلم ، يتوضأ نحو وضوئي هذا ، وقال : [ من توضأ نحو وضوئي هذا ، ثم صلى ركعتين لا يحدِّث فيهما نفسه ، غفر الله له ما تقدم من ذنبه ] ، وروى مسلم نحوه ، فعن مَوْلَى عُثْمَانَ ، أَخْبَرَهُ أَنّ عُثْمَانَ بْنَ عَفّانَ ، رَضِي اللّهُ عنه دَعَا بوَضُوءٍ ، فَتَوَضّأَ ، فَغَسَلَ كَفّيْهِ ثَلاَثَ مَرّاتٍ ، ثُمّ مَضْمَضَ وَاسْتَنْثَرَ ، ثُمّ غَسَلَ وَجْهَهُ ثَلاَثَ مَرّاتٍ ، ثُمّ غَسَلَ يَدَهُ الْيُمْنَى إلى الْمِرْفَقِ ثَلاَثَ مَرّاتٍ ، ثُمّ غَسَلَ يَدَهُ الْيُسْرَى مِثْلَ ذَلِكَ ، ثُمّ مَسَحَ رَأْسَهُ ، ثُمّ غَسَلَ رِجْلَهُ الْيُمْنَى إلى الْكَعْبَيْنِ ثَلاَثَ مَرّاتٍ ، ثُمّ غَسَلَ الْيُسْرَى مِثْلَ ذَلِكَ ، ثُمّ قَالَ : رَأَيْتُ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم ، تَوَضّأَ نَحْوَ وُضُوئِي هَذَا ، ثُمّ قَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم : [ مَنْ تَوَضّأَ نَحْوَ وُضُوئِي هَذَا ، ثُمّ قَامَ فَرَكَعَ رَكْعَتَيْنِ ، لاَ يُحَدّثُ فِيهِمَا نَفْسَهُ ، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدّمَ مِنْ ذَنْبِهِ ] .

وعن أبي هريرة -صلى الله عليه وسلم- ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : [ صلاة الجماعة تزيد على صلاته في بيته ، وصلاته في سوقه ، خمسا وعشرين درجة ، فإن أحدكم إذا توضأ فأحسن ، وأتى المسجد ، لا يريد إلا الصلاة ، لم يخط خطوة ، إلا رفعه الله بها درجة ، وحط عنه خطيئة ، حتى يدخل المسجد ، وإذا دخل المسجد ، كان في صلاة ما كانت تحبسه ، وتصلي - يعني - عليه الملائكة ، ما دام في مجلسه الذي يصلي فيه : اللهم اغفر له اللهم ارحمه ، ما لم يُؤْذِ يُحْدِث ] رواه البخاري ، وروى مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم : [ صَلاَةُ الرّجُلِ فِي جَمَاعَةٍ تَزِيدُ عَلَى صَلاَتِهِ فِي بَيْتِه ِ، وَصَلاَتِهِ فِي سُوقِهِ ، بِضْعاً وَعِشْرِينَ دَرَجَة وَذَلِكَ أَنّ أَحَدَهُمْ إِذَا تَوَضّأَ فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ ، ثُمّ أَتَى الْمَسْجِدَ ، لاَ يَنْهَزُهُ إلا الصّلاَةُ ، لاَ يُرِيدُ إلا الصّلاَةَ ، فَلَمْ يَخْطُ خَطْوَةً إلا رُفِعَ لَهُ بِهَا دَرَجَةٌ ، وَحُطّ عَنْهُ بِهَا خَطِيئَةٌ ، حَتّى يَدْخُلَ الْمَسْجِدَ ، فَإِذَا دَخَلَ الْمَسْجِدَ ، كَانَ فِي الصّلاَةِ مَا كَانَتِ الصّلاَةُ هِيَ تَحْبِسُهُ ، وَالْمَلاَئِكَةُ يُصَلّونَ عَلَى أَحَدِكُمْ مَا دَامَ فِي مَجْلِسِهِ الّذِي صَلّى فِيهِ ، يَقُولُونَ : اللّهُمّ ارْحَمْهُ ، اللّهُمّ اغْفِرْ لَهُ ، اللّهُمّ تُبْ عَلَيْهِ ، مَا لَمْ يُؤْذِ فِيهِ ، مَا لَمْ يُحْدِثْ فِيهِ ] ، وعن أبي هريرة رضي الله عنه : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : [ يعقد الشيطان على قافية رأس أحدكم ، إذا هو نام ثلاث عقد ، يضرب كل عقدة : عليك ليل طويل فارقد ، فإن استيقظ فذكر الله انحلت عقدة ، فإن توضأ انحلت عقدة ، فإن صلى انحلت عقدة ، فأصبح نشيطا طيب النفس ، وإلا أصبح خبيث النفس كسلان ] رواه البخاري .

إن ما تجلبه الصلاة على المصلي منذ حداثته ، من قيام وقعود وركوع وسجود ، مع تكرار ذلك عشرات المرات يوميا ، وبدون توقف ولا فتور ، يولد في شرايين الرأس والدماغ ، حساً خاصا

وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -صلى الله عليه وسلم- أَنّ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ : [ إِذَا تَوَضّأَ الْعَبْدُ الْمُسْلِمُ (أو الْمُؤْمِنُ) فَغَسَلَ وَجْهَهُ ، خَرَجَ مِنْ وَجْهِهِ كُلّ خَطِيئَةٍ نَظَرَ إليها بِعَيْنَيْهِ مَعَ الْمَاءِ ، (أو مَعَ آخِرِ قَطْرِ الْمَاءِ) ، فَإِذَا غَسَلَ يَدَيْهِ خَرَجَ مِنْ يَدَيْهِ كُلّ خَطِيئَةٍ كَانَ بَطَشَتْهَا يَدَاهُ مَعَ الْمَاءِ ، (أو مَعَ آخِرِ قَطْرِ الْمَاءِ) ، فَإِذَا غَسَلَ رِجْلَيْهِ خَرَجَتْ كُلّ خَطِيئَةٍ مَشَتْهَا رِجْلاَهُ مَعَ الْمَاءِ ، (أو مَعَ آخِرِ قَطْرِ الْمَاءِ) ، حَتّى يَخْرُجَ نَقِيّاً مِنَ الذّنُوبِ ] رواه مسلم ، و عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفّانَ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم : [ مَنْ تَوَضّأَ فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ ، خَرَجَتْ خَطَايَاهُ مِنْ جَسَدِهِ ، حَتّى تَخْرُجَ مِنْ تَحْتِ أَظْفَارِهِ ] رواه مسلم ، وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم : [ مَنْ تَوَضّأَ فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ ، ثُمّ أَتَى الْجُمُعَةَ فَاسْتَمَعَ وَأَنْصَتَ ، غُفِرَ لَهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجُمُعَةِ ، وَزِيَادَةُ ثَلاَثَةِ أَيّامٍ ، وَمَنْ مَسّ الْحَصَىَ فَقَدْ لَغَا ] رواه مسلم .

وبعد الوضوء تأتي الصلاة ، تلك الشعيرة العظيمة ، والركن الأساس في دين الإسلام ، فهل لهذه العبادة الجليلة ، علاقة بالبدن وصحته ؟ ووقايته وسلامته ؟ ذلك ما سنتناوله بالحديث ، ولكن قبل ذلك ، نلقي لمحة عن منزلة هذا الركن العملي الأول من أركان الإسلام :

فالصلاة هي الركن الثاني من أركان الإسلام ، وهي الفارق بين المسلم وغيره حيث أن تركها كفر ، كما صرح بذلك جمع من أهل العلم مستدلين بقول الحق عز وجل : ( فإن تابوا وأقاموا الصلاة وءاتوا الزكاة فإخوانكم في الدين ونفصل الأيات لقوم يعلمون ) [التوبة:11] ، وقول الرسول -صلى الله عليه وسلم- : [ الْعَهْدُ الّذِي بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ الصّلاَةُ فَمَنْ تَرَكَهَا فَقَدْ كَفَرَ ] رواه الترمذي ، وغير ذلك من الأدلة التي ليس هنا مجال استقصاءها ، وهذه الصلاة فرضها الله في اليوم والليلة خمس صلوات ، تؤدى على قدر الاستطاعة في الحضر والسفر ، في الصحة والمرض ، في الأمن والخوف ، ويتطلب الاستعداد لها بعض السنن و الواجبات ، مثل السواك ، والغسل أو الضوء أو التيمم .. بحسب حال المصلي .

والآيات التالية تبين أهمية الصلاة وتأكيد فرضيتها قال الله –سبحانه- : ( فصل لربك وأنحر ) [الكوثر:2] ، وقال تعالى : ( وأقيموا الصلاة وءاتوا الزكاة واركعوا مع الراكعين ) [البقرة:43] ، وقال تعالى : ( وأقيموا الصلاة وءاتوا الزكاة وماتفعلوا من خير تجدوه عند الله إن الله بما تعملون بصير ) [البقرة:110] ، وقال تعالى : ( حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا لله قانتين ) [البقرة:238] ، وقال تعالى: ( فإذا قضيتم الصلاة فاذكروا الله قياما وقعودا وعلى جنوبكم فإذا اطماننتم فأقيموا الصلاة إن الصلاة كانت على المؤمنين كتاباً موقوتا) [النساء:103] ، وقال تعالى : ( وأن أقيموا الصلاة واتقوه وهو الذي إليه تحشرون ) [الأنعام:72] ، وقال تعالى : ( فإن تابوا وأقاموا الصلاة وءاتوا الزكاة فإخوانكم في الدين ونفصل الأيات لقوم يعلمون ) [التوبة:11] ،

وقال تعالى : ( قل لعبادي الذين ءامنوا يقيموا الصلاة وينفقوا مما رزقناهم سراً وعلانية من قبل أن يأتي يوم لا بيع فيه ولا خلال ) [إبراهيم:31] ، وقال تعالى : ( وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها لانسئلك رزقا نحن نرزقك والعاقبة للتقوى ) [طه:132] ، وقال تعالى : ( وأقيموا الصلاة ولا تكونوا من المشركين ) [الروم:31] ، وقال تعالى : ( وأقيموا الصلاة وءاتوا الزكاة وأقرضوا الله قرضاً حسنا وما تفعلوا من خيرٍ تجدوه عند الله هو خيراً وأعظم أجراً واستغفروا الله إن الله غفور رحيم ) [المزمل:20] ، وقال تعالى : ( ماسلككم في سقر*قالوا لم نك من المصلين ) [المدثر:42-43] ، وقال تعالى : ( إن الإنسان خلق هلوعا*إذا مسه الشر جزوعا * وإذا مسه الخير منوعاً* إلا المصلين*الذين هم على صلاتهم دائمون ) [المعارج:19-23] .

وأما الأحاديث التي تناولت الحث على الصلاة ، وبيان منزلتها وحرمة تركها ، أو التساهل في أدائها ، فهي كثيرة جدا ، وليس هنا مقام التفصيل في ذلك ، وحسبي الإشارة القصيرة جدا لهذا الجانب ، فمن ذلك : ما رواه ابن ماجة وغيره ، عن عَبْد اللّه بن بريدة ، عَن أبيه ؛ قَالَ : قال رَسُول اللَّهِ صَلَى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلَّمْ : [ العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة ، فمن تركها فقد كفر] ، وروى أحمد عن عبد الله بن بريدة عن أبيه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : [ العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر ] ، وأخرج أحمد عن أبي هريرة -صلى الله عليه وسلم- ، قال : قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم-: [ الصلوات الخمس ، والجمعة إلى الجمعة ، ورمضان إلى رمضان ، مكفرات لما بينهن ، ما اجتنبت الكبائر ] ، وروى أيضا عن جابر -صلى الله عليه وسلم- قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : [ بين العبد وبين الكفر أو الشرك ترك الصلاة ] .

وعن عليّ -صلى الله عليه وسلم- قال : كان آخر كلام رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : [ الصلاة الصلاة ، اتقوا اللّه فيما ملكت أيمانكم ] أبو داود ، وعن أم سلمة رض الله عنها قالت : ( كان من آخر وصية رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، : [ الصلاة الصلاة وما ملكت أيمانكم ] ، حتى جعل نبي الله صلى الله عليه وسلم ، يلجلجها في صدره ، وما يفيص بها لسانه ) .

ولعل ما سبق من الآيات الكريمة ، الأحاديث الشريفة ، يتبين لنا مكانه هذه الشعيرة في دين الله ، ويكفي دلالة على عظم أهميتها ، حرص الرحيم بأمته –عليه الصلاة والسلام- ، على نصحه وتأكيده وإرشاده لأمته بالمحافظة عليها ، وهو في سكرات الموت ، فهي أول ما يحاسب عليه المرء يوم القيامة فإن صلحت نظر في سائر عمله ، وإن فسدت طرح في النار - والعياذ بالله - أخرج الترمذي ، عَن حُريثِ بنِ قَبيَصَةَ عن أَبِي هُرَيْرَةَ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ : سَمِعتُ رَسُولَ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : [ إِنَّ أول مَا يُحَاسَبُ بِهِ العَبدُ يَوْمَ القِيَامةِ ، مِنْ عَمَلِهِ صَلاتُهُ ، فَإِنْ صَلُحَتْ فَقَدْ أَفلَحَ وَأَنْجَحَ ، وَإِنْ فَسَدَتْ فَقَدْ خَابَ وَخَسِرَ ، فإِنْ انْتَقَصَ مِنْ فَريضَةٍ شَيئاً ، قَالَ الرَبُ تَبَارَكَ وَتعالى : انْظُرُوا هَلْ لعبديِّ من تَطَوعٍ ، فَيُكمِلُ بِهَا مَا انْتَقَصَ مِنَ الفَرِيضَةِ ، ثُمَّ يَكُونُ سَائرُ عَمَلِّهِ عَلَى ذَلِكَ ] .

وبعد استعراض هذه الأدلة التي تبين أهمية ومكانة الصلاة في الإسلام ، يتبادر سؤال ، هل لهذه الشعيرة العظيمة آثار على الجسم وصحته ؟ يقول فارس علوان : " للصلاة دور أساسي ، في تعزيز مناعة الجسم ، وتقويته وتنشيطه ، ليكوِّن مقاومة الأمراض ، وقهر العلل والآفات " ، ويقول عبد المعطي قلعجي : فرض الإسلام الصلاة ، وهي دعوة لتنظيف الباطن ، والتخلي عن الفحشاء والمنكر ، وفيها راحة للضمير ، كما لها من الفوائد الصحية ، التي تعود على المصلي ، من تقوية عضلاته ومفاصله ، ومساعدة المعدة على هضم الطعام ، والسجود الطويل الخاشع ، له قوة خارقة ، في انخفاض ضغط الدم العالي .

يؤكد مثل هذه الحقائق فارس علوان بقوله : " هذه الصلاة التي تعد من أركان الإسلام ، تشمل من جمل ما تشمل : حركات فيزيائية مفيدة ، وتمارين رياضية نموذجية ، يعود نفعها الكامل ، ومردودها الوافر ، على من يقيمها بطريقتها الصحيحة ، ويؤديها بإيمان وخشوع ، علاوة على ما وعد الله المصلين من جزيل العطاء ، وكثير الثواب ، وبشرهم بمغفرة وتكريم ونعيم مقيم ... .

إن الأعمال والحركات ، التي يقوم بها المسلم عندما يقوم إلى الصلاة ، كثيرة متنوعة ، فمنها ما يتكرر في الأسبوع مرة أو أكثر ، ومنها ما يتكرر في اليوم الواحد عدة مرات ، ومنها ما يتكرر عشرات المرات في اليوم والليلة ، وكل ذلك بقدر معلوم وتنسيق محكم ، حسب هذه الحركة أو تلك لجسم الإنسان وروحه ، بما يتلاءم مع طبيعته وفطرته ، فالطهارة والصلاة ، كلها حركات وأعمال نافعة ومفيدة ، تمرن عضلات الجسم جميعها ومفاصله ، وتنشط أعضاءه وأجهزته ... .

إن التمارين المستمرة ، التي تفرضها الصلاة على المسلم ، تؤدي إلى تقوية عضلات الظهر وتنميتها ، فتدعم وتقِّوم العمود الفقري ، وتخفف عنه خطر الصدمات ، وتتلقى عنه الرضوض والحوادث ، ولذلك تقل نسبة حدوث انكسار الفقرات أو انقراصها ، وتقل أيضا نسبة حدوث انفتاق النواة اللبية وغيرها من آفات العمود الفقري ، كما أن الصلاة تعد علاجا أساسيا واقيا من مرض نادر يصيب العمود الفقري .. هو " التهاب الفقرات التصلبي أو القسطي ... .

ويضيف قائلا : " إن التمارين الرياضية المستمرة التي يقوم بها المصلي ليل نهار ، في أثناء الصلاة ، وقبل الصلاة ، من أجل الطهارة ، وأثناء السعي إلى الصلاة [ وكثرة الخطى إلى المساجد]، فهي كلها تنشط دوران الدم في الجسم عامة ، وفي الدماغ خاصة ، فتتحسن تغذيته ، وتنتعش خلاياه .. .

إن أثر الهواء النقي المشبع بالأوكسجين ، على تغذية وعمل خلايا الجسم عامة ، والدماغ خاصة ، لاشك فيه ، وهذا ما يوفره الخروج إلى المسجد ، خمس مرات كل يوم ، وهي نزهات يومية شبه إجبارية ، يتمتع خلالها البدن ، بالنشاط والاستجمام ، وتنعم الأعضاء بالحركة والغذاء والأوكسجين ، وتتزود الرئتان بالهواء الصافي والنسيم العليل .. .

إن ما تجلبه الصلاة على المصلي منذ حداثته ، من قيام وقعود وركوع وسجود ، مع تكرار ذلك عشرات المرات يوميا ، وبدون توقف ولا فتور ، يولد في شرايين الرأس والدماغ ، حساً خاصا ، وتدريبا كافيا ، على منعكس التقبض ، عندما تتغير وضعيَّة المصلي ، وبذلك يبقى الضغط الدموي الشرياني في الدماغ ثابتا ، ومحافظا على نسبته ، ولا يبقى مجال لظهور أعراض المرض " .

ويؤكد قاسم سويداني على الجانب التعبدي للصلاة هو المقصد الأول للصلاة فيقول : " ونحن لا نؤدي الصلاة رياضة بدنية ، كما يحلو للبعض أن يقول ، إننا نصلي تعبدا وخشوعا وامتثالا لأمر الخالق –جل وعلا- ، ولكن هل ينكر أحد أن الصلاة من ركوع وسجود ، أمر يدرب عضلات الجسم ، ويمنع تيبس مفاصله ، والصوم نؤديه تقربا إلى الله وزلفى ، ولكن ألم يثبت لعلماء الغرب أن فيه صيانة لمعامل البدن وأجهزته ، وتنقية للبدن من فضلاته وسمومه ، ويصقل الأجهزة ويعيدها إلى عملها الفيزيولوجي السوي " .

هذه الفوائد كلها في عبادة واحدة ، فما ذا عن عبادة الصوم ومنافعها الجسمية والصحية والنفسية ؟ ، وماذا عن الحج ومنافعه الكثيرة كذلك !! ؟ ، وماذا عن الجهاد سياحة الأمة ..وماذا عن الصوم .. ؟ .