الصــراخ!

 

    عودتنا الحياة على الراحة في الأخذ والعطاء والتعامل اليومي، وعلمتنا الراحة أن لا نبحث عن البدائل لأن كل شيء موجود وبالقرب منا، من الطعام والشراب والثياب وحتى الحـذاء وحتى باب السيارة يفتح لنا لنركب، هكذا علمتنا الحياة التي نعيشها أو يعيشها أغلب النـاس اليـوم، فبالتالي تعودنا على أن نحصل على ما نريد بأقل جهـد ومع الأسف الشديد قمنا بتوريث هذه الحياة علمنا بذلك أم لم نعلم إلى الجيل القادم وهم أبناؤنا والذي لا يحبذ العاقل الحاذق أن يرى هذه الصفات وهذه الكماليات في أبنائه لأن هذه البيئة من أصعب البيئات لبناء شخصية متكاملة، وهذه يتربى فيها شجر الظل الذي تجده ذو ألوان جميلة زاهية تجمل بها الغرف والمكاتب ولكنها لا تطيق حـر الشمس ولو لساعة.



 

ومن الأمور السهلة أيضاً في حياتنا هى رفع الأصوات وهو الصراخ سـواءاً على الأطفال عندما لا يستجيبون إلى ما نريد أو في خارج المنزل مع صاحب البقالة ما أن يتأخر قليلاً إلا وتجد أن الأنفس قد ضاقت وانفعلت وبدأ الصراخ يرتفع، إن الصراخ في حقيقته مؤشر أحياناً على افلاس حقيقي، فهو بداية يلغي لغة التواصل والتفاهم بين طرفي المعادلـة وننسى أحياناً بأن الطرف الآخر في المعادلة هم أبناؤنا الذين نحن في أمس الحاجة إلى أن نستمع إليهـم قبل أن نتحدث إليهـم، إن الصراخ يسبب شرخاً في شخصية ابنك وأحياناً قد يكون تأثيره السلبي أشد حتى من الضـرب.. فهل سألنا أنفسنا سؤالاً لماذا الصراخ؟ ولماذا رفع الصوت؟ الا توجد وسائل أخرى للتواصـل أم أن هذه الوسائل هى الوسائل السهله التي لا تحتاج إلى بحث ومجهود ونحن قد عودتنا الحياة أن يصل إلينا كل شـيء بالإشارة.

 

من هذه الزاوية أوصي كل أب ومربي أن يعيد حساباته مع نبرات صوته ففي النبرات معاني كثيرة.. منها نبرة الحب ونبرة الكره ونبرة الانتقام ونبرة الرحمـة ونبرة التهمة، وكل هذه لها صدى يصدع في عقول وقلوب الآخرين أياً كانوا، سواءاً خدماً أو أبناء أو أباء وأمهات أحيانــاً.