الصداقة الأسلوب الأفضل لتربية الأبناء

 

ليس كل أب وأم صالحان لتربية أبنائهما ، فتارة نجد أبوين يجعلا الهدايا والمال الكثير عماد تربيتهما لأولادهما ، وأخرى نجد العنف لسان التفاهم ، لتتوه الصداقة ولغة الحوار وسط زحام المال والقسوة .


 

يرى الدكتور حسنين كشك خبير الاجتماع بالمركز القومي للبحوث الجنائية والاجتماعية أنه لا يمكن القول إن الصداقة اختفت من البيوت ولكنها تختلف من طبقة إلي أخري‏,‏ فمازال هناك آباء يحاولون بناء صداقة مع الأبناء ولكن فكرة الصداقة ليست مطروحة أساسا عند الأغلبية‏,‏ بالإضافة إلي أن التغيرات التي حدثت في المجتمع خلال الخمسة والعشرين عاما الماضية لها دخل كبير في انعدام الصداقة بين الآباء والأبناء.
ظروف الحياة
موضحاً أن عدم وجود الأب معظم الوقت لسعيه وراء زيادة الدخل وأحيانا لسفره للعمل بالخارج يجعله لا يري أبناءه إلا شهرا واحدا في السنة مما يعوق فكرة الصداقة حيث يصبح الأب مجرد صانع نقود أو بنكا متنقل كذلك غياب الحوار الديمقراطي وهي الظاهرة التي عاني منها المجتمع علي جميع المستويات في فترات ماضية مما انعكس أيضا علي الأسرة‏,‏ لكن هناك بالطبع بعض الحالات الاستثنائية حيث تحاول بعض الأسر بناء صداقات مع أبنائها‏.
سياسة الاستبداد
ويؤكد الدكتور حسنين كشك لصحيفة الأهرام ، أن وجود مشكلة دائمة بين الآباء والأبناء في كل مكان وزمان يطلق عليها صراع الأجيال‏,‏ فكل جيل له مفاهيم وأفكار مختلفة عن الآخر‏,‏ بالإضافة إلي أن الثقافة السائدة في مجتمعنا تروج لهيمنة السلطة الذكورية مما يعوق صداقة الأب‏,‏ فهو دائما مستبد يليه الابن الأكبر الذي يكون مستبدا بأخوته حتى إن كانت له أخت أكبر منه و الشيء نفسه بالنسبة للأم التي تستبد بقراراتها في التعامل مع الأبناء‏ ،‏ إذاً المجتمع يعاني من أسلوب خاطئ في التنشئة‏,‏ كما أن التعليم لدينا يقوم علي التلقين لا علي الحوار الذي يعد من أهم الطرق لبناء الصداقة وأحد أشكال الديمقراطية التي يحاول الوصول إليها‏.‏
كلمة مهزوزة
أما الدكتور يحيى الرخاوي أستاذ الطب النفسي بكلية الطب جامعة القاهرة فيري أن كلمة صداقة أصبحت كلمة مهزوزة حتى بين الكبار‏,‏ ولكي تنمو صداقة بين الأبناء والآباء لابد من توافر ثلاثة أمور أولا‏:‏ الوقت‏,‏ ثانيا‏:‏ مساحة للتحرك معا ، وثالثا‏:‏ المشاركة الحقيقية بعيدا عن النصائح والأوامر والمسألة ليست مسألة شعار اسمه الصداقة أو إعلان من جانب الأب أنا صاحبك يابني دون أي إجراء لإرساء الثقة أو سلوك يساعد علي ازدهار الصداقة كأن يذهب أفراد الأسرة جميعا أسبوعيا لحديقة عامة بدلا من مكوثهم في مكان مغلق أمام شاشة التليفزيون وهم صامتون دون أن يتبادلوا كلمة واحدة‏.‏
ويتابع دكتور الرخاوي قائلاً‏:‏ لابد للوالدين أن يحاولا طول الوقت بناء صداقة مع الأبناء وإعادة المحاولة لأن اكتساب ثقة الأبناء لا يأتي بإعلان الرغبة في الصداقة وإنما بالممارسة‏,‏ ولا يأتي في يوم وليلة بل بالمحاولة المتكررة للاستحواذ علي ثقة الأبناء ،‏وهذه الثقة لا يمكن أن يمنحها الأبناء الذين يشعرون أن آباءهم يستهترون بهم ويستخفون بعقولهم ولا يستمعون لآرائهم ولا يفهمون احتياجاتهم .
ويؤكد أستاذ الطب النفسي‏ أنه لا توجد قواعد ثابتة في العلاقات البشرية إلا الصدق والاستمرار وتصحيح الأخطاء أولا بأول من خلال الممارسة‏,‏ أما مقولة أن البنت تصادق أمها والولد يصادق أباه فهي مقولة ليست صحيحة والأب يمكن أن يصادق ابنته كما يصادق ابنه علي حد سواء وكذلك الأم اللهم إلا في بعض الأمور شديدة الخصوصية‏.‏
المال لا يعني الحنان
إغداق الأطفال بالهدايا الوفيرة والمال الكثير لا يعتبر دليلاً على حب الآباء أطفالهم ، حيث أشارت الدراسات التربوية إلى أن 75% من الأطفال لا يحصلون على الرعاية الكافية من الأبوين ، وترجع الهيئات الاجتماعية الأمراض النفسية والميول العدوانية والفشل في الدراسة لدى الأطفال إلى عدم وجود من يستمع إليهم .
لذا يؤكد "يعقوب الشاروني" الحائز على جائزة أفضل كاتب للأطفال، وصاحب سلسلة "كيف نربي أطفالاً؟" أهمية الحوار مع الأطفال وكيفية تنمية ذكائهم من خلال ذلك.
وفي دراسة من إعداده أثبت أن "ثلث الأطفال فقط يحصلون على الرعاية الكافية من الأبوين، علماً أن نمو عقل الطفل يعتمد على ثلاثة عناصر أساسية تتمثل في: تزويده بالخبرات الحسية المتنوعة الغنية في كل لحظة من حياته، والتشجيع ، والمشاركة".
ومعلوم أن الحديث إلى الطفل ضروري لتنمية عقله وذكائه، إذ لا يكفي تعريض حواس ...

المصدر: مكتوب