الصداقة.. أساس لتكوين شخصية اجتماعية لابنك

 

الصداقة علاقة إنسانية ثرية بالمشاعر الرقيقة والمحبة الخالصة، فكلّما مرت السنوات على علاقة الصداقة زادتها عمقاً وأصالة وقوة. وتختلف الصداقة في مراحل العمر ففي السنوات الأولى من العمر تحكمها البراءة في التعامل التلقائي والميل الطبيعي لأنها تقوم بسبب الاشتراك في لعبة أو الإحساس بالحرية في التعبير والتعامل أو بسبب القرابة أو الصداقة بين الأسرتين، وغالباً ما تدوم وتقوى تلك الصداقة وتصبح هي الصداقات الحقيقية التي يكبر بها الشخص.


 

لذلك فمن المهم أن يحرص الآباء على أن يتيحوا الفرصة لكي يعقد أبناؤهم الصداقات الجميلة مع الأصدقاء.
آراء علماء النفس
تساعد الصداقة ابنك على النمو النفسي والحركي والاجتماعي، كما أنها تعمل على تنمية شخصيته فالصداقة تبعد الطفل عن العزلة، وهي – العزلة – خطيرة لأنها تحوله إلى شخصية ضعيفة هشة معرضة للإصابة بأمراض الفصام التي هي نتيجة للخوف وعدم الثقة بالنفس وأيضاً تتغلب الصداقة على الخجل والجبن والخوف الاجتماعي، وزيادة على ذلك فهي تساعده في التغلب على مشاكل الكلام، أما الملاحظ أيضاً فهو أنها تفرغ الشحنات الزائدة عند الطفل من الطاقة وذلك عند القيام باللعب وممارسة الهوايات، وبالتالي فإنها تخفف من العنف والرغبة في التدمير مما يساعده على التركيز في الأمور المهمة الأخرى مثل مذاكرة الدروس.
فبكل المقاييس تعمل الصداقة على إعفاء الأبناء من الكثير من المتاعب والأمراض النفسية وخصوصاً أنها تكبر معهم إلى أن تصبح عقدة يحتاجون إلى سنوات طويلة لكي يتعالجوا منها.
رأي علماء التربية
لأن علاقات الصداقة اختيارية فهي مبنية على الثقة والتسامح والمشاركة في الأسرار والاهتمام المتبادل، والصداقة تعلم ولدك معنى التعاون والعمل الجماعي وفي نفس الوقت تنمي روح المنافسة الإيجابية وتشجع على التقدم والتحسن، كما أن للصداقة دوراً محورياً في حياة ولدك فهي تقوي شخصيته وتساعده على تطوير المقاييس الأخلاقية لديه مثل معاني المساواة والعدل والتعاون والمشاركة.
أيضاً يجد ولدك في الصديق شخصاً قريباً إلى نفسه يمكنه أن يلعب معه ويتحاور معه على مستوى واحد بالإضافة إلى أن الصداقة تحرر الطفل من الأنانية وتعلمه التسامح والمصالحة مع الآخرين.
دور الوالدين
من المهم أن يشجع الوالدان الطفل على عقد صداقات مع من حولهم من الأقارب والمعارف والأصدقاء وذلك حتى يكونوا مطمئنين على نوعية تلك الصداقات، فتقارب السن بين الأطفال مهم بحيث لا يتعدى فارق العمر السنتين وإلا تعرضت الصداقة الجديدة لجوانب سلبية، إذ إن سيطرة الكبير على الصغير تجعل من الصغير شخصية تبعية تعاني من بعض السلبيات، وغالباً ما يختار الولد صديقه من بين جيرانه، حيث يراهم باستمرار ويشاركونه بيئته، ولهذا فإن اختيارك لمكان السكن ونوعية الجيران يلعب دوراً أساسياً في اختيار نوعية الأصدقاء لأبنائك.
كما يجب على الآباء مراعاة الأمور التالية التي من شأنها تقوية شخصية الأبناء وتساعدهم في اختيار أصدقائهم.
إذا أتى صديق ولدك إلى منزلك، فرحب به وأشعره باهتمامك به، وإذا ما أساء أحد الأصدقاء فلا تعنفه، بل حاول أن تشرح له بهدوء ما تتوقع منه من سلوك.
لا تعنف ولدك أمام أصدقائه، فهذا ما يجعله صغيراً أمام أعينهم، قل له مثلاً: "ألم نتفق أنه من الأفضل أن لا تقوم بهذا العمل؟ "بدلاً من" ألم أقل لك أن هذا السلوك سيء؟".
حاول أن لا تقول لأصدقائه مثلاً: "أنا لا أسمح لابني أن يقوم بمثل هذا العمل" فهذا يعطيهم انطباعاً أن ولدك محدد الحرية، وقد تجعلهم يسخرون منه.
إذا قطع ولدك علاقته مع أحد أصدقائه فلا تقل له: "لا عليك.. ولا تحزن على ذلك الصديق، فإنك ستقيم علاقة جديدة مع عشرات غيره" فإن مثل هذه العبارات تشعر الولد أن أهله لا يفهمونه ولا يقدرون مشاعره، فقد يمر الولد بعد انقطاع علاقته بصديقه بمرحلة من الإنفعال أو البكاء. والأولى أن تحدثه عن تجربتك الخاصة فتقول مثلاً: "أذكر مرة كم شعرت بالألم والحزن عندما فقدت واحداً من أصدقائي".
لا ترسلي ابنتك وحدها إلى بيت صديقتها، إلا إذا تعرفت على الجو العام لذلك البيت، واحرصي ألا تدخل إلى بيت صديقتها إلا إن رأتها وصافحتها وهي بالخارج، فلعل صديقتها تكون غير موجودة.
شجع أصدقاء أبنائك على المجيء إلى دارك، وانتبه إلى ما يقولونه مع أطفالك، دون أن يتخذ ذلك الإنتباه صفة اختلاس السمع، واستمع جيداً لما يقوله أبناؤك مع جيرانك وأصدقائهم، واستفد من هذه اللقاءات التي تظهر مزاج كل طفل من أطفالك والألفاظ التي يتفوهون بها.

المصدر: بوابة المرأة