الشيخوخة ..مصير وتحديات

 الشيخوخة ..مصير وتحديات -الجزء الأول

الشيخوخة واحدة من أهم المشكلات التي تواجه الإنسان المعاصر؛ فمع تقدم الطب وعلومه واستعمال العقاقير الحديثة أصبح بالإمكان القضاء على كثير من الأمراض، وتقدمت سبل الوقاية من الأمراض، مما أدى إلى رفع معدل العمر الوسطي للإنسان، وازدياد عدد المسنين زيادة كبيرة، وباتوا يشكلون نسبة مهمة من المجتمعات لها مشاكلها وهمومها وآثارها على المجتمع. واحتلت الشيخوخة مكانًا بارزًا في لائحة اهتمامات الأمم والشعوب والحكومات، إلا أن الدول النامية ومنها عالمنا العربي والإسلامي لم يعط اهتمامًا كافيًا بعد لهذه المشكلة المهمة، وهذا أمر مؤسف للغاية؛ إذ لا نكاد نرى دراسة أو بحثًا جديًا موجهًا نحو هذا الموضوع في الوقت الذي أخذ فيه هذا الموضوع حقه من اهتمامات الدول المتقدمة حيزًا كبيرًا، فوضعت للشيخوخة برامج وخطط حكومية، وأجريت حولها البحوث والدراسات، وأقيمت لأجلها المشافي والدور الخاصة وتفردت الشيخوخة باختصاص متميز يختص به الأطباء في دول العالم يسمى ( طب الشيخوخة).



التقينا د. حسان شمس باشا، استشاري أمراض القلب في مستشفى الملك فهد للقوات المسلحة بجدة في اللقاء الأول، تحدث عن الشيخوخة وتعريفها وعن المسن وتعريفه وأوضح التغيرات الفسيولوجية في الشيخوخة وأفاض في الحديث عن الأسباب التي تعجل بالشيخوخة، وغيرها من الموضوعات ذات الصلة.

وفي الجزء الثاني من حوارنا معه تحدث عن الشيخوخة والمسنين ورعايتهم وسبل علاج

هم، وفي هذا الجزء الثالث والأخير من حوارنا معه تناولنا معه رعاية المسنين شرعيًا وصحيًا.

بماذا تنصح أو ترشد الكبار منا؟

ينبغي علينا أن نرشد الكبار منا إلى مواطن القوة في حياتهم ومواطن الضعف وهناك مجموعة من الاعتبارات ينبغي أن يدركها كل مسن:

1 ـ ليست الشيخوخة كلها ضعفًا ولا هي كلها قوة وقد تكون أيام الشيخوخة من أكثر أيام الحياة إنتاجًا؛

2- الشيخوخة حالة نفسية قبل أن تكون عضوية؛ فينبغي عدم الاعتماد على المعيار الزمني للشيخوخة؛

3 ـ ربما تضعف الملذات الجسدية والمادية في الشيخوخة، إلا أن الملذات الفكرية والروحية والدينية تقوى عند المسنين؛

4 ـ على المسن أن يتقبل حياته كما هي، وأن يعتقد أنه قادر على ابتكار أشياء جديدة.

وماذا عن الأبناء؟

يتوجب على الأبناء توفير أوجه الرعاية،

والتي تتمثل في رد الجميل تجاه والديهم الشيوخ في هذه المرحلة الحرجة من حياتهم؛

تقديم الرعاية الطبية والصحية للمسنين؛

الاهتمام بالصحة النفسية للشيخ المسن وإشعاره بالحب والحنان وأن أهله بحاجة ماسة إليه؛

تنمية العلاقات الاجتماعية وتوسيع دائرة صداقات المسن مع المتكافئين معه سنًا وثقافة ومستوى والحرص على ملء وقت فراغهم؛

تشجيع المسن على البحث والقراءة حتى تبقى ذاكرته حية.

بماذا تفسر مشكلة المسنين؟

لقد بينت الدراسات أن الشيخوخة هي في الدرجة الأولى مشكلة اجتماعية قبل أن تكون مشكلة صحية أو بيولوجية؛ فالصعوبات والتعقيدات التي يواجهها كبار السن ناجمة أساسًا عن الوضع الاجتماعي الذي يعكس أفكار ومواقف الناس والمجتمع حيال الشيخوخة والمسنين، وقد يتعرض المسن لعدد من الظروف الاجتماعية التي تسبب له الكثير من المتاعب، ومنها:

عدم كفاية الراتب الذي يتقاضاه،

 أو عدم وجود راتب من الأصل،

العيش في ظروف مادية قاسية؛

الاتجاهات الاجتماعية السلبية نحو كبار السن والتي تسبب لهم الكثير من الأذى والألم؛

عدم توافر التوجيه والإرشاد النفسي.

ومشاكل المسن الاجتماعية تتمثل في الوحدة والعزلة الاجتماعية؛ حيث تتميز الحياة الاجتماعية للمسنين بفراغ يتخلل حياتهم، وذلك نتيجة تفرق أولادهم في شؤون الحياة، وتقاعدهم عن أعمالهم والضعف الجسمي الذي يحد من حركتهم ونشاطهم، وتناقص أفراد جيلهم، وتزداد الوحدة الاجتماعية شدة ومرارة مع موت أحد الزوجين ليترك الآخر مترملاً مهيض الجناح؛ فكلما تقدم الإنسان بالعمر؛ ازدادت عاداته وسلوكه رسوخًا وثباتًا؛ حتى تغدو جزءًا لا يتجزأ من مقومات شخصيته؛ وهناك ميل لدى المسن إلى الاستمرار في نوعية السلوك ونمطه؛ فاستعمال الجديد يحتاج إلى معرفة طريقته وتعلمه والاقتناع بفائدته، أما القديم فهو أيسر وأسهل ومع تقدم العمر يطبع الإنسان بطابع الحرص على القديم والتمسك الشديد بعادات وقيم نشأ عليها؛ لذلك فإن آراء المسنين واتجاهاتهم تمثل الأفكار والعادات التي كانت سائدة في زمن شبابهم، أما آراء الجيل الناشئ واتجاهاته فتمثل انعكاسًا وامتصاصًا لما يجري من تطورات حديثة متغيرة. ومن هنا ينشأ الصراع الدائم بين الجيل القديم والجديد، ويزداد نقد المسنين الحاد للجيل التالي في تصرفاته وآرائه، ويسخر مما وصلت إليه حال الأجيال التالية وتزداد نظريته تشاؤمًا للقادمات من الأيام.

 

 

الرياض.محمد محمود صالح

الشيخوخة مصير وتحديات -الجزء الأول