الزوجة لماذا ومتى تسرق زوجها؟

عندما تتحول القطة الناعمة إلى غول قاتل فتّش عن قهر الرجال وقسوتهم، ولكن حين تتحول إلى لص يسرق زوجها فهل السبب هو الخيانة أو الحكمة التي تهديها غليها الأيام؟ أم أشرف متزوجة منذ 28 عاماً، اعتادت سرقة زوجها يومياً لتفك غلال القيد عن عنقها هي وأولادها، فكان زوجها الميسور يعتمد على دخلها من ميراثها ويشح عليها، ثم يلقي بأمواله في مهب الريح في صفقات فاشلة.



تقول أم أشرف لشبكة الأخبار العربية "محيط": يعمل زوجي موزع معتمد لشركات المياه الغازية، وأساعده في الإدارة بعد قيامي بأعمالي المنزلية، ورغم ذلك كان شحيحاً عليّ وعلى أولادنا الخمس رغم أن دخله ميسور، وكنت أتضايق عندما يحرمنا ويهب إخوته وأبناء أعمامه، فقررت أن أستفيد أنا وأبنائي من أمواله المحرمة علينا. وتتابع: بالفعل كنت آخذ من النقود ما يسترني وأولادي وأشتري لأولادي كسوة العيد التي كان يرفض شرائها، والأكثر من ذلك كنت أوفر مما آخذه وأشتري ذهباً وأدخر الأموال، وعندما كان يدخل صفقة خاسرة كان يجدني بجواره أسانده بأمواله التي كنت أدخرها بالإضافة إلى دخلي الثابت من ميراث أبي.

40 عاماً من السرقة في المقابل صُدِم رجل اسكتلندي صدمة عمره عندما علم أن زوجته التي ظل يحمل لها غصن الود ندياً طوال 40 سنة من الزواج، كانت تسرقه بانتظام طوال فترة زواجهما. اكتشف الزوج ذلك عندما قصد المصرف لسحب نقود من حسابه المصرفي ليقدم هدية لزوجته بمناسبة عيد زواجهما ودعوتها للعشاء، وقد اعترفت الزوجة، بحسب صحيفة (جلاسكو ريكورد)، بأنها حصلت من خلال تزوير توقيع زوجها على ما يقارب الـ 110 آلاف دولار أميركي، لكنها حاولت إقناع المحكمة أنها كانت بحاجة لهذه الأموال من أجل المحافظة على عمل صالة عرض الأعمال الفنية التي تمتلكها.

 

إجرام أم مرض نفسي:

غالباً ما يتكتم الزوج على أمر سرقته في منزله حتى وإن أوشك على هد جدرانه، إلا أنه يجد حرجاً كبيراً في البوح بهذا الأمر، وربما لا يعرف أصلاً مدى سرقته ويحسب أنها فقدت منه في المصاريف اليومية. ولكن ما موقف الزوجة التي تسرق زوجها؟ هل تعد مريضة نفسياً تعتريها رغبة الامتلاك؟ أم أنها مجرمة خائنة؟ أم أنها تعتقد ان هذا التصرف حكمة في الحفاظ على مال زوجها كـ"أم أشرف"؟ الدكتور محمود عبد الرحمن حمودة أستاذ الأمراض النفسية والعصبية بكلية الطب جامعة الأزهر، يصنف سرقات النساء أنواعاً، ويقول بحسب صحيفة الأهرام: عندما تنشأ الزوجة على عدم احترام ملكية الآخرين المحيطين بها فمن المؤكد أن زوجها سيكون الضحية الأولى لأنه أمامها دائما‏,‏ ومثل هذه الزوجة عندما تسرق لا تشعر بالذنب فلم يرسخ بداخلها أن أخذ نقود الغير في الخفاء هو سرقة حتى ولو كان زوجها‏.‏

ويلزم لعلاج تلك الزوجة أن تعاد صياغة شخصيتها من جديد‏,‏ وأن يرسخ بداخلها قيمة احترام حدود ملكية الغير‏,‏ ويمكن أن يقوم بذلك زوجها عن طريق المصارحة والإقناع من خلال الحوار المتصل‏.‏ وسيلة انتقام قد تلجأ الزوجة إلى السرقة انتقاماً من الزوج، حينها تكون الزوجة محبطة من زوجها سواء كان هذا الإحباط ماديا أو عاطفيا‏,‏ ويولد الإحباط لديها شحنة عدوان تجاهه فتطلق تلك الشحنة في سلوك السرقة كانتقام منه وعقاب له علي سوء تصرفه‏,‏ وإن كانت السرقة لا تحل المشكلة القائمة بينهما بل قد تزداد في حالة اكتشافه أنها تسرق نقوده وهكذا يدخلان في دائرة مفرغة لا نهاية لها‏.

ويتابع أستاذ الأمراض النفسية قائلاً: يلاحظ أن السرقة التي تمارسها تلك الزوجة كفعل عدواني يولد بداخلها شعور بالذنب‏,‏ مما يترتب عليه إصابتها بالاكتئاب‏,‏ بل معاقبة النفس علي مستوى لا شعوري‏,‏ تصاب بمرض الوسواس القهري‏,‏ وأعراضه غسل اليدين المتكرر والإجهاد الجسدي في التنظيف أيضا وقد تعاني هذه الزوجة من أعراض جسدية ليس لها أساس عضوي مثل الإصابة بنوبات الهلع والشعور بالدوخة وتنميل الأطراف وبرودتها وخلل في ضربات القلب والشعور بالاختناق‏.‏ وعلاج هذه الحالة يكون بعلاج السبب وهو إفراغ شحنة العدوان الناشئة عن الإحباط وذلك بممارسة أنشطة يومية تمتص تلك الطاقة‏,‏ مع محاولة الحوار المتفهم مع الزوج أو حتى بالاحتجاج الصارخ ولكن دون سرقة‏.‏

 

عاشقة الامتلاك

عندما تشعر الزوجة بقيمتها بمقدار ما تمتلك تسرق زوجها رغبة في حب الامتلاك‏,‏‏ وكلما امتلكت شيئا سعت إلى غيره‏,‏ وقد يكون طريقها لذلك هو السرقة من جيب زوجها‏,‏ خاصة إذا كان ميسور الحال ولا يعرف مقدار ما في جيبه من نقود‏,‏ ويصل الأمر بهذه الزوجة إلى أن تغالي في مصروف البيت‏,‏ وتضيف إلي ثمن المشتريات نسبة إلى نفسها ‏(‏سمسرة‏)‏ أو تطلب أشياء لا تحتاجها ثم تقوم ببيعها‏. نهم هذه الزوجة لحب التملك لايوقفه حد‏,‏ وربما يكون ذلك لمعاناتها في صغرها أو يكون طلبا للأمان الذي تفتقده داخليا في علاقة حميمة مشبعة وتعوض ذلك بامتلاك المال‏.‏

وعلاجها لن يكون باقتنائها للمال ولا للأشياء فذلك لن يشبعها‏,‏ ولكن الذي يشبعها هو علاقة زوجية حميمة متفهمة تشعر معها بالأمان وبعدم الاحتياج‏.‏ زوجة البخيل فقد يكون الزوج بخيلا لاينفق علي البيت‏,‏ وتضطر الزوجة للسرقة من جيبه كي تنفق علي مستلزمات حياتها وأولادها‏,‏ وهذا ليس مرضا ولا خللا نفسيا‏,‏ ولكنه اضطرار تلجأ إليه من فرط الاحتياج المادي‏,‏ وهنا تتحري الزوجة أن يكون ما تأخذه يكفي الضروريات فقط وليس الكماليات‏.‏ حداً للنزوات كثير من الرجال عندما يتيسر حاله لا يبخل على نفسه في خوض مغامرات ونزوات، زوجة هذا النوع من الرجال تلجأ إلى سرقته كنوع من قصقصة ريشه عاملة بالمثل الشعبي " قصقصي طيرك قبل ما يلوف بغيرك " .

ويرى الدكتور محمود عبد الرحمن حمودة أنه إذا كان هذا النوع من السرقة يعبر عن تخوف الزوجة فإنه يعبر أيضا عن عدوانها تجاه هذا الزوج وحسدها لإمكانياته‏,‏ ومهما حاولت الزوجة إخفاء ذلك العدوان فإنه سيصل للزوج ويجعله يحذرها، وقد يبتعد عنها تماما سواء ارتبط بأخرى أم لا‏,‏ وذلك لأن الزوجة العدوانية عدوانا ناشئا عن الخوف وعدم الشعور بالأمان لاتكون مريحة ففاقد الشيء لايعطيه‏.‏

وعلاج تلك الحالة‏ لا يكون عن طريق الزوج لأن صراعها النفسي عميق يعود إلي طفولتها وينطوي علي حسد الرجل علي رجولته بل التنافس معه أحيانا‏,‏ وكلما حاول الزوج مساعدتها اعتبرتها سيطرة منه وترويضا لها‏,‏ فيحتدم الصراع بداخلها أكثر‏,‏ ولذلك فإنها تحتاج إلي طبيب نفسي متخصص‏.‏

 

رغبة في العقاب

فقد يكون لدي الزوجة شعور داخلي بالذنب‏,‏ ورغبة للعقاب للتكفير عن هذا الشعور بالذنب فتسرق وتعترف بالسرقة لنيل العقاب‏,‏ فإذا ما نالته شعرت بالراحة وهدأت ميولها الاستفزازية واختفي الشعور بالذنب وحل محله الرثاء للنفس تعقبه حالة سلام داخلي‏,‏ ويظل ذلك لفترة إلى أن يتراكم الشعور بالذنب داخلها من جديد فتسرق من جيب زوجها وهكذا‏!.‏

وعلاج هذه الزوجة هو محاولة معرفة ما في داخلها وأسباب الشعور بالذنب التي غالبا ما تكون في العقل الباطن وهذا يتم من خلال جلسات العلاج النفسي‏.‏ هوس السرقة الكلبتومانيا‏ وفي هذا النوع تحدث السرقة كنوبة يسبقها توتر شديد تعقبها ممارسة السرقة لتخفيف هذا التوتر مع الشعور بلذة عند إتيان فعل السرقة‏,‏ وهذا النوع يتم حدوثه بالسرقة من المحلات أكثر من جيب زوجها‏,‏ ولكنه قد يمتد إلي جيب الزوج‏,‏ وهو مرض مشهور بـ هوس السرقة وعلاجه نفسي وقد يحتاج لبعض العقاقير التي تستخدم في علاج مرض الوسواس القهري‏.‏ وجهة نظر الشرع قد يجيز بعض الفقهاء أموال الرجل لزوجته، الدكتور عبد الله النجار - أستاذ الشريعة والقانون بجامعة الأزهر- يقول بصحيفة "الجمهورية":

"يقع كثير من الوعاظ والمتحدثين في خلط كبير حينما يستدلون بحديث عائشة رضي الله عنها" إن هنداً بنة عتبة قالت: يا رسول الله. إن أبا سفيان رجل شحيح. وليس يعطيني وولدي إلا ما أخذت منه وهو لا يعلم قال: "خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف"، حيث يستدلون بالحديث من آخره ولا ينظرون إلي أوله، وكما يبدو من منطوق الحديث، فإن أوله يفيد دلالة أنه لا يجوز للمرأة أن تأخذ من مال زوجها إلا بإذنه".

ويتابع: هذا هو الأصل العام الذي يقرر انفراد كل من الزوجين بما يملك، وأن ملكيته إذا كانت مقررة له علي ماله، فإنه لا يجوز أن يتم الاستيلاء عليه إلا بإذنه. أما إذا امتنع الزوج عن الانفاق رغم قدرته المالية يجوز لها استثناء أن تأخذ من ماله ما يقيم حاجتها وفقاً للمعروف من حاله وبيئته. ولكن ذلك يكون مشروطاً بالضوابط الشرعية المقررة في صدر الحديث ومن أهمها أن يمتنع الزوج عن الإنفاق مع قدرته عليه ظلماً وعدواناً لبخله وشحه.

وأن يكون ذلك الأخذ بقدر حاجتها ورفقاً لحاله الذي يحكم أصل وجوب النفقة حتى تلجأ إلي القضاء فيلزمه بالإنفاق عليهم. والزوج في حال السائلة غير ممتنع عن الإنفاق. فيكون أخذ زوجته من ماله بدون إذنه خيانة تنافي ما أوجبه الشارع عليها من حفظ ماله عند غيبته. وإذا كانت الفتوى قد خالفت ذلك تكون خاطئة.

عزيزي الزوج أنت متفق مع القول المأثور "ثلاثة لا أمان لهم: المال ولو كثر والسلطان ولو قرب والمرأة ولو طالت عشرتها"؟ وكيف ترى سرقة المرأة لزوجها نوعاً من الحكمة أم الخيانة أم المرض النفسي؟

 

موقع الأسرة السعيدة