الزوج الديكور

 

وصلتني رسالة من فتاة عمرها 16 سنة تقول فيها: يعالجني طبيب يشبه رشدي أباظة وكلمات عدت من عيادته إلى بيتي، أظل أفكر فيه، وأحياناً أبكي بشدة. أفكر في الاعتراف له بحبي، لكنني أخشى أن يستهزئ بي ويصدني. لا أدري كيف أقاوم صورته في خيالي وأنسى حبه؟



 

ولهذه الفتاه أقول: عادة ما تمر البنات في مثل سنك بمشاعر تظن أنها مشاعر حب حقيقية، وعادة تكون هذه المشاعر، ليست صادقه أو حقيقية، لكنها نتاج المرحلة العمرية التي تمرين بها. ولا تمر سنوات قليلة حتى تشعرين بأن هذه المشاعر قد تغيرت، بل ربما تضحكين من نفسك: كيف كنت أفكر هكذا؟ لذلك من أهم الأمور في مثل سنك هذه أن تكتمي هذه المشاعر حتى تنضجي مع الوقت. أما الاندفاع خلف هذه المشاعر في الوقت الحالي، فيؤدي بك إلى مشاكل كبيرة قد تضيع حياتك أو تدفع الآخرين للسخرية منك.

 

لذلك أنا لا استهين بعواطفك ومشاعرك، ولا أقول أنها مشاعر كاذبة أو تافهة، فأنا متأكد أن في سنك هذه يمتلئ قلبك بمشاعر قويه وعنيفة. لكن أرجوك أن تصبري على هذه المشاعر واكتميها حتى تصيري أكثر نضجاً. واعلمي أن الطريقة التي اختارها الإسلام لتفريغ مشاعر المرأة تجاه الرجل، والرجل تجاه المرأة، هي الزواج. وهي أحسن طريقة لحمايتك وحفظ حقوقك. لذلك أوصيك بالصبر حتى تأتي فرصة الزواج الطبيعية وتكوني أكثر نضجاً. حتى تضمني السعادة دائماً.

 

ويعينك على هذا الصبر وعدم الانحراف في عاطفتك أن تفرغي هذه العاطفة في أشياء يرضاها الله في حب الإسلام وحب الوالدين ونفع المجتمع، وأن تفرغي طاقة الحب التي يمتلئ بها صدرك في أعمال نافعة. فإذا افترضنا إن طاقه الحب بداخلك منه وحدة، فإن طاعتك لله ووجود صحبة صالحة متدينة حولك. ونفعك للمجتمع ستزيد الكثير من هذه الوحدات، حتى يأتي الوقت المناسب للزواج فتفرغ كلها في الاتجاه الصحيح.

 

الزوج الديكور

ورسالة من سيدة تقول: أنا امرأة في الثلاثين من عمري، وأعمل في وظيفة محترمة، مشكلتي أنني متزوجة من رجل ضعيف الشخصية، كأنه مجرد ديكور في حياتي، رغم أنه طبيب بارع في مهنته، لكن لا خبره له في الحياة العامة أو العلاقات الزوجية.صرت لا أطيق حياتي معه. ما يمنعني من طلب الطلاق أنه إنسان طيب، لم يجرح شعوري يوماً. أنا تعيسة معه، ولا أدري ماذا أفعل:

 

ولهذه السيدة أقول: سيدتي.. هناك مقولة تقول: نادراً ما يجد الرجل امرأته الكاملة، ونادراً ما تجد المرأة رجلها الكامل. إن طباع الناس ليست مرضية في جميع الأحوال والنبي يعلمنا في قضية الصبر على الزواج فيقول: لا يترك مؤمن مؤمنة، إن كره منها خلقاً رضي منها آخر أو قال غيره. رواه مسلم. والنبي بهذا الحديث يشجع الناس على استمرار الحياة الزوجية، وان تزن حسنات وسيئات الطرف الآخر. فليس كل ما تبحث عنه المرأة في الزوج ستجده. وإنما يتعايش الناس في وجود مجموعة من الطباع والأخلاق والصفات المقبولة.

 

أنت تقولين إن زوجك فيه مجموعة من الصفات الجيدة، منها الطيبة وحسن المعاملة، وغيرك من النساء يعانين كثيراً من سوء المعاملة. أنا أعرف أنه من الصعب على المرأة تحمل ضعف شخصية الزوج. فالمرأة دائماً تحتاج إلى الرجل القوي، تستشعر بجواره الحماية والأمان، وهذا شيء فطري في طبيعة المرأة. لكن أنصحك بالصبر على وضعك الحالي وأن تكملي حياتك الزوجية، إلا إذا وصلت إلى مرحلة تفقدين فيها القدرة على احترام زوجك، عندها لابد من الفراق. وأظن من كلامك أنك لم تصلي إلى هذه المرحلة بعد. والمرأة الذكية هي التي تترك لزوجها مقود القيادة في البيت حتى لو كانت أذكى وأعقل منه. ويكون دليل ذكائها أنها تعطيه دفة القيادة حتى لو كانت في الواقع هي التي تقود، وأن  توحي له دائماً بذلك أنصحك أن تفعلي ذلك مع زوجك، وأن تصبري على ضعف شخصيته.

 

عمرو خالد يكتب لأسرتي بتاريخ يونيو 2005