الرعاية الأسرية لطلاب الجامعة..

تعد الأسرة ذلك النظام الاجتماعي الذي يتلقى ويتعلم فيها الفرد القواعد الأخلاقية وطرائق التفكير ويتدرب على عادات وتقاليد المجتمع الذي يعيش فيه..



 

كل ذلك يتم من خلال رعاية الوالدين لأبنائهم ،حيث يؤكد (سيزر )أن البيئة الأسرية التي يعيش فيها الفرد هي خلاصة علاقته بوالديه وأساليب رعايتهما له وهي التي تشكل معظم أنماط سلوكه وصحته النفسية يشير (برم ،1982)في دراساته إلى أن الرعاية الأسرية هي التي تكسب الأفراد المعارف والمهارات والسلوكيات والقواعد الأخلاقية التي تمكنه من المشاركة بفاعلية في المجتمع، ويحتل الوالدان الدور الأساسي في إشباع الحاجات النفسية والاجتماعية..
 
وبذلك تعد الرعاية الأسرية الحجر الأساس في إشباع حاجات الفرد النفسية والبيولوجية وتجعل الطفل يكتسب من بيئته الأسرية اللغة والعادات والتقاليد والقواعد الأخلاقية والمعاني المرتبطة بأساليب الإشباع و حاجاته الفطرية والاجتماعية والنفسية ويكتسب القدرة على توقع استجابات الغير نحو سلوكه وقواعده الأخلاقية واتجاهاته..
 
إن الرعاية الوالدية هي أحد العناصر الأساسية في عملية التنشئة الاجتماعية ويتفق معظم علماء النفس والاجتماع على اختلاف مواقفهم النظرية على أهمية رعاية الوالدين وأهمية التفاعل بين الوالدين في تكوين شخصية الفرد ويشير( فرويد) إلى الدعائم الأساسية تتكون بصورة ثابتة في السنوات الخمسة الأولى وإن ما يحدث بعد ذلك يكون حصيلة ما سبق(فرويد،47:1967) فالرعاية الوالدية في نظر فرويد لها الأثر الأكبر في تكوين شخصيته فإذا ما فقد الطفل حنان أمه في سنوات طفولته المبكرة فإنها ستترك آثار سلبية في شخصيته فيما بعد عندما يكون مراهقا أو رشدا.
 
إن تكوين الشخصية الإنسانية بكل أنماطها السلوكية المستقبلية تتأثر بالبيئة الثقافية والاجتماعية للأسرة التي ينشأ فيها الفرد وأن تفكيره ما هو إلا نتاج التفاعلات الثقافية والاجتماعية لأسرته ومجتمعه، فضلا عن ذلك أن أساليب التعلم وأنماطه تلعب دورا كبيرا في صياغة شخصيته ونموها نمواً سلبياً أو إيجابياً وإذا كانت هذه الآثار مهمة في كل مراحل الحياة فأن أهميتها تتضاعف في مرحلة الطفولة لأنها ترسم فيها أبعاد الشخصية. وهذا ما أكدته دراسة (Deilman.C,1982) ودراسة ( الرفاعي،1987) التي أشارت إلى أن الرعاية الوالدية لها الأثر الأكبر على تكوين شخصية الأبناء مستقبلا،وان الجوانب السلبية والايجابية في شخصية الأبناء، قد ترجع إلى نوع الرعاية التي يتلقونها من والديهم حيث يشكل الوالدان والأسرة البيئة الأولى في حياة الفرد وهذا ما يؤكده واقع حال الأسرة.
 
مما تقدم أن للأسرة دور كبير وفعال في بناء شخصية الأبناء وتكوين القواعد الأخلاقية لديهم لأن القواعد الأخلاقية توجه تصرفات الإنسان وتشمل أيضا تصرفاتهم الخاصة التي تنقل في نطاق سلوكه وتصرفاته الفردية فالتنظيم الاجتماعي يتطلب من الفرد الالتزام بقواعد أخلاقية تهدف دوما إلى الإصلاح فالأخلاق مثلا لا ترضى بحال من الأحوال أن يمتنع الإنسان عن وفاء دينه، والقواعد الأخلاقية يفرضها على الفرد ضميره ووجدانه أو الضمير العام في المجتمع الذي يعيش فيه..
 
فالقواعد الأخلاقية مهمة في حياة الفرد والمجتمع فهي ذات أهمية شخصية و اجتماعية لأنها تؤثر في علاقات الفرد بالآخرين ولأنها تؤدي عدد من الوظائف على المستويين الشخصي والاجتماعي، إذ تمكنه من معالجة الأوضاع الحياتية المختلفة على نحو مستمر وفعال كما أنها لها وظيفة تتمثل في مساعدة الفرد على انجاز أهداف معينة تمكنه من التكيف مع الجماعة التي يعيش فيها وتوفر للفرد فرص التعبير عن الذات وتحديد هوية معينة في الحياة، الأمر الذي يضفي على حياته معنى هام ويجنبه الانعزال واللامبالاة، وللقواعد الأخلاقية وظيفة دفاعية بالنسبة للفرد كونها ترتبط بسلوكه وحاجاته ودوافعه الشخصية أكثر من ارتباطها بالخصائص الموضوعية أو الواقعية، فالفرد يستخدم القواعد الأخلاقية المقبولة في المجتمع والتي تعلمها من رعاية والديه له للدفاع عن ذاته والاحتفاظ بكرامته وثقته بنفسه..
 
لقد زاد الاهتمام بموضوع القواعد الأخلاقية وتنميتها، في إطار من الدراسة والبحث في بداية السبعينات من القرن التاسع عشر وذلك لان تنمية القواعد الأخلاقية يأتي من خلال السلوك الخلقي فالقواعد الأخلاقية هي الأساس في السلوك عند الإنسان والموجهة لحياة الأفراد فهي تشكل الأساس في الدافعية والسلوك المشبع فيه لذا فأن فقدان القواعد الأخلاقية وضياع الإحساس بها وعدم تعرفها يجعل الفرد أمنا وأمانا كما إنها تساعد الفرد في تنظيم مدركاته نحو العالم المحيط به وأسلوب تكييفه مع البيئة فضلا عن أنها توجه الفرد نحو الأفعال والأنماط السلوكية المستقلة،إذ إنها تقدم معلومات عن السلوك المحتمل للفرد وتتنبأ به..
 
إن القواعد الأخلاقية يعتمد عليها المجتمع في تكامل بنيته الاجتماعية وخصوصا المشتركة بين أعضائه والتي كلما اتسع مداها ازدادت وحدة المجتمع في حين تضعف تلك الوحدة كلما أنحسر مدى تلك القواعد بينهم وأن التنافس والاختلاف في القواعد الأخلاقية يؤدي إلى صراع بين أعضائه ويقود إلى تفككه والى صعوبة الوصول للاتفاق في الأمور المهمة.
 
إن الفرد كوحدة بناء في النظام الاجتماعي، فبالنسبة للفرد تبرز أهمية القواعد الأخلاقية في حياته مثل التأكيد على أهميتها في حياة الجماعة فبالنسبة للفرد هناك دوافع محركة لسلوكه ومحددة لها ولها دور فعال قي تكامل شخصيته ،ذلك التكامل الذي يعتمد لدرجة كبيرة على اتساق نظام الأخلاق لديه،فهي أحد المحاور الرئيسة للشخصية التي يمكن الاستعانة به على فهم السلوك وتفسيره وان نمط الشخصية في أي مجتمع ليس إلا نظام   للقيم الروحية والقواعد الأخلاقية الناتجة عن خبرات الحياة حيث ان القواعد الأخلاقية والروحية من أهم نواتج الرعاية الوالدية والاجتماعية للفرد التي يتم اكتسابها وتعديلها بالتعلم وتخضع للمبادئ والقوانين التي تحكم أنماط السلوك الأخرى وهي تتكون بالملاحظة والتقليد وقد بين باندورا 1969 أن العديد من الأنماط السلوكية يمكن اكتسابها بمجرد ملاحظة سلوك النموذج وتقليده وهذا يوحي بأهمية الدور الذي يمكن أن يلعبه المعلم بعد الأسرة في تشكيل القواعد الأخلاقية والقيم الروحية عند طلابه..