الداء الكبدي الكحولي ALCOHOLIC LIVER DISEASE

يتم استقلاب الايتانول في الكبد بطريقتين وينتج عن ذلك زيادة في النسبة NADH/NAD. كمون الأكسدة والإرجاع المتبدل يُسبب زيادة تصنيع الحموض الدسمة الكبدية مع انخفاض أكسدتها,كمون الأكسدة والإرجاع المتبدل يُسبب زيادة تصنيع الحموض الدسمة الكبدية مع انخفاض أكسدتها, كلتا الحادثتين تؤديان إلى تراكم الحموض الدسمة في الكبد وبالتالي أسترة الحموض الدسمة إلى غليسيريدات. التبدل في الأكسدة و الإرجاع أيضاً يضعف إستقلاب الكربوهيدرات و البروتينات و يعتبر سبباً في تنخر مركز فصيص العنبة الكبدية حيث يُعتبر التنخر نموذجياً للإصابة الكحولية. يتشكل الأسيت الدهيد من أكسدة الإيتانول و يؤثر على البروتينات الكبدية و بالتالي يمكن أن يعتبر عاملاً لحدوث الإصابة الكبدية .

الآلية الدقيقة لالتهاب الكبد الكحولي و التشمع الكحولي غير معروفة , ولكن بما أن 10-20% فقط من الناس الذين يستهلكون الكحول بشكل مفرط سوف يطورون تشمع كبدي, لذا فقد تبين أن للوراثة دورٌ في قابلية الإصابة بالتشمع, كما أن الآلية المناعية قد تم طرحها أيضاً.

يمكن أن يُعزّز الكحول من التأثيرات السمية لنواتج استقلاب الأدوية (مثل باراسيتامول) على الكبد, كما يُحرض على الاستقلاب المكروي بواسطة جهاز أكسدة الايتانول المكروي (MEOS)



الآلية الإمراضية :

يمكن للكحول أن يسبب طيفاً واسعاً من الأمراض الكبدية تتراوح من تغيرات دهنية إلى التهابات كبدية و تشمع كبدي .

 التغيرات الدهنية Fatty Changes:

يؤدي الإستقلاب الدائم للكحول في الكبد إلى تشكل الشحوم,خاصة في المنطقة 3 . هذه التغيرات تكون قليلة في حال كانت كمية الكحول المستهلكة صغيرة, لكن الكميات الأكبر تسبب انتفاخ الخلايا وامتلاؤها بالشحوم (تنكس دهني) . لاتحدث أذية الخلية الكبدية, وهذه التغيرات تكون قابلة للتراجع عند إيقاف استهلاك الكحول. وقد يحدث التنكس الدهني لأسباب غير كحولية.

في بعض الحالات قد يتوضع الكولاجين حول الأوردة الكبدية المركزية (تليف حول الأوردة) فتترقى إلى تشمع كبدي حتى لو لم تكن مسبوقة بالتهاب كبد. للكحول سمية مباشرة على الخلايا النجمية, فيحولها إلى خلايا أرومية ليفية عضلية منتجة للكولاجين.

 التهاب الكبد الكحولي Alcoholic hepatitis

في هذه الحالة يحدث بالإضافة إلى التغيرات الدهنية ارتشاح للكريات البيض متعددة النواة و تنخر للخلايا الكبدية خاصة في المنطقة 3. ونجد محتويات سيتوبلاسمية كثيفة تدعى أجسام مالوري Mallory bodies تُشاهد أحياناً ضمن الخلايا الكبدية إضافة لوجود متقدرات عملاقة. تُعتبر أجسام مالوري مظهراً دالاً على الأذية الكبدية, لكنه ليس نوعياً, لأنها قد تشاهد في أمراض كبدية أخرى مثل داء ويلسون و التشمع الصفراوي البدئي.

يتطور التهاب الكبد الكحولي إلى تشمع إذا استمر استهلاك الكحول.

 تشمع الكبد الكحولي Alcoholic cirrhosis

عادة يكون التشمع الكحولي من النمط صغير العقيدات, لكن يمكن أيضاً مشاهدة نموذج مختلط مترافق مع تغيرات دهنية, وقد نجد أدلة على وجود التهاب كبدي كحولي سابق.

المظاهر السريرية :

في تشحم الكبد:

في أغلب الأحيان لا توجد أعراض أو علامات. ولكن قد تظهر بعض الأعراض الهضمية اللانوعية الناتجة عن تأثيرات الكحول العامة على السبيل المعدي المعوي (غثيان , إقياء , إسهال (

قد تظهر ضخامة كبدية ( قد تكون شديدة أحياناً ) مرافقة لتظاهرات الداء الكبدي المزمن الأخرى .

التهاب الكبد الكحولي :

تتراوح المظاهر السريرية بين :

-          مريض طبيعي يشتكي من أعراض خفيفة , ويتظاهر التهاب الكبد فقط على خزعة الكبد مع وجود التغيرات المشاهدة في التشحم .

-          أعراض خفيفة إلى متوسطة الشدة من المرض تترافق أحياناً مع يرقان خفيف  العلامات : تضم كل العلامات المشاهدة في الداء الكبدي المزمن . التحاليل الكيميائية غير مفيدة في التشخيص الذي يعتمد بشكل أساسي على الدراسة النسيجية للكبد والخزعة .

-          في المرحلة الشديدة من المرض والتي تتميز بحدوث التشمع الكحولي . تتظاهر بـ : يرقان ,حبن, ألم البطني بشكل متكرر بالإضافة للترفع الحروري المرافق للتنخر الكبدي .  بالفحص السريري: نجد يرقان شديد , ضخامة كبدية ,أحيانا ًضخامة طحالية ,حبن و وذمة كاحل بالإضافة إلى علامات الداء الكبدي المزمن .

التشمع الكحولي :

يمثل المرحلة الأخيرة من الداء الكبدي الناتج عن تناول الكحول. ومع ذلك قد يكون المريض بصحة جيدة ويبدي أعراض خفيفة . بالفحص السريري نجد علامات الداء الكبدي المزمن .

 التشخيص : يتم تأكيده بواسطة خزعة كبدية. عادةً يتظاهر المرض بأحد اختلاطات التشمع , وقد ظهر في حالات عديدة ملامح الإعتماد الكحولي بالإضافة إلى أذيات الأجهزة الأخرى مثل اعتلال الأعصاب المتعدد polyneuropathy.

الاستقصاءات:

في تشحم الكبد:

نلاحظ ارتفاع في حجم الكرية الوسطيMCV , والتي تشير غالباً إلى استهلاك مفرط للكحول.التحاليل الكيميائية للكبد.

تُظهر تغيُّرات طفيفة مع ارتفاع في مستوى أنزيمات الأمينوترانسفيراز (ناقلات الأمين ) المصلية ويعتبر غاما غلوتامين ترانس ببتيداز Gamma-GT اختبار حساس لتحديد فيما إذا كان المريض لا يزال يتعاطى الكحول أم توقف عن تناوله.

في حال الارتشاح الشحمي الشديد للكبد يمكن أن تظهر تغيرات ملحوظة في جميع قيم التحاليل الكيميائية للكبد.

الأمواج فوق الصوتية أو التصوير الطبقي المحوري CT تُظهر التغيرات النسيجية في الكبد ومدى الارتشاح الشحمي فيه.

و يمكن استخدام الإيلاستوغرافي elastography كوسيلة لتقدير درجة التليُّف الكبدي.

التهاب الكبد الكحولي:

تُظهِر الاستقصاءات كثرة الكريات البيض مع تغيرات ملحوظة في التحاليل الكيميائية للكبد حيث نلاحظ ارتفاع:

         بيليروبين المصل.

         ALT و AST المصلية

         الفوسفاتاز القلوية.

         زمن البروثرومبين.

من المُمكن مشاهدة انخفاض في مستوى الألبومين المصلي, ونادراً ما نُشاهد فرط في شحوم الدم مع انحلال دموي (مُتلازمة زيف ( Zieve’s syndrome

أما خزعة الكبد ففي حال الحاجة إليها فإنها تتم عبر الوريد الوداجي خشية حدوث اضطرابات نزفية بسبب ارتفاع زمن البروثرومبين.

تشمع الكبد:

نفس استقصاءات التشمع بشكلٍ عام.

التدبير و إنذار المرض:

التدبير العام:

يجب أن يتم توجيه المريض للإمتناع عن الكحول. وتتم معالجة الهذيان الإرتعاشي(عرض انسحاب) بواسطة الديازيبام diazepam

ويجب إعطاء التيامين thiamin وريدياً للوقاية من اعتلال الدماغ ويرنكه-كورساكوف و تزويد المريض بالفيتامينات وإعطائه وجبة عالية البروتينات بالإضافة إلى الراحة السريرية.

 الوجبة الغذائية الحاوية على البروتين نادراً ما يتم تحديدها بسبب الإعتلال الدماغي. يجب توجيه المرضى للمشاركة في برامج الامتناع عن الكحول,  و قدرة المريض على الامتناع عن الكحول تعتمد على عدة عوامل, خاصة العوامل الاجتماعية و العائلية

في تشحم الكبد:

بعد امتناع المريض عن استهلاك الكحول فإن الدهون سوف تختفي و التحاليل الكيميائية ستعود لطبيعتها.

التهاب الكبد الكحولي:

في الحالات الشديدة يتطلب قبول المرضى في المستشفى. ويجب المحافظة على تغذية المريض وتزويده بالفيتامينات وقد يتطلب الأمر تغذية معوية . المعالجة بالستروئيدات تقوم بتحسين النتيجة وذلك في الحالات الأكثر شدةً وفقاً لتابع العملية الرياضية التالي:Discriminant function (DF).

DF prothrombin time above control= (4.6 . in seconds) + bilirubin mg dL

وتكون الحالة شديدة إذا كانت القيمة أكبر من 32 يجب منع حدوث الإنتان أو معالجته بشكل فوري, و يجب استخدام الأدوية الوقائية المضادة للفطور و البدء بعلاج الحبن و الإعتلال الدماغي. كما يجب امتناع المريض عن الكحول لمدى الحياة لأن الكحول ستؤدي بلا شك للإصابة بتشمع الكبد. إنذار المرض متغير , وبغض النظر عن الامتناع عن الكحول فإن الداء الكبدي هو داء مترقي عند العديد من المرضى. نسبة الوفيات في الحالات الشديدة على الأقل 50%, و لكن عند ارتفاع زمن البروترمبين لضعف الزمن الطبيعي و ترقي الاعتلال الدماغي و القصور الكلوي فإن نسبة الوفيات ترتفع لـ 90%

التشمع الكبدي:

كما ذكرنا مُسبقاً فإن استهلاك الكحول سيؤدي بلا شك إلى تشمع كبدي, وإن الامتناع عن استهلاك الكحول سوف يُحسن من ترقي التشمع, حيث أن نسبة البقاء لـ 5 سنوات تقدر بـ 90ـ% وذلك عند الإمتناع عن الكحول, ولكن عند استمرار تناول الكحول فإن هذه النسبة تنخفض إلى 60%.

عند ترقي المرض (أي عند حدوث يرقان, حبن, انحلال دموي) فإن نسبة البقاء لـ 5 سنوات تنخفض لـ 35%, حيث أن أغلب حالات الوفاة تحدث خلال السنة الأولى من التشمع.

زرع الكبد سيؤدي إلى نسبة بقاء جيدة, وإن عودة التشمع نتيجة النكس تكون نادرة. وغالباً ما يُوَقّع المرضى على عقد مع أطبائهم يشير إلى امتناعهم عن تناول الكحول قبل و بعد عملية الزرع.

 إن البدء بالامتناع عن الكحول من أجل اختبار التحسن الكبدي تكون إلزامية, و يجب أن لا يتم رفض عملية زرع الكبد إذا استمرت حالة المريض بالتدهور, وُيوصى بإجراء متابعة خاصة للمريض فيما يتعلق بالاستهلاك الكحولي

 

المصدر: سيتامول نت