الحل .. المفقود

يشتكي كثير منا من ضعف طلابه ، وتجده يبحث ويسأل عن الأسباب ، وكل منا يتوصل إلى أسباب في الغالب أنها صحيحة ومهمة ، ولكن ثمة سبب هو الأكثر أهمية من تلكم الأسباب ، وأحسب أن هذا السبب من أهم أسباب مشكلة ضعف الطلاب .. ألا وهو .. ضعف القدوة ،



ويتمثل ذلك في أن المعلم أو المربي ليس بقدوة لطلابه يأمرهم بأمور لا يتمثلها في نفسه وتجد الشخص الذي يشتكي من ضعف طلابه ، ويطلب إصلاحهم ، لو راجع نفسه وحاسبها ، ونظر إلى جوانب القصور عنده وقوَّمَها ، لانحل جزء كبير من هذه المشكلة .. إننا نغفل عن هذا الحل ونلجأ إلى حلول أخرى كان الأجدر بنا أن تكون مقارنة ومصاحبة لهذا الحل ، ولا يستغنى بها عن هذا الحل .

لو نظرنا في خير طلاب في هذه الأمة لوجدنا أن الصحابة رضوان الله عليهم هم خير طلاب ، والسبب في ذلك بعد الله عز وجل أن معلمه هو خير معلم ، وهو النبي عليه الصلاة والسلام ، ولو بحثنا عن من يلي الصحابة في رتبتهم لوجدنا أنهم التابعون ، ولو نظرنا إلى معلميهم لوجدنا أنهم أفضل الأمة بعد النبي صلى الله عليه وسلم .. وهكذا .
وصلاح المربين ومنهم الأب سبب لصلاح المتربي ألا ترى أن الله عز وجل قال في قصة الغلامين في سورة الكهف ( وكان أبوهما صالحاً ) قال ابن كثير رحمه الله : (فيه دليل على أن الرجل الصالح يحفظ في ذريته، وتشمل بركة عبادته لهم في الدنيا والآخرة، بشفاعته فيهم ورفع درجتهم إلى أعلى درجة في الجنة لتقر عينه بهم، كما جاء في القرآن ووردت السنة به ))
فعلينا أن نراجع أنفسنا ، وأن نجتهد في محاسبتها ، وأن نعمل ما نؤمر طلابنا به ، ونتجنب ما ننهاهم عنه .
قال تعالى عن نبيه شعيب عليه السلام : ( وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه )
ألا أيها الرجل المعلم غيره هلا لنفسك كان ذا التعليم
تصف الدواء لذي السقام وذي الضنى كيما يصح به وأنت سقيم
وأراك تلقح بالرشاد عقولنا أبدا وأنت من الرشاد عقيم ابدأ
ابدأ بنفسك فانهها عن غيها فإذا انتهت عنه فأنت حكيم
وما أحسن ما قال مسلم بن عمرو:
ما أقبح التزهيد من واعظ ... يزهد الناس ولا يزهد ...
لو كان في تزهيده صادقا ... أضحى وأمسى بيته المسجد ...
إن رفض الناس فما باله ... يستفتح الناس ويسترقد ...
الرزق مقسوم على من ترى ... يسقى له الأبيض والأسود ...
وقال بعضهم: جلس أبو عثمان الحيري الزاهد يوما على مجلس التذكير فأطال السكوت، ثم أنشأ يقول:
وغير تقي يأمر الناس بالتقى ... طبيب يداوي والطبيب مريض ...
قال: فضج الناس بالبكاء. وقال أبو العتاهية الشاعر:
وصفت التقى حتى كأنك ذو تقى ... وريح الخطايا من شأنك تقطع ...
وقال أبو الأسود الدؤلي:
لا تنه عن خلق وتأتي مثله ... عار عليك إذا فعلت عظيم ...
فابدأ بنفسك فانهها عن غيها ... فإذا انتهت عنه فأنت حكيم ...
فهناك يقبل إن وعظت ويقتدى ... بالقول منك وينفع التعليم ...
 
نسأل الله عز وجل أن يجعلنا ممن يأمر الناس بالمعروف ويفعله ، وينهى عن المنكر ويجتنبه .

الموقع: حلقات تحفيظ القرآن الكريم