الحراك الاجتماعي بالمعايدة!!

تتلمس المجتمعات أن يتلاقى أفرادها وأن تتوثق النواحي الاجتماعية ما أمكن لذلك تبحث عن مناسبات سنوية، وعند كثير من الأمم والشعوب أيام للتلاقي ومناسبات للتهاني اتفق على أن يطلق عليها مصطلح «عيد» ومرتكزات الجانب الاجتماعي في الإسلام لم تهمل مثل هذه المناسبات فخصص الله سبحانه وتعالى لأمة محمد صلى الله عليه وسلم يومين في العام كله ووقت لهما توقيتا خاصا ربطا بعبادتين مهمتين.



أولهما عيد الفطر المبارك وربطه بعبادة الصوم، وثانيها عيد الأضحى المبارك وربطه بعبادة الحج، إن صلاة العيد تعد وبكل المعاني لحظات إشراق روحي، تنسكب عطاءاتها على أفراد المجتمع رجالا ونساء، صغارا وكبارا، فقراء واغنياء، وقد جعلها الشارع سبحانه وتعالى سنة مؤكدة، والسنة المؤكدة كما يقولون أخت الواجب، والرسول صلى الله عليه وسلم كان يحرص أشد الحرص أن يخرج المسلمون كل المسلمين إلى صلاة العيد، ففي الحديث الصحيح عن أم عطية رضي الله عنها قالت: «أمرنا أن نخرج بعواتق ذوات الخدور»، والعواتق هن البنات الأبكار البالغات والمقاربات للبلوغ، وأخرج أبن ماجه والبيهقي عن حديث ابن عباس: أنه صلى الله عليه وسلم كان يخرج نساءه وبناته في العيدين.

إن الحراك الاجتماعي بالمعايدة يبدأ في ليلة العيد بإخراج زكاة الفطر والبحث عن المحتاجين والجيران والشعور الاجتماعي بتلبية حاجة الآخر الذي يعيش في أكناف المجتمع لذلك كان إخراج زكاة الفطر من نفس قوت وطعام المجتمع ويشرق الحراك الاجتماعي على صبيحة يوم تؤدى فيه الصلاة على مشهد أهل الحي والحارة، وهي صلاة مخصصة لهذا اللقاء لا تؤدى في غيره أبدا وقبل الشروع فيها الجميع يردد نداءات روحية تقدس الله وتوحده: الله أكبر ، الله أكبر، الله أكبر ... لا إله إلا الله والله أكبر .. الله أكبر ولله الحمد، إنه فيض روحي ونفسي يمد القلوب بالحب والحنان والعطف، إنه إشاعة للفرحة والبهجة، والفرح ضرورة نفسية واجتماعية، إن اختلاف صيغة صلاة العيد عن الصيغة المعهودة فيه إشارة ودلالة على ضرورة التغير والخروج عن المألوف، تنشرح الصدور وتفرح القلوب وليتأكد التسويق لعبارة «خليها فرح» فنحن في عيد فأهلا بالعيد أهلا اهلا.

تتوالى بعد صلاة العيد أنماط متعددة من الحراك الاجتماعي فبعد الصلاة يسن في المصلى توزيع التمر والحلوى وتذوق العيد بالتعارف والسلام والمعايدة في نفس المصلى بين المسلمين ثم العودة للمجتمع الأسري والعائلي للمباركة بالعيد ثم تتسع خلال أيام العيد فرص الحراك الاجتماعي بالزيارات للأقارب والجيران والأصدقاء ومن قصرت به الهمة ووفقا لعصر السرعة وتباعد الناس فإن الحراك الاجتماعي تواصل بالهاتف والجوّال ورسائل الأشعار.

المصدر: الفريق الاجتماعي