الحالة الإسلامية وسبل حل اختلاف التنافر

سألني أحد الأحبة عن سبل حل اختلاف التنافر… ولكي نجيب على هذا السؤال يجب أن نعي ابتداء طبيعة المشكل الذي نواجهه.



إن مشكل الفرقة والاختلاف الذي نحن بصدده منه ما هو ناتج عن أسباب موضوعية، ومنه ما هو ناتح عن أهواء، ومنه ما هو ناتج عن شبهات. والوحي يسمح بالنوع الأول بسبب طبيعته، والنوع الثاني والثالث هو من طبيعة الإنسان، أما النوع الموضوعي فمنشأه أن بعض النصوص حمالة أوجه سنداً أو متناً، أو لوجود معارض لها من نصوص أخرى، لذلك فالخلاف فيها طبيعي، ينظر إليه باعتباره توسعة، حيث تتعدد الاجتهادات، ويجد الناس فيها مخارج متنوعة.

ولكن إذا كان الخلاف حتمياً بسبب طبيعة النص؛ فكيف نطبق قول الله جل وعلى (إن هذه أمتكم أمة واحدة)، وقوله (وتعاونوا على البر والتقوى)، وهي أوامر ربانية كالصلاة والزكاة… وماذا يعني ورودها برغم علم الله المسبق أن الخلاف حتمي نتيجة طبيعة بعض النصوص؟

إن التفسير عند القائلين بأن الشرع معلل بالمصلحة -فالبعض يرى أن الشريعة ابتلاء وليست معللة إذ لسنا معنيين بمعرفة علة الأحكام وإنما علينا الاستسلام لها- أن النصين السابقين حاكمان لجملة الاختلافات، بمعنى أنه عند ورود الاختلاف في النص؛ فإن وحدة الأمة مقدمة على الخلاف، وبند التعاون مفتوح برغم وجوده، من هنا نفهم ما صح عن أن الصحابة خالفوا عثماناً رضي الله عنه في صلاته في مكة أربعاً دون قَصْر، مع أن سنة الرسول هي القصر، ورغم أنهم اختلفوا معه في الحكم الشرعي؛ إلا أنهم صلوا وراءه وعللوها بان جمع الامة اهم من الخلاف على سنة، وتلك أولى مراتب الفهم وتنظيم العقل….

لكن ماذا والحال العملي وجود الاختلاف المفرق؟ والرجوع لمثل هذه القاعدة عسير بسبب سوء التأويل أو الهوى، هل على الأمة أن تنتظر ليرجعوا؟ أم أنها قادرة على التحرك بغيرهم؟

في المشروع الذي نعمل فيه -والذي هو اجتهاد مساهم، أقول أن سنة التدافع سنة سارية، وأن هذه من جملة الأفكار التي كونت عالم علاقات وعالم مشاريع معيق للأمة، وأن الفكر يصححه فكر، وعالم العلاقات الجديد يجب أن يحل مكان العالم القديم، وأن عالم المشاريع الجديد يجب أن يزاحم القديم، ويقدم خياراً جديدا للأمة لا يدعي الصواب المطلق، ولا يقول للناس أنا وحدي صواب وغيري خطأ، ولكن يقول للناس أنا خيار من ضمن خيارات، قارنوا بينها واختاروا لمستقبل أمتكم، وهو تطبيق لمبدأ قرآني في الدعوة (لست عليهم بمسيطر). ذلك هو الحل المحتمل… فكرة جديدة، وعالم علاقات جديد، وعالم مشاريع جديد، تيار جديد يكبر يوماً بعد، ذلك هو مضمون كتاب من الصحوة إلى اليقظة أول إصدارات المشروع.