الثقة بالنّفس

كانت تجلس صباحاً على طاولة الطعام...

تتناول وجبة الإفطار وهي تبتسم ابتسامتها المعتادة...

تملأ الغرفة... بل المنزل بهاء وإشراقاً...

تبتسم...تغني...تقفز في مخيلتها بين الزهور والبساتين...تنطلق بشاشتها لتضفي على الأزهار ألواناً زاهية رائعة الجمال...



اقتربت منها والدتها...

فدعتها مسرعة فرحة..

هيا أمي اجلسي معي لنتاول الإفطار...
 

جلست الأم وهي تبتسم ابتسامة حزينة، وسألت طفلتها البالغة من العمر12 سنة: لقد دخلت غرفتك البارحة مساء كعادتي...كنت أريد أن أكلمك ... ولكنني وجدتك نائمة.. كيف كان يومك أمس؟

رفعت الابنة رأسها عن الطعام وأجابت وابتسامتها لاتزال مرسومة على وجهها...: آآآآه...كان يوماً رائعاً ياأمي...

أجابتها الأم حقاً...حدثيني مالذي جعل يومك رائعاً؟؟!!!

نظرت الابنة إلى أمها ثانية...وتركت قطعة الخبز...وبدأت تتحدث..:

استيقظت في السادسة صباحاً... كان الجو مشمساً ودافئاً جداً ... وكنت أحس بنشاط غريب... فأسرعت بالنهوض من سريري وتوجهت إلى الحمام...غسلت وجهي وتوضأت وأسرعت إلى الصلاة...

بعدها ارتديت ملابسي وتناولت إفطاري...بل القليل منه...لأنني كنت قد واعدت صديقاتي بأن نلتقي على زاوية الرصيف المقابل للمنزل لكي نتمشى سوياً إلى المدرسة...فأسرعت بالخروج حتى لاأتأخر عليهن...

في الطريق وبعد أن التقيت بصديقاتي... بدأنا نقفز ونتسابق... نضحك ونلعب... نمسك بأيدي بعضنا البعض...وننطلق فرحين... وقبل أن نصل إلى المدرسة...طلبت منهن أن نمر ببائع الفاكهة الذي بجانب المدرسة لكي نشتري بعض الموز ونتسابق في أكله...ففعلن....

أتعلمين ياأمي من الذي فاز؟؟

أنا التي فزت بالتهام الموز قبل صديقاتي...

وصلنا بعدها إلى المدرسة.... كانت الحصة الأولى هي حصة الرياضيات... طلبت مني المعلمة أن أقوم إلى السبورة ففعلت وحللت تمريناً كاملاً بشكل صحيح ولوحدي... صفق لي الطلاب والمعلمة....

الحصة الثانية كانت مادة التاريخ...

كانت حصة جميلة لأن المعلمة وعدتنا فيها أن تأخذنا إلى إحدى المناطق القريبة من المدرسة والتي تحتوي على تمثالاً لأحد الأبطال المميزين الذين ذكرهم التاريخ...

الحصة الثالثة هي مادة الرسم والفنون... ماأجملها من مادة....

رسمنا فيها حصاناً يقفز عن الحاجز... وكان حصاني أجمل حصان لأنني رسمته يقفز قفزة عالية جداً...

الحصة الرابعة كانت مادة الخط...

قمنا بدورنا إلى السبورة الكبيرة وبدأنا نتدرب على كتابة أنواع الخطوط العديدة...

الحصة الخامسة وهي الأخيرة كانت ....!!!!! أتعلمين ماهي؟؟؟؟

احزري....!!!!!

إنها حصتي المفضلة..... إنها حصة الرياضة...

لقد نزلنا إلى باحة المدرسة الكبيرة...وارتدينا ملابس الرياضة...وأسرعنا نحو الملعب لنلتقط الكرات ونبدأ اللعب... لعبنا ولعبنا... ركضنا وركضنا... فزنا وخسرنا....تنافسنا....وتنافسنا.... ضحكنا وضحكنا وضحكنا....

وللأسف... أطلقت المعلمة صافرة طويلة تعلن فيها انتهاء الحصة... لقد انتهت حصة الرياضة...

لقد أنهت هذه الصافرة حصتي المفضلة....

" وأكملت الطفلة والابتسامة على وجهها"... أتعلمين أمي...!!!!

إنني أنتظر الحصة القادمة بفااارغ الصبر...... وضحكت....

ثم طلبت من والدتها أن تأخذها إلى غرفتها لأنها تريد أن ترسم والابتسامة لاتزال ترافق وجهها الملائكي الجميل... طلبت منها ذلك وهي تشعر بنشاط عارم....وسعادة لاتوصف.....

بعدها.....تسدل الستارة على قصتنا......!!!!!!

نرى الطفلة لاتزال في غرفتها ترسم وهي تجلس مقعدة على كرسيها....
إنها مشلولة..... أجل طفلتنا هذه مشلولة منذ ولادتها...وهي لاتستطيع الحراك... ولكنها....!!!

تعيش كل يوم "يوماً جديداً مشرقاً"