الثقافه والمعرفة البشرية

الكتاب: الثقافة والمعرفة البشرية

المؤلف: ميشيل توماسيللو
ترجمة: شوقي جلال
الناشر: المجلس الوطني للثقافة والفنون و الآداب
سلسلة عالم المعرفة
هدف الكتاب منذ البداية واحد محدد: الكشف عن الجذور الثقافية للمعرفة البشرية تمييزاً لها عن المعرفة عند الرئيسات الأخرى. وتعددت في سبيل ذلك مناهله ومراميه ومجالات تأثيره وأصدائه. ووصولاً إلى هدفه، عمد المؤلف إلى تقديم:


·         تفسير تطوري دينامي للمعرفة البشرية في ضوء أبعادها التطورية التاريخية للنوع والتطورية الفردية.
·         الجمع بين النظرة التطورية وعلم النفس الثقافي.
·         بيان أن جذور القدرة البشرية على توافر ثقافة الرمز والنمو النفسي الذي يجري في إطارها المتطور كامنة ضمن عنقود أو مركب من قدرات معرفية ينفرد بها البشر وتظهر بوادرها في باكر الطفولة.
ويمثل الكتاب إسهاماً جليل الشأن في ضوء الحوارات والصراعات الفكرية النظرية العلمية والعملية المعاصرة بشأن قضايا محورية جامعة ومثارة بإلحاح الآن: الرمز/ اللغة/ العقل/ الذكاء الطبيعي/ الذكاء الاصطناعي/ الفهم/ المعرفة/ المعنى وشروطه/ التراكم المعرفي وأسباب ومظاهر ونتائج اطراده/ الثقافة والتكوين التاريخي الاجتماعي لها/ التمييز بين المعرفة البشرية والمعرفة عند الرئيسات الأخرى.
لذلك نراه في بحثه ومنهجه وحصاده دراسة علمية متعددة الأبعاد. ويهيئ لنا مدداً علمياً وتجريبياً للنظر في العديد من المشكلات التي تؤرقنا، ويضع أيدينا على رؤى وحلول مبتكرة ليست نهائية حقاً، ولكنها نهج جدير بالتأمل والمتابعة، فضلاً عن أنه يتجه بأفكارنا وجهة جديدة تحفزنا إلى المزيد من الاختلاف الثقافي بين المجتمعات في التاريخ.
ويلقي الكتاب ضوءاً غير مقصود على قضية مثل العولمة والتجانس الثقافي بين الشعوب، أو هيمنة ثقافة باعتبارها الثقافة الأسمى، وجوانب الوهم في مثل هذه الدعوة. ومن ثم تمثل رؤاه أساساً علمياً للمناقشة والحوار.
ويدرك المؤلف أن بحوثه سباحة ضد تيارات عديدة سابقة عليه لها رواجها. ولكنه يدرك أيضاً أنه امتداد لمدرسة علمية متطورة بدأت تكتسب زخماً جديداً في المرحلة الأخيرة وهي المدرسة التطورية. ويبدو الكتاب ساحة لحوار علمي خصب بروح علمية ملتزمة المنهج العلمي تأييداً أو معارضة.
الكتاب ختاماً يهيئ للقارئ العربي آفاقاً جديدة للتفكير والتساؤل بحثاً عن إجابات لمشكلات مزمنة نواجهها، حري بنا أن نلتمس لها حلولاً علمية بعيداً عن تهويمات تدغدغ الوجدان وتبقينا خارج الزمان التاريخي، ونسمع ضجيجاً ولا طحين. تدور على الألسن عبارات موضوعاً لجدل ساخن عن التراث، الثقافة، الهوية الثقافية العربية، الحضارة العربية، اللغة العربية وقدسية اللغة... إلى آخر ذلك من مقومات الحياة الاجتماعية. ولكن يغيب معها منهج البحث التطوري، وتغيب النظرة الدينامية، وتغيب الفعالية الاجتماعية والإبداع المعرفي المتجدد على مستوى حضارة العصر، ونفقد القدرة على التكيف مع واقع محلي أو عالمي عماده المنافسة والتطور الارتقائي.

المصدر:يوم جديد كنانه أونلاين