التواصل بين البيت والمدرسة..

الاتصال في اللغة: أساساً الصلة والعلاقة وبلوغ غاية معينة من تلك الصلة والاتصال هو الربط، والجمع، والصلة...



أهمية التواصل ومعناه:
الاتصال عملية حيوية وضرورية وهامة لا غنى للأفراد أو المؤسسات عنها، فمن خلالها يتم تبادل التفاهم والتفاعل بين الكائنات البشرية، وهي الوسيلة التي تنتقل بها الأفكار والمشاعر والآراء من شخص إلى آخر أو جماعة أخرى... وهي عملية تفاعلية شخصية أو أكثر؛ بحيث يبدأ الشخص المبادر ببعث رسالة إلى مستقبل، أو أكثر، وفيها معلومات، حقائق، أوامر، مشاعر. حيث يقوم المستقبل بالاستجابة لها ويقوم ببث هذه الاستجابة عن طريق الكتابة، أو المشافهة، أو الإيماء، بلغة الجسم كاهتزاز الرأس مثلاً...
 
وعناصر الاتصال هي:
1. المصدر/ المرسل الذي يقوم ببث هذه الرسائل.
2. الرسالة هي محتوى ومضمون لأنواع من المعارف والعلوم التي يرغب بها المرسل في إيصالها للمستقبل.
3. المستقبل/ المتلقي: وهو يمكن أن يكون فرد، مجموعة، مؤسسة، هيئة، مدرسة وهم عنصر هام في عملية الاتصال حيث أن لهم أهمية في عملية التقييم المباشر، أو غير المباشر للرسالة/ والمرسل.
 
وقد يكون الاتصال عن طريق المقابلة الشخصية، الاجتماعات، الندوات والمحاضرات، الأماكن الخاصة والعامة، النشاطات أو الصحف والمجلات والنشرات. وينبغي توافر عدة خصائص في المتصل الفعال: مستمع جيد، متحدث لبق، حضور شخصي بارز، الطلاقة، ناجح في علاقاته، متفاعل مع الآخرين، يوظف الأفكار والمعلومات، يتصف بالمصداقية، يوضح أفكاره ومقترحاته، مستجيب جيد أثناء العملية التواصلية، محفز للآخرين، مقيم جهودهم ومبادراتهم، له قدرة على إعداد الرسائل، والتقارير الفنية، يتصف بالوعي والفهم، يستخدم التغذية الراجعة بشكل جيد (مؤتمن، 2002). كل تلك الصفات والخصائص لكي يعبر بدقة عما يريد المرسل إيصاله للطرف المستقبل بدقة ووعي لكي يحقق أهداف الاتصال المنوي تطبيقه بما ينعكس على المؤسسة بالنفع، والخير (مؤتمن، 2002، ماهر، 2004).
 
الأسرة وعملية التواصل:
الأسرة هي الخلية الأولى التي ينشأ في ظلالها الطفل ويتربي ويُعد للحياة صحياً ونفسياً، واجتماعياً وأخلاقياً... فالأسرة تعلم الطفل وتربية التربية الصحيحة التي تساعده على اكتساب القيم، والأخلاق، والأعراف والعادات. وعملية التنشئة الاجتماعية هامة للفرد والمجتمع حيث تقوم الأسرة بهذا الدور الأساسي وكذلك تكمل هذا الدور المدرسة لاحقاً..
 
وكلما كانت الأسرة تُحسن التواصل بين أعضائها فإنها تنجح في التعامل معهم بطريقة مناسبة وواضحة، فكثيراً ما يكون التواصل في الأسرة غير سليم بما ينعكس على الأطفال أثناء تفاعلهم المدرسي مع زملائهم... وكلما كان التواصل سليماً فقد أدى الغرض، وحقق الهدف، وساعد الطفل على تحسين مهاراته وقدراته، أهمية التواصل السليم للطفولة المبكرة هاماً جداً، حيث تحقق الصحة النفسية للطفل، فقد أثبتت الدراسات على أن الأسلوب غير الواضح الذي تتعامل به الأسرة مع الطفل من خلال التواصل المتناقض الذي يطلب من الطفل شيء، ويدفعه بعكس هذا الشيء (فالاتصال المزدوج) كما يسمى يخلق لدى الطفل العجز، والإحساس بالتوتر والارتباك.. ومن الأهمية كذلك أن يكون هناك توافق بين الاتصال اللفظي والاتصال غير اللفظي سواء من قبل الوالدين للأطفال أو ما بين الوالدين أنفسهم...
 
فالاتصال لكي يكون سليماً لا بد أن يمارس دون صراخ، أو شد أعصاب، أو توتر بل يحدث بل بكل تروي وهدوء، وأن نحاول إيصال الرسالة بطريقة واضحة، تناسب الطفل، ومرحلته وعمره الزمني، ومناسبة لقدراته، (العقلية، والاجتماعية)...
وكذلك أوضحت الدراسات أن التواصل ذا الطبيعة العدوانية في الجماعات والأسر يتجه من أعلى إلى الأدنى من الوالدين تجاه الأطفال، حيث أن الأصل في التواصل أن يكون على مستوى أفقي من الأفراد بحيث يسمع الأب أو الأم للطفل وليس تواصل من طرف واحد كما يحدث بين الأسر.. ويتم إغفال التواصل من الطفل للام أو الأب... وحتى أن سمع الأب أو الأم فانه اتصال غير واضح، وغير كامل مما يخلق التوتر للطفل، ويدفعه نحو الانطواء وحبس أفكاره ومشاعره..
 
وبإيجاز يمكن القول أن الاتصال هو التفاعل بين الأعضاء في الأسرة بهدف التعبير عن المشاعر والأفكار والسلوك، يأخذ أشكال مختلفة تتراوح بين اللغة، الإيماءات، الاحتضان التقبيل والتربيت يمكن أن يكون تعبير عن مشاعر الحب، ويمكن أن يكون تعبير عن مشاعر الغضب، وأن الجو الديمقراطي يؤدي إلى تنمية روح المبادرة والإبداع، في حين أن الجو التسلطي يؤدي إلى قتل المبادرة، والمزيد من الإحباط... ولقد أثبتت الدراسات أن تميز التلميذ في السنوات الأولى من المدرسة يعزى إلى حرص الأهل على تزويد ابنهما بمهارات القراءة والكتابة والمعارف التي تصقل شخصيته.
 
التواصل بين البيت والمدرسة:
هناك شراكة حقيقة وتكاملية بين البيت والمدرسة فإن كانت هذه الشراكة فاعلة فقد أنشئت أفراداً ذوي تربية وتعليم وسلوك أكثر فاعلية، وأكثر إنتاجاً. وينبغي أن تكون هذه الشراكة على أسس من التفاهم، والتعاون، بهدف الارتقاء بمستوى الأبناء التعليمي والتربوي، وقد لا يتم ذلك إلاّ بادراك كلا الطرفين الأسرة والمدرسة لأهمية دور كل منهما في العملية التربوية والتعليمية. وهنا على الأسرة أن تكون على دراية بما تقوم به المدرسة وما تقدمه من رعاية وتعليم لأبنائها حتى تساعد في تحقيق الأهداف... ولا يتم ذلك إلاّ بأن تزور الأسرة أو أحد من أفرادها المدرسة وتتعرف عليها وعلى برامجها.
 
وكذلك أن تدرك الأسرة قيمة العلم وأهميته وتعمل على نجاح البرامج الإرشادية والتعليمية للطلبة، فالأسرة يجب أن تعرف برامج الطلبة، مستواهم، أدائهم، وكيف يتعلمون، وكذلك على الأسرة متابعة سلوك الأبناء في المدرسة وخارجه، فكثير من الأطفال تعلم سلوكات انحرافية من زملاءه في المدرسة في حالة غياب، دور الأهل. والأسرة تتابع الطلبة الصغار من خلال دفاتر العلامات والوظائف وغيرها ممن يكتبها المعلم على دفتر الطالب... وعليها أي الأسرة كذلك إثارة الدافعية للتعلم لأنها عنصر هام في نجاح الطالب الدراسي... كما أن على الأسرة أن تعزز دور المدرسة، وكذلك تعزيز البرامج والأنشطة التي تقدمها. كما أن على الأسرة لكي تكون شريك فاعل في التربية والتعليم والإعداد للحياة أن تراقب وتلاحظ الطالب في كل مناحي سلوكه تراقب أصدقاءه، تحصيلية، تساعده على أداء امتحاناته...
 
وهذا لا يتم دون تواصل مثمر مع المدرسة... ولعل المدرسة في حاجة ماسة للأهل والأسرة لكي تقوم بدورها فلم يعد دورها معزولاً عن المجتمع، مغلقةً الأبواب في وجهه. لكنها يجب أن تتفاعل معه إذا أرادت أن تحقق أهدافها وبرامجها وأنشطتها... فمن خلال مجالس الآباء والأمهات وفتح باب الحوار والمناقشة لقضايا كثيرة وهامة يكون هناك وعي من قبل الأسرة والمدرسة بأنهما يشتركان في علاج ظاهرة من الظواهر مثلاً كالغياب، التحصيل المدرسي، وما إلى ذلك من مظاهر سلوكية أو انحرافية مثلاً... وكذلك هناك التقارير (Reports) التي يمكن أن تقدمها المدرسة لتعزيز روح التواصل بينهما، أو من خلال الاستدعاء للمدرسة عن طريق ورقة مكتوبة أو تلفون...
 
فالمدرسة التي تنجح في التواصل مع الأهل تقدم لهم المعلومة التي يحتاجون، وتعطيهم الخبرة والمهارة على التعامل السليم مع الأطفال خاصةً في فترات حاسمة في حياتهم كالمراهقة مثلاً... فقد يحتاج الوالدين لمعلومات ومهارات في هذا الجانب... والمدرسة بحاجة إلى معلومات عن طفولة هذا الطفل، ونمط التربية التي تلقاها في البيت، وبحاجة إلى معرفة خصائص هذا الطفل الاجتماعية، الانفعالية، السلوكية، ومن اجل تنمية وبناء البرامج التي تساعده على النجاح الأكاديمي والتربوي. فكثيراً ما يحتاج المرشد النفسي للأهل لأخذ معلومات منهم أو لإكمال برنامج علاجي للطفل، أنها شراكة حقيقية وأنها من أهم الشراكات التي نراها في حياتنا أليست شراكه في الاستثمار في عقول الأبناء وإعدادهم للمستقبل! إن غياب التواصل بين البيت والمدرسة في أحيان كثيرة يؤدي إلى العديد من المشكلات للطفل وإذا زاد هذا الغياب في التواصل ربما تكون نتائجه خطرة جداً، الم يتعلم الكثير من الطلبة أنواع مختلفة من الانحرافات كالمخدرات، وشرب الكحول، والمؤثرات العقلية الأخرى ذات الأثر الخطير على الطفل... إن غياب هذه الشراكة، وغياب الوعي عن أهميتها ربما تكون نتائجه خطيرة، وهامة على المجتمع... كيف يمكن للمدرسة أن تحقق التواصل مع الأسرة؟
 
هناك العديد من الوسائل المختلفة التي تعمل على تحقيق التواصل مع الأسرة يمكن وضعها كالتالي:
 
1- اتصالات مكتوبة: In Writing: وهي مخاطبة موجهه للأب، أو ولي الأمر بلغة موجزة ودقيقة تعبر عن وضع معين لدى الطالب ومنها:- التقارير: حيث فيها معلومات مهمة لولي الأمر من حيث امتلاك الطالب لمفاهيم أو مهارات معينة أو مستوى تحصيل أو سلوك معين ترغب المدرسة مناقشته، وإعلام ولي الأمر به، كما يمكن أن يكون فيه طلب مساعدة لكي يستعد الطالب لمسابقة أو مجال معين، يتطلب من الأسرة اكماله مع المدرسة لتحقيق النجاح المطلوب والمتميز.
 
2- كما أن هناك إعلانات ومجلات حائط، ونشرات، وملصقات لدعوه أولياء الأمور أو مطويات تشير إلى مستوى الطلبة، وتقويمهم، وقد يشترك الطلبة في أداء هذه المطويات أو النشرات...
 
3- ملف أعمال الطالب: حيث أن هناك ملف للطالب يحوي معلومات وبيانات عن الطالب/ سلوكه، تقدمه، ضعفه، وما طرأ عليه من تغيير.. - اتصالات شفوية: ‌أ. من خلال الهاتف: by Telephone: وهي وسيلة سريعة، وفيها إرسال رسالة قصيرة معبرة، عن مستوى الطالب، وما يستجد من أمور طارئة، أو بتبادل للرأي مع الأسرة بشأن مناحي دراسية أو سلوكية للطالب. ‌- الدعوة الفردية: وهي لقاء فردي مع ولي الأمر يتم من خلاله مناقشة وضع الطالب انفرادياً أما مع مربي الصف، المدير، أو المرشد بشأن الطالب من الناحية الأكاديمية أو السلوكية... ‌- الدعوة الجماعية: وفيها يتم مناقشة جماعة يشارك فيها أولياء الأمور مع المعلمين والإدارة، وفيها تحليل نتائج الأداء للطلبة، أو شرح بعض المعلومات الهامة لأولياء، الأمور.. - لقاءات التعارف وهي لقاءات بهدف إيجاد تفاعلات بين أولياء الأمور والمعلمين لمساعدة الطلبة على الوصول إلى نتاجات تربوية...
 
4- الاتصالات الشخصية: من خلال اللقاءات الشفوية أو الزيارات المنزلية التي عاده ما يقوم بها المرشد التربوي لتحقيق فهم للأسرة وكيفية تفاعل الطفل فيها أو أي هدف من الأهداف وحسب حالة الطالب.. ‌و. الورش التدريبية: وهي تعمل على إكساب ولي الأمر مهارات أو معلومات من أجل تحقيق أهداف تربوية عامة تسعى المدرسة لتحقيقها.
 
- المجالس التعاونية:
1. مجالس الآباء والمعلمين وللأسف فإن الواقع يظهر أنها تكون شكلية، وتعقد مرة واحدة في العام رغم أن فلسفة هذه المجالس تهدف إلى تحسين أداء الطلبة وسلوكهم، وفيها يمكن مناقشة جوانب مثل الواجب البيتي، الغياب، السلوك للطالب، وبرامج المدرسة.
2. مجالس الطلبة: وهي مجالس بين الطلبة، والمعلمين، والإدارة، للوصول إلى فهم مشترك للنتائج المدرسية، آلية التقويم، ملاحظة الطلبة وادائهم.
3. المؤتمرات: من خلالها تناقش جوانب هامة ذات أثر على الطالب، وتحصيله وسلوكية وقد تكون فصلية أو سنوية، ويعد لها لكي تكون ناجحة إعداداً مناسباً...
4. الوسائل التكنولوجية: ومن خلالها يمكن الاتصال حيث أصبحت هذه الوسائل منتشرة بفعل ثورة الاتصالات والانترنت..
1. البريد الالكتروني فقد يكون للصف مثلاً موقع Web Site وفيه ملاحظات عن الطلبة يقوم الأب أو ولي الأمر بزيارة هذا الموقع أو أن يكون للطالب، أو المعلم (Mail Box) حيث يتعرض المعلم لسؤال ولي الأمر عن الطالب ويجيب عليه في أي وقت يراه مناسباً.
2. الاديوويف (Edu Wave): يمكن للمدرسة أن تضع علامات لطالب وتقوم الأسرة بمعرفتها أن هذه الوسيلة سهلة ويستطيع الأهل المتابعة فيها في أي وقت... من خلال كلمة سر معينة أو رقم الطالب الوطني مثلاً... ومن خلال النظر في هذه الوسائل نلاحظ أنه قد لا يستطيع كل الآباء على استعمالها، لأنه ليس لدى الكل ربط مع الانترنت أو أجهزة الحواسيب، أو لديهم معرفة وإلمام بذلك.. كما أنها لا تكون مساعدة على تزويد الأسرة إلا بالعلامات المدرسية في أكثر الأحيان وأن الأسرة تحتاج إلى أكثر من العلامة المدرسية. السلوك، الدافعية، المهارات التي يتقنها الطالب، وما إلى ذلك أنها وسيلة هامة لمن يقدر على ممارستها ومع ازدياد الوقت سيكون الغالبية العظمى من أولياء الأمور قادرين على ممارستها.
 
من خلال الوسائل السابقة الكتابية، الشفهية، المجالس التعاونية، أو التكنولوجية يتم التواصل بين الشركاء (البيت والمدرسة) لكي يعملا معاً على تحقيق الأهداف، ووضع الخطط، والبرامج التي تساعد الطالب على أداء واجباته، ونشاطاته، ومسابقاته بطريقة جيدة، وكلما كان التواصل فعالاً كانت أدت نتائجه على الطالب، والأسرة والمدرسة أفضل.
 
معوقات الاتصال:
يمكن تصنيف معوقات الاتصال بين البيت والمدرسة ضمن التالي:
‌أ. المعوقات الفردية:
وهي المعوقات التي تتصل بطرف الاتصال المرسل أو المستقبل وفقد تعود هذه المعوقات إلى عدة عوامل كاللغة، درجة التعليم، الثقافة، المؤهلات العلمية، التخصص، الخبرة، درجة الاهتمام بالتواصل، المكانة الاجتماعية، فلسفة المدرسة، فلسفة التربية وغيرها... . ولنضرب على ذلك مثلاً فكثر من أولياء الأمور يحجمون عن زيارة المدرسة لكون المعلم مثلاً لا يبدي أي نوع من التقدير والاحترام للزائر، مثلاً، أو الحديث معه بفوقية، ويرى أن ولي الأمر دوره ينحصر في إتباع إرشادات المعلم فقط، ودور المعلم هو تقديم النصح والإرشاد والطلب منه إتباع التعليمات بعيداً عن المشاركة... وينسى كثير من المعلمين أن بعض أولياء الأمور أكثر فهماً وثقافة وحتى خبرة من المعلم وأن واجب المدرسة في بعض الأحيان الاستفادة من قدراته، ومهاراته في إكمال البرامج الإرشادية والوقائية والمعلوماتية.. والأمثلة على معوقات الاتصال الفردية كثيرة ربما لا يسمح المجال بشرحها وتفصيلها ولكنها تنحصر في إدراك كلا الطرفين لهذه العلاقة أو الشراكة بينهم. ذلك انه إذا كان هناك إدراك كاف وواعي لهذه العلاقة، أدت إلى تقدير ودفء واحترام متبادل وغير ذلك لا تحقق هذه العلاقة الأهداف...
 
‌ب. معوقات تنظيمية:
فكثيراً لا يكون هناك التنظيم الكافي، والاستعداد للقاءات الفردية أو الجماعية، فقد لا تتوفر قاعات أو أماكن مناسبة للقاء، وحتى في بعض الأحيان أن توفر فقد لا يتوفر الاستعداد الكافي لذلك، ومن خبرة الباحث أن بعض المدراء للمدارس يتحدث في أحيان كثيرة دون أن ينصت ويستمع للآخرين. أي يتحدث ويخاطب الجمهور ويطلب منهم بل وربما يحرجهم من خلال عبارات اللوم، والذم لسلوك الأبناء... ودور الأسرة والبيت... أن ذلك يجعل فجوة كبيرة (big gap) بين المدرسة والبيت. إن انشغال أولياء الأمور وجريهم وراء العمل وعدم الحصول على اجازات تساهم في إعاقة هذا التواصل، خاصة إذا كانت أعمال ولي الأمر بعيدة عن المدرسة... مما لا يعطيه فرصه لزيارتها... كما أن نسبة الأمية وغيرها ذات أثر... كما يرى (حجازي، 1982) أنه يمكن تصنيف المعوقات في الاتصال إلى أربع فئات تندرج تحت كل منها العديد من الحالات:
- معوقات نفسية:
هي أخطر المعوقات لأنها أكثرها خفاء، فكل منا عادة يقاوم الاعتراف بأوجه القصور في شخصيته وسلوكه. وقد تكون هذه المعوقات ذاتية نابعة من الفرد (المرسل) أو المستقبل أو تكون ثنائية من التفاعل بينهما...
أ. معوقات خاصة بالمرسل:
مثلاً قصور القدرة على الصياغة الواضحة للرسالة، وكذلك عدم وضوح هدف المرسل من الإرسال أو دون الاستعداد الكافي للاتصال. كما أن هناك صفات في الأشخاص قد تمنعهم من إقامة الاتصال المثمر.. ولذا فعلى المدرسة أن تضع في مجلس الآباء والمعلمين الأشخاص ذوي الاتصال المثمر، وكذلك القادرين على إقامة علاقات اتصالية ناجحة، وكذلك هناك عوامل نفسية كالرغبة في التنافس والتسلط، وغيرها من العوامل ذات أثر... لتؤدي في النهاية لعدم إقامة تواصل جيد. أضف إلى ذلك التحيزات والأحكام المسبقة تجاه الآخرين، وأيضاً قصور التخطيط للاتصال...
ب. معوقات خاصة بالمستقبل:
عملية الاتصال ثنائية بين متحدث ومستمع (مرسل/ومستقبل) ونجاح الاتصال يتوقف على مسؤولية كليهما. ومن ناحية المستقبل هناك معيقات مثل سوء التقاط الرسالة، مثل التسرع في التأويل في التأوي، عدم التروي، التركيز على بعض العناصر دون غيرها الانتقائية مثلاً... التحيزات والأحكام المسبقة تجاه المرسل. وهناك عوامل مثل القلق، التنافس، المصالح، اعتبارات أخرى طائفية، سياسية تسد الطريق أمام الإدراك، والتقدير الموضوعي. فإذا تدخلت معوقات الإرسال والاستقبال في نفس الوقت تحول الاتصال إلى حوار الطرشان...
 
- معوقات تنظيمية: ومنها غموض وعدم تحديد أطراف التواصل فالمعلم أو مربي الصف أو المدير لكل منهم رأي معين حيال قضية ما. وكذلك التنظيم والعلاقات الرسمية أو غير الرسمية في هذا الجانب... عدم الالتزام والتقيد بالتنظيم والمراقبة الفعّالة وهناك أشكال من التشويش تكون ذات أثر... الازدواجية في الأقوال بين العاملين في المدرسة.
 
- معوقات نابعة عن قنوات الاتصال:
وهنا تكون الوسائل غير كافية، فقد تحتاج اللغة مثلاُ إلى وسائل إيضاح وشفافيات... أو رسم توضيحي. وكذلك هناك تشويش القناة في الاتصال والضوضاء، أو تكون قناة الاتصال غير ملائمة، حيث أن من حسن مقومات الاتصال استخدام قناة ملائمة، فقد تكون مهارات لعب الدور، وجماعات العمل، أكثر مناسبة من المحاضرة.
 
- معوقات ثقافية:
تتأثر عملية الاتصال بجوانب ثقافية واجتماعية منها العلاقات الأولية بين الشخص المرسل والمستقبل مدى معرفته وقربه من إدارة المدرسة مثلاً... والعادات والتقاليد وأثرها على عملية الاتصال أنماط علاقات الناس، التحيزات الاجتماعية، وطقوس الاتصال ومعاني الاتصال، مدى معرفة اللغة غير اللفظية "لغة الجسم"...
 
المعوقات البيئية: بيئة المدرسة: المادية والتقنية، والطبيعية ذات أثر في إقبال أو أحجام التواصل بين الأسرة والمدرسة، فقد يكون موقع المدرسة، أو مكان المجلس المنعقد غير مناسب لكي يتم فيه اللقاء، ولذلك من المهم أن يكون موعد اللقاء، ومكان مناسبين للمعلم، وولي أمر الطالب. ويمكن للإدارة المدرسية الناجحة أن تعمل على تلافي هذه المعوقات لكي تتواصل مع الأهالي من خلال اللقاءات الفصلية أو الشهرية أو خلق مناسبات ودعوة أولياء الأمور في النشاطات المدرسية كي يتم التواصل المناسب، أن إدارة المدرسة الناجحة تعمل على توثيق التواصل بينها وبين أولياء الأمور في المناسبات الوطنية والدينية والقومية ولا تقتصر هذه الدعوات لأولياء الأمور على حدوث مشكلات، أو غياب للطالب، أو ضعف التحصيل لديه... أن تلك المناسبات في الأصل تستدعي من أولياء الأمور التردد في زيارة المدرسة لئلا يتعرضون للإحراج.. هذا عدا عن أساليب بعض الإدارات غير الناجحة في التواصل معهم في هذه المشكلات.. أن حضور الآباء وأولياء الأمور لبعض المناسبات الوطنية والاحتفالية ومشاركتهم في أنشطتها يعمل على توثيق التواصل بينهم، ويعزز فرص اللقاء معهم في المناسبات المتعددة، أن إدارة المدرسة الناجحة من الممكن أن تجد في بعض أولياء الأمور أشخاص يمكن الاستفادة من خبراتهم في مجالات التوعية المهنية للطلبة مثلاً.
 
حيث أن أحد أولياء الأمور الذي يعمل في قطاع (التجارة، الحدادة، الميكانيك.. ولديه قدرات ومهارات في هذه المهنة يمكن أن يقدم معلومات هامة لدى الطلبة في الصفوف الأساسية حول المهنة، وما تتطلبه من ميول وقدرات...) كما أن بعض الموسرين يمكن أن يقدم مساعدة مالية لتمويل بعض الأنشطة المدرسية... أن هناك العديد من فرص الاستفادة والكفاءات والمشاركة التي يمكن أن تتم ولكن من المهم أن تبحث عنها المدرسة من خلال الطلبة، وفرص الكفاءات مع أولياء الأمور... أن دعوة أولياء أمور الطلبة الناجحين، أو المتفوقين، أو ذوي النشاط الجيد في الأداء الممتاز في المسابقات يجعل التواصل أفضل... حيث أن غالبية الدعوات هي لأولياء الأمور في المناسبات المزعجة لهم أو ظروف سيئة يقوم بها الطلبة مما أحوجنا لدعوة هؤلاء الأولياء. إن مبادرة التواصل يجب أن تحدث من قبل أي طرف من أطراف العملية التشاركية (البيت، المدرسة) وأيهما يبدأ في الاتصال بالآخر ليس المهم بقدر ما تهم عملية التواصل نفسها وتحقق أهدافها...
 
دور المرشد النفسي/ التربوي في توثيق التواصل بين البيت والمدرسة:
إن للأخصائي النفسي أو المشد التربوي دوراً هاماً في تحقيق التواصل المثمر لمصلحة الطالبة بين البيت والمدرسة ففي أحيان كثيرة يعاني التلميذ من بعض المشكلات النفسية أو الانفعالية، أو الاجتماعية وتقتضي الحاجة الماسة للتواصل مع الأسرة، لأخذ معلومات عن الطفل ونموه في المراحل المبكرة لأن ذلك قد يكون له الأثر في حدوث المشكلة في الظرف الحالي، فلا بد من التواصل أما عن طريق حضور ولي الأمر للمدرسة، أو زيادة منزلية من قبل المرشد التربوي وفي كلا الحالتين يكون الهدف التواصل والتعاون لكي نساعد الطالب على تخطي الصعوبات التي يعاني منها.
 
كما أن هناك المشكلات المهنية التي تتطلب في بعض الأحيان موائمة بين رغبات أولياء الأمور ورغبات وقدرات الطالب، فهنا المرشد يقوم بتوعية الأهل للجوانب المهنية التي تتعلق بميول وقدرات الطالب، وكذلك مهارات مثل تحليل المهنة، ومهارات تحليل الشخص أو الفرد والتوافق بينهم ليكون مستقبلاً الرضا المهني. وفي مرحلة المراهقة يلاحظ الوالدين والأهل أنهما بحاجة ماسة للمساعدة في التغلب على المشكلات التي تحدث بينهم وبين المراهق وطريقته في الحديث والتواصل مع أفراد الأسرة، ودراسته أو نواحي معينة في سلوكه.. عندها يكون التواصل هاماً من أجل التغلب على هذه المشكلات. والتعريف بخصائص المرحلة من النمو، وضرورة تخطي هذه المرحلة من اجل صحة الطالب وتكيفه النفسي السليم...
 
وقد يلجأ ولي الأمر للاسترشاد برأي المرشد وطلب العون من أجل التغلب على بعض العادات والمشكلات النفسية التي يتعرض لها الطفل... وبإيجاز أن هناك فرص للقاء بين المرشد وولي الأمر تتطلب التواصل وبشكل مستمر بينهما في قضايا تمس دراسة الطالب، وتحصيله من حيث الضعف أو التفوق، لكي يعمل هذا التواصل على مساعدة الطفل على تخطي المشكلات التي يعاني منها، أو تعزيز قدراته وبناء برامج إرشادية، وعلاجية ووقائية تساعده على النمو السليم وتحقق له التكيف والصحة النفسية التي ينشدها... (النابلسي، 1991).
 
 كيف يكون الاتصال فعالاً:
يتم من خلال مجموعة من الاعتبارات وهي:
1         حدد الهدف من الاتصال: ما هي أهدافي من الاتصال وينبغي أن تكون متناسبة مع أهداف الأسرة وأولياء الأمور للطالب.
2         حاول اكتشاف ما يثير اهتمام الأهل وأولياء الأمور ميولهم حاجاتهم قبل قيامك بعملية الاتصال.
3.   اجعل الرسالة واضحة، والتفاعل مبني على الثقة والاحترام والتقدير وكن واعي للرسائل غير اللفظية التي يصدرها جسمك وعيونك كمدير أو معلم في المدرسة أثناء التفاعل مع ولي الأمر.
 4.  احرص على مشاركة الآخرين في التخطيط لعملية التواصل من حيث المكان، الزمان، الوقت للبدء... فكثيراً ما تفشل هذه اللقاءات بسبب وقتها وزمانها.. (مؤتمن، 2002).
5. الإيجاز والمباشرة في الحديث دون تضع أو إطالة أو فوقية هذا يجعل اللقاء صريح ومثمر (العقير، 2002).
6. عدم التباهي بالدور أو السلطات أثناء التواصل لأن ذلك يضع حاجز نفسي أثناء الاتصال بالأهل وأولياء الأمور.
 7. كن صادقاً، وتأكد بأن افعالك تدعم اقوالك وتعززها (عقل، 1988).
8. احذر من التسرع في تقييم الآخرين أو التعليق أو السخرية بالآخرين، أو الاستهزاء بأفكارهم (ماهر، 2004).
 9. كن مستمع جيد، متحدث لبق، صاحب حضور شخصي بارز، عبر بطلاقة نظم معلوماتك بشكل جيد، مناقش جيد، التزم بالحوار البناء، كن على درجة من الفهم والوعي لعملية الاتصال.. وقدم تغذية راجعة جيدة للآخرين...
10. لا تستأثر بالحديث، اترك الآخرين يتكلمون عن خبراتهم، تجاربهم فربما استندت منها، تجنب الانشغال بأي شيء أثناء التواصل لأن ذلك يسبب الضيق والتوتر للآخرين في التواصل.
11. استخدم لغة مناسبة للبيئة، للثقافة وخلفية أولياء الأمور، لا تستخدم لغة غريبة وعادات غريبة أثناء التواصل.

 12. وأخيراً تقبل وجهات النظر المعارضة أو المخالفة لرأيك، فالمصلحة العامة تقتضي وجهات نظر متعددة.