التلوث الكيميائي والإشعاعي والبيولوجي للحوم

تمثل اللحوم من المصادر الهامة للبروتين الحيواني العالي القيمة، ويعتمد فحص الذبائح بصورة رئيسية على الكشف على الذبائح بالمسالخ ظاهرياً بالعين المجردة بهدف خلوها من الآفات المرضية والحكم على مدى صلاحية الذبائح للاستهلاك الآدمي.



ونظراً للزيادة المضطردة في عدد السكان وما ترتب عليه من زيادة استهلاك اللحوم، أصبح استخدام بعض الأدوية البيطرية ومنشطات النمو ضرورة في تحسين الناتج من اللحوم. وتتميز معظم الأدوية البيطرية وكذلك الهرمونات المستخدمة في هذا المجال بأثرهم التراكمي في أنسجة الحيوانات وعدم تأثرهم بالمعاملات المختلفة التي تتعرض لها اللحوم أثناء االاعداد والتصنيع، ومن ثم ينشأ الخطر على صحة المستهلك. كما أنه يوجد العديد من المواد الحافظة التي تضاف إلى منتجات اللحوم مثل المواد المالئة والمواد الملونة والتي تدرج تحت المواد المضافة للأغذية والتي تكون لها أثراً ضاراً على صحة المستهلك.

وقد أصدرت العديد من الدول القوانين المنظمة لهذه الأمور، مثلاً منعت المجموعة الأوربية تداول وتصدير لحوم الحيوانات المعاملة بمنشطات النمو فيما بينها، كما منعت القوانين الأمريكية استخدام داي ايثيل ستلبسترول كمنشط للنمو عام 1972 وكذلك كندا عام 1973.

 

 أنواع المتبقيات الكيميائية في اللحوم

أولاً : الأدوية البيطرية:

تلعب الأدوية البيطرية دوراً هاماً في تقليل حدوث الأمراض، تقليل معاناة الحيوانات، التحكم في الأمراض التي تنتقل للإنسان وكذلك زيادة إنتاجية الحيوانات عن طريق تشجيع النمو.

ولبقايا العقاقير البيطرية في الأغذية تأثيرات سيئة، فعندما تعالج بقرة حلوب بالمضادات الحيوية مثلاً، فيوجد بقايا هذه المضادات في لحومها وألبانها بعد آخر جرعة من العلاج، وهذه البقايا لها أضرار:

أ- يؤثر على صحة المستهلك، خاصة البنسلين الذي يحتمل أن يؤدي إلى حساسية المستهلك عند تناوله اللحوم والألبان الملوثة. فالبنسلين لا يتأثر بدرجة حرارة إعداد اللحوم أو الألبان.

ب- عند استعمال أغذية ملوثة بالمضادات الحيوية ذلك إلى أن أنواع معينة من الميكروبات الممرضة يتكون لديها مقاومة ضد هذه المضادات الحيوية.

ج- من الناحية الاقتصادية تؤثر بقايا المضادات الحيوية على الميكروبات الحميدة المستخدمة ( كخميرة أو بادئ ) في صنع منتجات اللحوم والألبان ويؤدي ذلك إلى منتج رديء الجودة.

ولكي يختفي المضاد الحيوي تماماً من اللحوم أو الألبان يجب أن يوقف إعطاء الدواء بفترة كافية قبل الذبح أو قبل تناول الألبان وتعتمد هذه الفترة على نوع المضاد الحيوي ( قصير أو طويل المفعول ) ، كمية وطريقة إعطائه سواء عن طريق العليقة أو عن طريق الحقن. وتتراوح هذه الفترة من عدة أيام ( مثل الكلورامفينكول و الكلور تتراسيكلين ) إلى عدة أسابيع ( مثل البنسلين و الاستربتوميسين ).

 

ثانياً : منشطات النمو والهرمونات:

بقايا الهرمونات في لحوم الحيوانات التي تستخدم كغذاء للإنسان تؤدي إلى خلل في التوازن الهرموني في جسم الإنسان مثل نمو الثدي مبكراً ، حيض مبكر غير طبيعي في النساء وكذلك نضج جنسي مبكر.

بدأ استخدام الهرمونات في الولايات المتحدة عام 1947 وخصوصاً في الأبقار والخراف ويطلق على هذه المواد لفظ منشطات النمو. وتستعمل عقاقير الهرمونات للأغراض المختلفة في حيوانات المزرعة. وهرمونات الجنس يوجد منها طبيعياً ( داخلية المنشأ)، كما يوجد هرمونات صناعية ( خارجية المنشأ). كل الهرمونات الطبيعية والصناعية كانتا في فترة معينة واسعة الاستخدام في عملية إنتاج اللحوم .

هرمونات الجنس الطبيعية داخلية المنشأ ( ايسترادول، تسترون وبروجسترون) تعرف بأنها مادة سيترودية طبيعية تنتج بواسطة غدد الذكر والأنثى ، وتعتمد الهرمونات في الحيوان على عمر الحيوان والحالة الفسيولوجية للحيوان.

حتى الآن التمييز بين الحيوانات غير المعاملة والمعاملة بالهرمونات الطبيعية يمكن أن يجري فقط على أساس كمي وليس كيفي. هذه الحقيقة اعتمدت على أن هذه الستيرويدات الثلاث تدخل نفس مسلك الأيض . بصرف النظر عما إذا كانت في الأصل داخلية أو خارجية المنشأ. وهكذا فإن الحيوانات المعاملة بالهرمونات الطبيعية يمكن التعرف عليها فقط في حالة إذا زادت مستويات الهرمونات الطبيعية في أنسجتها زيادة معنوية عن تلك الحيوانات غير المعاملة.

نتيجة لسهولة اكتشاف بقايا الهرمونات الصناعية في الأنسجة، فقد انتقل الاتجاه الأساسي إلى استخدام الهرمونات الطبيعية ( خاصة ايسترادول ) وذلك بسبب صعوبة تمييزها عن الهرمونات داخلية المنشأ، على أي حال في بريطانيا العظمى وفي الفترة من 1987 إلى 1990 تم جمع عدد 4454 عينة مصل ماشية من المسالخ وأتضح وجود بقايا الهرمونات الطبيعية بمقدار أعلى من الحدود المسموح بها في 40 عينة. هرمونات الستيرويدات الصناعية ( خارجية المنشأ ) أما أن تتشابه بهرمونات الذكر والأنثى الطبيعية ( داخلية المنشأ ) أو لها نفس التركيب. هذه الهرمونات لها تأثير على النمو السريع للحيوانات وتعطي بطريقة الفرس في الأذن مما ينتج عن ذلك عوامل منشطة للنمو فترة طويلة، وعند ذبح الحيوانات تستبعد الأذن لمنع تلوث الغذاء بالعقار المتبقي. مركبات الاستلبينات وزيرانول الصناعية تكون هرمون الذكر ( أندروجين ).

ومرة أخرى تقدير الاستخدام الغير قانوني لهذه المواد يكون اسهل لأن هذه المواد تتواجد طبيعياً في جسم الإنسان ، ووجود بقاياها دليل على الاستخدام الغير قانوني.

هيئة خبراء منظمتي الأغذية والزراعة والصحة العالمية إشارات على الخطورة الناجمة من بقايا العقاقير البيطرية في الأغذية على صحة الإنسان، وعملت توصيات باستخدام العديد من المضادات الحيوية. كما أجرت تقييم لبقايا الكلورامفينكول وبعض الهرمونات منشطات النمو الطبيعية والصناعية. كما أوصت الهيئة بالحدود القصوى المسموح بها لبقايا العقاقير وكذلك بكمية العقار المسموح للفرد باستهلاكه يومياً للغذاء طول حياته. وبالنسبة للهرمونات الطبيعية أوصت الهيئة بأنه من غير الضروري تقدير الكمية المقبول استهلاكها يومياً بواسطة الإنسان، حيث أن الهرمونات الطبيعية تنتج داخلياً في جسم الإنسان . كما أن الهيئة لم توصى بالجرعة المقبولة يومياً أو الحد الأقصى المسموح به لتركيز بقايا عقار الكلورامفينكول في الأغذية ( بينما نصحت المفوضية الأوربية بالا يزيد مستوى بقايا الكلورامفينكول في الأغذية عن 0.01 مليجرام/كجم ) نتيجة لسمية هذا العقار وعدم القدرة على تحديد المستوى الغير مؤثر له، ولذلك أوصت الهيئة بمنع استخدام عقار الكلورامفينكول خاصة في الحيوانات الحلوب.

ونصت توجيهات المفوضية الأوربية 96/23 في 29 أبريل 1996 على:

  1. منع استخدام المواد التي لها فعل الهرمونات التي تستخدم كمنشطات النمو والمداواة ووضع خطوات لتعيين العقاقير البيطرية في المواد الغذائية ذات أصل حيواني.
  2. مسائلة المزارعين والمربين الذين لا يحتفظون بسجلات كاملة للأدوية البيطرية المعطاة للحيوانات التي في عهدتهم. ويجب أن تشمل السجلات: اسم العقار ، الجرعة ، تاريخ إعطاء العقار للحيوان.
  3. وضع خطة جمع العينات والحيوانات التي ترسل للمسالخ تمهيداً للاستهلاك الآدمي.
  4. عدم استخدام عقاقير غير مرخص باستعمالها للحيوانات التي تنتج الغذاء أو ذبح الحيوانات التي تحتوي على بقايا عقاقير أكثر من المستوى المسموح به.
  5. عدم ذبح الحيوان خلال فترة السحب من تناول العقار البيطري.
  6. في حالة وجود علاج غير قانوني يوضع القطيع تحت المراقبة الرسمية مع وضع علامات ميزة على الحيوانات وكذلك العينات.
  7. في حالة وجود بقايا مواد مصرح بها يتعدى الحدود القصوى تؤخذ جميع التدابير لحماية الصحة العامة والذبيحة ومنتجاتها لا تصلح للاستهلاك الآدمي.

ثالثاً : بقايا المبيدات في الأغذية:

المبيدات يمكن أن تدخل السلسلة الغذائية في أي مرحلة بين إنتاج المحاصيل أو تربية حيوانات في المزرعة وتوجد عدة.

طرق تصل بواسطتها المبيدات إلى الأغذية منها:

أ – المعالجة للمحاصيل.

ب- الاستخدام البيطري: يهدف معالج أو وضع الأمراض التي تحدث بواسطة أنواع الحشرات المختلفة.

وقد تم تحديد مستويات البقايا القصوى المسموح بها عالمياً للعديد من المبيدات في الأغذية وكذلك المتناول المسموح به يومياً في الأغذية وذلك بواسطة هيئة منظمة الأغذية والزراعة ومنظمة الصحة العالمية.

في دراسة أجريت بالمكسيك عام 1996 ، تم تقدير تركيزات مبيدات الكلورين العضوية في 174 عينة (53 عينة لحوم و 121 معينة أحشاء) من ماشية ذبحت في أحد المسالخ الحكومية وتم تعيين وجود بقايا مبيدات في الرئة واللحوم. وفي دراسة في يوغسلافيا تم جمع عينات من 561 ماشية و 358 خراف لمدة 5 سنوات وتم تحليلها لبقايا هكسا كلور بنزين وددت ومشتقاته. لوحظ أن أقل من 10% من العينات المفحوصة تحتوي على بقايا هكسا كلور بنزين وددت ومشتقاته عند تركيز أكبر من الحدود الدنيا المسموح بها.

المعادن الثقيلة:

- الكادميوم:

يشكل وجود بعض المعادن في التربة مشكلة كبيرة حيث أن تغذية الحيوانات على النباتات النامية بهذه المناطق تؤدي إلى تركيز هذه المعادن في لحوم الحيوانات وبالتالي بشكل خطورة على صحة المستهلك.

- النيتريت والنترات:

ترجع أهمية استخدام النيتريت والنترات في صناعة اللحوم إلى:

  1.  تثبيت اللون الوردي الجذاب لمنتجات اللحوم بينما عدم إضافتها يؤدي إلى لون رمادي غير جذاب للمستهلك.
  2.  يمنع نمو وإفراز ميكروب الكلوستريديم بوتيلينم للسم المسبب لتسمم البوتيلزم.

دلت المعلومات من الولايات المتحدة على أن إضافة النترات والنيتريت بكمية كبيرة إلى اللحوم أثناء التصنيع يؤدي إلى تكوين مركبات النيتروزامينات المسببة لسرطان الجهاز الليمفاوي لفئران التجارب ، إلا أن عدم إضافة هذه الأملاح يمكن أن يؤدي إلى الوقوع في مخاطر تسمم البوتيلزم.

الوقاية:

المراقبة بعناية شديدة لمعايير التصنيع ومستوى النتيريت المستخدم أدى إلى تقليل مستويات النيتروزامنيات حتى أصبحت غير موجودة بالكاد في معظم منتجات اللحوم. باستثناء لحم وشحم الخنزير المقدد وهو المنتج الوحيد الذي فيه من الصعب التخلص من النيتروزامينات التي تتكون أثناء درجات حرارة الظهر العالية. وقد ثبت إن إضافة أملاح النيتريت بمستوى 120 جزء في المليون يؤدي إلى اختزال تكوين النيتروزوامينات .

السموم الفطرية:

تنمو الفطريات تحت ظروف خاصة على المحاصيل الزراعية فتفرز السموم الضارة بصحة الحيوان والإنسان.

وقد تنتقل السموم الفطرية عن طريق اللحوم ، وذلك عن طريق تغذية الحيوانات على علائق تحتوى السموم الفطرية فتترسب في أنسجة الحيوانات كمتبقيات وبالتالي ينتقل إلى المستهلك. ومن الشائع في صناعة بعض منتجات اللحوم تركها في درجة حرارة الغرفة بغرض التعبيق الطبيعي وينتج عن ذلك نمو للأعفان.

السموم الفطرية ذات أثر سرطاني شديد في حيوانات التجارب ، ومن الفطريات التي تنتج السموم : البنسليوم والاسبرجلس.

الديدان الشريطية:

يعتبر الإنسان العائل الأساسي لدودة الأبقار الشريطية ، بينما يعتبر الأبقار والجاموس العائل الوسيط .

يتراوح طول دودة الأبقار الشريطية في أمعاء الإنسان من 4 إلى 10 أمتار وتتكون من 1.000 إلى 2.000 فلقة. والفلقات الحاملة للبويضات تحتوي على أكثر من 100.000 بويضة تنفصل عن الفلقات الرئيسية لتخرج واحدة مع براز الشخص المصاب وفي المراعي تبتلع الأبقار البويضات الحية والتي تتحول في الأنسجة إلى حويصلات. وتحدث العدوى للإنسان عن طريق تناول اللحوم المصابة وغير مكتملة النضج .

تعتبر سجلات فحص اللحوم بالمسالخ هي مصدر المعلومات عن حويصلات الأبقار الشريطية. وتؤدي مصادرة اللحوم المصابة بالحويصلات إلى خسارة اقتصادية كبيرة وقد قدر خسارة البقرة الواحدة بمبلغ 25 دولار في الدول النامية و 75 دولار في الدولار الصناعية. وفي دراسة أجريت عام 1987 بالولايات المتحدة أتضح أن الخسارة الاقتصادية ما بين 500 إلى 800 ألف دولار. والتأثير الاقتصادي ليس فقط نتيجة إصابة الحيوانات بالطفيليات ولكن يشمل أيضاً تكاليف علاج الإنسان المصاب بالديدان الشريطية .

منذ عام 1947 لوحظ أن 39 مليون شخص على مستوى العالم مصاب بدودة الأبقار الشريطية ، والإصابة منذ ذلك الوقت في ازدياد بين الإنسان والحيوان.

الوقاية:

  1. 1يعتبر فحص اللحوم داخل المسالخ من أهم الاحتياطات الواجب اتخاذها للتحكم في الأمراض .
  2.  قطع دورة الحياة بين العائل الأساسي (الإنسان) والعائل الوسيط (الأبقار) وذلك يمنع تلوث البيئة بمخلفات الإنسان والتخلص منها صحياً.
  3.  يجب تحسين المستوى الصحي على مستوى البيئة والأفراد وذلك بإرشادهم عن القواعد الصحية السليمة وكذلك خطورة تناول اللحوم غير مكتملة النضج وكذلك اللحوم المذبوحة خارج المسالخ مع التخلص صحياً من اللحوم المصابة .

التسمم الغذائي بالسالمونيلا:

الغذاء من أصل حيواني يكون مصدراً لعدوى الإنسان بميكروب السالمونيلا. والأغذية الأكثر تلوثاً بالميكروب هي لحوم الأبقار ، الدواجن ، البيض ، الألبان ومنتجاتهم . ومن العوامل الهامة التي تساهم في إصابة الإنسان عن طريق الغذاء الملوث تتمثل في طهي غير كاف للغذاء ، بطء تبريد الأغذية وإعادة تسخين غير كاف قبل الاستهلاك. ويتمثل أعراض التسمم في الإنسان على هيئة حدوث حمى فجائية، آلم عضلي، آلم في الرأس، آلم في البطن، غثيان، قيء، إسهال يكون الجفاف خطيراً.

ومسلك المرض حميد، ويسترجع المصاب العافية في فترة تتراوح من يومين إلى 4 أيام. والأشخاص الذين في دور النقاهة يكونا حاملين للميكروب ليخرج مع البراز لفترة تتراوح من عدة أسابيع إلى أشهر وبذلك يكون براز الحاملين للميكروب مصدراً لتلوث البيئة.

وطبقاً للتقديرات تراوحت نسبة الإصابة في الولايات المتحدة سنوياً من 740.000 إلى 5.300.000 مصاب بينما عدد الحالات المسجلة في كل من الدانمارك 10 لكل 100.000 من السكان ، 4 لكل 100.000 في فنلندا، 43 لكل 100.000 في السويد وفي ألمانيا تم تبليغ السلطات بعدد 33.215 حالة إصابة عام 1988. ومن الصعب تقدير العدد الكلي لحالات الإصابة في الدول النامية وذلك يسبب نقص إحصائيات الأجهزة الوبائية عن هذه الإصابات.

الوقاية:

  1. العمل على تقليل مدى انتشار السالمونيلا بين الحيوانات والإنسان.
  2.  تطبيق القوانين الصحية على الأشخاص المحتكين بالأغذية.
  3.  ضرورة إنشاء أجهزة وبائية في كل بلد بهدف تقدير خطورة المشكلة وتحديد مصدر الوباء وكذلك تصميم الطرق المناسبة لتقليل المخاطر.