التكليف حسب القدرة

التكليف حسب القدرة

د.محمد بن عبد العزيز الشريم

من الأخطاء في عملية التعليم السلوكي أن يُؤمر الطفل بما لا يقدر عليه حركياً أو معرفياً؛ فلا يُتوقّع من طفل عمره ثلاث سنوات -على سبيل المثال- أن يحضر كأساً مملوءة بالماء من المطبخ دون أن ينسكب جزء منه على الأرض، بل ربما انزلق الكأس من يده وانكسر. فكيف بالأمر لو صعد بالكأس نفسها الدرج ليوصل الكأس لأحد إخوته؟!



كما لا يُتوقّع من طفل في العمر نفسه أن يدرك معنى الخطر المحتمل من الكهرباء، أو عند عبور الشارع.

 

الطفل في مراحل عمره الأولى غير قادر على معرفة السلوك الصحيح عند التعامل مع البيئة من حوله، وكيفية المحافظة عليها، فضلاً عن الآثار الناتجة عن أفعاله نحوها. لذلك فإننا نحتاج إلى تدريبه على السلوك الصحيح حتى يعرفه، ونوجّهه للابتعاد عن السلوك الخاطئ حتى يعرفه أيضاً.

في بعض الأحيان تكون العائلة خارج المنزل، في حديقة أو سوق تجاري مثلاً، وعندما يستخدم الطفل الصغير منديلاً أو ينزع ورقة الحلوى لتناولها فإنه من الطبيعي أن يرمي بها على الأرض.

ربما يكون الطفل بالفعل صغيراً على معرفة أن ما فعله خطأ، ولكنه بالتأكيد ليس صغيراً على تعلم الأسلوب الصحيح، لذلك راقبْ طفلك وتعاونْ معه على ممارسة السلوك الإيجابي؛ مثل أن تمسك بيده وهو يرمي الورقة في سلة المهملات، أو أن تحملها أنت وهو يرافقك حتى يرغب في تقليدك، وربما طلب منك أن يرميها هو في السلة بنفسه.

بعضنا يفرط في المثالية فيتوقع من طفله سلوكيات منضبطة تفوق قدراته العقلية أو الجسدية، وعندما تتصادم هذه التوقعات مع الواقع، تكون النتيجة على الطرف الآخر، وذلك بأن يشعر بالفشل في تعليم طفله ما يريد، وربما توقف تماماً عن تعليم طفله السلوكيات الصحيحة. والسبب هنا هو نقص المعرفة بالقدرات والبدء بالتكليف المناسب لكل مرحلة عمرية يمر الطفل بها.

والحل هنا هو التدرُّج في التعليم والتدريب؛ ففي الوقت الذي نطلب من طفل عمره سنتان أو ثلاث أن يرمي الأوراق في سلة المهملات، لا نتوقع منه أن يأكل قطعة من البسكويت دون أن تتناثر بعض القطع منها على الأرض؛ فهنا يكون التعليم بألاّ يأكل وهو يمشي، بل لابد من الجلوس، و وَضْع الأكل في إناء مناسب أثناء تناوله، بحيث لا تتناثر أجزاؤه في كل مكان.

 

نوافذ

التكليف حسب القدرة