التفكير السابر خطوة متقدمة على طريق الإبداع

التفكير السابر خطوة متقدمة على طريق الإبداع

محمود طافش

 

يعد التفكير العلمي بوجه عام  أداة المتعلم التي يستخدمها في التفاعل مع المحتوى الدراسي الذي يُقدم له وفي توليد أفكار جديدة وتحليلها لنقدها وتقويمها  . والمحتوى هو الذي يعمل على تشكيل فكر المتعلم ، وعلى تحديد اتجاهاته وبناء شخصيته ، ولذلك كانت الأمم ومنذ القدم تحدد الهدف ، وتعد المحتوى الملائم لتحقيقه ، وتضمنه خبرات وحقائق وقيم تعمل مجتمعة على بناء شخصية المتعلم المطلوبة ، والتي تمكنه من الدفاع عن الوطن ، ومن العمل على إشباع حاجات المجتمع.



 وفي هذا العصر الذي يشهد تقدماً عملياً وتكنولوجياً غير مسبوق ، برزت الحاجة لتدريب المتعلم على ممارسة التفكير السابر وغيره من أنماط التفكير العلمي الأخرى ، لتغدو مهارة لديه تمكنه من مواكبة عصره ، ووتعينه على  توليد الأفكارالجديدة والمتنامية التي تؤهله  للغوص في أعماق القضايا المطروحة وإيجاد حلول ملائمة لها .

مفهومه:

        السابر في اللغة يعني اختبار الشيء لمعرفة مدى عمقه ، يقال : سبر الجرح ، أي قاس غوره ، وذلك ليصف له العلاج الملائم لحالته .  والسبر يعني التجربة ، واستخراج كنه الأمر . والثوب السابري هو الذي يشف عما تحته . وبناء عليه يمكن القول أن التفكير السابر هو التعمق في دراسة الحالة المعروضة،  للتعرف على مختلف جوانبها ، وإيجاد أفضل الحلول الممكنة لها .

   والتفكير السابر نمط من التعامل الراقي مع الجانب المعرفي في المحتوى ، فهو يعمل على تنمية أبنية المتعلم المعرفية من خلال تفاعله مع المحتوى الدراسي الذي يعدّ وفق مستواه العلمي وعمره العقلي.

   والتفكير السابر عملية عقلية متقدمة ، توظف في مجالات متنوعة ، وتمكن المتعلم من الاستفادة من المحتوى الدراسي ، لتطوير معارفه وخبراته وأفكاره ، ليصبح قادراً على توليد أفكار جديدة يخضعها للتحليل والمحاكمة  بهدف تحسين أدائه من أجل الوصول  إلى مرحلة الإبداع.

   والمعلم المبدع هو الذي يعد خبرات وأنشطة ملائمة لمستويات تلاميذه ليتفاعلوا معه بحيوية ونشاط ، ويحدث لديهم التغير المنشود الذي يسعى إليه ، وهو المتمثل في أن يكونوا مفكرين ، مما يكسبهم الثقة بأنفسهم وبمستقبلهم.غير أن السؤال الذي يطرح نفسه هو:

كيف يستطيع المعلم توظيف المنهاج الدراسي لتدريب تلاميذه على التفكير السابر إذا كان هذا المنهاج تقليدياً جامداً؟

   لا شك أن مهنته ستكون صعبة ، وربما تكون مستحيلة إذا كان من الصنف الذي يكثر في هذه الأيام نظراً لغياب الإعداد العملي والتأهيل المهني السليم. والمعلمون المبدعون يعملون على توظيف المحتوى الدراسي في تدريب تلاميذهم على التفكير السابر مما يكسر حاجز الرتابة لديهم ، ويعمل على تنشيط إقبالهم على الكتاب المدرسي بحيوية ، ويجعلهم في حالة من الاتزان المعرفي لما يتطلبه من عمليات ذهنية معقدة ومتكاملة ، تبدأ بإثارة الانتباه ، ووتنتهي بالاحتفاظ بها لتوظيفها عند الحاجة إليها مروراً بعمليات الإدراك والتنظيم والربط والترميز.

متطلبات تعليم التفكير السابر :

   لكي ينجح المعلم في تدريب تلاميذه على ممارسة التفكير السابر فإنه ينبغي عليه أن:

أ- يدرك أهمية ممارسة المتعلم للتفكير السابر.

ب- يعرف خطوات تدريب المتعلمين على ممارسة التعليم السابر.

ج- يعمل على ترغيب المتعلمين في ممارسة التعليم السابر.

د-يوظف المواد الدراسية في التدرب على التفكير السابر.

هـ يعد الأسئلة السابرة التي تعمل على تنمية قدرة المتعلم على ممارسة  التفكير السابر .

   وما زالت الجهود الحثيثة تبذل لوضع مناهج دراسية تساعد المعلمين على تدريب الأطفال على مهارات التفكير من خلال المحتوى ؛ وذلك بسبب الاتصال الوثيق لمحتوى المادة الدراسية بالإدراك ، ولأن المجال المعرفي - بما يتضمنه من محتوى وأنشطة وخبرات - هو القاعدة المركزية التي يرتكز عليها ، وينطلق منها التفكير . وتلعب كفايات المعلم دوراً رئيساً في مدى رقي مهارة التفكير التي يحصل عليها المتعلم ، وقليلون هم الذين يخططون لتدريب تلاميذهم على أنماط التفكير العليا كالناقد والسابر والإبداعي.

  وهناك بون واسع بين المعلم الذي يوظف طرائق التدريس التقليدية وزميله الذي يوظف التقنيات الحديثة والطرق البحثية، ويتفاعل مع طلابه موظفاً مختلف أنماط التفاعل الصفي ، آخذاً بعين الاعتبار أن محتوى المادة الدرسية يمكن تشكيله ليلائم الفروق الفردية بين المتعلمين، وأن الهدف النهائي الذي يسعون لتحقيقه هو التكامل المعرفي ، ليحسنوا التفكير السابر الذي يقود إلى الإبداع.

ولعل الزميل المعلم يوافقني على ضرورة توفر شرطين رئيسين لدى المتعلم قبل البدء بمحاولة تعليمه المهارات الكفيلة بجعله قادراً على توليد الأفكار ، وهذان الشرطان هما:

- توفر رصيد كاف من المعلومات المختزنة الممهدة لفهم الدرس.

- الفهم الوافي للأفكار الرئيسة والفرعية في الدرس.

    وبعد ذلك تكون مهمة التفكير السابر هي البحث عن العلاقات غير المرئية بين الأفكار التي يقوم عليها النص.

خطوات مقترحة لتدريب الأطفال على التفكير السابر:

1- يطلب المعلم من التلاميذ قراءة الموضوع قراءة صامتة أو عرضه عليهم من خلال شريط مرئي أو أي وسيلة معينة ملائمة.

2- يطلب منهم إمعان النظر والتفكير فيما طالعوه أو شاهدوه لتوجيه انتباههم إلى الأفكار المحورية.

3- يكتب أحد التلاميذ الأفكار على السبورة.

4- يطلب من التلاميذ دراسة الأفكار المكتوبة وإعادة النظر فيها بهدف تطويرها.

5- يطلب من التلاميذ ترتيب الأفكار حسب أهميتها أو حسب موضوعها أو حسب أي معيار آخر.

6- يحاور المعلم المتعلمين ليصل بهم إلى استكمال الأفكار المتوخاة من خلال أسئلة متدرجة في العمق وأجوبة متكاملة لسبر أغوار ما وراء الموضوع.

7- تشجيع المتعلمين على استنباط تعميمات مناسبة.

8- تدريب المتعلمين على توضيح الظواهر الطبيعية الغريبة.

9- تدريب المتعلمين على وضع فرضيات وتنبؤات.

10- تدريب المتعلمين على تحقيق الفرضيات والتنبؤات.

  فإذا نجح المعلم في تنفيذ هذه الخطوات ، وتمكن من  تحقيق الأهداف التي خطط لها ، فإنه يكون بذلك قد وضع تلاميذه على أعتاب مرحلة التفكير الإبداعي الذي يعد أبرز أهداف التربية الحديثة .

 

التفكير السابر خطوة متقدمة على طريق الإبداع -محمود طافش