التفكير الاستراتيجي: كيف تخطط لنجاح عملك؟

يمثل التفكير إحدى العمليات العقلية الكامنة وراء تطور الحياة الإنسانية وسيطرة الإنسان على الكائنات الأخرى كلها، واكتشافه للحلول التي يتغلب من خلالها على المشكلات والمصاعب التي يواجهها في حياته؛ فالتفكير هو ضرورة لوجود واستمرار الإنسان على الأرض ومساعدته على التكيف مع المحيط الخارجي الذي يعيش فيه.



التفكير هو أساس المهارات جميعها، وقد أسهمت تغيرات العصر في ظهور أنواع وأساليب للتفكير مثل التفكير الإبداعي والتفكير الناقد والتفكير الاستراتيجي الذي يُعدُّ الأهم؛ فالتفكير الاستراتيجي من أهم العوامل التي تساعد الإنسان على تحقيق النجاح في عمله، فهو يمنح الفرد القدرة على التخطيط المستقبلي واتخاذ القرارات الصائبة التي تؤثِّر في مسيرته المهنية، وهو جزء أساسي من تطوير الأعمال وتحسينها، فبدلاً من التركيز على المشكلات والتحديات الحالية، يهدف التفكير الاستراتيجي إلى وضع خطط واستراتيجيات طويلة الأمد بهدف تحقيق النجاح في المستقبل، وكما يقول "بيل غيتس": (إذا كنت لا تستثمر في التفكير الاستراتيجي، فستفقد ببساطة الأرض تحت قدميك)؛ فالتفكير أسلوب حياة يمكن تطبيقه على جوانب الحياة جميعها، سواء أكانت شخصية أم مهنية أم تعليمية أم غيرها، ويمكن الاستفادة منه في تحقيق النجاح والتطور والنمو الشخصي والمهني.

أولاً: ما هو التفكير الاستراتيجي ولماذا يُعدُّ أساسياً لنجاح عمل الإنسان؟

التفكير الاستراتيجي هو الطريق الأكثر إبداعاً في تحديد القضايا المستقبلية في حياة الإنسان وكيفية التعامل معها بطريقة تكفل استمرارية الإنسان ونجاحه؛ فالتفكير الاستراتيجي هو تفكير موجَّه للمستقبل دون إهمال الماضي وإدراك واقع الفرد، الأمر الذي يسهم في تجنب الوقوع في أخطاء الماضي، ويكون عبر استخدامه عمليات التفكير العليا مثل التحليل والربط والاستقصاء والتأمل.

التفكير الاستراتيجي هو أسلوب متعدد الرؤى يتطلب النظر إلى الأمام في فهمه ويوظف الاستدلال في فهم ما هو كلي، وهو تفكير تفاؤلي يؤمن بطاقة الإنسان وقدراته العقلية، ومن التعريفات التي وضَّحَت معنى التفكير الاستراتيجي:

  • توفر قدرات ومهارات تمد صاحبها بالقدرة على فحص عناصر البيئة المختلفة وتحليلها، والتنبؤ بالمستقبل الدقيق وإمكانية صياغة الاستراتيجيات واتخاذ القرارات المتكيفة معها.
  • عملية تركيبية ناجحة عن توظيف الحدس والإبداع لاستشراف المستقبل، للاستفادة من معطيات الحاضر في رسم صورة المستقبل من أجل وضع تنافسي أفضل.
  • ممارسة سلوكية مبدعة وسمة مميزة للقادة المبدعين القائمة على وضوح الرؤية ومرونة التفكير؛ فالقادة المبدعون لهم القدرة على تغيير طرائق تفكيرهم ورؤاهم وفقاً للحالة التي يجب أن تُدار بها، وتصرفاتهم تتصف بالانفتاح وحب الاطلاع والانتقاد والتحليل والثبات والتوجيه نحو الأهداف وبناء الاستراتيجية؛ ومن ثَمَّ الإقلاع.

التفكير الاستراتيجي هو من المهارات الأساسية لنجاح الفرد في عمله؛ إذ يتمكن الفرد من خلاله من:

1. تحديد الأهداف:

يتيح التفكير الاستراتيجي للفرد فرصة تحديد أهدافه المهنية؛ ومن ثَمَّ يمكنه توجيه جهوده وطاقاته توجيهاً أفضل.

2. وضع الخطط:

يساعد التفكير الاستراتيجي الفرد على وضع التخطيط الواضحة لتحقيق الأهداف المرسومة.

3. اتخاذ القرارات:

تساعد مهارات التفكير الاستراتيجي الفرد على اتخاذ القرارات الصائبة.

4. الابتكار:

يساعد التفكير الاستراتيجي الفرد على التفكير خارج الصندوق؛ ومن ثَمَّ يتيح فرصة الابتكار وتحقيق التغيير في العمل.

5. الاتجاهات المستقبلية:

يساعد التفكير الاستراتيجي الفرد على تحليل الاتجاهات المستقبلية والتغييرات المتوقعة في سوق العمل؛ ومن ثَمَّ يستطيع توجيه الجهود في الاتجاه المناسب.

6. تنمية المهارات:

يستطيع الفرد استخدام التفكير الاستراتيجي في تنمية المهارات اللازمة لتحقيق أهدافه.

7. تحسين الأداء:

يساعد التفكير الاستراتيجي الفرد على تحسين أدائه في عمله من خلال تحليل أدائه الحالي ومقارنته مع الأداء المعياري.

شاهد بالفيديو: 8 طرق تفكير ستضعك على طريق النجاح

 

ثانياً: خطوات تطبيق التفكير الاستراتيجي في التخطيط لعملك

يتضمن تطبيق التفكير الاستراتيجي في التخطيط لعملك وتحليل بيئة العمل خطوات عديدة:

1-  تحليل البيئة الداخلية والخارجية لعملك:

تستطيع تحليل البيئة الداخلية والخارجية باستخدام تحليل S.W.O.T الذي يتم من خلاله استعراض التغيرات المحلية والعالمية كلها، وتحليلها لاكتشاف الفرص الموجودة ضمنها والتحديات المرتقبة التي يتعين على الفرد مواجهتها.

كما يستطيع الفرد استخدام تحليل PPESTT فهو اختصار لمكوناته الست التي توضح التغيرات الموجودة في البيئات: السياسية Political والطبيعية Physical والاقتصادية Economic والاجتماعية Social والتكنولوجية Technological والتجارية Trade.

2-  تحليل القيمة المضافة:

هي التركيز على الميزة التنافسية التي حققتها نتيجة لعملك الذي قمت به.

3-  تحليل المنافسين:

يجب على الفرد تحليل المنافسين في سوق العمل الخاص به، من خلال دراسة أساليبهم واستراتيجياتهم ومنتجاتهم وخدماتهم وأسعارهم وسياساتهم التسويقية ومقارنتها بمنتجاته وخدماته وسياساته التسويقية.

4-  تحليل العملاء:

يجب على الفرد تحليل العملاء الحاليين والمحتملين؛ وذلك من خلال دراسة احتياجاتهم ومتطلباتهم ورغباتهم، ومدى رضاهم عن الخدمات أو المنتجات التي يقدمها، والتحقق من المنافسة في تلبية احتياجات العملاء وإيجاد السبل لتحسين العلاقة معهم.

5-  تحليل السوق:

يجب على الفرد تحليل السوق والنمو المتوقع وحاجات العملاء وأساليب التسويق المتبعة والأسعار، ومعرفة المنافسين والتطورات التكنولوجية الأخيرة.

6-  تحليل الظروف الاقتصادية:

يجب على الفرد معرفة تطورات السوق المحلية والعالمية ومعدلات التضخم وتأثيرها في السوق وفي عمله.

7-  تحليل الظروف الاجتماعية والثقافية:

يجب على الفرد تحليل الظروف الاجتماعية والثقافية في بيئة عمله ومعرفة عادات جمهوره وتقاليده وتفضيلاته ومراعاة أذواقه.

8-  إعداد سيناريوهات مستقبلية:

يجب إعداد سيناريوهات مستقبلية بعد أن تُحلَّل البيئة الداخلية والخارجية، ومناقشة كل سيناريو مستقبلي وتحليله وتحليل الآثار المترتبة على كل سيناريو.

9-  اتخاذ القرارات.

10- التغذية الراجعة:

يجب الاعتماد على التغذية الراجعة في إعادة ربط المتغيرات البيئة مع الخطط والاستراتيجيات المختلفة.

ثالثاً: كيفية إدارة المخاطر والتحكم بها باستخدام التفكير الاستراتيجي

تشير إدارة المخاطر إلى تحديد المخاطر المحتملة التي يمكن أن تقع، وتسبِّب الضرر لعمل الفرد وتحديد الخطوات التي يمكن اتخاذها للتحكم بها، والتخفيف من آثارها السلبية في عمل الفرد، ويمكن استخدام التفكير الاستراتيجي في ذلك باتباع الخطوات الآتية:

1-  تحليل المخاطر:

يجب تحديد المخاطر المحتملة وتأثيرها السلبي في عمل الفرد؛ وذلك عبر استخدام إحدى وسائل التفكير الاستراتيجي مثل تحليل s.w.o.t.

2-  التخطيط لإدارة المخاطر:

يتضمن تحديد الخطوات التي يجب اتخاذها للتخفيف والحد من تأثير المخاطر المحتملة.

3-  التنفيذ:

تُنفَّذ الخطوات التي يُخطط لها من أجل الحد من المخاطر المحتملة مثل إعادة توزيع المهام.

4-  مراقبة التقدم:

يجب متابعة التقدم المحرز باهتمام والتأكد من تنفيذ الخطوات التي تُحدَّد تحديداً فاعلاً.

5-  تقييم النتائج:

يجب تحديد فيما إذا الخطوات التي اتُخذت قد أدت إلى تحقيق الهدف المنشود في التخفيف والتقليل من المخاطر المحتملة.

شاهد بالفيديو: 8 أساليب للقيادة الناجحة في أوقات الأزمات

رابعاً: ما هي أدوات التفكير الاستراتيجي وتقنياته التي تستطيع استخدامها لتطوير خطط عملك وتحسينها؟

  • تحليل S.W.O.T: تقنية تعمل على تحديد نقاط القوة ونقاط الضعف، وكذلك الفرص المتاحة والتهديدات المحتملة.
  • تحليل PESTEL: يستخدم لتحليل العوامل السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتكنولوجية والقانونية.
  • تحليل السيناريو: أسلوب يُستخدم لتحليل الأحداث المحتملة التي يمكن أن تؤثِّر في عمل الفرد.
  • تقنية بوابة العوائد: تُستخدَم لتحديد الاستثمارات الأكثر ربحية وأهمية.
  • تقنية التخطيط الاستراتيجي: تُستخدَم لتحديد الأهداف طويلة الأجل وطرائق تحقيقها.
  • تقنية تحليل أداء الفرد: تُستخدَم لتحليل أداء الفرد والوقوف على جوانب الخلل فيه.
إقرأ أيضاً: كيف تستخدم تحليل "سووت" (SWOT) الشخصي لتحظى بحياة ناجحة؟

خامساً: كيف تتطور الميزة التنافسية في عملك باستخدام التفكير الاستراتيجي؟

يحتاج تطوير الميزة التنافسية إلى التفكير الاستراتيجي واتباع خطوات ضرورية، منها:

  • تحليل المنافسين وسوق العمل.
  • تحديد نقاط القوة والعمل على تعزيزها وتحسينها لتحقيق مزيد من النجاح.
  • التركيز على جودة ما تقدِّم، سواء منتجات أم خدمات من أجل المحافظة على العملاء الحاليين وجذب العملاء الجدد.
  • التركيز على الابتكار: يجب العمل على تطوير منتجات أو خدمات جديدة تواكب العصر وترضي العملاء.
  • استخدام التكنولوجيا: يجب أن تحقق أقصى استفادة من الوسائل التكنولوجية المتاحة، وتوظيفها في تطوير العمل واكتساب الميزة التنافسية.
  • التدريب: يجب التدريب للحصول على المهارات المؤهلة لامتلاك الميزة التنافسية وتحقيق التفوق.
  • التركيز على خدمة العملاء: تلبية حاجات العملاء والاستجابات لرغباتهم بسرعة هو سر اكتساب الميزة التنافسية.
إقرأ أيضاً: 3 أنواع للميزة التنافسية و4 خطوات لتحديد ميزتك

في الختام:

التفكير الاستراتيجي هو عنصر حاسم في تحقيق النجاح في الأعمال التجارية والحياة الشخصية، فهو يمكِّنك من تحديد الاتجاه الصحيح واتخاذ الخطوات الصحيحة للوصول إلى هدفك، هذا ما قاله "ريتشارد روزن" المستشار في مجال الأعمال والتنمية وأهم المؤثِّرين في هذا المجال أيضاً: "في الحقيقة التفكير الاستراتيجي هو أهم ثروة إنسانية من بين الثروات العديدة التي أنعم بها الله عز وجل على الإنسان، لكن للأسف يظن معظمنا أنَّهم أكفياء في ممارسة التفكير؛ لذلك لا يحققون الفائدة المرجوة من التفكير إلا بنسبة ضئيلة".

خلاصة القول إنَّ التفكير الاستراتيجي يمثل عملية حاسمة لنجاح الفرد في عمله؛ إذ يسمح للفرد بفهم بيئته جيداً وتحليلها إلى عناصرها الأساسية، كما يمكِّنه من تحليل المخاطر والفرص وتطوير الميزة التنافسية؛ فالتفكير الاستراتيجي هو السبيل لاتخاذ الفرد القرارات الصحيحة وتحقيق الأهداف المنشودة، لذا ينصح الفرد بتعلم كيفية التفكير الاستراتيجي وخطوات تطبيقه في عمله؛ فذلك سوف يساعده على تحقيق النجاح والاستمرار في العمل والتأكد من نموه.




مقالات مرتبطة