التغيير الإيجابي و الدعاء...


البرمجة اللغوية العصبية أو النظرية المعرفية والنظريات النفسية الأخرى كلها تصب في غاية واحدة وهي الزيادة في الدقة في معرفة الإنسان. البرمجة أو النظرية المعرفية هي مجموعة تقنيات وفرضيات توصلك للنجاح ، النجاح في معرفة الذات لإدارتها وقيادتها بغية الوصول بها إلى أرقى المستويات. في المقابل نرى أن هناك وفرة في القرآن والحديث النبوي الشريف وأقوال الصحابة والتابعين من صفات وفرضيات وتقنيات لمعرفة ذات الإنسان، وكيف يصل إلى النجاح في التواصل مع الكون ومع الآخرين ومع نفسه والرقي أيضا إلى أعلى المستويات




من تقنيات وفرضيات النظرية المعرفية والبرمجة اللغوية العصبية في الوصول إلى النجاح أن نغير بادئ ذي بدئ النظرة السلبية عن الذات وعن الكون لتتسم بالإيجابية، وأن في كل فرد منا طاقات وقدرات ، وما يحصل للآخرين من نجاح فقد يحصل لنا إن أردنا ،و تغيير النظرة عن الذات هي تغيير في الأفكار،والأفكار كما نعلم تحدد المشاعر والسلوكيات.

وأما ما أراه من التقنيات الرائعة جدا في الديانات السماوية وأخص بالذكر هنا ديننا الإسلامي الحنيف هي تقنية الدعاء ودورها في التغيير الإيجابي، وما الدعاء إلا أفكارا إن استوعبناها واستشعرناها ثم أخذنا بها وصلنا بالتالي إلى تغيير ذواتنا وتغيير ما حولنا.
يقول الله عز وجل في كتابه الحكيم :" ما يعبئ بكم ربي لولا دعاؤكم " ، ويقول أيضا:"إني قريب أجيب دعوة الداعي إذا دعان " ، ويقول الحبيب المصطفى عليه الصلاة والسلام : " الدعاء مخ العبادة "
الدعاء عملية نفسية يتفاعل فيها العقل والقلب والجوارح ...ولتحقيقها هناك بعض النقاط والتي منها:

1-التكرار والترديد:
حين ترديد الدعاء بطريقة التمعن والتدبر أرسخ الفكرة أو المعنى في ذهني، أشعر بها بقوة في داخلي( إن الله يحب العبد الملحاح : الذي يلح في الدعاء ) عدم الترديد وعدم التكرار لا يرسخ ، أؤكد على عملية التكرار لأن بواسطتها يكون التعلم الذي هو ترسيخ للأفكار والسلوكيات أي أنني حين أردد الدعاء أشعر به وبالتالي ينعكس في سلوكي.

2-التصديق والظن بالخير:
من شروط استجابة الدعاء هو التصديق وهي أيضا تقنية جد مهمة ، تعني الإيمان بأن ما تبتغيه سيتحقق ، هي النظرة الإيجابية للمستقبل وهي الظن بالله وبنفسك وقدرتك خيرا، هذا أكبر دليل على أنه إن صدقت وإن انفعلت مع الدعاء ستأتي الإجابة وإن لم تصدق ولم تؤمن بالفكرة فهي لن تتحقق وهذا يذكرنا بقانون الجذب . " أنا عند ظن عبدي بي فليظن بي ما شاء "

فإذن استشعار الدعاء يجعل للكلمات أثرا على نفسيتك..
وتكراره يرسخ المعنى الذي يحمله الدعاء في اللاشعور ..
أما التصديق به فهو يعطيك الأمل والطاقة النفسية والجسمية لتحقيقه وكل ذلك بمشيئة الله.


الإجابة تأتي من الله ومنك أنت إذا عملت بها قولا وعملا ، أنت قائد نفسك وهو يعينك، أنت الذي تريد وتقرر وتوجه أفكارك نحو الإجابة ، كيف؟
حين يريد الإنسان ويقرر ويعزم على شيء فإن الله معين له لا محالة ، ونستدل في هذا الباب بالآية الكريمة " إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم" يعني إرادة واختيار وعزم منك أنت والله يدفعك. وندرج أيضا في هذا الإطار الآية الكريمة : "إن الله لا يغير نعمة أنعمها على قوم حتى يغيروا ما بأنفسهم " أي قد نكون أردنا وقررنا وجاهدنا وعملنا وغيرنا فإن لم نستمر في الحفاظ على تغذية أفكارنا وسلوكياتنا فإنه لا محالة سيقع انقطاع سيؤدي بنا إلى تغيير في النعمة ، وعدم الصيانة هو أيضا قرار منك تكون مسئولا فيه. الحضارة الإسلامية بدأت في التدهور حين لم تحافظ على أسباب التقدم ، كذلك الفرد منا عليه أن يحافظ على عوامل التغيير الإيجابي في نفسه.

استنادا على ما سبق ذكره وإذا تأملنا الآية مثلا: " اللهم اشرح لي صدري " نستخلص أهمية نقطتين:
1-الإرادة : أني" أريد" ، ألتمس من الله، أختار أن يشرح لي الله صدري ..

2-إرادتي تكتمل بإرادة الله وبعونه أحاول استشعار انشراح الصدر عمليا ثم أتوكل على الله..( ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء الله )

أختار يعني أعي حدود مسئوليتي وأحدد ما أريد ومن تم أتوكل على الله ليعينني في تحقيق هدفي وهنا تكمن صفة الإنسان التي ذكرها الله في القرآن وهي أنه خلق ضعيفا وقوته هي من قوة الله .

فلا تنسوا إخوتي الدعاء فإنه حقا مخ العبادة، وطريق إلى التغيير الإيجابي.