التدخين وأثره على الصحة

هل التدخين يشكل خطرا حقيقيا؟

لقد نجح التثقيف الصحي الذي بين للناس أخطار التدخين في خفض نسبة المدخنين في المجتمع الأمريكي من 41% إلى 25% حسب الإحصائيات في عام 1960 واذا حسبنا عدد المدخنين في تلك السنة نجد أن العدد يتجاوز 46 مليونا ، ومنذ ذلك التاريخ لم تتراجع هذه النسبة بل ظلت على ماهي عليه إلى الوقت الحاضر، وهذا له دلالة خطيرة حيث أن هناك معدل الزيادةالسنوية في عدد السكان تبلغ 1.7% و معنى هذا أن عدد المدخنين الفعلي في زيادة، والأمر الملاخظ أيضا أن نسبة المدخنات من النساء في زيادة واضحة.


والأمر في الدول النامية أسوأ حيث أن نسبة المدخنين في ازدياد مضطرد ،وتبلغ نسبة الزيادة في الصين 11% لذا من المتوقع أن ترتفع نسبة الإصابة بسرطان الرئة ارتفاعا شديدا في الصين في السنوات القادمة.

ولكن ما السبب الذي يدعو الناس إلى البدء في ممارسة التدخين ومن ثم الاستمرار فيه؟
أمور عديدة تختلف من شخص إلى أخر فمنها:
الدعاية وإظهار المدخن بصورة البطل، او الرجل المكتمل الرجولة، وتسليط الأضواء على المدخنين من الشخصيات المرموقة في المجتمع وتقليد الصغار للكبار المدخنين. وكذلك الهدايا والجوائز المغرية التي تقدمها شركات التدخين لشراء السجائر والتبغ بأنواعه.
التدخين آفة قديمة مضى على اكتشافها حوالي ألف عام، وتزايد الإقبال على ممارسة آفة التدخين بعد اختراع آلة لف السجائر وظهور شركات صناعة السجائر التي أصبحت شركات ضخمة لها نفوذها.
وقد زاد معدل استهلاك الفرد للسجائر زيادة كبيرة من 40 سيجارة للفرد الواحد في السنة عام 1880 إلى 12854سيجارة للفرد الواحد في السنة عام 1977 ولم ينتبه الناس الى ضرر تدخين السجائر إلا في مطلع القرن العشرين، حيث تبين بشكل واضح علاقة التدخين بالعديد من الأمراض و بالسرطان.
وبينت الإحصائيات الرسمية أن التدخين هو أكثر سبب للوفاة من بين الأسباب التي
يمكن تجنبها وهي تسبق في ذلك الموت بحوادث السير كسبب للوفاة. إضافة إلى كون التدخين مسؤول عن 30% من الوفيات بمرض السرطان بمعنى إن المجتمع إذا خلى تماما من المدخنين، فان الوفيات بسبب السرطان ستنخفض بمعدل الثلث تقريبا،هذا إذا علمنا أنه في عام 1995 كان عدد الوفيات التي تسبب في حدوثها التدخين بلغ 2,5 مليون وفاة.
 
ولا ينحصر ضرر التدخين بكونه سببا أكيدا لإحداث السرطان بل أنه سبب أكيد أيضا لأمراض كثيرة منها:
الأمراض الرئوية مثل التهاب القصبات المزمن، انتفاخ الرئة، التهاب الرئة الجرثومي، وحسب الإحصائيات الرسمية كان التدخين السبب الرئيس للوفيات بسبب أمراض رئوية حيث تسبب في 84000 حالة وفاة عام 1990 في أمريكا.
ويسبب كذلك التدخين تصلبا في الشرايين في جميع أنحاء الجسم ، ويكون سببا أكيدا لانسداد شرايين في أعضاء مهمة ، فإذا حدث الانسداد في أحد الشرايين التي تغذي عضلة القلب أدى إلى حدوث الجلطة القلبية التي قد تؤدي إلى موت جزء كبير أو صغير من عضلة القلب، مما قد يؤدي إلى ضعف خطير في قوة القلب أو إلى الوفاة المفاجئة.
أما إذا حدث الانسداد الشرياني في أحد شرايين الدماغ ، أدى ذلك إلى الفالج
أو الشلل النصفي الذي قد يكون دائما.
وكثير من المدخنين يصابون بتضيق أو انسداد في شرايين الأطراف السفلية مما ينتج عنه العرج المتقطع أو الغرغرينا التي قد تستدعي بتر الساق المصابة.
وإضافة إلى ضرر التدخين بالصحة فالتدخين يؤثر على الناحية الاقتصادية للفرد والمجتمع، فالمدخن هو في الحقيقة إنسان مدمن بكل معنى الكلمة حيث أنه مستعد لشراء التبغ لإشباع الرغبة الجامحة لديه إلى التدخين مهما كان وضعه المادي، وقد يضحي بالحاجات الضرورية له و لأرته في مقابل شراء التبغ. إضافة إلى أن الدولة تنفق على علاج الأمراض التي يسببها التدخين مبالغ هائلة، إضافة إلى الخسارة الناتجة عن تعطيل الإنتاج بسبب الإجازات المرضية أو حالات الوفاة المبكرة قبل سن التقاعد بسبب الأمراض التي يسببها التدخين.
ولا ننسى أن المدخن يسبب الضرر لنفسه كما أنه يسبب الضرر لمن حوله
واللذين قد يكونون من أقرب الناس وأحبهم إلى قلبه. حيث أن استنشاق الدخان الذي ينبعث من اشتعال السجائر وما فيها من التبغ والورق ( فيها أكثر من 4700 مادة كيماوية و43 مادة مسببة للسرطان) إضافة إلى الدخان الذي يخرجه المدخن مع هواء الزفير، إن استنشاق هذا الدخان من قبل إنسان لا يدخن بل يجبر على استنشاق هذا الهواء الملوث بحكم مجاورته إلى أن يصبح خطر الإصابة بسرطان الرئة يعادل 80% بعد العيش مع مدخن لمدة 20 سنة، إضافة للأخطار الأخرى مثل أمراض الشرايين التاجية للقلب وأمراض الرئة.
وأمام كل هذه الأخطار فعلى كل فرد مسؤولية في حماية نفسه ومن حوله من أخطار التدخين وذلك بتوعية أولاده حتى لا يصبحوا أساري لإدمان التدخين.
وكلمة نقولها للمدخنين بأن كل يوم يمضي بدون تدخين هو مكسب للصحة ، فكلما زادت المدة التي يعيشها المرء بعد إيقاف التدخين فانه يبتعد تدريجيا عن المخاطر التي يسببها التدخين .
والتخلص من آفة التدخين ممكن بصدق النية والعزيمة، ومن الممكن اتباع نظام خاص للتخلص من آفة التدخين في خلال خمسة أيام.
 المصدر: بيوتنا كنانة أونلاين