التدخين في الحمل والإرضاع.. وأمراض النساء

التدخين في الحمل والإرضاع.. وأمراض النساء

د.سمير السبعة

لنرى ما يسببه التدخين من أمراض نسائية أولا ومن ثم أثره على الحمل والحامل والجنين وصولا لأثره على الطفل الرضيع. وهنا ألفت النظر إلى أن هذا البحث به أمور بسيطة تفيد عامة الناس، لكنه يحوي أيضا معلومات طبية معقدة موجهة لبعض للأطباء. وأرجوا أن يكون هذا البحث موضوعا مفيدا وحافزا للمدخنين، خاصة المدخنات، للتوقف عن التدخين. فقد ثبت أن التدخين يدخل المبيض والبويضة ليبقى مسببا الأثر السيئ في المستقبل أثناء الحمل وذلك من خلال الدخول في البيضة الملقحة، والمشاكل الجنينية اللاحقة.



المبيضان: يضطرب إفرازا المبيضين من الهرمونات النسائية, ويحدث تخرب في المبيضين؛ كما وجد حمض السيانيد في عنق مهبل المدخنات. وهذا ما يساهم في قتل نطف الرجل؛ لذلك فالعقم بين المدخنات أكثر شيوعاً. وفي دراسة تمت على 1649 أنثى بين عمري 18-79 سنة كان التدخين عامل خطورة في سرطان المبيض. خاصة بشكله الظهاري المفرز للمخاط Mucinnous epithelioma.
الإخصاب:
يحوي التبغ النيكوتين والأرابينيز arabinase. وهما مادتان تثبطان أنزيم الأروماتيز aromatase الذي يحث على إفراز الاستروجين. لذلك ينقص هذا الهرمون عند المدخنات، كما ذكرنا. وللنيكوتين مستقلب يسمى كوتينين. وقد تمت دراسة هذا المستقلب فكانت نسبة الإخصاب أقل عندما يكون المستقلب عالي التواجد: 57% ( 75% عندما يكون منخفضا أي معدل تدخين أقل) مما يؤكد دور النيكوتين في نقص معدل الخصوبة.
يتداخل النيكوتين بتشكل الحبيبات القشرية للبيضة التي ستشارك في الإخصاب. لذلك فله أثر مباشر على الجنين (التشوهات ونقص وزن الحنين).
أثر التدخين على الخصيتين: يزيد التدخين، في أول عهد المدخن بهذه العادة، من الشهوة الجنسية. ولكن، ومع مرور الوقت، يساهم التدخين في إضعاف هذه الشهوة؛ وأكثر من ذلك، فإن مادة حمض السيانيد الموجود في التبغ تسبب انسماما في الخصيتين مما ينقص عدد النطف ويزيد نسبة النطف الميتة في السائل المنوي. وتكون النتيجة قلة الخصوبة في الذكر المدخن، بل وشيوع العقم بين المدخنين.

*- اضطراب طمثي مع ألم طمثي (اضطراب الدورة الشهرية والألم مرافق لها): وهما أكثر شيوعا عند المدخنات مقارنة مع غير المدخنات من النساء في سنّ النشاط التناسلي.
*- الرغبة الجنسية للمرأة: تزداد في أول عهد المدخنة في التدخين ثم ما تلبث أن تنقص.
*- سن يأس مبكر: لا يحدث اضطراب طمث فقط، بل تنقطع الدورة الشهرية مبكراً عن المرأة المدخنة.(سن يأس مبكر، أي قبل سن 45 كما يكون في العادة).
*- الهبوط التناسلي: (هبوط مهبل أو رحم) يؤهب لحدوثه السعال المزمن خاصة السعال الشديد, مما يتسبب بألم وتكرر التهاب وصعوبة بضبط البول عند السيدة.
*- سلس بولي: سببه أيضا السعال المزمن خاصة السعال الشديد, وذلك لحدوث ضعف بالعضلة الخاصة بضبط البول حتى بدون حدوث الهبوط.
*- سرطان عنق الرحم:
كشف أن تردد هذا السرطان يكون أكثر عند المدخنات خطر أكبر. حبوب المنع: أي أن النساء المتناولات لحبوب منع الحمل لديهن خطر أكبر لحدوث أمراض القلب والأوعية الدماغية وجميع الحوادث الصمية الخثرية في حال كن مدخنات؛ إذ تشكل حبوب منع الحمل خطرا، والتدخين خطرا آخر. ومشاركتهما معاً يشكل خطراً أكبر من مجموع الخطَرَين. واحتشاء القلب (الجلطة) يكون أكثر 30 مرة في مدخنة تتناول مانع الحمل عن المدخنة غير المتناولة له. والأمر نفسه فيما يخص خطر النزف الدماغي حيث يكون الخطر في مشاركة التدخين ومانع الحمل أكثر 20مرة من المدخنة فقط.
بل ونشاهد هذه الأمراض بعمر مبكر ((لقد شاهدت مريضة حادث وعائي دماغي = فالج = بعمر 32 سنة)). علما أن هذه الأمراض هي أصلا في النساء أقل من الرجال ولم تكن شائعة عند النساء أو الشباب والشابات قبل انتشار عادت التدخين.

جمال المرأة: هنا لا أريد أن أكون شاعراً. لكن لننظر إلى امرأة تدخن ونقارنها بغيرها!! بل دعونا نقارنها بصورتها قبل أن تدخن!! فنجد أن نضارة الوجه وبريق العينين وجمال الهيئة والجاذبية، بل الأنوثة نفسها، قد أفسدها كلها التدخين.. الخ. المدخنة الشرهة ذات منظر مقزز مقرف, شفاه سوداء رائحة فم كريهة... الخ. فالأوعية عامة ومنها أوعية الجلد، تصاب بنقص تروية الجلد مما يصيبه بالشيخوخة. كما يحدث تأهب لإنتان الجلد، وهذا يسيء لجمال الأنثى ووسامة الرجل. إن الزرنيخ الذي يتواجد في التبغ، والذي يأتي عبر المبيدات الحشرية يتوضع داخل العضلات والعظام والأظافر والشعر ويسبب التهابات جلدية، مما يسيء كثيراً لعناصر عديدة من جمال المرأة.
والأمر ذاته فيما يخص وسامة الرجل. فالتشويه ذاته يصيبه. ويتحول إلى كريه المنظر ذي رائحة مقززة، خاصة المدخن الشره (شفاه زرقاء وأسنان صفراء ولسان أسود!).
فكم من النساء الجميلات أحالهن التدخين لقبيحات كريهات! وكم من الشباب الوسيمين أحالهم التدخين إلى أشكال أخرى؟!؛
ويزداد التشويه الجسدي، إلى جانب التشويه الروحي، عند مدمني المخدرات المدسوسة بالتبغ.


سرطان الثدي والتدخين السلبي
: منذ عدة سنوات صدرت دراسات رفضت ربط سرطان الثدي بالتدخين. وتم الركون لذلك حتى عام 2005. فقد صدرت عدة دراسات منها Jennifer Warner & Brunilda Nazario March 11 2005-04-01 في كاليفورنيا، وملخصها هوأن خطر السرطان يزداد يزداد خطر سرطان الثدي لدى النساء المدخنات السلبيات بمعدل 90% عن غير المدخنات بالمطلق ويكون الخطر على أشده في الأنثى قبل بلوغها سن اليأس. وهناك أمر آخر هو علاقة التدخين بموت مريضات سرطان الثدي:في دراسة واسعة قام بها Beth Bukata و Katherine Egan Bennett في واشنطن درست بها نساء لديهن سرطان ثدي تمت معالجتهن جراحيا وشعاعيا؛ بعضهن مدخنات بشكل مستمر والآخريات مقلعات وفئة لم يدخن أبدا. كانت النتيجة أن معدل الوفيات بين المدخنات كان 2.5مرة عن اللواتي لم يدخنن  أبدا بينما كان معدل الموت أعلى قليلا فقط بين المقلعات قبل المعالجة. وهذا بقي ثابتا حتى بعد استبعاد كامل عوامل الخطورة الأخرى لسرطان الثدي ولعلاجه. لذلك أصبح لزاما إيقاف التدخين قبل معالجة سرطان الثدي لإنقاص عدد الوفيات. طبعا البدانة وتناول الكحول هي عوامل خطورة لسرطان الثدي.

التدخين والحمل
سنفرد هنا فقرة خاصة لأن أثر التدخين يمتد ليصيب الجنين غير مكتفٍ في أثره على الحامل كأنثى وكحامل بالخاصة. لقد ثبت أن الجنين يدخن أكثر من 30% من دخان أمه الحامل !
كما ذكرنا سابقا فأول أثار التدخين هو نقص معدل الخصوبة أساسا. وإذا حدث الحمل فله المخاطر التالية:
أولا على الجنين ( الطفل أو محصول الحمل)
- إسقاطات متكررة ( إجهاض متكرر ): بسبب تقلص عضلة الرحم. ففي النساء غير المدخنات تكون نسبة الإسقاط 7.4% أما في المدخنات فهي 22.5% ! !.
- زيادة نسبة الخداج: أي أن نسبة الولادة المبكرة قبل تمام الحمل في النساء المدخنات أكثر من غير المدخنات.
- التشوهات الجنينية: وذلك لعبور النيكوتين إلى المشيمة فالجنين فيسبب تشوهات جنينية وهذه التشوهات عديدة. لقد ثبت وصول النيكوتين إلى الجنين من خلال معايرته في شعر الجنين وكان عياره في شعر الجنين يزداد طردا مع زيادة تركيزه في شعر الأم أي أنه يزداد في الجنين لأم شرهة التدخين. يتداخل النيكوتين بتشكل الحبيبات القشرية للبيضة التي ستشارك في الإخصاب لذلك يكون للتدخين أثر مباشر على الجنين. والأثر الآخر على الجنين هو تثبيط خميرة بيتا 11 هيدروكسلاز الكظر في الجنين من خلال المستقلب كوتينين, ويعرف الأطباء أهمية هذه الخميرة بصنع الهرمونات الكظرية.
- نقص وزن الوليد: وهذا هو الأثر الأشيع للتدخين على الجنين وسبب ذلك نقص الأوكسجين والأغذية الواصلة عبر المشيمة ويرد ذلك للأسباب التالية 1- نقص أوكسجين دم الأم 2- تقبض أوعية المشيمة فيقل وصول الدم للجنين 3- وصول غاز أول أوكسيد الكربون للجنين منافسا للأوكسجين منقصا إياه وحتى في التدخين السلبي للحامل يحدث نقص وزن الوليد ففي دراسة تمت على الحوامل غير المدخنات بعضهن كن
مدخنات سلبيات فقد نقص وزن الوليد 55-63 غ وسطيا في المدخنات السلبيات مع استبعاد كافة أسباب نقص وزن الجنين الأخرى.
- الإنتان تكثر الإنتان وأهما التهابات الطرق التنفسية عند وليد المدخنة خاصة أثناء الحمل.
- الربو:  تذكر الإحصائيات أن تردد الربو والتهاب القصبات عند أبناء أمهات كنَّ يدخن أثناء الحمل أكثر شيوعا من أولاد الحوامل غير المدخنات.
- تشوهات الرئة: ذكرت عدة تشوهات رئوية ترتبط بتدخين الأم أثناء الحمل وكذلك تشوهات بالأنف والحنك والحنجرة والرغامى والقصبات.
- وفاة المواليد: ثبت أن 61% من الأولاد المتوفين بعيد الولادة كانوا لأمهات مدخنات !!!
كل ما ذكرناه من مخاطر للتدخين ينطبق أيضا على المعالجات المستعملة للإقلاع عن التدخين المسماة العلاج المعوض للنيكوتين NRT والتي هي أيضا نيكوتين. ولكن !
إذا وجدت الحامل صعوبة بالإقلاع مع رغبة به فإن المنطق يقول باستعمال NRT لأن خطره سيكون أقل من التدخين ( ف NRT يعتبر من المجموعة D للأدوية المستعملة بالحمل أي أدوية خطرة تستعمل حين تكون الفائدة منها تفوق خطرها)

ثانيا على الأم الحامل
- النزف الرحمي في الحمل: يكثر عند المدخنة حدوث انفكاك مشيمة مبكر وهو أحد أخطر النزوف قبيل الولادة وأهم أسباب وفيات الحوامل.
- تمزق أغشية الجنين باكرا( انبثاق ماء الرأس): مما يعرض لتأذي الجنين وتعرضه وأمه للالتهابات.
- زيادة بشدة الزلة عند الحامل: إن الحامل تصاب بالزلة التنفسية (ضيق النفس)خاصة في الثلث الأخير للحمل وذلك لعدة أسباب: حبس الماء, وعدم مشاركة الحجاب الحاجز بالتنفس بسبب اندفاعه للأعلى بمحصول الحمل, أسباب كيماوية هرمونية. يضيف التدخين سببا إضافيا للزلة عند الحامل فتصبح الزلة أشيع وأشد.

الإرضاع
يحوي حليب المرضع المدخنة 20سيجارة / يوم ما يقارب 2/1 مغ نيكوتين في لتر من حليبها؛ طبعا هذا سيصل إلى المعدة ويمتص جزء منه للدم ليسبب كل مخاطر النيكوتين للرضيع. لذلك يجب على المرآة الحامل وكذلك المرضع أن تتوقف عن التدخين مؤقتا على الأقل من أجل فلذة كبدها. ذكرت الدراسات أن حليب المرضع المدخنة يحوي كمية أقل من الدسم ومعروف أن الدسم ضرورية لنمو الطفل الرضيع عامة بل والأهم لنمو الجملة العصبية خاصة الدماغ. كما أن كمية الحليب تصبح أقل عند المرضع المدخنة وربما يكون السبب أن هذه السيدة أصلا مهملة لطعامها فالسيجارة تكفيها.


وإذا كان الرضع يصابون بالمغص لأهل غير مدخنين بنسبة 30% فإن مغص الرضع لأهل يدخن وأحد منهما أو الاثنين 90% فما رأيكم ! ليس هذا فقط فحين يتعرض الجنين للتدخين (السلبي) سيصاب أيضا بالمغص بعد الولادة. وفي دراسة خاصة مقارنة قمت بها "د. سمير السبعة" على 21 رضيعا يدخن أحد والديهم على الأقل مقارنة مع 27 رضيعا دون تدخين في المنزل كانت النتائج كما يلي:

 

الحالة

رضع مدخنين سلبيين

رضع دون تدخين

إنتان تنفسي

13 (وفي 7 متكرر) 61.7 %

7 (وفي 2 متكرر) 25 %

نقص نمو نسبي

8 (38 %)

2 (0.4 %)

مغص الرضيع

16 (في 7 مغص يومي) 77 %

5 (19 %

عن دراسة خاصة أجراها د. سمير السبعة

وفاة الرضيع الفجائية:  وثابت أنها في أطفال أحد أو كلا أبويه مدخنا أعلى من غيرهم. وقد أشارت دراسة جديدة نشرت في 11/5 /2005 إلى أن المدخنين الذين ينامون بالقرب من أطفالهم يعرضونهم إلى خطر الموت في السرير نفسه أو في جواره حتى لو لم يدخن بقرب الرضيع النائم. وتمت هذه الدراسة على 428 طفل توفى. وتخطط المؤسسة الإنكليزية التي قامت بالدراسة لحملة توعية حول خطر نوم المدخنين بالقرب من الطفل، حتى إذا لم يدخنوا في السرير نفسه. وتقول المؤسسة إن المكان الأكثر أمانا لأي رضيع هو النوم في مهد في غرفة الوالدين. بشكل خاص الأطفال الذين لم يبلغوا بعد الستة أشهر. خاصة أن أطفال المدخنين غالبا ما يكونون أصغر من غيرهم ويعانون من اضطراب في نظام التنفس، مما يزيد من الخطر بمشاركة السرير. ويعتبر الخطر متدنيا جدا بالنسبة للأطفال الذين يتمتعون بصحة جيدة.

 

نساء سورية