التخلي عن مشاعر القلق المرتبطة بالماضي

يوجد مَثَلٌ يقول: "يعيش الاكتئاب في الماضي، بينما يعيش القلق في المستقبل"؛ إنَّها من أكثر الكلمات المؤثرة التي يمكن أن يخاطب بها المرء نفسه، فأنا معرَّض للإصابة بالاكتئاب والقلق، ومع أنَّني لست ممن يراهنون، إلا أنَّني أراهنك على حقيقة أنَّك تشعر بهما أيضاً.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن المدوِّن "إيفان تارفر" (Evan Tarver)، ويُحدِّثنا فيه عن تجربته الشخصية في التخلي عن مشاعر القلق المرتبطة بالماضي.

هذا ليس بالأمر السيئ بالتأكيد؛ وإنَّما يعني أنَّك إنسان، لكن إذا كان لديك ماضٍ رائع، أو إذا كان لديك مستقبل جيد، ألن يكون من المفيد أن تعيش في الماضي والمستقبل قليلاً؟

قد يكون المضي قُدماً أمراً صعباً:

كل ما يحدث في حياتنا يحدث لسبب محدد جداً؛ لقد انتقلتُ من "سان فرانسيسكو" (San Francisco) الأسبوع الماضي بعد ثلاث سنوات رائعة قضيتها فيها، وقابلتُ بعض الأشخاص العظماء، وتعلَّمتُ بعض دروس الحياة الرائعة، وتطوَّرتُ حتى تمكَّنتُ من فهم نفسي، وواجهتُ بعض العقبات على طول الطريق، ومع نهاية فترة وجودي في ذلك المكان، كنتُ حزيناً على المغادرة، فمعظم مشاعري كانت ضد الذهاب.

لكنَّ الحقيقة هي أنَّني كنتُ شخصاً عاطفياً، ولم أتمكن من تحديد ما هو الأمر الذي كنتُ عاطفياً تجاهه، أو ما هي المشاعر التي كنتُ أشعر بها، وكما ترى، عندما نُجري تغييراً في الحياة، فإنَّنا ندفع أنفسنا بعيداً عن روتيننا، وبما أنَّ البشر يحتاجون إلى روتين ليشعروا بالسيطرة إلى حدٍّ ما، عندما يحين وقت الانتقال إلى مرحلة أخرى في حياتنا، يوجد جزء فينا يقول إنَّنا نتخذ القرار الخاطئ، ونسأل أنفسنا لماذا ننتقل عندما تكون الأمور طبيعية؟ نحن مرتاحون حيث نحن فلماذا نشعر بالضيق؟

أنا من أشد الأشخاص المؤيدين لزيادة تجارب حياتك والخروج باستمرار من منطقة الراحة الخاصة بك؛ لذلك تُعَدُّ إضافة مزيدٍ من الأشياء الجديدة إلى حياتك أمراً جيداً بطبيعته، لكن في بعض الأحيان، يبدو الانتقال من الوضع الحالي أمراً خاطئاً.

وقد يُسبِّب العيش في الماضي الشعور بالاكتئاب، وعندما ننتقل، فإنَّنا نتذكر ما نتركه وراءنا، فنحن مَن يتسبَّب في شعورنا بالاكتئاب قليلاً بشأن مسار حياتنا، ونتساءل ما هي الأمور التي سنتخلى عنها من خلال المضي قدماً؛ فقد تقول لنفسك: ماذا لو دمرتُ صداقاتي؟ وماذا لو فقدتُ فرصةً ما إذا غادرتُ؟

شاهد بالفديو: كيف تدفع نفسك للمضي قدماً وتحقيق النجاح؟

ماضيك هو حاضرك ومستقبلك:

ماذا لو فاتني عدد لا حصر له من الفرص وتجارب الحياة الإيجابية إذا بقيتُ في مكاني؟ كما تلاحظ، عندما تبقى داخل منطقة الراحة الخاصة بك لأنَّك تشعر بالأمان، فإنَّك تضمن عدم وجود مفاجآت في مستقبلك، وهذا ليس أمراً سيئاً، ولكنَّه يعوق نموَّ وتطوُّر حياتك.

وبصرف النظر عن الطبيعة البشرية، اخترتُ أن أتخذ خطوةً صعبةً وأغادر "سان فرانسيسكو"، وأظن أنَّ قلقي الأول كان فقدان الصداقات التي تركتُها ورائي، لكن هنا تكمن الفكرة، فأنا لم أترك تلك الصداقات ورائي، وإذا قررتَ الانتقال إلى مرحلة أخرى في حياتك، فلن تترك صداقاتك وراءك أيضاً.

إنَّ الشعور بالحزن بشأن المضي قدماً هو أمر جيد؛ فهو يعني أنَّ التجارب التي مررتَ بها كانت إيجابيةً، وأنَّ حياتك كانت أفضل بعد القيام بتلك الخطوة، وسيكون الأمر أسوأ إذا تشوقت لبدء مرحلة أخرى والانسحاب بسرعة من الوضع الحالي؛ إذ يعني هذا أنَّها لم تكن تجربةً إيجابيةً؛ لذا يُعَدُّ الحزن أمراً إيجابياً.

والآن، لنعد إلى فكرة أنَّ المضي قُدماً لا يعني أنَّك تترك أيَّ شيء وراءك؛ فهذا يعني أنَّك توسِّع نطاق الخبرات والعلاقات التي ستضيف قيمةً إلى حياتك؛ فأنت لست مضطراً إلى التخلي عن شيء في حياتك للحصول على آخر، فإذا كان لديك صديق جيد في مدينتك الحالية، ثم انتقلت لمكان آخر وتعرفت إلى صديق جيد آخر في بلدتك الجديدة، فيمكنك الاحتفاظ بكليهما.

وبهذه الطريقة، فإنَّ ماضيك ليس ماضيك أبداً، على الأقل الأجزاء التي تريد الاحتفاظ بها معك، وفي الأساس، ماضيك هو حاضرك ومستقبلك، إذا كنت تريد ذلك.

إقرأ أيضاً: كيف تظهر الامتنان لنفسك في الماضي والحاضر والمستقبل؟

الحفاظ على علاقاتك:

عندما تنتقل إلى مرحلة أخرى في حياتك، قد تتوقف عن الخروج مع أصدقائك القدامى، ثم تراهم مرةً أخرى وتستأنف من حيث توقفت؛ لقد تأكدتَ من أنَّ ماضيك لا يبقى في الماضي، فأنت تأخذ الجوانب الإيجابية من حياتك إلى الحاضر وتضع خططاً لإبقائها في المستقبل.

وبهذه الطريقة، فإنَّ المضي قدماً هو أفضل أمر ممكن؛ وذلك لأنَّه يمكِّنك من اختيار الأمور التي تريد الاحتفاظ بها، والأمور التي تريد التخلي عنها للأبد؛ فالتجارب حدثت في الماضي، وكذلك وضعك المعيشي، لكنَّ العلاقات التي تبنيها تستمر في حياتك إلى الأبد.

لقد تذكرتُ هذا الأمر عندما علَّقتُ على حالة زميلي في السكن القديم على تطبيق "فيسبوك" (Facebook)، لقد التقيتُ به في "سان فرانسيسكو" ولم أعد أعيش في ذلك المكان، لكنَّني أستطيع البقاء على اتصال وثيق به، وعلى أيِّ حال، يوجد الكثير من الأصدقاء الذين يعيشون في نفس مدينتك، والذين قد لا تراهم لعدة أشهر في كل مرة؛ فما هو مقدار اختلاف ذلك عن الموقف عندما تنتقل بعيداً وتزور صديقاً ما مرةً كل بضعة أشهر؟

بعد إجراء تواصل وإحياء علاقة الصداقة، سيستمر التواصل وستستمر الصداقة؛ وذلك لأنَّك ترغب في استمرارهما، وتلك العلاقات التي لا ترغب في استمرارها، انسحب منها؛ وبهذه الطريقة، فإنَّ الانتقال إلى مرحلة أخرى من حياتك هو طريقة رائعة لاستكشاف علاقاتك والحفاظ على العلاقات المفيدة، تماماً كما تتعامل مع كل مشكلاتك.

إقرأ أيضاً: الصداقة وقيمتها الحقيقية في حياة الإنسان

الخلاصة:

أنا أشجعك على الانتقال إلى مرحلة جديدة في حياتك دون قلق، فالأمر أقل إثارةً للخوف ممَّا تظن، وأظن أنَّ هذا الأمر كان مخيفاً بالنسبة إليَّ قليلاً؛ وذلك لأنَّ المغادرة صعبة لا سيما إذا قضيت وقتاً ممتعاً في ذلك المكان، لكنَّ مغادرة المكان التالي ستكون أمراً صعباً أيضاً، ومع ذلك، يبقى ذلك الأمر جيداً؛ لأنَّه يعني أنَّك تعيش حياة ذات تأثير وقيمة.

المصدر




مقالات مرتبطة