التخلف العقلي

التخلف العقلي

غسان أبو فخر

التخلف العقلي mental retardation هو حالة توقف النمو العقلي أو عدم اكتماله، تصيب الطفل منذ الولادة أو في سن مبكرة، نتيجة لعوامل وراثية أو بيئية. وتتضح  آثار عدم اكتمال النمو العقلي في مستوى أداء الإنسان في المجالات التي ترتبط بالنضج أو التعلم أو المواءمة البيئية، إذ ينحرف مستوى أداء المصاب عن المتوسط (العادي).

تشخيص التخلف العقلي

يُشخص التخلف العقلي بمحكات متعددة، ولعل اختبارات الذكاء لقياس القدرات العقلية إحدى وسائل التشخيص المتبعة للتخلف العقلي، ورأي من يأخذ بهذا المحك أن انحراف القدرات العقلية (الذكاء) بمعدل انحرافين معياريين سالبين عن المتوسط يجعل الطفل في فئة المتخلفين عقلياً، أي الوقوع في نسبة الذكاء 70 درجة وما دون.

وهناك من استخدم الصلاحية الاجتماعية محكاً لذلك منهم تريد جولد Tredgold الذي يعرف التخلف العقلي أنه حالة عدم اكتمال النمو العقلي بدرجة تجعل الفرد عاجزاً عن مواءمة نفسه مع بيئة الأفراد العاديين بصورة تجعله دائماً في حاجة إلى رعاية وحماية خارجيتين.



وهناك من استخدم أكثر من محك ذكر منها دول Doll ستة شروط إذا اجتمعت في الفرد عُدَّ متخلفاً عقلياً وهي:

1ـ أن يكون غير كفء اجتماعياً ومهنياً ولا يستطيع أن يدير شؤون نفسه.

2ـ وأقل من العاديين من الناحية العقلية.

3ـ أن يكون تأخره العقلي قد بدأ منذ الولادة أو في سن مبكرة.

4ـ أن يظل متأخراً عند بلوغه مرحلة الرشد. 

5ـ يرجع تأخره إلى عوامل تكوينية، إما وراثية وإما نتيجة لمرض ما.

6ـ حالته لا تقبل الشفاء.

ـ تصنيف التخلف العقلي وخصائصه

يصنف الأطباء التخلف العقلي على أساس الأسباب كما يأتي:

1ـ تخلف عقلي أولي، وهو التخلف الذي تعود أسبابه إلى عوامل وراثية.

2ـ تخلف عقلي ثانوي، وهو التخلف الذي تعود أسبابه إلى عوامل بيئية (المرض والإصابات والتشوهات قبل الولادة أو في أثنائها أو بعدها).

3ـ تخلف عقلي مختلط يعود لأسباب وراثية وبيئية.

4ـ تخلف عقلي غير محدد الأسباب.

أما التصنيف على أساس القدرات العقلية مقاسة باختبارات الذكاء. ويبين الجدول 1 تقسيم كل من لوتيت Louttit وكيرك Kirk للمتخلفين عقلياً على أساس نسبة الذكاء

 

تصنيف الفئة

 

مأفون (مورون)

أبله

معتوه

لوتيت

نسبة الذكاء

من 45 أو 50-60 أو 65

من 15 أو 20-45 أو 50

من صفر -15 أو 20

كيرك

نسبة الذكاء

من 50-70

من 25-50

من صفر -25

الجدول (1)

 

وضمن هذا المنحى يمكن أن يؤخذ التصنيف على الأساس النفسي الاجتماعي اعتماداً على نسبة الذكاء، إضافة إلى الاعتماد على السلوك التكيفي.

ويرى التربويون في معيار التعلم والقدرة الأكاديمية على معياري السلوك التكيفي ونسبة الذكاء، ويصنفون التخلف العقلي في أربع فئات هي:

1ـ بطيؤو التعلم، ونسبة ذكاء أفراد هذه الفئة بين 75 و90 درجة، لهذا لا يعدها الكثيرون من فئات التخلف العقلي.

2ـ القابلون للتعلم، ويمكن أفرادَ هذه الفئة تعلم المهارات الأكاديمية الأساسية، وأن يصل بعضهم إلى مستوى الصف الخامس أو السادس الابتدائي، وهذه الفئة تقابل فئة التخلف العقلي البسيط.

3ـ القابلون للتدريب، ويمكن أفرادَ هذه الفئة تعلم المهارات الأكاديمية في حدها الأدنى من الكتابة والقراءة، ويمكن بعضهم أن يصل إلى مستوى الصف الثاني الابتدائي وأن يكتسب بعض المهارات الاجتماعية، وهذه الفئة تقابل فئة التخلف العقلي المتوسط.

4ـ حالات العزل، وهي فئة تقابل حالات التخلف العقلي الشديد والحالات الاعتمادية في التصنيف السابق.

وهناك من يصنف على أساس الأعراض والمظاهر الجسمية، فيصنفون المتخلفين وفق تلازم مجموعة من الصفات الجسمية التي تعود أسبابها إلى عامل محدد، ويذكرون الفئات الآتية:

1ـ المنغولية أو عرض (تناذر) داون Down’s Syndrom يطلق عليها اسم المنغولية لتشابه أفرادها مع العرق المنغولي. وتتصف هذه الفئة بمجموعة من الأعراض المتشابهة فيما بينها ولاسيما في ملامح الوجه كالرأس الصغيرة والوجه المسطح والعينين اللتين تشبهان اللوزتين والأنف القصير الأفطس واللسان الكبير الذي يخرج من الفم غالباً. وتعزى أسباب هذه الحالات إلى الخلل في عدد الكرموزومات، أما من الناحية العقلية فمعظم حالات هذه الفئة تقع في مستوى الإعاقة العقلية المتوسطة، وقليلون من يصلون إلى مستوى التخلف البسيط.

2ـ حالات اضطرابات التمثيل الغذائي phenylketonuria أهم خصائص أفراد هذه الفئة أن نسب ذكائهم تقل عن 50 درجة، وعندهم اضطرابات انفعالية، أما خصائصهم الجسمية فتبدو في الجلد الناعم وفي بعض الحالات يكون حجم الرأس صغيراً. ويمكن معالجة هذه الحالات إذا كُشفت في سن مبكرة ولاسيما في الأسابيع الأولى للولادة.

3ـ القماءة أو القصاع critinism ومن أهم خصائص هذه الفئة قصر القامة الملحوظ وجفاف الجلد والشعر واندلاع البطن. وتعود أسباب هذه الحالات إلى نقص في إفراز الغدة الدرقية أو انعدامها، ويمكن شفاء بعض الحالات إذا كُشفت مبكراً ما عدا التي ترجع إلى عدم وجود الغدة الدرقية.

4ـ حالات الاستسقاء الدماغي hydrocephaly وأهم ما يميز المصابين كبر محيط الجمجمة، ونسب ذكاء هذه الفئة تقع عند التخلف البسيط أو عند حدود الغباء.

5ـ حالات صغر الدماغ أو كبره microcephalus and macrocephalus ويشترك هذان النمطان في أن تكوين الجمجمة في كليهما غير عادي، ففي حالة صغر الدماغ تبدو الجمجمة مخروطية الشكل والمخ صغير جداً، ونادراً ما يفوق المستوى العقلي لهذه الحالات مستوى البلهاء، أما حالات كبر الدماغ فتعرف بكبر محيط الجمجمة إلا أن حجم المخ صغير.

تربية المتخلف عقلياً:

لا يمكن الطفلَ المتخلف عقلياً متابعة التعليم العادي لكونه طفلاً أقل من أقرانه العاديين من حيث النمو العقلي، ومن حيث ما يمكن أن تصل إليه قدراته العقلية، فهو أقل منهم من حيث التذكر، ومن حيث التعلم والمهارات اللغوية، والقدرات المتصلة بالتمييز والمحاكمة والاستنتاج والتركيب والتحليل، لهذا فإن تعليمه يعتمد على المعارف الحسية دون المعارف المجردة، ويعتمد على التكرار في تقديم الخبرات التعليمية التي تنصب على تعلم بعض المهارات الأكاديمية الأولية، والخبرات المتصلة بواقع الطفل، كخبرات الخدمة الذاتية وتعلم المهارات الاجتماعية والبيئية والأخذ بتأهيله مهنياً بحسب ما يمتلك من قدرات.

وتختلف الاتجاهات المعاصرة في تربية المتخلفين عقلياً من حيث عزلهم في مؤسسات خاصة بهم أو إدماجهم في المدارس العادية، وما تجري عليه المؤسسات الخاصة بهم هو عزلهم ضمن فئات متماثلة وفقاً للتصنيفات السابقة، فتعطى لهم الخدمات بالقدر الذي يمكن أن يحققوا فيه النجاح وتقدير الذات. وهناك محاولات جادة لإدماجهم في إطار المدارس العادية، هذه المحاولات منها ما هو قيد التجريب ومنها ما حقق خطوات ناجحة ولا سيما دمج فئة بطيء التعلم في عدد من البلاد العربية والأجنبية، وهناك محاولات للإدماج الفردي للأطفال المصابين «بتناذر داون» في عدد من الدول منها هولندة بمساعدة جمعية إدماج المنغولي، وتجري محاولات أخرى لإدماج بقية الفئات في إطار التعليم العام.

 

الموسوعة العربية

التخلف العقلي