التخطيط الدرسي: المشاكل والحلول

لا زالت قضية التخطيط الدرسي في الأردن على وجه الخصوص، وفي بقية أنحاء العالم العربي على وجه العموم موضع خلاف بين المشرفين التربويين من جهة وبين كثير من المعلمين التقليدين من جهة ثانية، فالمشرفون يرون أنها قضية حيوية، وشرط لابد من توفره لنجاح العملية التعليمية التعلمية، بينما يرفضها كثير من المعلمين بدعوى أنها ليست أكثر من عبء جديد يضاف إلى أعبائهم المتعددة، وعليهم أن يتحرروا منها، أو بحجة أنها مجرد واجب روتيني يتوجب عليهم القيام به لكي لا يظهروا أمام المدير أو المشرف التربوي بمظهر المقصر، فهم لا يخططون لدروسهم عن قناعة، وإنما لدفع الغضب أو لرفع العتب.



تراهم يهتمون بالمظهر دون الجوهر ، ويبالغون في تنميق كراساتهم وتزيينها بالخطوط والكلمات الملونة، وهم بعد كل هذا العناء لا يستخدمونها ولا يرجعون إليها مطلقاً، إلا إذا طلبها المشرف التربوي  أو المدير المدرسي ، أو أرادوا التحضير لدرس جديد.

وقد يظن بعضهم بأنه قد بلغ من العلم والخبرة شأواً بعيداً، فهو أكبر من أن يعد لدرس أو يخطط لتجربة، ومن العار عليه أن يستعين بدفتر أو كتاب، لأنه يرى في ذلك تقليلاً من منزلته أمام تلاميذه ، وهو معلم قدير وبمسائل التعليم خبير. هؤلاء المعلمون وأمثالهم يعانون من متاعب جمة، ويرون مهنة التدريس عقيمة وشاقة، وهم غالباًَ عصبيون، يضيقون ذرعاً بطول الحصة، وبالضوضاء التي يحدثها التلاميذ.

ولا ننكر أن بعض المعلمين ممن أُهّلوا تأهيلاً تربوياً سليماً يدركون الدور الدقيق الذي يلعبه التخطيط الدرسي في إنجاح العملية التربوية، غير أن هؤلاء السعداء – للأسف – قلة.

أهمية التخطيط:

أجمع التربويون على أن للتخطيط الدرسي أهمية بالغة الدقة، وهو خطوة لا بد من القيام بها بإتقان من أجل إحراز النجاح، وذلك لأن التخطيط:

أ- يتيح للمعلم فرصة لمراجعة مادته وتنميتها بمطالعة مصادر أخرى.

ب- يهب المعلم فرصة اختيار أسلوب التفاعل المناسب لطبيعة المادة موضوع الدرس.

ج- يهب المعلم فرصة لتهذيب مادة الدرس وتبويبها لاستنباط الأهداف الوجدانية منها بدقة، وتيسير سبل إفادة التلميذ منها.

د- يمكنه من إعداد الوسائل الضرورية التي سيحتاج إليها أثناء الحصة.

هـ- يمكنه من التفكير في أفضل الوسائل لربط موضوع الدرس بغيره من الموضوعات التي درسها التلميذ، وربط ذلك كله بالمواقف الحياتية التي تناسبها.

و- يمكّنه من تحقيق الأهداف المقررة في الزمن المحدد.

ز- يجعله عالماً بالقدر الذي أنجزه من الأهداف، وفيما إذا كان هذا القدر كافياً أم لا.

ح – يهبه فرصة لإعداد أسئلة سابرة تحفز التفكير الناقد والإبداعي .

وتنبع أهمية التخطيط الدرسي من كونه يتعلق ببناء الأجيال الصانعة للمستقبل، فكلما كان هذا التخطيط متقناً ومعداً إعداداً جيداً كلما كانت النتائج المترتبة عليه أكثر إيجابية. وإن أي خطأ يحدث في التخطيط قد يترتب عليه خطأ في البناء، الأمر الذي سينبثق عنه منتوج تربوي فاسد يعيث في المجتمع فساداً بعد تخرجه.

لذلك، يجب على المعلم أن يولي التخطيط الدرسي عناية فائقة، ومن المفيد جداً في هذا الصدد، وقبل البدء في الإعداد أن يتفكر في الخطوات الآتية:

1- أن يحدد الأفكار الرئيسة والمعلومات الجديدة التي يشتمل عليها الدرس.

2- أن يحدد العلاقة بين المعلومات التي يشتمل عليها النص وبين معلومات أخرى وردت في دروس سابقة.

3- أن يحدد القيم التي انبثقت عن موضوع الدرس.

4- أن يحدد المهارات التي ينبغي عليه ملاحظتها وتنميتها أثناء الحصة.

5- أن يصوغ كل هذه الأمور في أهداف سلوكية مناسبة.

6- أن يحدد الطريقة أو الخطة المناسبة التي سيتبعها لإثارة اهتمام طلابه وجعلهم يقبلون على الدرس بشغف.

7- أن يحدد وسائل الإيضاح التي تلزمه في الدرس.

8- أن يحدد الأسئلة السابرة وأساليب التقويم المناسبة.

9- أن يحدد الزمن الذي سيحتاج إليه لتحقيق أهدافه.

10- أن يحدد الواجبات اليومية التي سيكلف التلاميذ بتنفيذها.

بعد الخطوات الآنفة الذكر يقوم المعلم بتحديد وصياغة أهدافه التعليمية على هيئة تغيرات سلوكية يمكن ملاحظتها لدى التلاميذ وقابلة للتحقيق بإمكانات المدرسة المتاحة. وهذه الأهداف السلوكية ينبغي أن تكون في مستوى التلاميذ وتلبي حاجاتهم وحاجات مجتمعهم ولا تتعارض مع الأهداف التربوية العامة للبلد.

الأهداف السلوكية:

يعتبر تحديد الهدف من أهم متطلبات تحقيقه، كما أن دقة تحديده تسهل مهمة إصابته، وتيسر سبل الوصول إليه، كذلك فإن اختيار الوسائل والأنشطة وأساليب التقويم الملائمة يغدو أمراً هيناً، الأمر الذي يترتب عليه نتائج أكثر موضوعية.

وقد أظهرت التجارب التربوية الحديثة التي أجريت خلال العقود الثلاثة الماضية الأثر الحميد للصياغة السلوكية على نواتج العملية التعليمية التعلمية، وقد أفرزت هذه الحقيقة طائفة من العلماء المتحمسين لممارسة التعليم بطريقة الأهداف السلوكية استجابة لدواعي التعليم المبرمج، ولمتطلبات التعليم بواسطة الحاسب الآلي. وبناء عليه فقد أقرت الندوة العلمية حول الأهداف السلوكية، والتي تبناها المكتب العربي لدول الخليج سنة 1983م هذا الاتجاه، مشيرةً إلى أهمية التدريس عن طريق الأهداف السلوكية.

غير أنه لا مناص لنا من التسليم بأن صياغة الأهداف السلوكية الجيدة ليست بالأمر الهين، فهي لا تأتي ولا تنقاد لأولئك الذي يكتبونها وهم يراقبون سحب الدخان الزرقاء المنبعثة من رؤوس سجائرهم، وإنما الأمر يتطلب علماً وكداً، وإيماناً راسخاً بأهمية العمل التعليمي، ووقتاً طويلاً ينفق في الدراسة والبحث والتجريب من أجل تحديد أهداف قيّمة تتمخض عنها مخرجات تربوية تامة.

ما المقصود بالهدف السلوكي؟

الهدف السلوكي هو: وصف للحالة التي يرغب المعلم أن يكون عليها تلميذه بعد اجتيازه بنجاح خبرات تعليمية محددة. أو هو وصف دقيق للسلوك الذي يرغب المعلم في أن يكون تلميذه قادراً على القيام به بعد انتهائه من دراسة برنامج محدد بنجاح.

مصادر الأهداف السلوكية:

يستقي المعلم أهدافه السلوكية من عدة مصادر رئيسة، أهمها المناهج المقررة من قبل وزارة التربية والتعليم إضافة إلى المصادر الأخرى ذات العلاقة، والمتوفرة في المكتبات المدرسية، والمراكز الثقافية، والتي من أبرزها:

أ- الأهداف العامة للتربية.

ب- الأهداف العامة للمرحلة التعليمية.

ج- الأهداف العامة لتعليم المادة.

د- الأهداف الخاصة لموضوع الدراسة.

هـ- خصائص نمو تلاميذ الصف.

و- حاجات المجتمع المتغيرة.

خصائص الهدف السلوكي الجيد:

أجمع التربويون على أن المواصفات التي ينبغي أن يتصف بها الهدف السلوكي الجيد هي:

أ- واضح المعنى.

ب- سليم الصياغة.

ج- يشبع حاجات التلاميذ.

د- يناسب أعمارهم العقلية.

هـ- يركز على سلوك التلميذ.

و- يصف نواتج التعلم المرغوب فيها.

ح- قابل للملاحظة والقياس.

كيفية صياغة الهدف السلوكي:

يستند الهدف السلوكي بوجه عام على ثلاثة مرتكزات أساسية، هي:

1- فعل السلوك وفاعله، مثل: ( أن يقرأ التلميذ..).

2- المحتوى، مثل: ( ... نصاً شعرياً يتألف من سبعة أبيات .. ).

3- مجال التنفيذ، مثل: ( .. قراءة جهرية سليمة معبرة .. ).

ومن التربويين من يضيف مرتكزاً رابعاً هو:

4- ظروف التنفيذ، مثل: ( بصوت مرتفع مبرزاً عاطفة الفخر .. الخ ).

فيكون الهدف: " أن يقرأ التلميذ نصاً شعرياً يتألف من سبعة أبيات قراءة جهرية سليمة ومعبرة بصوت مرتفع مبرزاً عاطفة الفخر".

وتستند الصياغة الحديثة للأهداف السلوكية على حقيقة مفادها: أن الصفات الإنسانية للتلميذ يمكن ملاحظتها من خلال سلوكه الذي يمكن تحليله إلى مجموعة من ردود الأفعال التي يمكن ملاحظتها وقياسها.

ولكي يتمكن المعلم من تحقيق أهدافه لا بد له من:

1- تحديد السلوك النهائي الذي ينم عن أن تليمذه قد حقق الهدف المنشود.

2- البحث في إمكانية عرض هذا السلوك في صورة جملة من الممارسات التي يسهل ملاحظتها وقياسها.

3- وصف السلوك باستخدام ألفاظ واضحة لا لبس فيها ولا غموض، مثل: يكتب، يرسم، يصنع ... الخ.

وبناء عليه يخطئ المعلم الذي يصوغ أهدافه بالطرق الآتية:

1- " أن يتذوق التلميذ الجمال البلاغي في النص .." لأن هذا الهدف غير محدد ولا يمكن قياسه، وتكون الصياغة الصحيحة لمثل هذا الهدف على النحو الآتي:

" أن يشرح التلميذ الصورة البيانية في قول الشاعر " وللحرية الحمراء بابٌ "  مبرزاً قيمتها الفنية ".

2- ومن الخطأ أيضاً أن يكتب المعلم هدفاً كالآتي:

" أن أفسر للتلاميذ الكلمات .. " لأن هذا الهدف لا يستند على سلوك التلميذ، وإنما على سلوك المعلم، وتكون الصياغة الصحيحة لمثل هذا الهدف:

" أن يفسر التلميذ الكلمات الآتية.. تفسيراً سليماً مستعيناً بالمعجم". وبناء على ما سبق فإنه يترتب على المعلم أن يختار مفاتيح لأهدافه ألفاظاً مثل: يقرأ، يكتب، يشرح .. وأن يتجنّب أفعالاً مثل: يتذوق، يميل، ينمو .. الخ.

مجالات الأهداف السلوكية ومستوياتها:

يتم التعليم من خلال ثلاثة مجالات رئيسة متكاملة تشكل في مجموع مستوياتها جوانب النمو الإنساني، وهذه المجالات هي:

1- المجال المعرفي: وقد تم تصنيف الأهداف السلوكية في هذا المجال من قبل عدد من الباحثين التربويين، أهمهم: ( بنجامين بلوم، روبرت غانينيه، جوي غيلفورد).

2- المجال الوجداني: وقد تم تصنيف الأهداف السلوكية فيه من قبل: ( ديفيد كراثول ).

3- المجال المهاري أو النفسحركي: وأهم تصنيفاته تصنيف (سمبسون)، وتصنيف (أنيتاهارو)، ثم تصنيف (كبلر). ومن التربويين من يضيف مجالاً آخر هو المجال الاجتماعي، وقد تم تصنيف أهدافه من قبل (ريتشارد در) وفيما يلي عرض موجز لهذه المجالات ومستوياتها:

أولاً: المجال المعرفي حسب تصنيف (بلوم) ويشمل ستة مستويات متتابعة ومتكاملة، وهي:

1- المعرفة أو التذكر: ويكون التلميذ عند هذا المستوى قادراً على تذكر المعلومات التي أعطيت له. ومن الأمثلة عليه: " أن يذكر التلميذ العوامل المؤثرة في شعر البارودي بوضوح، بعد الرجوع إلى ديوانه والكتاب المقرر ".

2- الفهم والاستيعاب: وفي هذا المستوى يصبح التلميذ مدركاً لمفهوم المادة التي درسها، ومهيأ للاستفادة منها في ظروف مماثلة. ومن الأمثلة عليه:

" أن يشرح التلميذ الأبيات السبعة الأولى من قصيدة – في سرنديب – شرحاً وافياً بالرجوع إلى الديوان، وإلى ملاحظات المعلم حولها ".

3- التطبيق: وعند هذا المستوى يكون التلميذ قادراً على استخدام المعلومات التي عرفها ثم استوعبها في مواقف جديدة مثل:

" أن يعرب التلميذ الكلمات التي تحتها خط إعراباً دقيقاً مستخدماً كراسة التطبيقات".

4- التحليل: وهنا يصبح التلميذ قادراً على تحليل المعلومات إلى عناصرها المكونة لها، مثل:

" أن يحلل التلميذ قصيدة البارودي ( في سرنديب ) تحليلاً سليماً بقصد التعرف على أثر العاطفة في الألفاظ ".

5- التركيب: وفي هذه المرحلة يصبح التلميذ قادراً على الربط بين العناصر المختلفة للمعلومات لتأليف شيء ذي مواصفات جيدة، مثل:

" أن ينظم التلميذ قصيدة شعرية محاكياً أسلوب البارودي".

6- التقويم: وفي هذه المرحلة يكون التلميذ قد حقق الغاية من دراسته في المجال المعرفي، وأحرز تقدماً هاماً إذ أصبح قادراً على إبداء الرأي وإصدار الأحكام مثل: " أن يصدر التلميذ على قصيدة البارودي ( في سرنديب ) حكماً سليماً معللاً.. ". ويمكن تلخيص نمو الطالب في هذا المجال كالتالي:

( يذاكر، فيفهم، ليطبق، ثم يحلل ويركب، ليعطي رأياً ويصدر حكماً).

فنحن عندما نعرف معاني كلمة في نص فإننا لا نسعى (للمعرفة) في ذاتها فقط ، وإنما لنستعين بها في " فهم " النص، وعندما نسعى لفهم نص أدبي، فإننا لا نفهمه لذات الفهم فقط ، وإنما لكي نكون قادرين على " تطبيق " هذا الفهم في مواقف مماثلة، من أجل أن نكون قادرين على " تحليل " نصوص أخرى، لنستمتع بها ولنحاول إنشاء أو " تركيب " نصوص أخرى مماثلة، تكون نابعة من ذواتنا، ونحن نقوم بكل ما سبق لكي نغدو قادرين على " تقويم " التجارب الإنسانية، للاستعانة بها من أجل تكوين آراء ومواقف وأحكام على تجارب نمر بها. وبهذا نكون قد حققنا أهدافنا في المجال المعرفي. فإذا أردنا أن نختبر طالباً لنقيس مدى استفادته من برنامج المنهاج المقرر في المجال المعرفي، فإنه يحسن بنا أن نركز اهتمامنا على الأسئلة التي تقيس مدى قدرته على التفكير وعلىالإنشاء والتقويم وإبداء وإصدار الأحكام.

ثانياً- المجال الوجداني أو الانفعالي: ويتضمن حسب تصنيف ( كراثول ) سنة  خمسة مستويات هي:

1- الاستقبال: حيث يوجه اهتمام التلميذ إلى مؤثر ما، ومن الأمثلة عليه: " أن يصغي التلميذ إلى حديث المعلم حول الموضوع باهتمام ".

2- الاستجابة: وهنا يتفاعل التلميذ مع ذلك المؤثر، ويتولد لديه استعداد للالتحام به أو تبنّيه، مثل: " أن يصفق التلميذ مبدياً سروره بإلقاء زميله لقصيدة – الأرملة المرضعة لمعروف الرصافي –".

3- التقدير: حيث يعبر عن إعجابه بذلك المؤثر، مثل : " أن يثني التلميذ على إلقاء زميله للقصيدة ثناءً معللاً ".

4- التنظيم والتحليل القيمي: في هذا المستوى يكون التلميذ قد انحاز للقيم التي اقتنع بها مثل: " أن يربط في تكامل بين الصدق والأمانة والوفاء، مقتنعاً بدورها في رفع شأن من يتصف بها ".

5- الارتباط بمبدأ: وهنا يصبح التلميذ عقائدياً ينتمي إلى نظام قيمي معين، ومرتبطاً بمبدأ يضبط سلوكه ويحدد مساره في الحياة مثل: " أن يمارس الصدق مقتنعاً بأثره العظيم ".

ويمكن تلخيص نمو التلميذ في المجال الانفعالي بما يلي: " يتأثر التلميذ بموقف أو بمنهج معين فيتفاعل معه معبراً عن إعجابه به، الأمر الذي يترتب عليه اكتسابه له، ثم يضيف إليه مؤثرات أخرى مشابهة إلى أن ينتهي به المطاف إلى ارتباطه به كمبدأ أو منهج حياة.

ثالثاً- المجال المهاري أو النفسحركي حسب تصنيف (سيمبسون):

يعرف التربويون المهارة بأنها القدرة على القيام بعمل ما بدرجة من السرعة والاتقان مع الفهم بقصد الاقتصاد في الجهد والوقت وتلافي الأخطاء والأخطار.

ويتم التعلم في المجال المهاري من خلال سبعة مستويات هي:

1- الإدراك الحسي: وأهداف هذا المستوى تستخدم الأعضاء الحسية، وتبدأ بالإشارة التي تقود إلى النشاط الحركي، مثل: " أن يختار التلميذ خريطة المملكة الأردنية الهاشمية  السياسية لدراسة مكوناتها .. ".

2- التهيؤ: وهنا يتكون لدى التلميذ ميل للقيام بنشاط محدد فيتولد لديه استعداد عقلي وجسمي وانفعالي للبدء في ذلك النشاط، مثل: " أن يجمع التلميذ الوسائل التي سيستعين بها على رسم خريطة المملكة الأردنية السياسية بوضوح ".

3- الاستجابة الموجهة: وفي هذا المستوى يبدأ التلميذ بتقليد أداء المعلم وتقبل توجيهاته، مثل: " أن يرسم التلميذ خريطة المملكة الأردنية السياسية، كما رسمها المعلم".

4- الاستجابة الآلية: وفي هذه المرحلة يصبح أداء التلميذ عادة مكتسبة ينفذها بكفاءة وثقة، مثل: " أن يرسم التلميذ خريطة المملكة الأردنية السياسية بسهولة مستخدماً الألوان الزيتية ".

5- الاستجابة الظاهرية المركبة: وفي هذا المستوى ينضج أداء التلميذ فيقوم بما يطلب منه بدقة وبمهارة عالية، مثل: " أن يرسم التلميذ خريطة المملكة الأردنية السياسية بسرعة وبسهولة رسماً دقيقاً وموثقاً.. ".

6- التكيّف: وفي هذا المستوى يصبح التلميذ خبيراً بالأداء الذي تدرب على نماذج منه إلى درجة تمكنه من تطوير وإدخال إضافات محددة عليه، مثل: أن ينقّح التلميذ خريطة المملكة الأردنية السياسية مستعيناً بمراجع ومعطيات حديثة ".

7- الأصالة والإبداع: وهنا يصبح التلميذ مبدعاً خلاقاً قادراً على الابتكار، مثل: "أن يبتكر التلميذ أسلوباً جديداً لرسم خريطة المملكة الأردنية السياسية بسرعة ودقة ووضوح ".

ويمكن تلخيص نمو التلميذ المهاري على النحو الآتي:

" ينظر التلميذ فيما يمكن أن يفعله، ثم يتولد لديه رغبة لعمل شيء ما، فيقلد معلمه في مثل ذلك العمل، فيصبح ذلك الأداء عادة مكتسبة عنده، يؤديه بسهولة وثقة، ثم يتقن ذلك العمل لدرجة أن يصبح قادراً على تطويره وتحسينه وإدخال إضافات عليه، ثم يبتكر شيئاً آخر منطلقاً ومستفيداً من خبراته بذلك الأداء الذي اتقنه وطوره وهكذا يصبح إنساناً مبدعاً.

رابعاً- المجال الاجتماعي: وأبرز تصنيف لمستوياته حسب نظام (در) ما يلي:

1- الحفظ والصيانة: مثل: " أن يحافظ التلميذ على كتبه نظيفة".

2- الاستقرار والاستمرار: مثل:" أن يثابر التلميذ على أداء صلاة الفجر في المسجد بانتظام ".

3- التعديل: مثل :" أن يهذب التلميذ ممارسته اليومية وصولاً إلى ممارسات حضارية سامية.

4- الإحلال أو التبديل: مثل :" أن يتخلى التلميذ عن عادة التدخين بسبب مضارها المتعددة ".

المراجعة النهائية للأهداف:

قبل أن يقوم المعلم بتثبيت أهدافه السلوكية في دفتر التخطيط الدرسي يحسن به أن يقوم بمراجعة سريعة لهذه الأهداف للتأكد من أنها:

1- تمثل – فعلاً- النواتج التعليمية التي يسعى لتحقيقها في الموقف الصفي.

2- تمثل – فعلاً – جوهر المادة التعليمية المراد توصيلها إلى التلاميذ.

3- تشمل المجالات التعليمية المختلفة ( الإدراكية، المهارية، الانفعالية ).

4- تناسب مستويات التلاميذ وتتمشى مع حاجاتهم .

5- مصاغة صياغة واضحة ومحددة قابلة للملاحظة والقياس.

وحيث إن كفاية صياغة الأهداف السلوكية تعد من أهم الكفايات السلوكية التي ينبغي على المعلم اتقانها لما لها من دور في تحديد نوعية الناتج التعليمي، وتسهيل اختيار الأنشطة والوسائل وأدوات التقويم، فإنه لا يصح التهاون في أمر هذه الصياغة، بل إنه يجب على المعلمين والمشرفين التربويين أن يولوها العناية الخاصة المتسقة مع أهميتها. ولعله من المفيد هنا التذكير بأنه لا يضير المعلم أن يستعين بأهداف سلوكية صاغها معلمون متميزون سبقوه في تدريس المادة. كما أن من المفيد أيضاً الإشارة إلى أهمية التعاون بين معلمي المبحث الواحد لصياغة أهدافهم السلوكية المحددة بدقة تمكنهم من تحقيق التوازن بين مختلف مستويات التعلم في مختلف المجالات، وتؤدي إلى مخرجات تعليمية عالية.

وما أعظم أن يضع المعلم في اعتباره أنه يهدف إلى إحداث تغيير مرغوب فيه في سلوك تلاميذه وفي طرائق تفكيرهم، وأن مهمته أسمى وأجل من مجرد تحفيظهم معارف مجردة، وإنما تزويدهم بحقائق ومهارات وقيم تمكنهم من بناء قدرات تساعدهم على تكوين آراء سديدة وإصدار أحكام سليمة تساعدهم على الإبداع الخلاق وعلى الارتباط بقيم سامية، وتجعل منهم أناساً صالحين ومؤهلين تأهيلاً رفيعاً يمكنهم من القيام بما يعهد إليهم من أعمال طيبة ينفعون بها أمتهم ويخدمون بها أوطانهم.