التحول من إدارة رأس المال البشري (HCM) إلى إدارة التجربة البشرية (HXM)

يمثل الموظفون قلب كل عمل، فهم الذين بفضلهم يستمر العمل، وكذا هو الأمر بالنسبة إلى جني الأرباح، وإسعاد العملاء، وتحقيق المهمة الأكبر في المحصلة. لهذا السبب تتحول الشركات التي تركز على العملاء إلى وضع الموظفين أولاً، من خلال مفهومٍ يسمى إدارة التجربة البشرية (HXM)، وهي إعادةٌ كاملةٌ للتفكير فيما تقوم به وظيفة الموارد البشرية، وكيف تتمكن من خلال نهج "الإنسان أولاً" من التأثير في المؤسسة بأكملها.



كيف نشأت إدارة التجربة البشرية؟

بُنيت إدارة التجربة البشرية (HXM) على إدارة رأس المال البشري (HCM)، وقد صُمِّمت إدارة رأس المال البشري لدعم العمليات التي تحركها الموارد البشرية، مثل الدفع والتدريب والتوظيف؛ لكنَّ الأعمال قد تغيرت؛ فكما هو الأمر بالنسبة إلى العديد من التقنيات والعمليات، لم تعد إدارة رأس المال البشري كافية لتلبية احتياجات أهم مقومات المؤسسات، التي هي موظفوها.

ظهرت فجوةٌ كبيرةٌ تعكس توقعات وخبرات الموظفين والمديرين والمرشحين وواقع الحياة اليومية في العمل. لم تترك إدارة رأس المال البشري مجالاً للتحسين أو إعادة التفكير في دور الموارد البشرية في إنشاء قوة عاملةٍ ملتزمةٍ ومنتجةٍ على مستوىً عالٍ. بينما تقلب إدارة التجربة البشرية السرد النموذجي للموارد البشرية رأساً على عقب، لخلق بيئةٍ أفضل تُمكِّن الموظفين وتقدم لهم البرامج والدعم اللازمين لأداء أعمالهم على أكمل وجه.

يُعَدُّ هذا التحول الثقافي طريقةً جديدةً للتعامل مع الموارد البشرية؛ وذلك من خلال اقتراح أنَّ نجاح الأعمال يتوقف على وضع الأشخاص في المقام الأول. ويتعلق الأمر بتقديم أفضل الخبرات في كل الفئات؛ إذ تمتد إدارة التجربة البشرية إلى ما وراء الموارد البشرية ليكون لها تأثيرٌ إيجابيٌّ في جميع الأفراد، المديرين والموظفين والمرشحين والمعيَّنين الجدد، وقادة الموارد البشرية، والعاملين المؤقتين.

يتمحور الأمر حول إعادة بناء تجارب الأشخاص في العمل لجعل ما يقومون به أسهل وأكثر بديهيةً وسلاسة.

شاهد بالفيديو: مهام الموارد البشرية.

لماذا تُعَدُّ إدارة التجربة البشرية النهجَ الصحيح؟

تختلف إدارة التجربة البشرية عن الأساليب الأخرى باحتوائها على طبقةٍ جديدةٍ من البيانات، وفهم ما لم يكن متاحاً عندما صِيغ مصطلح إدارة رأس المال البشري.

تجمع إدارة التجربة البشرية بين البيانات التشغيلية والخبرة لتوفير النظرة الشاملة لمؤسستك؛ إذ تُعَدُّ بيانات الخبرة أحد المقومات الأحدث في عالم الأعمال، التي تركز على المؤسسة في إدارة الخبرة. فهي تقدم لمحةً عن شعور الموظفين وما يمكن أن يفعله أصحاب العمل لدعمهم بشكل أفضل.

من خلال دمج هذه البيانات، تكون المؤسسات قادرةً على فهم ما يجب اتخاذه من إجراءات والغاية منها، ومن ثم التنفيذ بناءً على تلك الأفكار.

بالإضافة إلى ذلك، فإنَّ مستقبل العمل يركز على القدرة على توفير البيانات الصحيحة للأشخاص المناسبين في الوقت المناسب؛ إذ يتطلب ذلك جمعاً مستمراً للبيانات، والاستماع بشكل استباقيٍّ للموظفين لفهم الحقائق والأنماط المفتاحية، مثل كيفية شعور الموظفين وكيفية أدائهم والنسبة المئوية للمرشحين الذين يبدؤون بإنهاء ملء طلبهم.

يمكن أن تساعد هذه التدابير النوعية والكمية الشركات على اكتشاف التحديات قبل أن تُحدِث أيَّ تأثيرٍ سلبي.

صحيح أنَّ إدارة رأس المال البشري علَّمت فِرق الموارد البشرية تقييم العملية، لكنَّ ممارسي إدارة التجربة البشرية يستمعون للموظفين ويستكشفون البيانات لسد الفجوات في الخبرة.

مع وجود هذين النوعين من البيانات في متناول اليد، يمكن لفِرق الموارد البشرية فهم ما ينجح، وما يعوق الوصول إلى التحسين المستمر للتجربة.

إقرأ أيضاً: 7 نصائح لتوظيف أفضل المرشحين

لماذا الآن؟

كان عام 2020 مليئاً بالتحديات للشركات في جميع أنحاء العالم وعبر القطاعات؛ وهذا جعل الحاجة إلى كفاءة إدارة التجربة البشرية ذات أهمية قصوى.

يتطلب تبديل سلاسل التغذية أو التعامل مع الطلب المتزايد بين عشيةٍ وضحاها، وجود الأشخاص المناسبين في طاقم العمل؛ وذلك للتعامل مع العثرات ومساعدة الشركة على مواكبة التغيير.

حقق الموظفون هذه المآثر سواءً في أثناء أداء مهام رعاية الأطفال في المنازل أم حين الاضطرار إلى ارتداء الكمامة والابتعاد مسافة عن زملائهم في موقع العمل.

يتحدث الجميع عن تجربة الموظف؛ لكنَّ تنفيذ استراتيجية إدارة التجربة البشرية، هو السبيل إلى اكتساب المؤسسات المرونة بشكلٍ فعليٍّ في السوق الذي يتطلب ذلك.

نعيش في عصر السرعة:

يتحرك العمل في أيامنا هذه بسرعة فائقة، ولا تستطيع سوى أنظمة الموارد البشرية الحديثة مواكبة ذلك؛ خذ مثلاً أيَّاً من أعمال التجارة الإلكترونية المتألقة، التي شهدت زيادةً هائلةً ومستمرةً في الطلبات خلال الجائحة؛ لا بُدَّ أنَّ هذه الشركة كانت بحاجةٍ إلى تنمية فريقها بسرعةٍ من أجل تلبية الزيادة في الطلبات على المنتجات وطلبات خدمة الزبائن.

تُعَدُّ القدرة على توظيف أفضل المرشحين وتدريب موظفين جدد بسرعة أمراً ضرورياً لتحقيق أقصى استفادة من الإيرادات المحتملة.

مع إدارة التجربة البشرية، تُصمَّم الأنظمة بشكل واضحٍ وصريح مع وضع الأشخاص في الحسبان وكيفية عملهم وما يحتاجون إليه ليكونوا منتجين.

كل ذلك حتى يتمكن مديرو الموارد البشرية من التوظيف بسرعة، ويتمكن أعضاء الفريق الجدد بسهولةٍ من الدخول في جو العمل، والحصول على التدريب المناسب، وتلقِّي الأجور.

إقرأ أيضاً: ما هي الاستراتيجيات الحديثة في إدارة العمليات؟

استشراف المستقبل:

وُجِدَت إدارة التجربة البشرية لتبقى، وستنمو مع مضاعفة الشركات لاستراتيجية موظفيها.

عندما يتم تطبيق إدارة التجربة البشرية بشكل فعَّال، سيصبح الموظفون من أكبر المعجبين بشركتهم نتيجة تلقِّيهم الدعم على أعلى مستوى. سيبلغون أهدافهم ويتجاوزونها، وسيشيرون دوماً إلى مرشحين ممتازين، وسيحصلون على ترقيات أكثر. وكل ذلك يعود بفوائد ملموسة على الشركات، بما في ذلك تحسين الروح المعنوية، وتقليل معدل دوران القوى العاملة، ورفع الأداء، وازدياد الميزة التنافسية.

إنَّ السؤال الذي يواجه الشركات الحديثة هو: كيف يمكننا فهم موظفينا والمرشحين بشكل أفضل، لتقديم تجارب فرديةٍ بشكل فعليٍّ تتيح لهم القيام بالأشياء على نحو أكثر كفاءةً، وتمكينهم بطرائق جديدة؟

تُوفِّر إدارة التجربة البشرية الفرصة لمواجهة هذا التحدي بطريقة ترتفع بالموارد البشرية من مجرد قسم مهمته وضع علاماتٍ على مربعات الاختيار إلى كونها شريكاً حقيقياً ضمن المؤسسة.

المصدر




مقالات مرتبطة