البلهارسيا:تجاهله العلماء فارتفعت معدلات الإصابة به

البلهارسيا:تجاهله العلماء فارتفعت معدلات الإصابة به

أعداد ــ مصطفى ابراهيم


مرض تسببه ثلاثة أنواع من الديدان الطفيلية، هذا المرض تجاهله العلماء فكان مرضا منسيا اتيحت له الفرصة للانتشار . ، وينتشر مرض البلهارسيا في جميع أنحاء العالم ويصيب حوالي 200 مليون شخص في أفريقيا وأميركا الجنوبية وبعض جزر الكاريبي وسمي المرض باسم بلهارسيا نسبة الى الطبيب الالماني تيودور بلهارس الذي اكتشف المرض عام 1851م .



ويمكن القول أن مرض البلهارسيا مستوطن في أفريقيا ومناطق عديدة في الشرق الأوسط وأميركا الجنوبية، إضافة إلى دول عديدة في قارة آسيا. إن مرض ـ البلهارسيا في المناطق المستوطنة و يعد من الأسباب الرئيسية للمشاكل الطبية وقد يؤدي إلى الوفاة أيضاً ، هذا المرض قد يكون مصدراً لنقل العدوى لزوار المنطقة أو البلد المستوطن فيه مرض البلهارسيا عندما يتعاملون مع الماء الملوث سواء شرباً أو استحماماً أو سباحة.

ويعد القواقع في المياه العذبة هي العائل الوسيط لنقل طفيل البلهارسيا. وعدوى الإنسان تحدث بعد الاحتكاك بإحدى مراحل النمو للبلهارسيا وتسمى السركاريا عند السباحة في المياه العذبة. هذه المرحلة من الطفيل عندما تحتك بجسم الإنسان تقوم باختراق الجلد وتتجه إلى الأوعية الدموية في الكبد وهناك تبدأ بالنضج خلال مدة تتراوح بين شهر إلى ثلاثة أشهر. وعندما يصل الطفيل لمرحلة البلوغ أو النضج يتجه إما للأمعاء أو المثانة البولية حسب نوع البلهارسيا.

وتتمثل اعراض المرض فى البداية بحكة شديدة في مكان دخول الطفيل عن طريق الجلد وتطلق عليها اسم حكة السبَّاح ، وعندما يبلغ الطفيل الكبد يسبب أعراضاً مثل الحرارة والحكة وتضخم في الكبد والطحال. أما عندما ترحل الطفيليات للأمعاء فإنه يحدث تفاعل في الأمعاء بسبب إنتاج البيض من الطفيليات البالغة وتسبب إسهالاً. أما إذا أصابت المثانة البولية فتسبب التهاباً في المثانة ، وبعض أنواع البلهارسيا يمكن أن تؤثر على الكبد ثم بعد ذلك يرتفع ضغط الدم ويحدث تضخم في الطحال واستسقاء في البطن ودوالي في المريء. كما يمكن للبويضات ان ترحل إلى مناطق أخرى في الجسم مثل الرئتين والجهاز العصبي. يعتمد تشخيص مرض البلهارسيا على وجود البويضات في البراز أو في البول أو المثانة البولية وذلك تعتمد على نوعية الطفيل إذا كان يؤثر على الأمعاء أو المثانة. وقد يحتاج معرفة التشخيص إلى تكرار اختبار البراز أو البول عدة مرات.


*ماهي الاعراض الرئيسية للبلهارسيا ؟
أعراض المرض تختلف حسب مراحل حياة البلهارسيا بالجسم:فعند اختراق الجلد في الغالب يكون ذلك غير محسوس ولكن بعض الأشخاص قد يعانون من حكه في الجلد.
أما عند افراز البيض ففي الغالب يكون ذلك غير محسوس. ولكن بعض الأشخاص يعانون من حرارة و حكة بالجلد قد يصحبه ارتفاع بكريات  الدم البيضاء ، عند ترسيب البيض فانه يسبب تليفا في أنسجة الكبد يتم ذلك بدون احساس المريض بأية أعراض 'حتى تبدأ مرحلة متقدمة بأعراض ارتفاع ضغط الدم البابى 'وتبدأ وظائف الكبد بالتدهور.
ويحصل نزيف معوي وتضخم بالبطن بسبب السوائل. في المثانة يتسبب تليف جدارها. وترسب الكالسيوم خلال هذه الفترة يحصل نزيف مع البول يتلون باللون الأحمر. قد يحدث انسداداً في الحالب من احدى الكليتين أو كلتيها ما يؤدى الى فشل كلوي في بعض الحالات يتطور الأمر الى سرطان المثانة.


* ما سبل علاج البلهارسيا ؟
ـ ظهرت عدة علاجات للقضاء على مرض البلهارسيا خلال جرعة محددة وخلال فترة بسيطة.من أشهر أدوية البلهارسيا هو praziquantel وفي مراحله الأولية يوجد علاج فعال للقضاء على البلهارسيا ' ويتكون من حبوب أو شراب.


*هل يمكن التحكم بالمرض ؟
ـ يجب القضاء على قوقع البلهارسيا وبذلك يتم التحكم في المرض. يتم القضاء على القوقع بطريقتين:
أولاها التحكم العضوي الطبيعي ويتم ذلك النوع بتربية البط وأنواع أخرى من الطيور المائية التي تتغذى على القواقع ، ويتميز هذا النوع من التحكم البيولوجي بأنها لا تضر البيئة بل تخدمها بتحقيق نوع من التوازن الطبيعي.
وثانيها التحكم الكيميائي إذ يتم ذلك برش مبيدات حشرية خاصة في المجاري المائية للقضاء على القوقع ، إلا أن ذلك يلوث البيئة.


*ماهي النصائح التي تقدم للمتعاملين مع المياه ؟
ـ ينصح المتعاملون مع المياة الملوثة أو مياه المصارف بالكشف الدوري للتأكد من خلو أجسادهم من البلهارسيا. كما أنه حتى الحالات التى اكتشفت مبكرا فانه لابد من اعادة الكشف مرة أخرى بعد تناول العلاج والتأكد من استجابة الجسم للعلاج وذلك بعد ثلاثة وستة أشهر من تناوله.
وكما هو الحال في كثير من الامراض فان الوقاية منه هي اكثر الطرق سلامة لعدم الاصابة بالمرض وفي حالة مرض البلهارسيا فان طرق الوقاية من الاصابة بالمرض تتمثل في: تجنب السباحة أو اللعب في المياه العذبة ، شرب المياه النظيفة والمعالجة والمعبأة بطريقة صحيحة ، لابد من التأكد من نظافة ماء الاستحمام او التأكد من غليه لمدة خمس دقائق.
 كما يجب توعية الناس الى عدم التبول أو التبرز في المياه العامة والأنهار والأودية والبحيرات وعدم تصريف مياه المجاري على هذه المنابع من المياه. إضافة إلى محاربة طفيليات البلهارسيا والتخلص من القواقع الملوثة وتوعية الناس بعدم الشرب أو الاستحمام في أماكن المياه العذبة والملوثة بطفيليات البلهارسيا.


*هل يمكن الوقوف على تأريخ المرض ؟
ـ  ومن المعروف ان مرض البلهارسيا موجود منذ زمن بعيد ولاسيما فى مصر حيث انه تم اكتشاف طفيل البلهارسيا فى بعض المومياوات الفرعونية مما يدل على قدم المرض وقد انتقل هذا المرض غالبا من افريقيا حيث أن النساء هناك يستخدمن مصادر المياه لغسل الثياب وكذلك باقي السكان يستخدمونها للاستحمام.


*ألاتوجد لقاحات أو تجارب من شأنها الوقاية او القضاء على المرض ؟
ـ حتى الآن وبرغم كل ما بذل من جهد فانه لا توجد أمصال أو لقاحات للمرض برغم أن التحارب على ذلك قد بدأت في مصر لمدة خمس سنوات.
و يوجد نوعان من البلهارسيا في مصر البلهارسيا البولية التى تصيب أساسا الجهاز البولى وتتسبب في مشكلات ضخمة في كفاءة الجهاز البولي.
البلهارسيا المعوية التي تصيب أساسا الجهاز الهضمي وتتسبب أيضا في متاعب بالجهاز الهضمي و تتفاوت مضاعفات البلهارسيا المعوية من حدوث نزيف من دوالي المرئ قد يودي بحياة المريض و استسقاء بالبطن يجعل المريض غير قادر على العمل و هبوط فى وظائف الكبد قد يؤدي إلى الفشل الكبدي أو إلى سرطان الكبد و الطحال.


ومؤخرا توصل فريق علمي مصري من علماء المعهد القومي لعلوم الليزر ومعـهد تيودوربلهارس الـى اكتشاف علمي كبير يساعد فـي القضاء على ديـدان البلهارسيا في مياه الترع والمصارف دون اللجوء الى استخدام مـواد كيميائية ضـارة بالبيئـة والحيـوان وصحـة الانسـان.
ويعتمد هذا الاكتشاف الجديد على استخدام أشعة الشمس وبعض المواد غير الضارة بالبيئة التي يتم استخراجها من مصادر طبيعية أو نباتية أو حيوانية مثل الكلوروفيل أو البروفرين لتحويل الطاقة الضوئية الى طاقة كيميائية تتفاعل مع الأوكسجين الموجود في المياه لانتاج ذرات نشطة تقوم بتدمير البويضات والسركاريا التي تصيب ملايين الفلاحين في مصر.


وقد اعتمد الفريق البحثي في تجاربه على مادة الكلوروفيل الموجودة في النبات أو التي تستخلص من دم الحيوان "البروفرين" وتم استخدامها لقتل البلهارسيا والسركاريا والقواقع حيث تتم اضافتها الى مياه الترع والمصارف حيث توجد فيها الأطوار المختلفة للبلهارسيا.
وأثبت التجارب التي قام بها الفريق المصري الى أن ذرات الأوكسجين النشطة يمكنها أن تقضي على البويضات وأيضا على الطور المعدي للبلهارسيا "السركاريا" وقد حقق الاكتشاف الجديد نجاحا بنسبة 80 بالمئة  بعد اجراء التجارب عليه لعدة سنوات دون أن يحدث أي مؤثرات جانبية على الثروة السمكية والكائنات الحية الاخرى.

 

جريدة الصباح.شبكة الاعلام العراقية