البخور والعطر.. روائح من قلب الخطر

هل فكرت يوما في كيفية صنع دهن العود والبخور، وهل فكرت أيضا في مدى المعاناة التي يتكبدها التاجر للحصول على جذع صغير من شجرة أكلتها البكتيريا وتحولت بفعل ذلك إلى رائحة زكية وعطرة قد يبقى عبقها أياما في ملابسك.



قد لا يعرف الكثيرون أن الحصول على الشجرة التي يستخرج دهن العود والبخور منها يتطلب التعامل مع أكلة لحوم البشر وهم ملاك هذه المناطق النائية في اندونيسيا وكمبوديا وماليزيا وبروناي وبورما والتي تنمو فيها هذه الشجرة.

ويكمن الخطر في كيفية التعامل مع اولئك الناس الذين يعيشون شبه عراة في الادغال والغابات ويبيعون الاشجار التي تدر الخير الكثير للتجار بائعي دهن العود والبخور بجميع انواعه.

يقول التاجر عماد عبدالرزاق: إن التعامل مع أولئك البشر ليس مخيفا وأنه يرسل أفراداً يتحدثون اللغة الاصلية ويشترون الاشجار من ملاكها بعد الاتفاق على السعر. ويضيف: انهم مسالمون ولا يتعرضون للتجار بأي سوء ويملكون تلك الغابات والاشجار ويبيعون الكثير منها لتجار الاخشاب والبخور.

ويؤكد أبوخالد أنه يوجد في تلك الاماكن وكلاء يسهلون عملية الشراء من السكان الاصليين والذين يطلق عليهم الاورانج وأن الوكلاء يبيعون الاخشاب للتجار مع قليل من الربح.

ويُتفق على سعر خشب البخور والعود عليه حسب نوع وجودة الاشجار، ولكل منطقة نوعية معينة تتميز بها عن الاخرى، فمثلاً ولاية كالانتان تتميز اشجارها بالجودة وولاية باهانج تتميز ايضا بكمية الأشجار التي يستخرج البخور ودهن العود منها.

ويوضح أبوخالد ان العود والبخور الكمبودي يستورد من كمبوديا التي بدأت سلطاتها في إيقاف تصدير وقطع وشراء الاخشاب المستخدمة لصنع البخور والطيب الكمبودي مما جعل كمية البخور الكمبودي تقل من بلد المنشأ وزاد من سعره.

ويقول: ان الحكومة الكمبودية قررت ذلك بسبب كمية الاخشاب الرهيبة التي تقطع سنويا للتجارة لاستخراج العود والبخور بالاضافة الى ان المنع جاء ايضا من الامم المتحدة للحفاظ على البيئة. ويشير الى ان سعر كيلو البخور السوبر قبل سنتين كان حوالي5 آلاف رنجت ماليزي (الدولار يساوي ثلاثة رنجت وثمانين سنتا) وقد تضاعف سعره الآن بسبب منع تصدير البخور الكمبودي. ويحذر من شراء منتجات مصنع اندونيسي الذي يقدم بديلاً عن البخور الطبيعي مضافة اليه بعض المواد الكيماوية.

ويصف اسعار البخور الكمبودي والماليزي والاندونيسي بأنها معقولة في ماليزيا مقارنة مع الاسعار “الجنونية” في دول الخليج، لافتاً الى أن تسمية انواع الدهون والبخور تكون حسب بلد المنشأ. وبحكم خبرته يقول أبوخالد: إن الشباب الخليجي يفضل انواع دهن العود المخفف بينما تفضل النساء الروائح القوية التي تبقى على الملابس لفترة طويلة.

وعن طريقة تحضير البخور يقول انها تتم باستخدام اجهزة التقطير التقليدية مع ادخال بعض التحسينات وتبدأ اولا بفصل انواع الخشب حسب الجودة وتجفيفه ثم ادخاله في مكائن خاصة لعملية الطحن ليصبح الخشب بودرة ويوضع في خزانات مع ماء وثم ينقع لمدة شهر.

ويضيف: ان الخشب يحول الى قدور التقطير الساخنة بعد مرور شهر وتستمر العملية مابين اربعة الى ستة ايام حسب جودة الخشب ثم تبدأ عملية فصل الماء عن الدهن ويعرض للشمس بعد ذلك لتتبخر المواد العالقة والشوائب ولتتركز نسبة الدهن في المنتج.