البحار والمحيطات الجزء الثاني

وجد العلماء، أن 99% من المواد الذائبة في ماء البحر، تتكون بصفة أساسية من ستة مكونات، أكثرها شيوعاً الكلور، ويوجد بنسبة 1.9%، يليه الصوديوم، ويوجد بنسبة 1.06%، ثم الماغنسيوم، ثم الكبريتات، فالكالسيوم، والبوتاسيوم. وعلى الرغم من وجود هذا الكم الهائل من الأملاح الذائبة في ماء البحر،



فإن ذلك لا يغير من لون الماء شيئاً. فإذا قارنت بين كوبين، أحدهما يحتوي على ماء عذب، والآخر يحتوي على ماء مالح، من حيث اللون، فلن تجد هناك فرقاً، إذ يحتوي كلاهما على ماء شفاف لا لون له. بيد أن أحدهما يحتوي ملحاً أجاجاً لا يستساغ شربه، والآخر يحتوي عذباً فراتاً سائغاً شرابه. ولكن هناك عددٌ من الخواص الطبيعية، التي تغيرت بوجود هذه الأملاح، منها كثافة الماء. فالماء المالح أثقل من الماء العذب، لذا نجد الطفو فوق الماء المالح، أيسر كثيراً من الطفو فوق الماء العذب. وهذا نتيجة أن السنتيمتر المكعب الواحد من الماء العذب، يزن جراماً واحداً عند درجة حرارة 4 ْم، (وقد اتخذ هذا المقدار وحدة للأوزان). أمّا السنتيمتر المكعب من الماء المالح، فيزن ما يقرب من

1.026 جرام، عند درجة الحرارة نفسها، نتيجة لوجود عددٍ من الأملاح الذائبة فيه، ويسمى هذا الوزن "الوزن النوعي" للماء المالح.
ولا يعتمد وزن الماء على مقدار الملوحة فقط، بل يتأثر، كذلك، بدرجة الحرارة. فقد وجد العلماء أن الماء الدافئ، أخف وزناً من الماء البارد. لذلك تسبب الحرارة الشديدة في المياه الاستوائية تسبب خفة وزن الماء، كما أنها تسبب، في الوقت نفسه، زيادة البخر، مما يزيد من نسبة الملوحة، ومن ثم زيادة وزن الماء. كما، أن ازدياد برودة الماء في المناطق القطبية، يسبب ازدياد وزنه، ومن ثم هبوطه إلى القاع، مسبباً التيارات المائية القطبية.
وفضلاً عن الأملاح، والأيونات، والعناصر الكيميائية، الذائبة في ماء البحر، فإنه يحتوي، كذلك، على عدد من الغازات الذائبة، أهمها غاز الأكسجين، الذي تستخدمه الكائنات البحرية، للتنفس. وتتنفس الكائنات البحرية، كالأسماك، والرخويات، والقشريات، الأُكسجين الذائب في المياه، عن طريق أعضاء تنفسية خاصة، تسمى "الخياشيم"، وهي مماثلة للرئتين في الكائنات البرية، إلاّ أن لها القدرة على استخلاص الأكسجين من الماء. أمّا الكائنات البحرية الثديية، مثل الحيتان، والدلافين، فإنها تتنفس الأكسجين من الهواء الجوي، عن طريق الرئة الموجودة داخل جسمها، حيث تصعد من آن إلى آخر، إلى سطح الماء، للحصول على جرعة من الهواء، وإخراج ناتج التنفس، من غازات محملة بثاني أكسيد الكربون.
وتتحكم درجة حرارة الماء، ونسبة ملوحته، في كمية الغازات الذائبة في الماء. فكلما انخفضت درجة حرارة الماء، وملوحته، ازدادت مقدرة الماء على التشبع بالغازات. لذا تزداد نسبة الأكسجين كثيراً، في المياه الباردة، وتقل في المناطق الاستوائية. كما تزداد نسبة الأكسجين في المياه العذبة، عنها في المياه المالحة.
وهناك مصدران رئيسيان للأكسجين الذائب في الماء، أحدهما عن طريق الهواء الجوي، لذا تزداد نسبة الأكسجين الذائب، في الماء الملامس للهواء الجوي، وتقل نسبته في المياه العميقة. ويُعد الأكسجين المتصاعد من عملية البناء الضوئي للنباتات البحرية، المصدر الثاني للأكسجين الذائب في الماء. وتمتص النباتات البحرية في هذه العملية، ثاني أكسيد الكربون الذائب في الماء ـ في وجود أشعة الشمس والكلوروفيل ـ وتكوِّن مركبات عضوية، يستفيد منها النبات، ويُخرج في المقابل الأكسجين.
ويُعَدّ ثاني أكسيد الكربون، من الغازات المهمة الذائبة في الماء. وتكمن أهميته في دخوله في بناء أجسام النباتات وتكوينها. إذ تستخدمه النباتات في عملية البناء الضوئي، لتصنيع غذائها. وتعد الأنشطة الحيوية في الماء، من تنفس للكائنات الحية، وتحلل لأجسامها، المصدر الرئيسي لغاز ثاني أكسيد الكربون.
ترتبط درجة حرارة الماء بدرجة حرارة الجو؛ فترتفع درجة حرارة المياه في المناطق الاستوائية، وتقل بدرجة كبيرة في المناطق القطبية.

المصدر: مجلة المياه