الانحطاط إذا فتك بك ماذا يعني ؟

الإعياء الشديد والآلام العضلية كانت تسميان فيما مضى بمتلازمة إرهاق بعد إصابة فيروسية , إصابة فيروسية أو زكام تابانوي أو زكام يوبي , وما إلى ذلك من أسماء غريبة أما اليوم فإن لهذه الحالة المنهكة اسماً واحدا متعارفا عليه هو متلازمة أعراض الانحطاط المزمن ( CFS ) ...



أطلق على هذه الحالة ذلك الاسم في عام 1988 من قبل الهيئة الطبية الأمريكية " مراكز السيطرة على الأمراض CDC التي أكدت أن هذه الحالة هي نوع فعلي من أنواع الأمراض لا مجرد وهم يجول في الأذهان كما كان يظن الكثيرون . لكن كثيراً من النواحي المتعلقة بهذه الحالة المتعددة الأعراض التي تمت ملاحظتها للمرة الأولى في منتصف الثمانينات ما تزال سراً من الأسرار , فيبدو أن لمتلازمة الانحطاط المزمن (Syndrome Ghronic Fatigue) أسباباً عدة وأعراضاً عدة ولكن لم يتوصل العلم بعد إلى علاج صحيح لها . وتجري حالياً سلسلة من الأبحاث التي تستهدف إلقاء الضوء على هذه المرض وكذلك العمل على إيجاد ذلك العلاج أو على الأقل تخفيف أعراضه ولكن قبل المضي في بحث الأمور المستقبلية علينا أولا التعرف إلى هذا المرض أو مجموعة الأمراض

ما هي متلازمة الانحطاط ؟
الانحطاط ليس من الأمراض التي يوصف لها عقار ما ثم تزول خلال يوم أو اثنين . وكثير من المصابات يكن لا يقدرن على مغادرة الفراش وتستنفذ قواهن بعد بذلهن أقل جهد جسماني , وترافق ذلك أعراض شبيهة بأعراض الانفلونزا . وفي حالات المرض القصوى يحول بين المصاب ومزاولة علمه اليومي ويؤثر في علاقاته مع الناس وعلى أنماط حياته بوجه عام . كما أن الأوجاع التي قد تكون مرتبطة بهذه الحالة تحد من نشاط المصاب الحياتي , كما أنها يمكن أن تؤثر في المنظومات العصبية والمناعية والهورمونية والهضمية والعضلية الهيكلية بالجسم .
ومع أنه لا يوجد اختيار محدد لهذه المتلازمة إلا أن هيئة مراكز السيطرة على الأمراض ( CDC ) قد حددت " متلازمة الانحطاط المزمن" بالميزات التالية . إحداها " حدوث انحطاط مستمر لا تفسير له ,وغير ناشئ عن جهد مبذول حالياً ولا يخف عند الإخلاد للراحة . ولا بد لكي تطبق عليه هذه الأوصاف من أن يؤدي إلى ضعف في القدرة على أداء الأعمال المعتادة والقيام بالأنشطة الاجتماعية والدراسة التي يمارسها المصاب في كل يوم , ولا بد كذلك من استبعاد أي حالة مرضية أخرى تسبب هذه الأعراض عادة . وفضلاً عن ذلك لا بد من أن تكون أربعة من الأعراض التالية قد لازمت المصاب لمدة ستة أشهر أو ما فوق قبل أن يكون التشخيص الصحيح فعلاً " متلازمة أعراض الانحطاط المزمن " .
ضعف مؤقت في الذاكرة وخلل في قوة التركيز يؤديان إلى الحد من المقدرة على العمل أو الدراسة أو ممارسة الأنشطة الشخصية أو الاجتماعية .
-          أوجاع عضلية .
-          التهاب حلقي
-          أوجاع في عدة مفاصل .
-          شدة تحسس بالألم عند لمس العنق أو العقد اللمفاوية وصداع غير مألوف أو شدة فيه .
-          عدم الحصول على نوم منعش
-          إحساس غامض غير مريح يدوم 24 ساعة بعد بذل مجهود .
إن هذا التحديد للحالة الذي وضعته هيئة مراكز السيطرة على الأمراض يستثني ( في ما يختص بهذه الحالة بالذات ) الأعراض التالية : " الاكتئاب الكبير الذي ترافقه مظاهر سويداء أو أفكار قاتمة تلازم الشخص طوال الوقت ومعاقرة الخمور , وتعاطي المخدرات خلال السنتين السابقتين لبدء أعراض الانحطاط . وهنالك أخصائيون آخرون يضيفون إلى هذه الأعراض أعراضا أخرى مثل التهاب المفصل الرثوي والذأب .
من الذي يصاب بالانحطاط ؟
يقدر بأن عدد اللواتي يصبن بمتلازمة الانحطاط المزمن تصل نسبتهن إلى 80 % من مجموع عدد المصابين بهذه الأعراض بل انه قد تبين بنتيجة بعض الدراسات أن النساء المصابات بها يعانين المزيد من الأوجاع الجسمانية ومن الضعف في أداء الوظائف الجسمانية والعجز عن أداء كثير من الأنشطة في ميادين العمل بالقياس إلى الرجال المصابين بهذه الأعراض .
وفي حين أن أسباب حدوث هذه الأعراض غير واضحة تماما ,وغير متفق عليها من قبل جميع المختصين إلا أن عضويات مجهرية تعتبر في كثير من الأحيان مسؤولة عن حدوثها وهذه العضويات أو الجراثيم غالباً ما توجد في مجاري المياه المارة على مقربة من أماكن التخييم وما شابهها من المناطق المعرضة للتلوث بالنفايات البشرية .
واستطراداً إلى تفسيرات أخرى غير متعلقة بالتلوث من البراز , فإن هنالك أسباباً أخرى غير فيروسية , ومن الأسباب الواردة في هذه التفسيرات الداء السكري والمرض القلبي والرئوي والكآبة وعدم الكفاية الكظرية , والأمراض البيئية والآلام والالتهابات المزمنة وأمراض الكبد وتعاطي أنواع معينة من الأدوية . وتشمل هذه بعض الأدوية المختار لمعالجة ارتفاع ضغط الدم وحبوب منع الحمل ومضادات الهيستامين والستيرويدات ومضادات الالتهاب .
كيف تتجنب هذه الأشرار
من سوء الطالع أن تجنب الأسباب الفيروسية لمتلازمة الانحطاط المزمن ليس في منتهى السهولة لان الفيروسات المسببة له منتشرة انتشاراً كثيفاً في جميع أرجاء العالم ولهذه السبب فإن العدوى بها ليست أمرا صعباً . ومدى رد الفعل الذي يبديه الناس عند تعرضهم لها يختلف باختلاف العوامل الجينية والمناعية وعوامل أخرى غيرها .
من المحتمل من الناحية النظرية أن يكون الإنسان قداراً على تقليل إمكانية إصابته بهذه الفيروسات فإذا كان الزوج أو الزوجة مصاباً أحدهما بقدر كبير من نوع معين منها فإن فرصة إصابة الطرف الآخر تزداد . وإذا نحن استثنينا مقدرة الإنسان في تجنَب الإصابة بهذه الفيروسات فإن تفدي تلك العضويات المجهرية المسببة للانحطاط المزمن هو عمل من الصعوبة بمكان
معروف أن هنالك طرقاً تقليدية للتصدي لمتلازمة الانحطاط المزمن ( CFS ) ولكن لهذه الطرق نقائصها فبعض نتائج الأبحاث يقول إن العقاقير المضادة للاكتئاب تساعد على منع هذه الحالة أو تخفيفها وكذلك تخفيف نتائج الأرق والأوجاع العضلية المرتبطة بمتلازمة الانحطاط ولكن المرضى بها كثيراً ما يتفادون المعالجة بمضادات الاكتئاب بسبب آثارها الجانبية . كما أن الستيرويدات القشرية بجرعات خفيضة تسبب الراحة لفترات قصيرة ولكن الجرعات الكبيرة منها تسبب هذه الآثار الجانبية الكريهة كما أن المعالجة المناعية (IgG ) لها تأثير محدود وهذه أيضاً يمكن أن تسبب تفاقم حالة الانحطاط فضلاً عما قد تسببه من مشاكل هضمية وصداع .
خيارات نمط الحياة الصحي
ان العقاقير التكميلية هي بالطبع جزء من معالجة شاملة لمعالجة متلازمة الانحطاط المزمن ويوصي بعض الخبراء من أجل تخفيف الأعراض بتناول الأطعمة القليلة الاحتواء على مسببات الحساسية , خبير التغذية يستطيع أن يصف لمريضه الأطعمة الملائمة له وهذا الخبير قد يوصي أيضاً بتحنب الأطعمة الملوثة بالمواد القاتلة للحشرات والهررمونات ومضادات الحيوية وقاتلات الأعشاب (أن تناول الأطعمة العضوية الطبيعية هو أحد طرق تفادي هذه المواد الضارة) ومن المفيد أيضاً شرب ما بين سبعة وثمانية أكواب من الماء يومياً , ولا ينصح المصاب بهذه المتلازمة من الانحطاط بممارسة الرياضة العنيفة ولكن الرياضات الخفيفة قد تفيده كالمشي والسباحة وقد يساعد أيضا التمطيط والتدليك الخفيف.
وإذا ما اشتبه أحد الأشخاص بأنه مصاب بمتلازمة الانحطاط المزمن فليراجع طبيبه لكي يطمئن إلى عدم إصابته بحالة مرضية أخرى قبل أن يستسلم للتشخيص , وعليه أن يحاول أن يسترجع في ذاكرته المرة الأولى التي ظهرت فيها عليه هذه الأعراض ويحاول التعرف إلى الأسباب المحددة التي أدت إلى ظهور أعراض الانحطاط لديه ثم أن يستعين بخبرة طبيب مختص في سبيل استعادة نشاطه وقوته
أما أن يتمكن الطب أو لا يتمكن من إيجاد علاج شاف لحالة الانحطاط بالذات ’ فهذا أمر ما يزال مثار اخذ ورد , وذلك بالنظر إلى أن كثيراً من العضويات المجهرية المسببة لهذه الحالة موجود بصفة دائمة في جسم الإنسان , ولو إنها تكون أحيانا في مرحلة الهجوع وقد يكون في ذلك تفسيراً بسبب ظهور الانحطاط ثم احتفائه ثم عودة للظهور مرة أخرى وكثير من مرض الانحطاط المزمن قد يمرون بمرحلة هدأة وعندها يشعرون بتحسن كبير وعلى كل حال فإن "الصبر مفتاح الفرج"

المصدر : مجلة قصيمي نت