الإعلام الإلكتروني واقع وطموح

يعدّ الإعلام بمختلف أساليبه ووسائله من أبرز مكوّنات العالم المعاصر في كل معطياته الثقافية والفكرية والأيدلوجية، وتتضح أهمية الإعلام من خلال ما يطرحه من قضايا متنوعة قادرة على التأثير في المتلقي وإحداث تغييرات جذرية في أفكاره ومعتقداته، لا سيما في الوقت الراهن الذي يشهد سيطرة الوسائل التكنولوجية على كامل معطيات الحياة البشرية، بحيث صار بإمكان الإنسان أيا كان توجهه، وأيا كان مكان إقامته قادراً على التواصل مع الآخرين بثوان قليلة، دون أي حواجز أو عوائق.



فمع التطور العلمي غير المسبوق بتنا نعيش اليوم في عصر الثورة المعلوماتية الكُبرى التي تجتاح العالم والتي كان لها دورٌ كبير في تغيير مسارات عدة في العالم من حيثيات مختلفة، كالفكر والثقافة والانفتاح على الثقافات المختلفة في العالم بزمنٍ قياسي لم يعهده العالم من قبلْ.

ومن الجدير بالذكر عندما نناقش مسألة الثورة الرقمية المعلوماتية التي تجتاح العالم اليوم، أن نشير إلى أن الإعلام لم يكن بمنأى عن مثل هذه التطورات، بل قد أصابه تطورات هائلة، وتغيرات كثيرة في كل مستوياته؛ فتأثرَ العالمُ بحضور طاغٍ للإعلام الإلكتروني من خلال وكالاتِ الأنباء والمواقع الإلكترونية المنتشرة عبر الشبكة العنكبوتية، سياسيةً كانت أو ثقافية أو اجتماعية أو اقتصادية، التي أدت بشكل وبآخر إلى تنويع المسألة الإعلامية وإظهار صورة أخرى تنافس الإعلام التقليدي " الكلاسيكي" إذا جاز التعبير، متمثلة بالإعلام الإلكتروني الذي هيأ الفرصة وأعطاها لأشخاص جدد لم يكن لهم دورٌ في الإعلام التقليدي، وأظهر أنهم يمتلكون
 القدرة الكبيرة على إدارةِ خوض التجربة الإعلامية، بمعزل عن الضغوطات الروتينية التي تمارس عليهم في مؤسسات الإعلام الكلاسيكية، بحيث تهيأ لكل منهم أن يخوض تجربة خاصة، يبني من خلالها مشاريعه الإعلامية بحسب اهتماماته وميوله.
فضلا عن ذلك فقد ساهم الإعلام الإلكتروني في نشر الفكر والثقافة في العالم وإظهار الرأي والرأي الآخر الذي كان في الغالب - ضمن حدود الإعلام التقليدي - لا يأخذ إلا وجهة نظر واحدة .
 أما في الإعلام الإلكتروني فقد تغير الأمرُ وأصبحَ بالإمكان إبداء وجهة النظر والرأي لأي موضوعٍ كان مضمونه؛ بحرية وجرأة وبدون قيود أو حدود ولفترة جيدة من الزمن.
كما وساهم الإعلامُ الإلكتروني في خلقِ صورةٍ جديدة للحرب الدائرة في العالم اليوم بصرف النظر عن مكوناتِ تلك الحرب أو الحروب، من خلال الوسيلة الأسرع في العالم والتي لا ترتبط بحدود؛ ألا وهي الإعلام الإلكتروني.
بالإضافة إلى ذلك ساهم الإعلام الإلكتروني بتشكيل شبكة للاتصالات والتواصل تجمع بين الكثير من التوجهات وتنمية الحوار الهادف بينهم والتعود على تقبلنا للآخر مهما اختلفت وجهات النظر بيننا وأن نبدأ بتكوين علاقاتنا وأحكامنا على الآخرين من خلال أفكارهم وانسجامها معنا بصرف النظر عن الجنسية أو الديانة والعمل على توسيع الأفق بيننا في التعامل والتسامح الذي دعت إليه الديانات السماوية كافة.
وهنالك العديد من التجارب الشخصية التي خاضها مجموعة من الشباب العربي بإنشاء مواقع إعلامية ثقافية على شبكة الإنترنت، حيثُ خاضوا تجارب جديرة بالاهتمام في خضمّ الثورة المعلوماتية والإعلام الإلكتروني، سياسية واقتصاداً وثقافية الخ ...
 وحققوا الكثيرَ من النجاحِ بخوضهم غمار تجربة الإعلام الإلكتروني، ولمسوا من خلال تجربتهم مدى الوعي الغربي بشأن الإعلام الإلكتروني الذي لا بدّ أن يكون لعالمنا العربي شأن فيه.
من هنا كان لا بدّ أن تولي الدول العربية اهتماما أكبر "بالعالم الرقمي" وخصوصا الإعلام الإلكتروني كونه يتحمل الآن المسؤولية الكبرى في إحداث التغيير على طبيعة تعاطي المجتمع وخصوصا الشباب مع متغيرات العصر.
فهنالك مسؤوليات كبيرة وتحديات جديرة بالاهتمام تواجه الشباب العربي في خضمّ الثورة المعلوماتية الكبرى، هم ليسوا بمنأى عنها، ولكن طموحهم أن تتغير العقلية العربية في كيفية التعاطي مع مقتضيات العصر الراهن، وخصوصاً بما يتعلق بالفكر والانفتاح الإيجابي على العالم الذي جاء من خلال الثورة المعلوماتية الكبرى التي تجتاح العالم اليوم.

المصدر:يوم جديد كنانه أونلاين