الإشراف على ما يشاهد وما لا يشاهد؟ وبدائل التسلية للخروج من نفق الفضائيات

الرقابة على الأبناء أصبحت عملا يتطلب المزيد من التركيز، خاصة في ظل ما نتابعه عن مدى تأثر الأجيال الجديدة بما يشاهدونه على القنوات الفضائية وعلى الشبكة العنكبوتية والذي ربما يجعل الأسرة لا تستطيع تدارك أي خطأ تربوي بالإصلاح والعلاج. مساحة إشراف الوالدين على الأبناء لابد أن تكون متوافقة مع مستحدثات العصر وبقدر متغيراته، حيث قال الدكتور يسري عبد المحسن استشاري الطب النفسي إنّ مشاهدة الأطفال للفضائيات في البيوت تكون إيجابية وهادفة إذا كانت بإشراف الوالدين، وإذا كانت الموضوعات المطروحة التي يشاهدها الطفل بناءة، مثل أن تطرح القيم والأخلاقيات التربوية، مبيناً أن جلوس الأب والأم مع أطفالهما أثناء المشاهدة يساعدهم على استيعاب الموضوع المرئي.



وأضاف أن متابعة الصغار لأحداث العنف والانحرافات السلوكية والإدمان والشذوذ قد تؤدي إلى التأثر بها سلباً مثل الفزع والخوف والتوتر الذي قد يؤدي إلى التقليد والمحاكاة دون وعي لخطورة ما يحدث،وبالتالي يقلد الصغار أساليب العنف والانحراف والشذوذ دون رقيب. وحث الأسر على ضرورة تكثيف الرقابة على الأطفال، وأن يكون هناك نوع من الحجر أو المنع من قبل الوالدين عند رؤية المسلسلات أو التمثيليات غير الهادفة والخالية من المضمون أو الكليبات المصورة أو المشاهد المخلة بالأخلاق بقدر المستطاع، إذ من المفترض أن يقدم الوالدان ردودا مقنعة للأطفال.

وقال: إن الوقاية أفضل من العلاج، والحجر أو المنع هنا يكون من واجب الأب أو الأم لتعليم أطفالهم فائدة ما يشاهدونه وما يمنعون عنه، كما أن يكون هناك نوع من التشفير للقنوات التي تبث المشاهد السلبية، مضيفاً أن ترشيد وقت المشاهدة من خلال متابعة قنوات خاصة بالأطفال أو الشباب، مقترحا على الجهات المعنية بوسائل الإعلام تخصيص ساعات إرسال خاصة لبث مشاهدات للصغار، بحيث يمكن للأم أن تجلس في الوقت المخصص لمشاهدة ما يشاهده طفلها مع الإشراف والمتابعة من الكبار.

وأشار إلى أن تجاوب الصغار مع نصائح أولياء الأمور قد تكون ضئيلة في البداية وتتراوح مابين "20% -25%" من التجاوب ثم تزيد مع استمرارية الإرشاد وهو في رأيي أفضل من عدم التجاوب. ودعا الأسر إلى إيجاد بدائل للترويح عن النفس مثل ممارسة الهوايات والرياضات المختلفة، وهذا يقلل من المشاهدات الطويلة أمام الفضائيات، مضيفاً أن جهاز التلفزيون ليس هو كل شيء في الحياة، وليس أداة للهدم إنما ممارسة الرياضات من شأنها أن تضفي الفائدة على النفس والعقل والروح.

وعن السلبيات قال الدكتور عبد المحسن إن مشاهد العنف المأساوية أو الخليعة من شأنها أن تؤدي بالصغار إلى الابتذال. نحن أمام عالم مفتوح وعولمة وقنوات مفتوحة، أصبحت فيه جميع الموضوعات متاحة كما لا توجد ضوابط، لذلك لابد أن يبدأ الالتزام من الداخل من خلال التربية، والإشراف على ما يشاهد وما لا يشاهد؟ بالنسبة للأسرة الخليجية أوضح أن الشباب يعانون من أوقات الفراغ الكثيرة، وهي من المؤثرات على الأسرة الخليجية، إضافة إلى انشغال الآباء والأمهات بالأعمال مما يجعل وقت الفراغ مدعاة للقلق، مضيفا أن إدمان مشاهدة الفضائيات على المدى البعيد تتحول في حياة الشاب إلى شغله الشاغل، ويسيطر الجهاز على حياته ومستقبله، ويكون عبدا له وأسيرا لمشاهدته، مما يؤثر على سلوكياته وتصرفاته.

وقال الدكتور عبد المحسن إن جهاز التلفزيون ليس كل شيء في الحياة، فهناك الهوايات المتنوعة مثل الرياضة والألعاب التي تروح على النفس، بالإضافة إلى القراءة والاطلاع، وممارسة الأنشطة المختلفة،والعبادات، في حين أن الجلوس الطويل أمام الفضائيات لايعود بالفائدة على الطفل أو الشاب، وقد يؤدي الإدمان على المدى البعيد ومع مراحل تقدم العمر إلى أن يسيطر الجهاز على المتلقي. وأوضح أن المشاهدة غير الهادفة أداة للهدم وليست للبناء، مبينا أنه يقع علينا محاولة تجنب سلبيات المشاهدة مثل العنف.

وقال: إننا أمام عالم مفتوح وعولمة أصبح فيها كل شيء بدون ضوابط، إذ لابد أن تكون الضوابط نابعة من الالتزام الاجتماعي الداخلي ويجب أن تولد مع الإنسان منذ ولادته، وهي التي تعلمه ما الذي يشاهده ولا يشاهده؟. وأضاف أن الأسرة الخليجية لديها الكثير من أوقات الفراغ، وهي إحدى المشكلات التي قد تؤدي بالشباب إلى الهلاك، كما أن متابعة الفضائيات غير الهادفة تؤدي إلى تحجيم فكر المشاهد وتقييد سلوكياته، وتؤثر على ذبذبات ذهنه فتزيد من التوتر، وقد تنعكس على أخلاقياته، وتحد من ممارسته لهواياته.

وفيما يتعلق بتأثير الضرر على الولد أو البنت قال: إن الضرر يقع على البنت لأنها تقضي ساعات أطول أمام جهاز التلفزيون، وبحكم وجودها في البيت فهي تتأثر بشكل أكبر من الولد، الذي يجد بدائل أمامه خارج البيت، وقد تعطيه الحرية بصورة أكثر من البنت. وعن البرامج الموجهة للشباب قال الدكتور يسري عبد المحسن: ظاهرة هذه البرامج غير صحية على الاطلاق، وتكمن المشكلة أن الغرب يروج لإنتاجه الموجه للشباب في الفضائيات، ولكن المجتمع الغربي يميز بين الغث والسمين، فالغرب منشغل بعمله وبنشاطه وإنتاجه، في حين أننا غير ذلك.

وأنا أدعو إلى ترشيد استعمال الجهاز المرئي، وأن نحتكم للوعي المجتمعي بهدف الإستفادة من الجوانب التربوية والثقافية والاجتماعية. وذكر أننا في زمن الانفتاح على ثقافات الشعوب والانتشار الإعلامي والعولمة أصبح من الصعب أن نتحكم في الجهاز المرئي، وليست العبرة فيما هو معروض إنما في كيفية التعامل معه، مؤكداً أن البناء النفسي يستلزم التربية والثقافة والتعليم وبالتالي زيادة إنماء الإرادة وتقوية الشخصية.

 

موقع الأسرة السعيدة