الإدمان قد يكون للمخدرات.. لكن هل يكون للطعام إدمان أيضا؟

نسمع عن إدمان المخدرات والكحول وغير ذلك، لكن هل هناك إدمان للطعام؟ وهل له تأثيرات ضارة مثل أنواع الإدمان الأخرى؟



إدمان الطعام تعبير حديث استخدم لوصف خلل مرضي، وهو النهم القهري الزائد للطعام. وهذه الحالة لا تتضح فقط في التناول غير الطبيعي للطعام، ولكن في تناول أغذية ضارة والرغبة الشديدة فيها بحد ذاتها. وبالرغم من تفهم الأطباء والمجتمع لإدمان الكحول والمخدرات، فإن تقبل حقيقة وجود إدمان مساو للطعام ظهر فقط في السنوات الأخيرة. وعندما تؤخذ أي مادة للجسم بصرف النظر عن احتمال ضررها أو بصورة زائدة عن الحاجة فحينئذ يقال أن هذا إسراف وسوء استعمال لهذه المادة. والأشخاص الذي يسيئون استعمال هذه المواد بطريقة ما يعرفون بأنهم مدمنون، فيصبحون معتمدين وظيفيا وعقليا على هذه المواد، وفي حالتنا هذه يصبح الطعام هو المادة المسببة للإدمان.

 يجب على الإنسان أن يسأل نفسه عدة أسئلة لتحديد ما إذا كان مدمنا للطعام أم لا:
·          هل تأكل وأنت غير جائع أو عندما تشعر باكتئاب وانخفاض في المعنويات ؟
·          هل تأكل سرا؟ أو هل تأكل بطريقة مختلفة أمام الآخرين عن الطريقة التي تأكل بها بمفردك؟
·          هل تستهلك كميات غير طبيعية من الطعام ثم تتقيؤها فيما بعد، أو تتناول ملينات لتتخلص من هذا الطعام؟
·          هل هناك بعض الأغذية الضارة بالنسبة لك، لكنك تأكلها على أي حال؟
·          هل تشعر بالذنب بعد تناول الطعام؟
إذا كانت الإجابات لأي من هذه الأسئلة بنعم إذن فأنت غالبا مدمن للطعام.
 
إدمان الطعام، الأسباب والإعراض:
إدمان الطعام مثل أي إدمان أخر، هو عدم السيطرة. يفهم الشخص أن طريقته في الأكل ضارة، لكنه يستمر في هذا السلوك المدمر. وظاهرة إدمان الطعام لها وجهان: واحد وظيفي وآخر نفسي. كثير من الناس يعانون من حساسية الطعام، عندما تتسبب أغذية ما في إعراض سلبية عند تناولها فتحدث تغييرا في الجسم، ولكنها في نفس الوقت تسبب نهما واشتهاء لتناول مزيد من الطعام. مريض السكر مثلا يمرض أكثر بتناول السكر، لكنه يستمر في اشتهاء السكر ويأكل منه بكثرة. وهذه الكيماويات تشبه مورفينات الجسم الطبيعية المسكنة للآلام. والأشخاص الذين يعانون من الاكتئاب ونقص تقديرهم لأنفسهم ومن الوحدة، سيجدون تحسنا في مزاجهم عندما يبتلعون كميات كبيرة من بعض أنواع الطعام مثل الملح أو الشوكولاتة. إن هذا التحسن الفوري يقود إلى الإحساس بالغثيان أو الذنب، مما يقود لمزيد من الاكتئاب. ولأن المدمن يكون غير مسيطر، سيعود مرة أخرى لنفس طريقة الأكل سواء لكي يشعر بتحسن بوعي أو بدون وعي.
مدمنو الطعام يكونون من كل الأعمار والأجناس ونوعية الجنس، وهم زائدو الوزن أو منخفضو الوزن أو بوزن طبيعي. وهم معروفون باهتمامهم الشديد بالطعام. ويعاني السمان من إحساس بالمهانة نتيجة وزنهم الزائد مع بطء حركتهم، بينما يكون مخفضو الوزن من أولئك الذين يتقيأون ما يأكلون. ومع انهم يأكلون دون تحكم إلا أنهم يخافون من زيادة الوزن فيجبرون أنفسهم على التقيؤ وقد يتناولون الملينات لكي يصابوا بالإسهال، أو يمارسون الرياضة بصورة قهرية لمنع زيادة الوزن. وقد تتداخل معهم فترات من فقدان الشهية فينقطعون عن تناول الطعام للتحكم في وزنهم. أما الشخص ذو الوزن الطبيعي فبالرغم من منظره العادي إلا أنه يعاني من كون الطعام هاجسه المستمر، فيفكر دائما فيما يجب أن يأكله، أو كم يبلغ وزنه. ويكون موضوع الطعام كاملا بالنسبة له مصدر للتعاسة، فهو يحسب السعرات بصورة قهرية، ويأكل دون أي إحساس بالمتعة.
 
 
أمل في الشفاء:
إدمان الطعام حالة خطيرة لها تأثيرات صحية سيئة مثل السمنة، والأمراض النفسية، والسكر، ومشاكل الأمعاء. لكن يظل الأمل موجود دائما للتخلص من هذا الإدمان الضار،
الخطوة الأولى بالطبع هي إدراك وتقبل المشكلة. وطبيا يجب على الشخص تحديد أي نوع من الطعام يسبب التحسس والرغبة الشديدة في تناول الطعام.
ليست هناك طريقة سهلة لمقاومة إدمان الطعام، فالأمر يتطلب انضباطا شديدا في تغيير اسلوب تناول الطعام، وسلوكيات الحياة. ان برنامجا للتمرينات الرياضية مع تغييرات غذائية يمكن أن يساعد الشخص على التخلص من الادمان. والمحاولات الطموحة لتغيير أسلوب الحياة على عجل أو محاولة خفض الوزن بسرعة نادرا ما يكون لها نتائج ايجابية طويلة المدى.
إن الإدمان البدني والنفسي على الطعام يمكن الانتصار عليه عندما يعرف الشخص أنه لن يستطيع المقاومة بمفرده. وقد لا يدرك الشخص أنه مدمن على الطعام. فقد يعتقد أن يحب الحلويات بشدة، أو أنه يتمتع بالطعام جدا. لكن عندما تفكر في الطعام طوال اليوم، وتشعر بالرغبة الشديدة لأنواع معينة من الطعام أو تقضي نصف وقتك وأنت تتناول طعاما متوازنا، ثم تقضي النصف الآخر في التهام انواع أقل توازنا، فأنت مدمن على الطعام.
 
عادات مدمن الطعام:
1.       يتناول الطعام لكي يهدئ من مشاعره. فيقلل من مشاعره السلبية بواسطة الطعام. ليس أي طعام، ولكنه طعام يشعر معه بالراحة، مثل الايس كريم. فهي محاولة للتخفف من المشاعر دون التعامل مع المشكلة الأصلية. الطعام حل مؤقت، وبزواله ستزيد المشاعر السلبية سوءا مع بقاء المشكلة الأصلية على ما هي عليه. الحل يكون في التعامل مع المشكلة وحلها جذريا وعدم الالتفاف حولها أو الهروب منها.
2.       الارتباط بالطعام. يفكر الشخص في الطعام طوال الوقت، مع التخطيط الدائم في الخطوة القادمة التي سيرفع فيها سكر الدم عن طريق تناول مزيد من الطعام. أي أن الحياة مصممة حول الطعام ووضعيته كأولوية. يجب تغيير سلوك الحياة لتحتوي على نشاطات غير مرتبطة بالطعام. مثل التمرينات الرياضية، أو النشاط الاجتماعي.
3.       التهام الطعام سرا. فيتم التهاب الطعام عندما يكون الشخص وحيدا أو في السر. بهذا أنت تخدع نفسك، فتكسب الوزن وتخسر المعركة. الحل في تناول الوجبات المقررة على مائدة الطعام، ولا تضع طعاما في السيارة أو المكتب أو بجوار السرير.
4.       تناول الطعام حتى ينتهي ما هو أمامه. حتى الطعام المتوازن لا يجب أن يقدم في كميات كبيرة. ضع صحتك أولا، وحدد كمية الطعام مسبقا بما يناسب صحتك.
5.       الاحساس بالذنب بعد تناول كميات كبيرة من الطعام الخاطئ. وهذا يمكن أن يدخل الشخص في حلقة مفرغة: شعور سيء، تناول طعام أكثر من اللازم، شعور بالذنب، فتناول طعام أكثر. يجب وقف تغذية اليويو. فلا تستسلم لمشاعر الاحساس بالذنب. سامح نفسك، وأطلب المعونة، وعد الى برنامجك الصحي الطبيعي.
ولقد أثبتت الأبحاث الحديثة علاقة ارتباك نسب بعض الموصلات العصبية بإدمان الطعام. فانخفاض مستوى الموصل العصبي “سيروتونين” يقود إلى الإصابة بالاكتئاب، وأيضا بالشعور بالنهم والشراهة. ومن هنا جاء العلاج بالإبر الصينية والليزر وسيلة لرفع مستوى مادة “السيروتونين” لمعدلاتها الطبيعية مما يعني الشفاء من الاكتئاب ومن إدمان الطعام. كما أن التقليل من تناول السكر يخفض من مستوى هورمون الأنسولين، مما يقلل أيضا من الشراهة والنهم للطعام، فيساعد على التخلص من إدمانه.
 
ويمكن للشخص مدمن الطعام أن يحصل على مساندة حقيقية من خلال طبيبه المعالج الذي سيساعده على تحقيق التوازن الجسدي والنفسي، وصولا للشفاء الكامل من هذه الحالة الخطيرة.. إدمان الطعام.

المصدر: عماد صبحي