الأمطار الحامضية ومخاطرها على الإنسان والبيئة

تعد الأمطار الحمضية من المشاكل البيئة المعقدة التي تواجه الإنسان في الوقت الراهن، نظراً لزيادة تركيز الملوثات في الغلاف الجوي.



تعريف المطر الحمضي:

يعتبر المطر الحمضي من أخطر المشاكل البيئية التي نواجهها ويؤثر على قطاع كبير فى البيئة.

وكما يتضح من الاسم، فالمطر الحمضى هو المطر الذي يكتسب الصفة الحامضية، ويصبح هكذا من الغازات التي تتحلل فى ماء المطر وتكون الأحماض العديدة المختلفة.

المطر بطبيعته حامضياً بنسبة ضئيلة بسبب ثاني أكسيد الكربون الذي يخرج من تنفس الحيوانات وينحل فى المطر، والمعامل الذي يقاس به درجة الحامضية للمطر (pH) وقبل الثورة الصناعية نجد أن هذا المعامل في المطر يتراوح بصفة عامة بين نسبتى (5، 6) لذا نجد أن مصطلح المطر الحمضى يستخدم ليصف فقط المطر الذي يحتوي على (pH) بنسبة (5) وما تحت هذه النسبة. أما المناطق النشطة بالبراكين تكون النسبة النمطية (4) حيث يتحد ثاني أكسيد الكربون وكبريتيد الهيدروجين ويكونان حمض الكبريتيك في المطر.

ونستطيع القول بأن " المطر الحمضي" مصطلح عام يطلق على الطرق العديدة التي تسقط بها الأحماض من الغلاف الجوي، والمصطلح الأكثر دقة له هو "الترسيب الحمضى" والذي يتكون من جزئين:

  1. ترسيب حمضي رطب (Wet).
  2. ترسيب حمضي جاف (Dry).

ويشير الترسيب الرطب إلى المطر الحمضي والضباب والثلج. وبما أن الماء الحمضي يتدفق فوق ومن خلال سطح الأرض فهو يؤثر على العديد من النباتات والحيوانات ومدى قوة تأثيره يعتمد على العديد من العوامل بما فيها درجة حمضية الماء، كيمياء التربة، نوع الأسماك والأشجار، وكافة الأحياء الأخرى التي تعتمد على الماء.

أما الترسيب الجاف فيشير إلى الغازات الحمضية والجسيمات. وحوالي نصف الحمضية في الغلاف الجوى تصل للأرض من خلال هذه الرواسب الجافة. ثم تقوم الرياح بدورها بحمل هذه الجسيمات الحمضية والغازات وترسيبها على المباني والسيارات والمنازل والأشجار وبعدها تأتي الأمطار لتغسل هذه الأسطح من أية غازات أو جسيمات تعلق عليها بفعل الرياح، ومن هنا تتحول الأمطار إلى أمطار حمضية بدرجة أكبر من التي تكون عليها الأمطار عندما تتساقط في البداية بدون أية مؤثرات خارجية.

تأتي دور الرياح مرة أخري لتعصف بأية رواسب رطبة أو جافة عبر الحدود ومن مكان لآخر، وفي بعض الأحيان لعديد من مئات الأميال. وقد اكتشف العلماء نتائج مؤكدة أن ثاني أكسيد الكبريت وأكسيد النيتروجين هما السببين الرئيسيين للمطر الحمضي. وينتج المطر الحمضي عندما تتفاعل هذه الغازات فى الجو مع الماء والأكسجين والعناصر الكيميائية الأخرى لتكون مركبات حمضية عديدة، ويزيد ضوء الشمس من معدل غالبية هذه التفاعلات والنتيجة هو محلول متعادل من حمض الكبريتيك وحمض النتريك.

كيف يمكن قياس المطر الحمضى (حمضية المطر)؟

- تقاس حمضية المطر باستخدام (PH) كلما كانت رقم هذا المعامل أقل كلما كانت نسبة الحمضية فى المطر أعلى.

- نسبة (PH) في الماء النقي = ( 7 )

- المطر الطبيعى توجد به نسبة حمضية ضئيلة وذلك يرجع إلى تحلل ثانى أكسيد الكربون فيه وتصل النسبة فيه إلى (5.5)

- أما المطر الحمضي الذي توجد به مواد كيميائية بنسبة كبيرة من الممكن أن تصل النسبة إلى اقل من (4).

 

 

الأسباب التي تؤدى إلى تكون المطر الحمضي:

- يتكون هذا المطر كما ذكرنا من قبل بفعل الغازات التي تنحل فى ماء المطر لتكون أنواعاً مختلفة من الأحماض، ومن أنواع هذه الغازات:

  1. غاز ثانى أكسيد الكبريتيد.
  2. أكاسيد النيتروجين.

هذان النوعان لهما الدور الأكبر فى تكوين المطر الحمضي.

  1. ثانى أكسيد الكربون..
  2. الكلور.

والتفاعلات الآتية توضح كيفية تكون مثل هذا النوع من الأمطار.

يتفاعل ثاني أكسيد الكبريتيد مع الماء ليكون حمض الكبريتيك.

تتفاعل أكاسيد النيتروجين مع الماء لتكون حمض النيتريك.

يتفاعل ثاني أكسيد الكربون مع الماء ليكون الحامض الكربوني.

يتفاعل الكلور مع الماء ليكون حمض الهيدروكلوريك.

تأثير الأمطار الحامضة:

تؤثر الأمطار الحامضية على الإنسان والنبات وكافة عناصر البيئة، فتتسبب في إصابة الإنسان بأمراض الربو والسعال والصداع وتهيج الحلق والعينين والأنف والجلد، وقد دلت الدراسات التي أجريت في مختبر ( بروك هافن ) للأمراض الوبائية في أمريكا أن الأمطار الحامضية هي المسؤولة عما يتراوح بين 750 إلى 1200 حالة وفاة سنوياً في الولايات المتحدة الأمريكية، كما أن لها تأثيرات غير مباشرة على الإنسان، حيث تترسب السموم الموجودة في الأمطار الحامضية داخل ثمار النباتات والخضراوات ولحوم الحيوانات التي تغذت على أعشاب امتصت مياه حامضية .

وتمتد الآثار الضارة للأمطار الحامضية الى المباني والمنشآت والجسور الأسمنتية والحديدية، حيث تتآكل وتتلف ويتحول الحجر الجيري والرخام فيها إلى مادة شبيهة بالجبس وهشة، وهذا ما أصاب أحد الجسور الممتدة على نهر ( اوهايو ) في الولايات المتحدة الأمريكية في عام 1967 وأدى انهياره بسبب تآكل جدرانه إلى وفاة 46 شخصاً، كما أن الكثير من القطع الأثرية والتي صمدت آلاف السنوات في وجه عوامل الطبيعة، أصابها الدمـار بفعل الأمطـار الحامضية خـلال الخمسين سنة الماضية، فقد تآكل ( الأكروبوليس ) في أثينا باليونان، والكولوسيم في إيطاليا، ومعبد الكرنك وأبو الهول في مصر، وتاج محل في الهند، ومئات القطع الأثرية الثمينة في مختلف أنحاء العالم.

ولا يقتصر أثر الأمطار الحامضية على الإنسان ومنشأته العمرانية، بل إنها تطال كل شيء على سطح الأرض، فأكاسيد الكبريت الذائبة في ماء المطر والتي هي في واقع الأمر حامض تعمل على التفاعل المباشر مـع التربة وتدمـر تركيبهـا البنائي الهام لتغذية ونمو النباتات مما يتسبب في إصابتها بالذبول جراء نقص الأملاح الأساسية اللازمة للنمو والتكاثـر، كما أن الأمطار الحامضية تسـد الثغور الموجودة على أسطح أوراق النباتات، ويمنع ذلك عملية التمثيل الضوئي من الحدوث ناهيك عن تسمم ثمارها وأوراقها ومخاطرها الجسيمة على الإنسان والحيوان .