الأطفال يحتاجون إلى تربية مالية

يشتكي بعض الآباء من أن مصروف الأبناء يمثل عبئا كبيرا على ميزانيتهم، وأن مصروف الأبناء يكبر بكبرهم. فما كان يدفعه أثناء طفولة الصغير في ثمن الحليب والحفائظ أصبح يتضاعف في السنوات الأربع التالية في شراء اللعب والملابس والأكل في المطاعم السريعة التي يحبها الصغار.



وتزداد قائمة المصروفات بعد بداية المرحلة الدراسية، حيث إن هذه المرحلة لها مصاريفها الإضافية إلى ما سبق، من كراريس وأقلام وحقائب ومصروف يومي، هذا عدا مصاريف السائق أو السيارة التي لا بد منها لأغلب الأسر. ويصبح الوالدان أسيري طلبات ومصاريف هؤلاء الأبناء الذين لا يعنيهم مقدار المبلغ الموجود أو المصروف، أو الذي يمكن الحصول عليه. إن ما يعنيهم هو أن تكون طلباتهم مجابة، وأن لا يخذلهم أو يحرمهم أحد.

 

المشاركة واجبة

إن هذه المصاريف التي ينفقها الوالدان على الأبناء يجب أن يعرفها الصغير، ويجب أن لا يخجل الوالدان من توضيحها للصغار، فالصغار أيضا يحبون المال، ويرون فيه سحرا غريبا، فكل صغير يطلب النقود ويعرف قوتها وسحرها في الأسواق، فهي تؤمن له كل ما يطلب.

لذا فإن على الوالدين الاستفادة من حب الصغار للمال لتوضيح وشرح المفاهيم المالية الهامة، لأن استيعاب الصغير لها سيكون له الأثر الكبير في تشكيل حياته وفكره أيضا. وسينمو هذا الصغير وهو يدرك أن للمال قيمة، وأن المال يجب أن يكون موضع احترام وتوفير واستفادة، وليس موضع صرف وإنفاق فقط. ويجب تعليم وتدريب الصغير مبكرا، لأن مفاهيم المال والصرف تحتاج عند بعض العقول الكثير من التدريب، كما أن طلبات الصغار ستختلف كثيرا عما يطلبونه في كبرهم وبلوغهم سن التمييز، وهذا العمر سيكون متأخرا جدا للتربية المالية، وسينظر إلى الأمور المالية نظرة أخرى ما لم تكن مرسومة وواضحة في عقله منذ الصغر.

 

اجعله يتحمل المسؤولية

إن تربية الأبناء على احترام المال يبدأ من الصغر، ويقدم الخبراء فكرة يقبلها الصغير بترحيب، وفيها الدرس المطلوب، وهي أن يكون للصغير مصروف خاص ومنتظم، بعد تأمين الضروريات من مأكل وملبس وكتب، كأن يدفع له أبواه مبلغا معقولا من العملة الدارجة في الأسبوع، يتولى الصغير إدارته، فلو رغب في شراء لعبة أو قلم ثمين أو ساعة جديدة، فعليه أن يشتري ما يريد من مصروفه، فإذا كان الثمن أكبر من هذا المبلغ فعليه الانتظار حتى يستلم مصروف الأسبوع القادم ليشتريها، أو حتى إلى الأسبوع العاشر ليتمكن من توفير المبلغ المطلوب لشرائها. هنا سيراجع الصغير حساباته، ويقرر مدى الحاجة والفائدة التي ستعود عليه من هذا الغرض، فإن كان هناك حاجة ملحة وإشباع نفسي يبحث عنه الصغير فإنه سيوفر المبلغ المطلوب، وسيشتريه من توفيره.

 

مبدأ التوفير!

ويمكن تقديم بدائل عديدة تشجعه على التوفير، فيمكن منح الصغير جائزة بمضاعفة المبلغ الذي يوفره أسبوعيا، أي أن يتشجع الصغير على التوفير وليس على الصرف، لأن التوفير هنا سيحقق له مكاسب أكثر من الصرف. وبهذه الطريقة يتعلم الصغير الكثير من التفكير المالي بدلا من النقاش مع الوالدين حول ضرورة شرائه لما يطلبه، وقد يغضب الصغير ويرى أن والديه لا يراعيان احتياجاته، لأنه يفقد الوسيلة لتحقيق وتلبية ما يريد. لعبة الأرقام الكثير من صغار السن لا يفقهون ماذا تعني الأرقام الكبيرة، وغالبا ما يكون جوابهم بأرقام كبيرة لو سألهم سائل ما هي قيمة السيارة، فأكثر الصغار سيفكرون بالملايين. ماذا يعني المليون للصغير؟ إنه مبلغ كبير، ولكنه لا يفقه متى يكون كبيرا ومتى يكون المليون رقما ليس له أهمية كبيرة، ويجب على الوالدين أن يعلما الصغار لعبة الأرقام، وهي لعبة مسلية يمكن أن تلعب على سفرة الطعام، أو في وقت شرب الشاي.

اللعبة هي حسابات يكون المليون فيها هو المحور، كأن يبدأ الأب بتوجيه السؤال التالي إلى الأبناء: متى تستهلك الأسرة مليون حبة أرز، إذا كانت كل وجبة تحتاج إلى عشرة آلاف حبة أرز؟ كم عدد السيارات التي يمكن أن نشتريها بالمليون إذا كان قيمة السيارة هو عُشْر المليون، وكم نحتاج من زمن لنمشي مليون كم، وهل يمكن جمع مليون زجاجة ماء خلال شهر، وكم نحتاج من يوم أو شهر لتشرب أسرة من خمسة أشخاص مليون زجاجة ماء، إذا كان الاستهلاك اليومي هو خمس زجاجات.. ويفضل أيضا أن يكون الصغير مطلعا على أسعار المواد المستهلكة كقيمة الرغيف، وقيمة الدجاجة، وكيلو اللحم أو السمك، وقيمة ما يأكله أو يستخدمه يوميا، لأن هذا يعطيه مفهوما عميقا للمال ... وهكذا تكون لعبة الأرقام لعبة مسلية ومفيدة، وتعليمية أيضا.

 

الزكاة:

يجب أيضا تعليم الصغار ما هي الزكاة، وما هي الحكمة من الزكاة، وهي دفع جزء من مال الشخص لإنسان آخر محتاج، ولماذا هي واجبة، وكم مقدارها. الحكمة في تعليم الزكاة هو أن يدرك الصغير التكافل الاجتماعي، ويتعلم أنه مسؤول أيضا عن مشاركة المجتمع في تحمل جزء من نفقاته، وأن المال ليس للمتعة وقضاء حاجات الشخص المكتسب له وحده، بل للآخرين حق فيما يملكه وفيما رزقه الله..

 

موقع الأسرة السعيدة