الأستاذ محمد بدرة على إذاعة صوت الخليج 9

 

الحمد لله ملءَ الأرض والسما، والصلاة والسلام على حبيبه المصطفى، وعلى آله وصحبه. أعزائي المستمعين ... السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد ... نحن في الحلقة التاسعة من برنامجكم: [التنمية البشرية بين المادية والروحانية] .....



 

إخوتي وأخواتي .. مستمعيَّ الأكارم ... أوضحنا فيما مضى من الحلقاتِ أن لتحقيقِ الهدفِ ثمانيةَ شروط: (الإيجابية والمسؤولية والوضوح والتأثيرات والقياس والحواس والإيمان والعمل). وسنشرح اليومَ الشرطَ الخامس من شروطِ تحقيق الهدف، وهو (القياس). والقياس هو أن يكونَ تحقيقُ الهدفِ قابلاً للقياس ... قابلاً للمعايرة ... بزمن .... بإنجاز .... بتجاوز المفاوز .... أنا أريد السفرَ مثلاً إلى بريطانيا، كيف أعرف أنني باتجاه تحقيق الهدف، أقطع تذكرة السفر إلى بريطانيا، أضع  تأشيرة السفر على الجواز ... أحدد موعد السفر ... لا يمكن أن أقطعَ تذكرة إلى السودان وأنا أريد السفرَ إلى بريطانيا ...

 

إذن المعايرة (القياس) هي المراحلُ التي بإتمامها أعلم أنني بالاتجاهِ الصحيح لتحقيق هدفي ...

 

طالب يهدف إلى الدراسة للحصول على الدرجة العالية (الدكتوراه) في تاريخ الأنباط من جامعة (هارفارد) بأمريكا، هل هذا الهدف مصوغ بطريقة إيجابية ؟ ... نعم ... هل هو ضمن مسؤوليته ؟ ... نعم ... هل هو واضح ؟ ... نعم واضح ... هل له تاثيرات ؟ ... درس الأمر وليس له أيُّ تأثيراتٍ سلبيةٍ. في حالِ القيام بتحقيق هذا الهدفِ نأتي إلى الشرطِ الثامن هل هو قابل للقياس ؟ ... نعم .. يقدم طلبَ الدكتوراه ... ثم يتسلم الموافقة من الجامعة ... ثم يتقدم بالأبحاث التي هي شرطٌ للتقدم لبحثِ الدكتوراه ... ثم يتقدم بخطة البحث إلى المشرف، وترفع إلى مجلس الجامعة ... ثم يوافق عليها ... ثم يبدأ ببحثه وفق الخطةِ الموضوعة. هذه المراحلُ في حق هذا الطالبِ هي المعايرة هي القياس الذي يعلم هذا الإنسان ... هذا الباحثُ أنه إنما يسيرُ بالاتجاهِ الصحيح.

 

مثال آخر: سيدة أعمالٍ قررت أن تنشئ مصنعاً للألبسة الولادية الجاهزة بطاقةٍ إنتاجية ألفي قطعةٍ يومياً، موزعةٍ على عشرين نموذج (موديل)، في كل فصل من فصول السنة ... مقياسها من تحقيق الهدفِ هي مقاربتُها شيئاً فشيئاً للوصولِ إلى الهدفِ الذي حددته والذي تريد الوصول إليه ... فلا يمكن إذن القيامُ بهدفٍ لا يمكن قياسُه أو معايرته. والسؤال الذي يجب أن أطرحَه على نفسي للتأكدِ من أنني محققٌ لشرطِ القياس في الهدف هو: كيف أعلمُ أنني حصلتُ على ما أريد ؟ هل بالحصول على الشهادة ؟ هل بإتمامِ البناءِ لمن كان هدفُه البناء ؟ ... شابٌ مثلاً جعل هدفَه أن يكونَ عالماً في الكيمياء ... ما هو المعيارُ الذي أستدل به أنني أصبحت عالمَ كيمياء ... هذا ما نعنيهِ بالقابليةِ للقياس ... فتاة مثلاً تريد أن تكونَ شاعرة على مستوى بلدِها  ... هل هذا الهدفُ قابلٌ للممعايرةِ والقياس ؟ ... ويجب أن نذكرَ الإخوةَ المستمعين أن أيَّ شرطٍ من الشروطِ الثمانية لا يتحقق؛ ينبغي أن تعدِّلَ في الهدفِ نفسِه، وبالتالي يجب علينا أن نعودَ فنبدأَ بدراسةِ شروطِ تحقيق الهدف (الحصيلة) من جديد؛ لأننا اختبرنا هذه الشروطَ على هدفٍ آخرَ غيرِ الذي أصبح بين أيدينا، وهكذا حتى نصلَ إلى نهايةِ الشروط الثمانية. ولنضربْ مثالاً تطبيقياً لذلك: زيدٌ من الناس هدفُه أن يعملَ بتجارةِ العقارات في بريطانيا بواسطةِ مالٍ ورِثه من والده المتوفى. هذا الهدفُ مصوغ بطريقةٍ إيجابية ... وهو تحت مسؤوليتِه ... وهو واضح ... لكنْ في شرطِ التأثيرات يتبينُ له أن سفرَه للتجارةِ بالعقارات في بريطانيا سيجعله يتركُ أختاً له مريضة لا يوجد من يقومُ بشأنِها، ولا تقبل أن تسافرَ معه إلى هناك ... فاضطرَ أن يعدِّلَ هدفَه ليتاجرَ في العقاراتِ ببلدِه ليكونَ بجانبِ أختِه ... تعدّلُ الهدف، فيجب أن نعيدَ من جديد البحثَ في الشروط: الإيجابية فالمسؤولية فالوضوح وهكذا، والشرطُ السادس من شروط تحقيق الهدف هو الحواس, نرجئ الحديثَ عنه إلى الحلقةِ القادمة ـ إن شاء الله تعالى ـ, والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.